المفكرة العربية الأردنية ديانا فاخوري تكتب: عائدٌ الى يافا .. من جنين، بالرعد وزيادة، فتحٌ مبينٌ – خازماً اللؤلؤة تلو الاخرى في أسلاك المقاومة!




ديانا فاخوري ( الأردن ) – الجمعة 8/4/2022 م …
هذا هو العرس العربي الفلسطيني الذي لا ينتهي.. وسيصل الحبيب الى الحبيب شهيدا او عائدا لبيته في يافا، في حيفا، في القدس، وكل فلسطين – شريفا في يده المفتاح.
ويبقى العربي الفلسطيني ممتلئا من الروح المقاوم مهما فعلت أبالسة القرن وشياطينه فمكتوب أَنْ لَيْسَ بِالْمال والسلطان والمجد الصهيواعروبيكي وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَل بكل حبة تراب تخرج من ارضنا وكل قطرة ماء تنزل من سمائنا ولن يتعب هذا الطين ولن يرحل، ولن يبدل تبديلا حتى وان طرحتموه من اعلى الأجنحة او الشرفات او القمم الى أسفل فمكتوب أيضاً ان رجال الله في الميدان يتلقفونه ويحملونه على الأكف .. لا تجربوا صاحب الارض العربي الفلسطيني المقاوم، فالارض أرضنا والقدس قدسنا والبحر بحرنا والشمس شمسنا والسماء لنا .. ومحمود درويش ابننا، و
“على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ،
على هذه الأرض سيدةُ الأرض،
أم البدايات أم النهايات،
كانت تسمى فلسطين، صارتْ تسمى فلسطين،
سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة”!
 
إذن يبقى الصراع مع الصهيونية هو البوصلة .. وتبقى فلسطين في القلب .. في القلب من الصراع  وفي القلب منا ..
عائد الى حيفا” في الذكرى 86 لميلاد الشهيد المناضل غسان كنفاني الذي وُلد في عكا وعاش في يافا وأحب حيفا وكل فلسطين، كما أحب بيروت وكل بلاد العرب، فأحسن “رعد فتحي زيدان خازم” .
هو خازم اللؤلؤة الرابعة في سلك العمليات الأربع الأخيرة التي وقعت جميعها في مدنٍ مركزيّةٍ ورئيسيّةٍ في فلسطين المحتلة فأحسن نظمها رعداً وزيادةً نحو فتحٍ مبين ليُجْلِس الكيان بأكمله 9 ساعات أمام التلفزيون لمتابعة مسلسل الملاحقة الإسرائيلية التي شاركت “الصدفة” أكثر من ألف شرطي وعنصر أمني إسرائيلي قاموا بالعملية (قوات من الشرطة وجيش الإحتلال والمخابرات (الشاباك) ووحدة النخبة في هيئة الأركان) .. وهكذا جعلت العمليات الأربع الأخيرة  “إسرائيل رهينةً للفدائيّ القادِم” باخفاق “الشاباك” والاجهزة الأمنية مما زرع الرعب والإحباط في شوارع الكيان المحتل!
فمن آيات الله ورجاله في الميدان – من دمشق ولبنان الى القدس وغزة ويافا – ان يستعيد الصهاينة وأذنابهم مكمن مأزقهم الوجودي وموعد مٓهْلِكِهِم فيهرعوا بكل هلع وارتياع للنص التوراتي من سفر إشعياء النبي: “ولولي ايتها الأبواب، اصرخي أيتها المدينة”!
الأبواب تولول، والمدينة تصرخ: انه المأزق الوجودي ذاته من أينشتاين الى نتنياهو الى عامي أيالون مثلا (ضع عشرات الخطوط تحت كلمة “مثلاً” – أضف جدعون ليفي، يوڤال ديسكين، مئير دوغان، أمنون ابراموڤيتش، افراييم هليفي، كارمي غيلو، روني دانييل، بيتي موريس – مثلاً أيضاً)، كما بيّنتُ في عدد من مقالاتي السابقة. ثم ماذا عن إفيغدور ليبرمان الذي يُصر على طرح السؤال: إذا كان هذا هو حالنا في مُواجهة “حركة حماس” فكيف سنستطيع خوض حرب ضدّ إيران و”حزب الله”؟!
وكنت قد استدعيت دافيد بن غوريون، وهو احد آباء الكيان المُغتٓصِب، صاحب الأمنية الشهيرة بان يستفيق “ذات صباح جميل” ليرى تلك القنبلة الديموغرافية وقد زالت من الوجود .. ديفيد بن غوريون (النبي المسلح) هو احد آباء الكيان المحتل الثلاثة الى جانب حاييم وايزمن وناحوم غولدمان. وايزمن كان عرّاب وعد بلفور .. بن غوريون كان قائد العمل العسكري على الأرض، وهو الذي أمر بالمجازر ضد الفلسطينيين وبتهجيرهم ..غولدمان نظّم حملات المستوطنين وجمع الأموال ونسج العلاقات الدولية. من المعروف ان العلاقة بين وايزمن وبن غوريون لم تكن على ما يرام، لكنها تميزت بالصداقة والمودة والثقة بين غولدمان وبن غوريون مما سمح لهما بالمصارحه في دقائق الأمور.
في كتابه «المفارقة اليهودية»، يوثق غولدمان تفاصيل لقاء “البوح السري/المكتوم والخطير” مع بن غوريون في منزل الأخير سنة 1956:
 
