الصيننة والروسنة المعصرنة ، كمخاض لعالم لم يولد بعد / المحامي محمد احمد الروسان

 

المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 22/10/2022 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

== تشي يقول: جرأة وجرآه بالكفاح من أجل النصر.

== تحالف خمس عيون واليابان – لمواجهة الصين لتبادل المعلومات.

== مخيوط المنظومة الدولية يتعسكر بعمق بتعسكر العلاقات الأممية.

الدولة الوطنية الصينية، المعصرنة والمصيننة، ومفاصل وتمفصلات كارتلات حكمها، عبر الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في البلاد، وضعت وهندسة استراتيجية التحديث الصيني الشامل، وشرحت كل ذلك عبر المؤتمر العشرين لحزبها الشيوعي، والذي أعاد انتاج نفسه من جديد، ليستمر في ظل الألفية الثالثة للميلاد، وعنوانه الرئيس شين جين بينغ الفلاّح الصيني، نتاج قرى الأطراف الصينية، وكما يقولون الانسان ابن بيئته، وشي هو ابن القرى الصينية المكافحة. 

السيد الرئيس شي جين بينغ، والذي قد يجدد له عبر الانتخابات وهذا شيء مؤكد نظراً، لما أنجزه لشعبة ودولته، ورفاقه في المكتب السياسي للحزب الشيوعي تحدثوا عن تلك استراتيجية التحديث للصين، لبناء صين اشتراكية حديثة، لإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، عبر مهمة محورية للحزب الشيوعي الصيني، من خلال الاتحاد، مع أبناء الشعب بمختلف قومياته في كل البلاد، وقيادته لإنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل، ودفع النهضة العظيمة للأمة الصينية. 

كوادر الحزب الشيوعي الصيني عبر رئيسه تشي، انطلق نحو عصر جديد من الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وتخلص من الفقر المدقع، وأكمل بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وبالتالي تم إكمال الهدف المئوي الأول، وهذا انتصار تاريخي وكما قال: الرئيس تشي. 

في ظل حكم الحزب الشيوعي الصيني، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 18.5 بالمئة من الاقتصاد العالمي، بزيادة 7.2 نقطة مئوية على مدى السنوات العشر الماضية، وصارت الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، شريكة تجارية رئيسية لأكثر من 140 دولة ومنطقة، لتقود العالم من حيث إجمالي حجم التجارة في البضائع. 

كما انضمت الصين إلى صفوف المبتكرين في العالم بتحقيق اختراقات في بعض التقنيات الأساسية في مجالات رئيسية، ومن خلال فلسفتها التنموية المتمركزة حول الشعب، قامت الدولة ببناء أكبر أنظمة تعليم وضمان اجتماعي ورعاية صحية في العالم. 

وباعتبارها مسعى تعاونيا، حظيت مبادرة الحزام والطريق بالترحيب من جانب المجتمع الدولي، كونها منفعة عامة ومنصة للتعاون، وثمة إنجازات أخرى متزامنة ومتعاظمة، أوضحها الرئيس تشي، من خلال جلسات مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، من تعميق الإصلاح على نحو شامل، وصولا إلى دفع المعركة الحاسمة ضد التلوث. 

ومارس الرئيس تشي مسألة النقد والنقد الذاتي لعمل الحزب الشيوعي في المئوية الأولى له، وحث الرئيس شي، جميع كوادر وأعضاء الحزب، على عدم إغفال أوجه القصور والصعوبات والمشكلات، مثل الاختناقات التي تعيق التنمية عالية الجودة والفجوات الواسعة في التنمية، وتوزيع الدخل بين المناطق الحضرية والريفية وبين مختلف المناطق. 

الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، تسير على نموذج تحديث غير مسبوق، والتحديث الصيني النموذج والنمط، هو التحديث الاشتراكي تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، وانّ استراتيجية التحديث الصيني هذه، بكل حيثياتها الموضوعية والعقلانية والطموحة، هو تحديث يغطي حجما سكانيا هائلا، ويتمتع فيه أبناء الشعب كافة برخاء مشترك، ويحقق التوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية، ويتعايش فيه الإنسان والطبيعة بانسجام ووئام، ويسلك طريق التنمية السلمية، بحيث هذه الاستراتيجية، تقدم للبشرية خيارا جديدا في تحقيق التحديث والنمو الشامل والتطور. 

