السعوديّة بحاجة إلى مخرج مشرف من اليمن / ضيف حمزة ضيف

 

ضيف حمزة ضيف ( الجزائر ) الخميس 16/4/2015 م …

بعد رفض البرلمان الباكستاني طلباً سعودياً بالمشاركة البريّة في حماية ما يُطلق عليه بـ” عاصفة الحزم”، أصبحت السعوديّة في حرج بالغ في أكثر مراحل ” عاصفتها” على اليمن تقدماً، وأشد أطوارها حسماً .

لم تكن تتصور السعوديّة أن يلجأ نواز شريف إلى ممثلي الشعب بحثاً عن مخرج آمن له، بعد أن ألمّ به حرج شديد هوالآخر، نتيجة الخوف من تبديد قواته البريّة، وجرها إلى أكلاف صعبة خارج التراب الباكستاني، الأمر الذي قد يؤدي إلى اصطدامه مع عوائل الجنود الذين كادوا أن يستخدموا كحطبٍ وجريد  في حرب السعوديّة على اليمن .

ربما كانت السعوديّة على علم بأن نواز شريف في حالة ما مرّر المقترح على البرلمان، سوف يجد نفسه أمام مرتفعٍ دستوري وسياسي من الصعب الولوج إلى ما بعده، ذلك أن ما نسبته حوالي  الـ 15%  و20%  من الشعب الباكستاني هم من الطائفة الشيعيّة، في ظل تضارب شديد حول دقة النسبة بالضبط، وهوحال الأقليّات في العالم ؛ إذّ أنها تعمد إلى تضخيم عددها، فيما الأكثريّة تحضّ دائماً على تقليل نسبته، على نحويتضاءل عاماً تلوآخر، ويتقاطع مع رغبتها في حصر تلك الأقليّة تفادياً لـ” تغوّلها” مستقبلاً  .

ومع هذا الرفض البرلماني لتوريط الجيش الباكستاني، يصبح شعب باكستاني لطالما رأيناه يشغل وظيفة الخدم أوضحايا الحدود الشرعيّة، مع تقديرنا الشديد لأي وظيفة شريفة في العالم، يصبح بذلك الباكستاني قادراً على الانتقاص من سطوة “الكفيل” الوظيفي لأغلب أفراده أوجزء منه، الأمر الذي سيقودنا إلى احترام جليل لممثلي الشعب لحمايتهم مصالح بلادهم، واستئثارهم بقوة جيشهم لأنفسهم، بعد رحلة مريرة من الحروب مع الهند .

لكن الذي سيحدث هو أن فراغ دكّة البدلاء، بإحجام الباكستانيين عن الدخول على الخط الأرضي، تصبح العيون متجهة إلى الجيش المصري، لاستخدمه كدروع مسلحة لحماية البرنامج السعودي من الفشل، وانسداد المخرج المشرّف لحربها العدوانيّة على اليمن، وتطويع المسوّغ الحدودي كمصلحة مصريّة خالصة، وبالتالي على “خير أجناد الأرض” حماية ذلك الباب سريعاً .

ومن جهة أخرى ثمة ميراث ودي بين الملك السعودي والرئيس المصري، ليس من السهل نسفه لمجرد قراءة تعاويذ إعلاميّة مصريّة – سعوديّة  هنا وهنالك، تبشر بالأفول المتوقع قريباً نتيجة لاصطكاك الأقلام، وضجيج الميكروفونات والبرامج   .  لا أعتقد أن علاقة الملك سلمان بالسيسي يمكنها أن تهتز لمجرد اندلاع الحملة الإعلاميّة المصريّة، لسببين اثنين :

الأول : بعد تكرار الحملات الإعلاميّة المصريّة على أكثر من صعيد، فقد الإعلام المصري في مجمله  العام منه والخاص، القدرة على فرك التوجهات، كصانع قرار، بسبب اندراجه الدائم في حروب، لم تأثر على السياسة الخارجيّة قيد أنملة .

الثاني : لم تفعل التسريبات فعلها، بغض النظر عن مدى مصداقيتها، وبما انطوت عليه من جهوزيّة غير عاديّة لدق إسفين ضخم بين البلدين، فكيف يمكن أن تفعله قنوات بديناموحكومي متمثلاً في رساميل خاصة، غالبها ينطلق خراجها من بيت مال ” المصريين” أنفسهم .

أصبح الحرج هذه الأيام على الجهتين المتقابلتين ؛ طرف سعودي يخشى أن يقدم طلباً رسمياً يُجابه بالرفض، وبالتالي تجد الدبلوماسيّة السعوديّة نفسها أمام رفضين يسيئان لفرص تحسين ” سيادتها” خارج بيتها الوطني ( رفض باكستاني رسمي، ورفض مصري محتملْ )  .

وطرف مصري يرهن مصيره  لاشكاليتين عريضتين : إحداها خوف عميق من اهتراء  الجبهة الداخليّة بتحريك جيش مصر خارج حقلها الأرضي  فضلاً عن تهلهلها أصلاً بفعل ملف الحريات، وخسارة شريك سياسي  مهم، كان قد بلغ حدوداً متقدمةً في الدعم ، سواءً كان مالياً أوأدبياً ..

سبق للرئيس المصري الاقتراب من حركة ” أنصار الله ” في اليمن، وعقد معهم اتفاقيات سريّة عرفيّة، تضمنت الإقرار بسيادة مصر على باب المندب، باعتراف الحوثيين أنفسهم، وبالتالي لن يجد الرئيس المصري السيد عبد الفتاح السيسي نفسه غريباً عنهم حتى بعد ما حدث من تحالف مع السعوديّة، المُصنّفة بديهياً لدى الحوثيين جهة معاديّة .

ربما من المتوقع أن تختلف خارطة الحل مستقبلاً، فتقوم السعوديّة باتخاذ مصر وسيطاً رسمياً بينها وبين الحوثيين، لأجل إنهاء حالة الحرب بينهما، مع تقديم شروط أفضل للحوار الوطني اليمني، مستفيدةً من اقتراب السيسي من الحوثيين في حالة رفضه التام والصريح بإهدار العتاد البشري المصري في اليمن .

كل الاحتمالات مفتوحة على أكثر من جهة، والثابت الوحيد أن القوة في آخر الأمر سوف لن تولد إلا مشاعر انتقامية، من الصعب تذويبها في المراحل القادمة، وكما لا يوجد حسم سماوي – جوي، ما لم يكن مقترناً بجنازير بريّة، كذلك لا يمكن الدخول إلى حوار جديد  محدّث الشروط  دون اتخاذ وسيطين، وسيط حدودي ولتكن مصر، ووسيط سياسي بوصفهِ راعٍ نهائي لتطبيق الشروط، والسهر على  بنود اتفاقيّة تشاركيّة مشمولةً بالنفاذ المعجل، وهي الجزائر .

قد يعجبك ايضا