تركيا الاردوغانية الى اين

بقلم فؤاد دبور أمين عام حزب البعث العربي التقدمي ” في الأردن “




29 كانون ثاني ـ الأردن العربي

تحولت الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الذي تولى الحكم عام 1876م إلى دولة خاضعة لسيطرة الرأسمال الغربي وبالذات البريطاني- الفرنسي- الألماني وأصبحت الدولة العثمانية بفعل هذه السيطرة مستعمرة غربية مقابل تحول السلطان عبد الحميد عبر الأموال الغربية إلى إقطاعي كبير يملك مئات القرى في بلاد الشام والعراق والتي أطلق عليها اسم “الجفتلك” وبفعل هذه العلاقة مع الغرب والأموال والملكيات الواسعة أصبح السلطان عبد الحميد حاكما ظالما حكم البلاد بالحديد والنار والإرهاب وخنق الأنفاس وكبت الحريات لمدة تزيد على الثلاثة عقود، وقد عانت الأقطار العربية التي كانت تحت حكم العثمانيين الويلات الأشد من السلطان عبد الحميد ومن جاء بعده مما دفع بالعرب إلى التحرك والمواجهة لرفع الظلم الذي مارسته السلطات العثمانية بالقتل والإعدامات للمناضلين العرب والتي بلغت ذروتها في السادس من أيار عام 1916 حيث تم إعدام عشرات المناضلين في دمشق وبيروت في ساحات ما زالت تحمل اسم ساحات الشهداء.

والتاريخ يعيد نفسه في تركيا، فها هو الرئيس التركي رجب اردوغان يمارس نفس الدور والسياسة التي انتهجها السلطان عبد الحميد، حيث الظلم وحكم البلاد بالحديد والنار، اعتقالات شملت عشرات الالاف من مدنيين وعسكريين، وتسريح من الوظائف لعشرات الالاف ايضا، ولكن وضع اردوغان مع الدول الاوروبية مختلف الى حد ما، حيث واجهت تركيا الصد في العديد من محاولات اردوغان الدخول في الاتحاد الاوروبي.

اما فيما يتعلق بالعرب الذين عانوا الكثير من الظلم والقمع والقهر والاعدام في زمن الحكم العثماني وشهداء السادس من ايار في سورية ولبنان شاهد واضح على هذه الاعدامات، فإن اردوغان يعتدي ويغزو اقطارا عربية، سورية في الشمال من جرابلس حتى عفرين وغيرهما من القرى السورية بعد ان فشل في تحقيق اطماعه في حلب وكذلك ادخل قواته

الى الشمال العراقي، ويتدخل في الشؤون الداخلية لعدد اخر من اقطار الوطن العربي واصبح له قاعدة عسكرية في قطر.

نعود لنؤكد على العلاقة مع الجارة سورية فنحن نشاهد ما تقوم به حكومة اردوغان حكومة حزب “العدالة والتنمية” من عدوان سافر ضد هذا البلد العربي المسلم حيث تقوم هذه الحكومة بدور الأداة في تنفيذ المشروع الأمريكي الصهيوني الاستعماري الذي يستهدف سورية الدولة بكل مكوناتها، سورية الموقف السياسي المقاوم والمعادي للمشروع الامبريالي الصهيو- أمريكي والاستعماري الغربي حيث فتحت الحكومة التركية أراضيها للإرهابيين الذين يشكلون أدوات القتل والدمار والتخريب في سورية مثلما قدمت لهم الحماية ووفرت لهم الأرض التي يقيمون عليها ويتسللون عبرها إلى الأرض السورية لممارسة أعمالهم الإجرامية البشعة ضد الشعب العربي في سورية. وشهدنا في الأيام الأخيرة استفزازات عالية الوتيرة لحكومة اردوغان ضد سورية تمثلت في عدوانها العسكري الدموي على محافظات في الشمال (حلب، وادلب).

أي أن السياسة التركية المعادية للعرب ليست جديدة فهي ممتدة منذ قرون ولكنها تتجدد من حاكم إلى أخر ومن حكم إلى أخر حتى لو ادعى الحكم بالإسلام الذي يتناقض مع النزعة الإرهابية لحكومة اردوغان التي يمارسها ضد سورية بشكل خاص تلك النزعة التي تهدف إلى زعزعة امن سورية واستقرارها وصولا إلى انهيار الدولة والنظام حيث أن هذه النزعة الإرهابية في جوهرها تمثل شكلا من أشكال المعركة السياسية والعسكرية ضد الدولة السورية.

ويمكننا التأكيد استنادا إلى مجريات الأحداث في سورية على انخراط حكومة اردوغان في المشروع الأمريكي الصهيوني الهادف إلى تدمير الدولة السورية والجغرافيا السياسية للمنطقة العربية والإسلامية، وترتيب هويتها السياسية بما يحقق أهداف هذا المشروع. والذي يأتي على رأس أولوياته توفير الأمن والحماية للكيان الصهيوني الغاصب بل وأكثر من ذلك جعل هذا الكيان قويا وقاعدة أساسية في المشروع المسمى بالشرق الأوسط الجديد.

ونقول لاردوغان ولكل الأطراف الضالعة في الحرب الكونية الإرهابية الإجرامية على سورية بأن خيار سورية ومعها كل المخلصين الشرفاء في الوطن العربي والإقليم والعالم

مواجهة هذه الحرب العدوانية وضرب الإرهاب في الداخل الذي يشكل أدوات هذا العدوان ويدها ممدودة لكل المكونات الوطنية للشعب العربي في سورية لبناء سورية التقدم والحرية والنماء والديمقراطية الشعبية، سورية الدولة القومية المنيعة والعصية على أعداء الأمة، سورية الفكر القومي، سورية التي تدافع عن ثوابت الأمة العربية والتي تمثل فعلا وحقا قلب العروبة النابض بالحياة للأمة.

ويبقى السؤال تركيا اردوغان الى اين تتجه في سياساتها العدائية للأمة؟

قد يعجبك ايضا