وفي خطته الاستراتيجية ذات الخطوتين، يهدف الحزب الشيوعي الصيني إلى تحقيق التحديث الاشتراكي بشكل أساسي من عام 2020 إلى عام 2035، وبناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة من عام 2035 حتى منتصف القرن الحالي، ومن الأهداف التنموية العامة بحلول عام 2035 م ، تشمل زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، ليكون على قدم المساواة مع بلد متقدم متوسط المستوى، وتعزيز القوة الناعمة الوطنية بشكل كبير، وخفض انبعاثات الكربون بشكل مطرد بعد الوصول إلى ذروة الانبعاثات، فضلا عن تعزيز نظام وقدرات الأمن الوطني بشكل شامل، وبناء نظام اقتصاد سوق اشتراكي رفيع المستوى، ودفع ديمقراطية العملية الكاملة الشعبية، وتنفيذ استراتيجية التوظيف أولا، بالإضافة إلى ممارسة الحوكمة القائمة على القانون على جميع الجبهات، وانّ التحديث لمليار ونصف شخص، يعد خطوة هائلة للبشرية، والصين تشدد على أهمية أن تسعي كل دولة إلى تحقيق التحديث، من خلال مسار يتناسب مع ظروفها الخاصة ويقبله شعبها ويدعمه، والصين شرعت في فترة تنمية تتزامن فيها الفرص الاستراتيجية والمخاطر والتحديات، وتتزايد خلالها الشكوك والعوامل غير المتوقعة، للصمود أمام الرياح العاتية والأمواج المتلاطمة والعواصف الخطيرة، وإلى مداومة التحلي باليقظة، والتذكر والتذكير، أن الإصلاح الذاتي هو أمر لا غنى عنه على الطريق دائما، وانّ الفساد أكبر ورم خبيث يضر بحيوية الدولة والحزب وقوته النضالية. 

ويقول الرئيس تشي في كلمته في المؤتمر: لماذا أضحى الحزب الشيوعي الصيني حزبا كفؤا؟ ولماذا تزدهر الاشتراكية ذات الخصائص الصينية؟ ويجيب تشي: الجواب في التحليل النهائي هو كفاءة الماركسية، وكفاءة الماركسية المصيننة والمعصرنة، في ظل عالم وصل إلى مفترق طرق في مسيرة تاريخية، حيث لا بدّ من تعزيز التنمية المشتركة ومجتمع مصير مشترك للبشرية، لكي يتحقق الرخاء المستدام والأمن المضمون، عبر التمسك بالمسار الصحيح للعولمة الاقتصادية، ومحاربة جميع أشكال الأحادية القطبية والسعي الى عالم متعدد الأقطاب بالتعاون مع الفدرالية الروسية والقوى الإقليمية الخرى الحيّه، والتصدي بحزم لجميع أشكال الهيمنة وسياسات القوة، وعقلية الحرب الباردة، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والمعايير المزدوجة، وبغض النظر عن مرحلة التنمية التي تصل الصين إليها، فانّ الصين وعبر الحزب الشيوعي الحاكم، لن تسعى وراء الهيمنة أبدا، ولن تنخرط في التوسع الخارجي أبدا، لكنها ستتعاون مع الجميع وخاصة الحلفاء مثل الفدرالية الروسية وايران، وجل ساحات ومساحات العالم العربي والاسلامي. 

*نهاية مرحلة الحذر الاستراتيجي: 

قواعد مواجهة جديدة في عالم متغير، والشراكة الروسية الصينية قاعدة أساسية في العالم الجديد، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، فكيف يقضي الصراع الجيو – سياسي، على بقايا عالم الأحادية القطبية، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب الفاعل والفعل الروسي؟. 

والكارتل الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يتخلى عن سياسة الغموض الاستراتيجي نحو الصين، فبعد أن تخلت روسيّا عن مفهوم منظومة الحذر الاستراتيجي مع واشنطن دي سي، ها هي الصين تتبعها وبعمق وتتخلى عن هذا الحذر الاستراتيجي، لا بل وتحرر نفسها الى حد ما، من نهج سياسة الصبر الاستراتيجي والمقرونة بالمرونة الاستراتيجية مع أمريكا، وتبدأ بكين تحركاتها من فضائها الخارجي كمجال حيوي، والبداية من جزر سليمان التي زارها وزير الخارجية الصيني، في رسالة رد وتحدي، على الاستفزازات الأمريكية، كون هذه الجزر تشكل بؤرة صراع صيني أمريكي متفاقم ومتصاعد.

