ضوء على قيام الأردن الرسمي بإغلاق مقرات إخونيي الأردن غير المرخصين

 

السبت 16/4/2016 م …

*ما هي وجهة نظر فرقاء الأزمة الإخونية المرخصين وغير المرخصين والدولة ؟

*هل ستكون ” جملة الحالة الإخونية ” بعد إغلاق المقرات كما كان عليه الحال قبلها ؟

*كيف يكون ممكنا تجنيب الأردن أي اختراق تكفيري أو إرهابي أو عنصري أو متطرف .. ؟

محمد شريف الجيوسي …

أغلفت الأجهزة الأمنية الأردنية يوم  الخميس الموافق 14 نيسان 2016 ، مقر جماعة الإخوان المسلمين (غير المرخصة ) في محافظة مأدبا ، وكانت قد أغلقت في اليوم السابق له ؛ الأربعاء مقرها في العبدلي بالعاصمة الأردنية ؛ عمان بالشمع الأحمر ( الذي يعتبر المقر الرئيس للجماعة في الأردن ) وكذلك في محافظة جرش ، وتردد إغلاق مقر الجماعة في محافظة العقبة الأردنية الجنوبية .

من جهته صرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية  الأردنية بان جميع مقرات جماعة الاخوان المسلمين ستغلق تباعا ، وأشار المصدر إلى أن هنالك توجها لإغلاق جميع وسائل اعلام الجماعة.

وتابع المصدر ان الحكومة الأردنية ، ستتحفظ على مقرات الاخوان إلى حين البت قضائيا في قضية احالتها الى جمعية جماعة الاخوان المرخصة او السير بإجراءات اخرى.

من ناحيته قال الناطق باسم جماعة الاخوان ( غير المرخصة ) م. بادي الرفايعة ان جماعة الاخوان ستتابع اغلاق مقراتها قانونيا.

وقال م. الرفايعة  أن الجماعة وعقب اقتحام المقر حصلت على قرار بالإغلاق على شكل تبليغ موضحا انه تم رفض توقيع التبليغ من قبل الحاضرين في مكاتب الجماعة.

من جهته اعتبر القيادي الإخوني السابق  د. عبد اللطيف عربيات ( رئيس مجلس النواب مطلع التسعينات لـ 3 دورات ) ، إن ما يجري الآن بحق جماعة الإخوان المسلمين لا يصب في صالح البلد، وأنه لا يوجد أي سند قانوني لهذه الإجراءات ، وانها مرخصة بموجب قرار صدر من مجلس الوزراء سنة 1953 بتحويلها من جمعية إلى جماعة.

وكان القيادي الإخوني د. عربيات قد ندد بالتدخل الرسمي في انتخابات جماعة الإخوان المسلمين ، معتبراً انه يتعارض مع روح دستور عام 1952، والقوانين  الصادرة بموجبه، واصفا التدخل  بأنه غير قانوني ويأتي في سياق “الصناعة الذكية”، على حد وصفه.

واعتبر مقربون من الخطاب الإخوني بعامة ، أن إغلاق مقر جماعة الإخوان المسلمين بالشمع الأحمر، ينهي مرحلة، ويفتح صفحة جديدة.. وان ذلك نجم عن فشل محاولات “ترميم” العلاقة بين الجماعة والدولة، بالرغم من إنهاء علاقتها بمكتب الإرشاد العالمي، عبر تعديلات النظام الأساسي، ورغم موافقتها على تقديم خطاب حسن نوايا في علاقتها مع الدولة ، إلاّ أنّ الجماعة رفضت إعادة تصويب الأوضاع القانونية بالتفاهم مع الجمعية المرخّصة الجديدة ، بقيادة المراقب العام الأسبق ـ الجديد عبد المجيد ذنيبات.