“في تلك الليلة الجميلة من ليالي الصيف فتح كل منا قلبه للآخر، وكان حديثنا حول مشكلتنا مع العرب. أنا لا أفهم سبب تفاؤلك، قال لي بن غوريون. بنظري لا يوجد أي سبب يشجع العرب على إقامة سلام معنا. ولو كنت، أنا شخصياً، زعيماً عربياً لما وقّعت على شيء مع إسرائيل. وهذا أمر طبيعي جداً إذ نحن الذين قمنا بالسطو على بلدهم. لقد انتزعنا منهم بلدهم. صحيح أنها وعد من الله لنا، ولكن لماذا سيهمهم ذلك ؟!…إن إلهنا غير إلههم. نحن أصلنا من إسرائيل، وهذا صحيح، لكنّ ذلك يعود إلى 2000 سنة خلت: ماذا يعني لهم ذلك؟!…لقد ظهر العداء للسامية، وظهرت النازية وهتلر وأوشفيتز. هل هذه غلطتهم؟… إنهم لا يرون سوى شيء واحد: لقد جئنا وسرقنا بلدهم. فلماذا عليهم أن يقبلوا بذلك…؟!”.
واضاف بالحرف: “اسمع يا ناحوم. لقد أصبحت على مشارف السبعين من عمري. فإن سألتني ما إذا كان سيتم دفني، إثر موتي، في دولة إسرائيل لقلت لك نعم. فبعد عشر سنوات أو عشرين سنة سيبقى هنالك دولة يهودية. ولكن إذا سألتني ما إذا كان ابني عاموس، الذي سيبلغ الخمسين من عمره في أواخر السنة الجارية (1956) ، سيكون له الحظ بأن يدفن بعد موته في دولة يهودية فسوف أجيبك: 50/50” .. بذعرٍ شديد قاطعه غولدمان: “كيف لك أن تنام على هذا التوقّع فيما أنت رئيسٌ لحكومة إسرائيل؟!”، فأجابه كمن يطلب النجاة من الآتي: “من قال لك إنني أعرف ما هو النوم يا ناحوم!”.
هذا تشكيكٌ بٓيِّن ٌ بقدرة الصهيونية “الأصيلة” على تأمين توريث مستدام للصهيونية “البديلة” بكل ما أوتيت من عمالة وخيانة فلربما يأتي يوم تنتفض فيه الأجيال الجديدة، كما يعتقد بن غوريون، على نهج الخيانة وتدين الخونة معيدةً الاعتبار إلى الوطنيين المضطهدين من قبل الصهيونية الأصيلة والصهيونية البديلة، فتنقلب الدنيا رأساً على عقب ويستحيل الحلم الصهيوني كوابيس تدمر أصحابه وأذنابهم … وهو، أعني بن غوريون، واثق أن زمن العمالة والتطبيع لن يدوم، وان اسرائيل الى زوال!
نعم يعيش الاسرائيلي قلقا ورعبا شديدين من المستقبل و”يًفكر ماذا سيفعل ان هو رأى الجنود السوريين، أو رجال حزب الله على شواطئ بحيرة طبريا ؟” وفقا لوصف أحد ضباط العدو المتقاعدين .. وجوه تظن ان يأتيهم رجال الله في الميدان بالرعب الذي يستوعب الصدور .. وجوه تظن ان يُلقي رجال الله بالهلع في قلوبهم ارتعاباً وارتياعاً .. وجوه “تظن أن ُيفعل بها فاقرة”.. وجوه يقف أصحابها على “رجل ونص” بانتظار ان تنزل بهم مصيبة عظيمة، تقصم فَقَار الظَّهر.
 