فأمريكا تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، فجاءت الهندسة الأمريكية للمواجهة الروسية الأطلسية عبر أوكرانيا، لبث الروح من جديد في جسد الناتو، والناتو يحمي أوروبا من روسيّا، هكذا تفكر كوادر القارة العجوز، وجاءت موضوعة مكافحة الإرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري التحديثي لواشنطن، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية الجديدة، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والاقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي، وترى أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم، فوجدت ملاذها وأخيراً في خلع القفّازات وقرع طبول الحرب لاستعادة ما فقدته من نفوذ في العالم، حيث الاستخباراتيون الأمريكان يعودون من جديد في الخارجية الأمريكية، ولمواجهة صراعاتها من تحت الطاولة ومع بريطانيا أيضاً، ووصفت كل من روسيّا والصين كقوى رجعية، وصار جليّاً للجميع ومن خلال فواصل ونقاط الخطاب العسكري الأمريكي، أنّ واشنطن لم تحارب الإرهاب الدولي يوماً، لا بل عملت على رعايته وتسكينه وتوطينه واستثمرت فيه، ومع كل ما سبق لم تعد أمريكا في قاموس البوط العسكري وقاموس البوط الاقتصادي(باعتبار الاقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب وقائم عليها)تتصدر القائمة، فجاءت استراتيجيتها الدفاعية الجديدة كنوع من الحنين الى ماضي الأحادية في ظل عالم ينحو نحو التعددية وحفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهنا عرّت التعددية القطبية الهدف الأمريكي، فصار حلم ووهم.  

التوتر الصيني الأمريكي: 

تتهندس مشاهد منحنيات الصراع الأفقي، ضمن كليّة جلّ مسارات ومسارب المشهد الراهن، بمرجعية ما يجري في الكواليس والخطوط الساخنة، على طول خطوط العلاقات الأمريكية الصينية بتصاعد وتوتر غير مسبوق، لدرجة التعقيد والتعقيد المزمن، وحيث الصراع يتخطّى جغرافية بحر الصين الجنوبي ومسطحاته المائية وجزره المختلفة، بما فيه جزيرة تايوان الى النفوذ في العالم. والأسئلة والتساؤلات هنا عديدة وكثيرة ومن شأنها أن تحفّز العقول الضعيفة والمريضة والقوية على التفكير وعلى شاكلة التالي: هل التصعيد الأمريكي المتعمّد والمقصود إزاء الصين يحقق نجاحات هنا وهناك في احتواء بكين؟. وهل أمريكا تملك القدرة في احتواء المارد الصيني؟. وهل التوتر الصيني مع واشنطن يؤشر الى حالة من اصطفافات دولية وإقليمية متفاقمة، من شأنها أن تؤسس لتوازن دولي جديد على الكوكب الأرضي، خاصةً وأنّ هذا التوتر وكما أسلفنا، يتجاوز بحر الصين الجنوبي ومسطحاته المائية، وكذلك يتجاوز تايوان، الى الصراع على مساحات وساحات النفوذ في العالم؟. 

المواجهات الروسية الأطلسية، دخلت في حرب شاملة عبر المسألة الأوكرانية، وقد تتعزّز بصراع صيني غربي، وصراع ايراني أمريكي في عالم مضطرب، والرئيس الصيني تشي أمر الجيش الصيني الاستعداد للقتال، والحروب الاقتصادية وحروب الوكالة، والبروكسي المخابراتية، التي تشنّها أمريكا، هي صورة من صور الحرب العالمية الثالثة، بحيث اذا تمكنت ونجحت واشنطن، من شطب القوى الصاعدة العالمية، سنصبح في نظام الطغيان العالمي، ويعجّل بنهاية الكوكب الأرضي بشكله الحالي، عبر اللحظة النووية وسلاحها.  

عروض واستعراضات عسكرية، ومناورات إيرانية روسية صينية مشتركة مكثّفة، تظهر قدرات عسكرية هائلة، حيث الناتو والغرب يواجه جبهة واحدة موحدة، تعزّز من عسكريتها الاحترافية وتطور الأسلحة، وهي رسائل قوّة واقتدار، وقواعد مواجهة جديدة في عالم متغير، والشراكة الروسية الصينية الإيرانية، قاعدة أساسية في العالم الجديد، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، فكيف يقضي الصراع  الجيو – سياسي، على بقايا عالم الأحادية القطبية، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب الفاعل والفعل الروسي وايران تدخل على خط ومسار الانهاء؟. 

