عبد الهادي المحارمة … ولاء وانتماء وطاقة إيجابية / أسعد العزّوني

أسعد العزّوني ( الأردن ) – الثلاثاء 29/12/2020 م … 




** الصورة : عبد الهادي المحارمة

شرفت بالأمس بزيارة أخي وصديقي النائب السابق الشيخ عبد الهادي المحارمة في دارته العامرة بسحاب،لأعوده في مرضه،ولا أنكر أنني كنت مثقلا بالهموم والأحزان ،سواء على الصعيد الشخصي أوالصعيد الجمعي والمجتمعي وحتى القومي،ولكنني خرجت من عنده مفعما بالطاقة الإيجابية وبالراحة النفسية ،بسبب ما جرى بيننا من نقاش بدأ بالهمّ الشخصي وإنتهى بالهمّ القومي مرورا بطبيعة الحال بالهمّ الوطني الذي يرهق الجميع.

ومن جملة ما تفضل به في معرض تحليله المنطقي أن كل ما يجري في المنطقة هو لمصلحة الأردن وفلسطين ،وأسهب في ذلك بإتقان وصدق،وأقنعني بذلك ،ولم يفاجئني إتساع أفقه وسعة إطلاعه ،وإلمامه بكافة الأمور،ولم لا فهو الرجل الحاذق الذي جمع بين صلاحي الدنيا والآخرة،وهو رجل سياسة بارع وخطيب جمعة مفوه بالحق وبما يرضي الله.

هذا الرجل الحصيف أكبر من الألقاب ولذلك لم أضع لقبا قبل إسمه ،فاسمه يثريه ويغنيه وهو إبن مناضل أردني في فلسطين ،ولا يقل مجدا عن مجد المرحوم والده الذي كان عميدا لعشائر المحارمة الكرام،ولذلك لا نستغرب أصالة وطيبة هذا الرجل ،فهو وارث المجد كابرا عن كابر،ولذلك فإن أداءه مختلف ،لأنه محصن من بيت أهله كما يقولون ،وهذا ما ينفي عنه سعيه للتصنّع من أجل تعويض الماضي أو السعي نحو الكسب غير الشرعي،فما ورثه عن أبيه يكفيه ويغنيه،وهذا ما يثقل ميزان  إيجابياته.

أبو راشد كما عرفته منذ أكثر من عشر سنوات ،له وقع خاص،ولا يعرف الرجال إلا الرجال،وقد تشرفت بالعمل في معيته إبان حملته الإنتخابية التي لم يحالفه الحظ فيها ،بسبب سهام الغدر التي أصابت طيفه،ومع ذلك لم يحتد ولم يهدد أويتوعد بفضح الطابق كما يقولون ويفعل البعض من اللاهثين لتولي المناصب بغير حق،بل قال رب ضارة نافعة،وهذا هو مختبر معدن الرجال،ولم ألمس أي خلل في حملته الإنتخابية ،إذ كان يزور بيوت مريديه وتجمعاتهم واعظا ومصلحا وليس طالب صوت إنتخابي مدفوع الثمن.

كما أسلفت فقد خضنا في بحر لجّي من القضايا الحساسة وغير الحساسة ،ووجدت فيه القرب من الكمال الفكري والكمال في مجالي الولاء والإنتماء،وإتفقت معه  في تحليله لكافة الأمور،ولا أنكر إعجابي  الشديد بقدرته على التحليل ووضع الحلول بعد التركيز على تشخيص الحالة ،ومن جملة ما قاله أن بعض المسؤولين المسيئين يتصرفون من عندياتهم  ويوحون أن قراراتهم “من فوق”وهذا كذب، منزها جلالة القائد عن إصدار مثل تلك التوجيهات المسيئة،ويكفي الشيخ أبو راشد أنه رجل إستراتيجيا وصانع قرار وربان سفينة ماهر ،ولا يلجأ لإثارة الغبار من حوله للفت الإهتمام ،فهو واثق من نفسه وقنوع بواقعه المشرف.

لا أجامل عندما أقول أن الأخ أبو راشد ناصح أمين،ولا تأخذه في الحق لومة لائم ،فرغم أنني كنت ضيفه ،إلا أنه مشكورا أهدى اليّ عيوبي في مجال التحليل والكتابة ونقد بعض الجهات الخارجية ،وقال أنني أحصر نفسي في السلبيات ،وعليّ من أجل المصداقية أن أتطرق للإيجابيات،وهذه تحسب له أنه لا يجامل ،ولذلك صدق من قال رحم الله من أهدى اليّ عيوبي.

لا أنكر أنني “فضفضت” له في بعض القضايا الخاصة ،وكان مستمعا جيدا ،ولكنه ليس كالبعض يصب الزيت على النار لكسب موقف أو لمجاملة كذابة ،بل قدّم لي النصح ووجهني لطرق حلّ مثل هذه القضايا،والعبرة في ذلك أن هذه المزايا لا تجتمع إلا عند الرجل المتزن الثقيل المهاب،الذي يتقي الله في كل ما يصدر عنه،ولذلك فإنه يلتزم بقول الحق،مما يضفي عليه مهابة فوق مهابته.

يمتاز عبد الهادي المحارمة بعدم سعيه للمناصب ودفعه الأثمان المطلوبة لذلك ،بل هو قنوع يحترم ذاته ،وهو مقدر عند صانع القرار ،وفوق هذا وذاك فإن المناصب تأتيه ويتعفف،وهذا ما يميزه عن غيره من بعض اللاهثين وراء المناصب ويدعون الولاء والإنتماء الكاذبين ،كي يتمكنوا ثم ينقضون على المقدرات ويمارسون الفساد ظنا منهم أنهم محميون.

أختم أن ما ورد آنفا ليس مجاملة ،فانا لا اتقنها ولا أرغب بها،ولكني مغرم بتثبيت الحالة التي أراها مقدرة ،وهو لا ينقصه مديح الغير ولا يسعى إليه،وما كتبته غنما هو رسالة ليس لصاحب المقام ،بل للآخرين كي يتعظوا ويغيروا من مسارهم ،فالوطن يستحق افخلاص والنزاهة.

قد يعجبك ايضا