ونوهت مصادر أردنية إلى أن فك ارتباط إخونيي الأردن بمكتب الإرشاد العالمي ، غير دقيق ، كما اخونيّي مصر ، الذين استشعروا القوة فلجأوا إلى خلق حالة من الفوضى والعنف والتطرف ، إثر المبادرة التي أطلقها يوسف القرضاوي عرّاب جماعة الاخوان المسلمين ،  لحل الخلاف بين اللجنة الادارية العليا لجماعة الاخوان المسلمين والقيادة التاريجية التي يتزعمها القائم باعمال المرشد العام (محمود عزت)

وحذر البعض من أن إضعاف ما أسموه التيار الإسلامي الوسطي، قد يدفع قواعد إخونية ، إلى نزعة التشدد في أوساط الإسلاميين ، فيما نبه بعض آخر إلى أن الإسلام السياسي وقاعدته الرئيسة الجماعات الإخونية، كانوا المنبع الأساسي للجماعات الإرهابية من قاعدة ونصرة وداعش وغيرها، الأمر الذي يدحض محاولات الترويج لفكر الاعتدال الإخوني ، الذي بحسبهم لا يعمل ضد الأمن الوطني ومصالح الدولة، ولا ينشط ضد تمدد الفكر المتطرف ومآلات التهميش الاقتصادي والسياسي ، فيما الواقع غير ذلك. 

وقد يدفع المنع بعض الإخونيين للإتجاه نحو جبهة العمل الإسلامي، والمشاركة في الانتخابات النيابية، وإنهاء مشكلة التداخل بين أشكال وإشكالات العمل الديني الدعوي والسياسي، والسري والعلني.

وفي كل الأحوال فمن المؤكد أن إخونيي الأردن قرأوا وفهموا الأحداث واللقاءآت مع رموز من النظام السياسي الأردني ، بشكل مختلف عن الحقيقة، وخلصوا إلى نتائج غير دقيقة، ويبقى أن يدرك القيادي الإخوني الجدلي ( الصفري ) زكي بني ارشيد هذه الحقيقة بعد ما آل إليه حال الجماعة من تشرذم وتشظي، والمراهنة فقط على حزب جبهة العمل الإسلامي ، المولود من رحم إخونيي الأردن .

وعقبت جمعية جماعة الإخوان المسلمين المرخصة ، في بيان صدر الخميس ا الخميس 14 نيسان ، ، بالقول أنها ترفض أي دعوات من شأنها (  بث بذور الفتنة والعبث بالوحدة الوطنية )،  كما قالت أنها ترفض أي ربط بين ما حدث بالأمس من اغلاق لمقرات جماعة الاخوان المسلمين غير المرخصة وما يحدث خارج الوطن، واعتبرت ذلك خلطا للأوراق وتضليلا للعقول ونوعا من أنواع الدعوة للتصعيد غير المبرر.

ودعت الجمعية المرخصة في بيانها ،  من وصفتهم بـ ( الغيورين على فكر الجماعة من جماعة الاخوان غير المرخصة الى تحكيم العقل والمنطق والانضمام اليها واختيار المسارات التي يحافظون بها على فكرة الجماعة وروحها، وبذات الوقت الالتزام بالقوانين الناظمة حفاظاً على الوطن ).

واعتبرت الجماعة المرخصة ، ان ما حدث صباح الأربعاء من إغلاق لمقرات جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، جاء على خلفية رفضها تصويب أوضاعها  على مدى عام وفق القوانين الضابطة لعمل الجمعيات السياسية وغيرها ، ولعدم استجابتها لطلب التوقف عن إجراء انتخابات مجلس الشورى والمكتب التنفيذي التابعيْن لها، كون هناك جماعة مسجلة  بذات الاسم ولا يجوز قانونياً ان تكون هناك ازدواجية لنفس المكون ونفس الاسم لجهتين بنفس الوقت، خصوصا ان احداهما مسجلة ضمن القانون والاخرى ليست كذلك.

 وشددت الجمعية المرخصة على دولة القانون والمؤسسات ( باعتبارها الوسيلة الوحيدة الضامنة لسلامة العمل الوطني والدعوي والحزبي، وبغير ذلك فإن الفوضى هي البديل ).

وجاء في بيان الجمعية المرخصة أيضاً ،  أن التسجيل الرسمي للجماعة جاء بنفس قانونها الأساسي وبنفس منطلقاتها وأدبياتها، الأمر الذي حصن وضعها  وشكل لها حماية قانونية كما شكل حالة عالية من الانسجام بينها وبين جميع مكونات المجتمع الأردني ، ومرحبة بالتعاون حفاظاً (على وحدتنا الوطنية وإزالة أية اختلافات تحصل بين مكونات المجتمع الأردني )

وأكد الإعلامي الأردني محمود كريشان ، أن التنظيم الإخوني مريض بالخلافات والفساد والسرقات والاختلاسات المالية والتزوير وتحريف المكالمات والصراع على السلطة والتطرف والإرهاب الذي ظهربشكل واضح لدى تيار شباب الاخوان في مصر وهو ما خالف ما روّجت له الجماعة على مدار  80 سنة منذ تأسيسها ، الأمر الذي استدعى استقالة 15 قيادياً ( لابتعاد الجماعة عن الاهداف التي تأسست من أجلها ).