الولايات المتحدة الأمريكية، تحاول جاهدةً كبح سقوط امبراطوريتها المهيمنة على المنطقة والعالم، والقائمة على استقساء الدماء كعصابة تسيطر أحادياً لعقود خلت، وهي مدركة بعمق، أنّ أدوات الهيمنة القديمة، لم تعد مجدية ومفيدة، لحالة التطورات المتسارعة في العالم، بمخاضاتها وارهاصاتها غير مكتملة حتّى اللحظة، فهي من ناحية تدرك أن التحولات العالمية ستنهي الأحادية القطبية، ومن ناحية أخرى تعمل على انشاء الأحلاف العسكرية الخاصة بها في أكثر من ساحة ومساح ومنطقة، علّها تكبح تراجع هيمنتها المطلقة. 

كما تعي واشنطن من جهة، أنّ ميكانيزميات سلال تراجع هيمنتها كمؤشرات، تشجع قوى دولية خصوم لها ومنافسين، على تسريع أفولها كإمبراطورية، تعمل على إعادة انتاج وخلق وتخليق نفسها من جديد، ومن جهة أخرى فانّ الاصطفاف الى جانب واشنطن في ظل ما يجري من متغيرات أممية على كافة الصعد، يعتبر مقامرة غير محسوبة النتائج والمعطيات، في ظلال صعودات صينية وبالدرجة الأولى بالاقتصاد، كعملاق اقتصادي، وعودة روسية متصاعدة ومتنامية بشكل سريع وثابت، وتناميات هنا وهناك لدور ايران الإقليمي، في مواجهة غطرسة وامبريالية هيمنة اليانكي الأمريكي المتعجرف والصفق سياسياً. 

هيمنة أمريكية وان كانت تقليدية عادية، مع تعددية أقطاب ناشئة وأقطاب قديمة، لها جذور في التحدي، تعمل على هيكليّة حديثة لأدوار مختلفة ومتعددة، من شأنها أن تعجّل بشكل سريع وبثبات، من أفول هيمنة القطب الواحد، وان كانت المواجهة الروسية الأطلسية الحالية، عبر عروق الجغرافيا الأوكرانية المتقيحة بصديد النازية والفاشية، دليل بجانب أدلة أخرى، على تراجع الغطرسة والهيمنة الأمريكية الإمبريالية، وهذا صحيح واقع ومنطق، أنّ نفوذ كارتلات الحكم الأمريكي في العالم، لم يعد كما كان في السابق، وهو في تراجع مستمر كل يوم. 

انّ المواجهة الروسية مع الغرب وأمريكا، من خلال ما يجري في أوكرانيا، تسرّع في عمليات تحلل جثة الإمبراطورية الأمريكية، والتي أوغلت في القتل والتشريد، ونهب خيرات ومقدرات الشعوب، وفي فرض عقوبات قصوى وحادة، تمثل الوجه الأخر لفشل استراتيجيات رفض الشراكات، بجانب ابتعاد دول مركزية عن اعتماد الدولار، ساهم في اضعاف الولايات المتحدة الأمريكية. 

بجانب تحلل الإمبراطورية الامريكية، نجد أن اليانكي شطب الأوروبي عبر المواجهة الروسية الأطلسية، وجلّ القارة الأوروبية صارت بفم الأمريكي، والاتحاد الأوروبي ينهار، وما قاله المجري رئيس الوزراء صح مئة بالمئة: أوروبا بفرضها عقوبات قصوى على روسيّا كمن أطلق النار على صدره. 

فالعالم يتبدّل ويتحول الى تعددية مراكز، وليس من الان، بل ومن عقود خلت، والانتقال من نظام القطب الواحد الى المتعدد، يحتاج الى وقت، والعملية بدأت الان، وادارته ستكون مشتركة بصورة مختلفة ضمن تعددية الأقطاب، حتّى الفشل في اخضاع ايران انعكس تراجعاً في قيادة أمريكا لسياسة المنطقة، وزيارة جو بايدن الأخيرة للمنطقة، هي نوع من الاستدراك الأمريكي للفراغ في الشرق الأوسط، لكنه استدراك غير مقنع لأحد، وبالتالي صارت العولمة العسكرية الأمريكية في دائرة التساؤل والاستفهام؟!. 

