نحن شركاء فى قتل الغزيين بالتجويع ومنع العلاج / مجدى حسين

مجدى حسين ( مصر ) – الإثنين 22/1/2024 م …




حصار غزة تجاوز كل الحدود .. وفاق الخيال . الفلسطينيون فى غزة يموتون فعليا وحرفيا من الجوع ويموتون فعليا وحرفيا بسبب انعدام كثير من وسائل العلاج والأدوية خاصة بعد تدمير معظم المستشفيات وإخراجها من الخدمة . الوضع محتدم أكثر فى شمال غزة لأن اليسير جدا من المعونات التى تدخل من معبر رفح بعد التفتيش الاسرائيلى فى العوجة هو مجرد قطرات يتم استيعابها فى رفح حيث يوجد قرابة مليون فلسطينى ولا تصل قطرة واحدة لشمال غزة حيث يوجد قرابة 800 ألف فلسطينى .

بالأمس الأحد على سبيل المثال تقول المصرى اليوم إنه تم إدخال 150 شاحنة وعادة ما تحتاج غزة وفى الظروف العادية 500 شاحنة يوميا . من بين شاحنات الأمس كانت 4 فقط تحمل وقود السولار وهذه قطرة فى المحيط . وتقول اليوم السابع إنه يتم اليوم الاثنين إدخال 31 مصابا للعلاج فى مصر . وهذا عدد يسير للغاية خاصة وأن هناك كثير من الدول العربية مستعدة لاستقبالهم . وقالت البى بى سى يوم 16 يناير الماضى :

قال عضوان بمجلس الشيوخ الأمريكي، السبت 6 كانون الثاني/يناير الجاري، بعد زيارة لمعبر رفح الحدودي المصري إن مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات تنتظر منذ أسابيع للدخول إلى غزة، وإن مستودعا يمتليء بالبضائع بدءا من معدات اختبار المياه إلى المعدات الطبية اللازمة لولادة الأطفال كان قد منع من الدخول تعسفيا من قبل المفتشين الإسرائيليين.

وأشار عضوا مجلس الشيوخ وهما كريس فان هولين، وجيف ميركلي إلى عملية مرهقة تؤدي إلى إبطاء عملية الإغاثة للسكان الفلسطينيين في القطاع المحاصر، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس،وأرجعا ذلك إلى عمليات التفتيش الإسرائيلية “التعسفية” لشحنات المساعدات الإنسانية.

بالنسبة للمجاعة أصبحت محققة خاصة فى شمال قطاع غزة الذى لا يكاد يصله شىء ، وفى عموم غزة فإن اللجوء لأكل الحشائش والأعشاب وطحن علف الحيوانات أصبح شائعا وكذلك استخدام المياه الملوثة أو مياه البحر . بالنسبة لعدد الشهداء بسبب نقص العلاج من الصعب إحصاؤه لأن المصاب يتحول إلى شهيد على مدار الساعة . وقدرت مصادر طبية عدد الشهداء بسبب نقص العلاج إلى قرابة 9 آلاف شهيد .

نحن نرى أمام عيوننا 2 وثلث مليون إنسان يمثل بهم وتمزق أجسادهم ويموتون بالبرد والجوع والعطش والقصف وفقدان الدواء والعلاج والمأوى ونحن أمة عربية من 400 مليون وأمة اسلامية من مليارى انسان . وهذا أمر لايمكن تحمله انسانيا . ومسئولية مصر هى الأولى بسبب الجوار دون أن يقلل ذلك من مسئولية 53 دولة

.عربية واسلامية

ونحمل الجميع المسئولية فنحن لم نسمع عن أى دولة عربية أو اسلامية قالت إنها مستعدة لإرسال وفد رسمى أو وحدة عسكرية رمزية أو حتى مسئول واحد يحمل علم بلدها للوقوف مع مصر فى فتح معبر رفح لإدخال المساعدات مباشرة بدون تفتيش اسرائيلى . لم نسمع أن هذا حدث ومصر رفضت . ولكننا نتحدث عن مسئوليتنا نحن شعب مصر حتى لا نكون أقل من اليمن . يقول الله عز وجل فى محكم كتابه :

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا

مُّهِينًا(37) النساء

ربط الله سبحانه وتعالى بين الايمان بالله والاحسان للجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب . ولا أريد التوسع فى التفسير هنا ولكن خلاصة التفاسير تشير إلى الاحسان للجار إن كان ذا قربى أو لم يكن . إن كان مسلما أو لم يكن .