أما في الأردن ، فقد أكد مطلعون أن اغلاق مكاتب الجماعة غير المرخصة لا يعني أن الدولة عازمة على حظر الجماعة على خطى دول أخرى ، بدليل أنها رخصت لجمعية الجماعة  وليس لمنعها من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة” ، وإنما لتحدّيها إرادة الدولة الأردنية .

باختصار لقد باتت فرص العمل السياسي لدى الجماعة “غير المرخصة” معدومة؛ وفق القانون ؛ الذي في مقدور  السلطات الرسمية الأردنية ؛  تفعيله وقت تشاء، بمنعها من القيام بأي نشاط.

لكن حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص قانونيا ، سيكون الإطار الوحيد المتاح  للعمل من خلاله سياسياً ، وبالتالي  ترك العمل الدعوي والخيري لجمعية الجماعة المرخصة .

لكن استمرار حزب جبهة العمل  الإسلامي في العمل بالصيغة القديمة لن يكون متاحاً ، بعد الآن غالباً ، بتداخل الدعوي مع الخيري مع الإستثماري مع السياسي مع السري ( ..) ولن يكون مطلقاً ، وإنما سيكون مقيداً بقانون الأحزاب السياسية كأي حزب سياسي آخر ، وسيكون عاريا من مشاريع الدعم الاستثمارية التي ستتوفر لـ جمعية الجماعة ، او أي جماعة إخونية اخرى قد ترخص ، ولا بد أن يتم الفصل بين جمعيات دعوية خيرية وأي حزب سياسي آخر يحمل صفات الإسلام السياسي ،  سواء كان إخونيا أو منشقاً عنه ومن رحمه أو غير ذلك  تنظيميا ومالياً بما يكفل استقامة الأمور ، وإلا كان مطلوباً تحويل الجمعيات الخيرية الأخرى التي تتبع مسميات دينية أخرى إلى أحزاب سياسية دينية أو إثنية ، الأمر الذي سينقل البلد ( أي بلد ) إلى حالة من الفوضى ، ويمهد تحت مسميات وادعاءآت  دينية وإثنية ، إلى خلق ظروف ملائمة لشرعنة الإرهاب وظهور جماعات تمارسه علنا وتحت الشمس .    

لقد صدّرت الجماعات الإسلاموية الأردنية وغير الأردنية ، بعض الإرهابيين للقتال في سورية والعراق وغيرهما ، وقبل ذلك بعقود إلى أفغانستان ، ونفذ بعضهم أعمالاً إرهابية ، في الأردن ، أو ضد أردنيين ، أو اخسرت أردنيين جراء توريطهم في أعمال إرهابية خارج البلاد ، وهي ممارسات أسفرت فيما أدت إليه  إلى تشرذم الجماعة داخليا وحالة من التنافر والتناقض مع النظام السياسي ثم مع حلفاء الأمس ، ومع مصالح واستقرار دول الجوار العربية ، ومع الذات أيضاً .

إن البديل الحقيقي والمامون للأردن وغير الأردن ، تجنب الترخيص لأي شكل من أشكال العمل التطوعي أو العام أو الاستثماري أو الاقتصادي أو الخيري أو التربوي أو الرياضي أو الثقافي أو السياسي ، لأي جماعة تحمل إشارات مميزة سواء كانت دينية أو إثنية أو سواهما ، ولا بأس من ترخيص أي جهة تحمل اي صفة مما سبق ولكنها مختلطة دينيا واثنيا وجهويا ومن الرجال والنساء ، تحصيناً للأردن من التطرف والتكفير والإرهاب والتمييز والتعصب ، وتعميقاً لوحدة الشعب الأردني ، وللإنتماء القومي التقدمي الممسك بقراره المستقل وسيادته ولدوره العروبي الحقيقي ، بعيداً عن الأحلاف والمحاور المرتبطة بالغرب والصهيونية والرجعيات الإقليمية ولأدوارها المشبوهة .  

[email protected]

قد يعجبك ايضا