بالمناسبة: الصين وموسكو، لا تقولا أنّهما بديل محتمل عن أمريكا، ان في منطقة الشرق الأوسط، وان في العالم، حيث الأسباب كثيرة وكذلك المعطيات، وفي جلّها لا تسمح بذلك، انّها الواقعية الصينية و الروسية بأبهى صورها، ومرتكزاتها وتجلياتها، لكن موسكو والصين قادرة على تعطيل أي مشروع أمريكي في العالم بل وشطبه بالتعاون الجماعي والجمعي مع باقي الدول الإقليمية، وواشنطن تدرك ذلك.

لكن ثمة سؤال بتجدد نطرحه دوماً على أنفسنا، لتحفيز العقل على التفكير وهو: هل تعوض هندسة الأحلاف العسكرية الأمريكية المحتملة، من تراجع امبراطورية عسكرة البحار؟. 

وأي حرب مع ايران، تعلم واشنطن جيداً، أنّ المستفيد الوحيد منها هي روسيّا والصين، ومسرحية الدمى المتحركة التي يتم عرضها على مسارح المنطقة الشرق الأوسطية، هي بإخراج أمريكي وتمثيل وتمويل بعض عربي، من مملكات القلق العربي على الخليج، ستجعل ايران الدولة الإقليمية العظمى بمحيطها، أكثر اصراراً على مواقفها.

تحالف خمس عيون لمواجهة الصين:

في الشكل والمضمون، وفي العمق الاستراتيجي، رسالة تحالف أوكوس: أنّ أميركا جادة بمقاومة الهيمنة الصينية، حيث الشراكة الجديدة مع أستراليا وبريطانيا تخدم المصالح الأميركية، على الرغم من الغضب الفرنسي، والصراع البريطاني الأمريكي الخفي(صفقة تزويد أستراليا غواصات أميركية تعمل بالطاقة النووية).

قطعاً الجميع تابع ورشات الميديا العالمية للدول الخصوم، والدول الحلفاء لواشنطن على حد سواء، في استنكار صفقة كارتلات الحكم في أمريكا، عبر اعلان الناطق الرسمي باسمها في وقته، الرئيس الأميركي جو بايدن لتعميق الشراكة الاستراتيجية للولايات المتحدة مع أستراليا والمملكة المتحدة، كقوّة موازنة للصين، بحيث أشارت إلى أنّ شراكة أوكوس، بالتطوير المشترك للغواصات الأسترالية التي تعمل بالطاقة النووية، على عكس الغوّاصات التي تعمل بالديزل، والتي كانت باريس تخطط لبنائها في كانبيرا، وخسارة فرنسا بلغت جرّاء الالغاء مائة مليار يورو على الأقل.

عميق مفاصل الدولة الأمريكية الغارقة في وحل مصالحها، وشبكة مصالح المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، ترى هذه الكارتلات الاقتصادية والحربية، أنّ صعود تحالف أوكوس، يستحق التوتر، ان كان دائماً، وان كان مؤقتاً مع فرنسا، حيث تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، الحفاظ على توازن عسكري ملائم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فأستراليا ليست جزءً من حلف الناتو، لكنها حليف للولايات المتحدة، تتعرض لضغوط قسرية من الصين، فقد فرضت بكين تعرفة جمركية على المواد الغذائية والمواد الخام الأسترالية، بعد أن دعا رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون في حينه، إلى إجراء تحقيق في أصول فيروس كورونا، كما اعتقلت الصين مواطنين أستراليين لشبهة التجسس، وطالبت المسؤولين المنتخبين والصحافة الحرّة في أستراليا، بوقف انتقاد النظام السياسي الصيني.

رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون، لم يستسلم لتهديدات الصين بشأن التجارة معها، وأحد الدروس المستفادة لبكين هنا، هو أنّ مثل هذه التكتيكات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تكشف لدول أخرى، عن المعاملة المبيّتة لها، حيث يمتد انتشار الصين الاقتصادي والعسكري في جميع أنحاء العالم. 

 الكارتل الحربي والاقتصادي في أمريكا، يصف استراتيجية بكين المتفاقمة، بانّها سياسة فرق تسد، وتتعاون مع الفدرالية الروسية في مسارات ومسارب ذلك، ومبادرة أوكوس تظهر التضامن الغربي، وأضاف هذا الكارتل الأمريكي الثنائي، أنّ التركيز على الغوّاصات، كمبادرة أولى يرسل كذلك الرسالة الصحيحة.  