أهل غزة جيران وذوى قربى فالنسب بين المصريين والغزاويين ليس قليلا ، وهم عرب ، ومنهم أقلية مسيحية ضربت كنائسهم ، وهم مسلمون . وفوق كل ذلك فإن مصر مسئولة أدبيا وأخلاقيا عن غزة لأنها كانت تحت إدارتها بين عامى 1948 و 1967 ، وعندما وقعت كامب ديفيد تخلت عنها بدون أن تطرف لها عين . ولم لا وقد تخلت عن القدس المقدسة . واكتفى السادات بإرسال خطاب للرئيس الأمريكى جيمى كارتر يؤكد فيه أن القدس عربية . مقابل إرسال رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيجن رسالة مقابلة يؤكد فيها أن القدس عاصمة أبدية لاسرائيل ! وبقيت الرسالتان فى درج جيمى كارتر حتى الآن . وربما ذهبت لأرشيف البيت الأبيض بعد خروجه من السلطة . ولم يتم التطرق للقدس فى اتفاقيتى كامب ديفيد .

وللذين يؤمنون بالمصرية ولا يؤمنون بالعروبة ولا بالاسلام فقد تحدثنا من قبل عن التخلى عن غزة ومعبر رفح باعتباره انتهاكا صريحا للأمن القومى المصرى .

وهذا نص المادتين الأولى والثانية فى الدستور الحالى :

1( جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شئ منها، نظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون. الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الاسلامى، تنتمى إلى القارة الافريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوى، وتسهم فى بناء الحضارة الانسانية.

مادة )2( الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

وعلى طريقة المذكرات القانونية نقول :

وبناء عليه فإننا كمصريين نعتبر شركاء فى جريمة قتل اخواننا فى غزة عن طريق التجويع ومنع الدواء والعلاج الكافى برهن تقديم المساعدات بموافقة العدو الاسرائيلى ، بدعوى الالتزام بالمعاهدة الجائرة معه وهو لم يحترمها أبدا إلى حد أنه صدر لنا السموم لنأكلها عن طريق يوسف والى بإقرار المحاكم المصرية والمخابرات المصرية . بل إن العدو الاسرائيلى بالتضامن مع العدو الأمريكى هما المسئولان أساسا عن كارثة سد النهضة ، لقد ارتكبا أكبر جريمة فى حق مصر وهى مصادرة نهر النيل سبب الحياة وسبب وجود مصر . وهما وراء تمزيق السودان واستعداء شرق ليبيا علينا إلى حد الاستمرار فى طرد المصريين منها .

لا يوجد سبب لاحترام اتفاقية فيلادلفيا لأنها مجرد ملحق للمعاهدة ولعلها لم تعرض على مجلس الشعب . ولكن الأهم أن اسرائيل لا تحترم القانون الدولى بحصار غزة حتى فى مجال المياه والوقود والكهرباء . فلماذا نحترم نحن هذا الملحق الذى وقعه مبارك مع شارون ؟!

مصر أصبحت صغيرة وتتصاغر بهذا الموقف ولكن الأخطر أننا أمام الله لا نملك الدفاع عن أنفسنا .. فنحن نخاف من جيش قام شباب فلسطين بتهشيمه بحشوات محلية الصنع اسمها ياسين 105 . نحن ملتزمون أساسا أمام الله لأنه لا مهرب لنا فى الدنيا والآخرة من الوقوف أمامه .

قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) الجن

قد يعجبك ايضا