وها هو باب دمشق (باب العمود) يُكثّف انتفاضة القدس دفاعاً عن حي الشيخ جراح وسكانه لتتطور المواجهة الشعبية العفوية لمواجهة عسكرية من العيار الثقيل بين المقاومة الفلسطينية المتحصنة بغزة هاشم  وجنين ويافا وحيفا وكل فلسطين الممتدة من النهر الى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش (27،009 كم مربع – متر ينطح متر، كاملة غير منقوصة!) وما “سيف القدس” الذي رفعه الغزيون دفاعاً عن المقدسات والأرض التي بارك الله حولها الا تعبير عن تراكم قوة استراتيجية تاريخية جغرافية لشعب فلسطين الذي ما برح يخزّن غضبه وآلامه ومعاناته منذ 74 عاماً لينفجر عاصفة من الصواريخ – لا “معسكرات من الصراخ” كما خشي محمد حسنين هيكل – تدعم انتفاضات مُقٓدّسة وطنية ومقدسية .. لنُري الصهاينة، اصلاء وبدلاء، من آيات الله ورجاله في الميدان .. 
 
وهنا لا بد لي ان أكرر ان فلسطين هي خط التماس بين الأرض والسماء .. ووجود اسرائيل يرتكز الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة .. وجود اسرائيل هو المرادف الطبيعي للنكبة العربية الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحو اثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش، نقطة على السطر ..
من معركة الكرامة في آذار 1968 الى معركة الغوطة في آذار 2018، الى الانتصارات الاستراتيجية للجيش العربي السوري في الجنوب مرورا بالانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 1987(انتفاضة الحجارة)، فتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000، فالانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2001، وتحرير غزة عام 2005، ثم حرب تموز عام 2006 الى”حسان” و “سيف القدس المسلول”، ها هي قوانين المادية الجدلية والمادية التاريخية تجدد صدقيتها وتؤكد مصداقيتها .. بتطبيق المنطق الجدلي على التطور التاريخي، يمكننا فهم المعنى التاريخي للمعارك والحروب والانتفاضات بوصفها تراكمات كمية تؤدي الى تغيير كيفي ينطوي على ازالة العدوان برمته لا مجرد اثاره .. وهذا ما بات يدركه المحور الصهيواعروبيكي متيقنا ان انتكاساته المتراكمة ليست مسألة سوء حظ وحسب، بل مسار سيصل ذروته وتبدأ عملية التطور النوعي فتزول اسرائيل وتعود فلسطين بكليتها من البحر الى النهر ومن الناقورة ال ام الرشراش، وتعود للأمة كرامتها ..
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين .. لا تقرأوا الفاتحة على “عبدان الاعتلال والاحتلال” وموتى فاتحة التطبيع الرسمي الشامل وفتح الكنيس اليهودي في بعض ديارنا، لا تقرأوا الفاتحة على هؤلاء الموتى ولا سورة يس، أو الفجر، أو تبارك!
اللهم  ني اسالك بحق هذا الشهر الفضيل وباسمائك الحسنى وصفاتك العليا وباسمك الطاهر الاعظم ان تتقبل منا دعاءنا بقبول حسن وان تجعله خالصا لوجهك الكريم .. اللهم ثبته (التطبيع) في ضيق اللحود ومراتع الدود .. يا الله أنت المحيي وأنت كذلك المميت، اللهم إنا لا نعترض على قضائك ونسألك أن تلهم أهله وذويه (أهل التطبيع وذويه) الصبر على ما أصابهم وأخلفهم الأكثر خيرا والأفضل للقرب منك و من ثوابك ورحمتك ولا تُضلَّهم بعدَه واكتب لهم التوبة ورؤية البوصلة تشير إلى الاتجاه الصحيح، وتحدد فلسطين من المياه الى المياه ومن الناقورة الى ام الرشراش موقعا ومقصدا وهدفا .. اللهم أصلحْ أئمتَّنا ووُلاةَ أمرِنا فتتوجه البنادق ل”تل ابيب”، ويقرأوا الآية رقم (13) – من سورة الصف: “نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ “!
 
عائدٌ الى يافا .. من جنين، بالرعد وزيادة، فتحٌ مبينٌ – خازماً اللؤلؤة تلو الاخرى في أسلاك المقاومة!
 
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!
 
ديانا فاخوري 
كاتبة عربية اردنية

قد يعجبك ايضا