واشنطن دي سي، ترى في التعزيز البحري الصيني وخاصةً الأخير غير عادي، وطموح بكين المعلن يتصاعد، وهو السيطرة على تايوان، والسيطرة على المياه المتنازع عليها في غرب المحيط الهادئ. 

وفي تقنية الغواصات الثماني أو أكثر، التي تعمل بالطاقة النووية والتي ستساعد كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أستراليا في بنائها، يصعب على البحرية المعادية اكتشافها، لأنّها تسافر مسافات طويلة للاستطلاع أو منع الملاحة البحرية عند الحاجة والضرورة، فهي يمكن أن تظل مغمورة بسرعات عالية لفترات أطول من القوارب التي تعمل بالديزل، والتي تحتاج إلى الصعود إلى السطح بشكل دوري لحرق الوقود.  

وبالمحصّلة والنتيجة، تخلق مشاركة التكنولوجيا الأميركية بعض المخاطر، لكن فوائد توسيع القاعدة الصناعية الدفاعية عبر الحلفاء المقربين كبيرة، وهذا ما تؤمن به الدولة العميقة الأمريكية، وأمريكا وكارتلات الحكم فيها ترى، أنّ المهم من هذه الشراكة تقويض تحالف خمس عيون  FIFE EYESمجموعة الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي تضم نيوزيلندا وكندا، إلى جانب أميركا وبريطانيا وأستراليا. 

فتحالف خمس عيون، يدور حول تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتي ستستمر وتتعمّق، ومع ذلك كندا لا تريد غواصات نووية، ونيوزيلندا، التي اتخذت موقفاً أكثر ليونة تجاه الصين من الدول الأخرى في المجموعة، تقول إنها لن تسمح للغواصات الأسترالية بدخول مياهها الإقليمية.

تيّار كبير في مؤسسات الولايات المتحدة مؤثر الى حد ما يقول: ينبغي على واشنطن ألاّ تتجاهل غضب فرنسا بسبب خسارة صفقة دفاعية كبيرة، لكن أستراليا رأت أن هذا اتفاق أفضل، وحرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التأكيد على الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة، بما في ذلك تجاه الصين وإيران.

خلاصة الرسالة الأمريكة الموجّهة إلى أوروبا من تحالف أوكوس، هي أنّ الولايات المتحدة، جادة في مقاومة الهيمنة الصينية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأنه لا يمكن لأوروبا أن تلعب لعبة فرق تسد الصينية بشأن القضايا الاقتصادية والاستراتيجية من دون عواقب على علاقتها مع الولايات المتحدة، والأبعد من ذلك استراتيجياً: واشنطن تريد شطب أوروبا.

بدأت خطة أوكوس تتشكل سراً منذ أن استلم جوزيف بايدن منصبه، لكن طرحها الآن يناسب هدف بايدن بإظهار أن الولايات المتحدة لا تزال حليفاً عسكرياً قوياً، على الرغم من انسحابها الفوضوي من أفغانستان، وإنّ الهدف من المبادرة هو تعزيز الاستقرار الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ورسم كيفية تتطوره، ومن الواضح أن التركيز غير المذكور، لجهود مشاركة التكنولوجيا العسكرية الحسّاسة مع اثنين من الحلفاء الرئيسيين، يستهدفها – أي الصين وتحالفها مع الروسي.

والهدف على المدى القصير، لتحالف المحيطين الهندي والهادئ، هو مساعدة أستراليا، في الاستعداد لبناء غوّاصة هجوم نووي، والتي ستكون منصة إطلاق أسلحة خفية تحت البحر، في وقت تكون فيه السفن السطحية مكشوفة بشكل متزايد للصواريخ المضادة للسفن الصينية، وتخطط استراليا على بناء أكثر من عشر غوّاصات على مدار عقدين من الزمن قادمين.

والتأثير الأعمق هو أن الدول الثلاث ستتعاون، خارج المشروع الفرعي، على مجموعة واسعة من التقنيات العسكرية الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، والصواريخ فوق الصوتية، والأسلحة السيبرانية، والأنظمة الجديدة تحت سطح البحر، ويمكن لهذا التحالف التكنولوجي الثلاثي أن يحرك قطاع الدفاع الأميركي المنعزل والبطيء الحركة أحياناً، كما يأمل فريق جوزيف بايدن. 

مبادرة أو تحالف أوكوس من المفترض أمريكيّاً، أن يكون علاجاً لما يبدو أحيانًا إدماناً أميركياً لأنظمة الأسلحة القديمة، مثل حاملات الطائرات والطائرات المقاتلة، والتي ستكون لها فاعلية متناقصة ضد الجيش الصيني عالي التقنية، ومؤخراً سمعنا الجنرال جون هيتين، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، في جلسة في معهد بروكينغز، من أن البنتاغون كان بطيئاً بشكل لا يصدق في التحديث العسكري. 

وحذّر الجنرال هيتين قائلاً: نحن بيروقراطيين للغاية، ونكره المخاطرة للغاية، ويرى محللو الدفاع أن هذا التباطؤ ناتج عن رغبة الخدمات العسكرية والمتعاقدين الدفاعيين وأعضاء الكونغرس في حماية الأنظمة القائمة والوظائف المصاحبة لها، وفي غضون ذلك، تسابق الصين لتحقيق ما قاله هيتين بأنه تحديث نووي غير مسبوق، إلى جانب أنظمة أسلحة جوية وبرية وبحرية وفضائية جديدة. 

مبادرة أوكوس تهدف إلى تعزيز الحلفاء في آسيا، والبدء من أستراليا، الذين يواجهون ضغوطاً شديدة من الصين التي تسعى إلى الهيمنة الإقليمية، بينما تراجعت أستراليا، ردت بكين برد فعل اقتصادي حاد وبالتدخل في السياسة الأسترالية، وضغطت أستراليا على البيت الأبيض، بعد فترة وجيزة من تنصيب جوزيف بايدن، لا تتركونا وشأننا في الميدان يا واشنطن وعلى الفور تقدم فريق جوزيف بايدن بسرعة، بعد التشاور الحكومة البريطانية ومجلس اللوردات في لندن، الذي يروّج لبريطانيا أممية من جديد – مجلس اللوردات، عبر صراع لندن واشنطن الخفي، وصولاً ليالطا جديدة رقم 2 . 

تتطلب الغوّاصات التي تعمل بالطاقة النووية، تقنيات متطورة لم تشاركها الولايات المتحدة إلا مع بريطانيا بموجب اتفاقية 1958م، بحيث تحرس البحرية الأميركية بحرص شديد على هذه الأسرار، وكانت مترددة في البداية في مشاركتها مع دولة أخرى

وعلى الرغم من أن تحالف أوكوس يربط ثلاث دول ناطقة باللغة الإنكليزية بجذور أنغلو – سكسونية، إلاّ أن الإدارة الأميركية تخطط كذلك لتعميق علاقاتها مع الشراكة الإستراتيجية المعروفة باسم الرباعية، والتي تضم الهند واليابان بالإضافة إلى أستراليا والولايات المتحدة، ويعقد مدراء الاستخبارات في هذه الدول الأربع اجتماعات دورية سريّة. 

الاستراتيجية الأمريكية ازاء الصين، لها وجهان لا ثالث لهما، تشبه إلى حد كبير موقف الصين تجاه الغرب، فعلى الجانب التصالحي، اتصل بايدن بالرئيس الصيني شي جينبينغ مراراً، للتأكيد على رغبة الولايات المتحدة في التعاون مع الصين في المجالات التي تتلاقى فيها مصالحهما، مثل تغيّر المناخ ووقف الانتشار النووي، لكن لاحقاً، أعلن جوزيف بايدن عن تحالف عسكري جديد يهدف إلى ردع القوة المتنامية للصي- أوكوس. 

أوكوس كمشروع وتحالف عميق، يحظى هذا المشروع بدعم قوي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذه إشارات قوية ستساعد في جعل تعهد إدارة جوزيف بايدن بتعزيز الردع الأمريكي في غرب المحيط الهادئ، في أعقاب اعادة التموضع الأمريكي في أفغانستان، والذي سمّاه الامريكي  بالانسحاب الكارثي من أفغانستان، أكثر واقعية، لكن هذا التأكيد ظهر مشكوكاً فيه، بعد الخروج الفوضوي العجول من كابول، لكنه أصبح أكثر تماسكاً الآن مع التحركات الدفاعية الجديدة في آسيا، وأقصد مبادرة أوكوس.

 والذي يثير حفيظة واشنطن هو ذاك الصاروخ الصيني، الذي يفجّر نبضة كهرومغناطيسية قادرة على شل الأقتصاد الأمريكي، حيث يعمل علماء صينيون في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا مركبات الإطلاق، على تصميم صاروخ قادر على إنشاء صدمة أو نبضة كهرومغناطيسية قوية جداً، قادرة على شل الاقتصاد الأمريكي بحسب مصادر استخبارات دولية. 

وينطلق الصاروخ الجديد بسرعة تفوق 6 ماخ(ماخ – سرعة الصوت) وقادر على قطع مسافة تقدر بنحو 3000 كم في 25 دقيقة من الطيران، وبحسب معلومات استخبارية تكنولوجية دقيقة، يبحث العلماء منذ خمسينيات القرن الماضي، في مجال التأثيرات الكهرومغناطيسية للأسلحة النووية على الاتصالات والأنظمة الكهربائية(ثمة نجاح في كوريا الشمالية في سياق هذه التقنية). 

وقطعت بعض الدول، بحسب المعلومات، مثل أمريكا وروسيا والصين وكوريا الشمالية خطوات واسعة في البحث والتطوير لأنظمة أسلحة النبضات الكهرومغناطيسية، لكن الإضافة الصينية الجديدة تمنح بكين ميزة على منافسها اللدود الولايات المتحدة الأمريكية. 

آلية عمل الصاروخ الجديد 

ربط الباحثون والعلماء بداية بين انفجارات النبضات الكهرومغناطيسية بالرؤوس النووية، كان الافتراض البسيط خلف ذلك هو انبعاث كمية كبيرة من الإشعاع الناتج عن الانفجار النووي، لكن التطورات اللاحقة لمجال النبضات الكهرومغناطيسية، مثل مشروع الصواريخ المتطورة التابع للقوات الجوية الأمريكيةCHAMP، تحدت هذه الفكرة، الذي يعمل عن طريق مولد الميكروويف، لكن العلماء الصينيين توسعوا في هذا المفهوم، وأضافوا رأسا حربيا كيميائيا متفجراً، لتوليد انفجار كهرومغناطيسي أكبر وأشد، ويؤدي الانفجار الكيميائي إلى ضغط مغناطيس مشحون كهربائيًا يُعرف باسم مولد ضغط التدفق، الذي من شأنه تحويل طاقة الصدمة إلى دفعات قصيرة، ولكنها قوية جداً من الموجات الدقيقة.

توليد الكهرباء من طاقة الصاروخ الذاتية: 

يستخدم هذا العمل، لتوليد الكهرباء، التي بدورها تعمل على توليد ضغط التدفق المغناطيسي، حيث تؤدي سلسلة من العمليات إلى قيام الصاروخ بتوليد كميات كهرباء كبيرة دون الحاجة إلى بطاريات، وستستخدم هذه الصواريخ المكثفات الفائقة التي تتميز بكثافة طاقة تزيد 20 مرة عن البطاريات، علاوة على ذلك، يمكن شحن هذه المكثفات أثناء التنقل عن طريق الاستفادة من تحويل طاقة الحرارة إلى كهرباء، حيث يزعم الباحثون الصينيون أن هذا النهج يمكن أن يفرغ قدرًا كبيرًا من الطاقة في غضون 10 ثوانٍ، الأمر الذي يحدث خللا كهرومغناطيسياً عظيماً.

وتقول المعلومات، بعد بحث كبير أجريته، وقاطعت نتائجه كباحث مع أكثر من مصدر، إلى أنّ هذا الصاروخ يمكن أن يؤدي إلى إتلاف نظام الاتصالات، حيث يمكن لإشعاع النبضات الكهرومغناطيسية حرق الأجهزة الإلكترونية في دائرة نصف قطرها 2 كيلومتر، الأمر الذي يشكل خطراً على المؤسسات الاقتصادية بشكل عام، لكن البعض اعتبر أن تأثيرات هذه الأسلحة مبالغ فيها إلى حد كبير.

اذاً: هل تقرع طبول حرب جديدة؟ ستكون هذه الحرب هي الأخيرة ان حدثت، ولن يكون هناك أحداً من البشر، يسجل تاريخها ويعمل على تأريخها، أواكس اسم مختصر أثار ضجّة كبيرة ويشير الى الارتياب.

*عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

هاتف منزل – عمّان : 5674111    

خلوي : 0795615721

 

قد يعجبك ايضا