جزيرة الملياردير سويرس “الفاضلة” للاجئين السوريين والعرب

 

الأردن العربي – رأي اليوم ( الثلاثاء ) 15/9/2015 م …

** الجزيرة دخلت مرحلة المفاوضات الجدية.. السؤال المطروح: كيف سيتم اختيار مواطنيها؟ وما شكل علمها؟ ولمن السيادة فيها؟ ومن سيعترف بها وجواز سفرها؟ وهل ستكون ملكية ام جمهورية؟

عندما اعلن الملياردير المصري نجيب سويرس عن عزمه شراء جزيرة يونانية او ايطالية لقيام “دويلة مستقلة” هدفها ايواء اللاجئين السوريين وغيرهم، وتوفير الوظائف لهم في بلدهم الجديد، اعتقد الكثيرون ان هذا الاعلان مجرد “مزحة”، ولا ينطوي على اي نوع من الجدية، وتعرض الرجل الى هجمات شرسة على مواقع التواصل الاجتماعي تنهش في ذمته المالية والشخصية، وتطالبة باستثمار امواله في مصر، حيث ملايين الجوعى والعاطلين عن العمل.

يوم الاثنين، اعلن الملياردير سويرس الذي تقدر ثروته وشقيقه بحوالي 26 مليار دولار، انه لم يكن يمزح، وان مشروعه جدي، وقال في بيان على حسابه على “التويتر” انه بدأ التفاوض لشراء جزيرتين في اليونان ضمن خطته الرامية الى مساعدة آلاف اللاجئين من سورية ومناطق تشهد صراعات.

وذهب الملياردير سويرس الى ما هو ابعد من ذلك عندما قال انه سيطلق على الجزيرة تسمية “جزيرة ايلان”، نسبة الى الطفل الكردي السوري الذي هزت صورة جثمانه ملقى على شاطيء مدينة بدروم التركية العالم باسره، بقميصه الاحمر وبنطاله القصير الازرق الغامق.

بعيدا عن الشتائم، وحملات التشكيك التي طفحت بها وسائل التواصل الاجتماعي، حول الرجل، ونواياه الحقيقية، حتى قبل ان يرى مشروعه النور، علينا ان نتوقف قليلا ونأخذ المشروع بجدية ونطرح عدة اسئلة تبحث عن اجابات، ابرزها موضوع السيادة على هذه “الجزيرة الدولة” فهل تكون للمالك الجديد السيد سويريس، ام لشركته التي يديرها مساهمة مفتوحة لرؤوس الاموال، ام للدولة اليونانية؟ ثم من سيكون رئيس او حاكم هذه “الدولة”، هل هو السيد سويرس نفسه او شخص آخر منتخب؟ وهل ستكون ملكية او جمهورية؟ ومن سيضع دستورها؟ ومن سيصدر جوازات سفرها؟ ومن سيعترف بها؟

لا نملك اي اجابات عن جميع هذه التساؤلات، لان صاحب هذا المشروع نفسه ربما لا يملكها في الوقت الراهن على الاقل، طالما ان المفاوضات مع مالك الجزيرة المقترحة للشراء ما زالت في بدايتها، ولكن يظل مفيدا التنبيه اليها، والتعاطي مع هذه المسألة بما تستحقه من جدية مطلوبة وحتمية حتى لا نفاجأ بها وقد اصبحت واقعا.

الملياردير سويرس، اتفقنا معه او اختلفنا، ونحن في هذه الصحيفة “راي اليوم” لنا تحفظات عديدة على بعض سياساته ومواقفه، رجل اعمال ناجح، ويتربع على عرش امبراطورية مالية ضخمة متعددة الاستثمارات في مختلف انحاء العالم، وربما تكون نواياه، او بعض جوانبها جيدة، الامر الذي يتطلب التريث قبل اصدار اي احكام مسبقة، ومتعجلة.

معظم بلدان العالم الجديد، مثل امريكا واسترالية ونيوزيلاندا وايسلندا كانت جزرا غير مأهولة في معظمها، واكتشفها مغامرون، وتحولت تدريجيا الى دول وممالك تضم شعوبا من المهاجرين، فلماذا لا تكون “دولة سويرس″ هذه احداها، حتى لو جاءت متأخرة؟

العالم بأسره يواجه “ازمة مهاجرين”، نسبة كبيرة من منطقة الشرق الاوسط، وسورية وليبيا، والعراق على وجه الخصوص، بسبب الحروب فيها، وانهيار اكثر من خمس دول، وتحولها الى دول فاشلة او شبه فاشلة، حيث تفيد الاحصاءات الصادرة عن المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ان اكثر من 430 الف مهاجر ولاجيء غير شرعي عبروا البحر المتوسط وبحر ايجه الى اوروبا منذ بداية هذا العام بينهم 120 الفا الى ايطاليا و310 آلاف الى اليونان.

دول اوروبية عديدة بدأت تغلق حدودها في وجه اللاجئين، وتقيم اسلاك شائكة، وتعلق رحلات القطارات لمنع تدفقهم، حتى ان اتفاقية “شنغن” التي ادت الى حرية التنقل، وازالة الحدود بين دول الاتحاد الاوروبي (28 دولة) باتت مهددة بالانهيار.

دولة الملياردير سويرس قد تكون احد الحلول، او “اجتهاد ما” اراد صاحبه ان يتضامن من خلاله مع هذه الظاهرة الانسانية، ولعله القى بحجر كبير جدا في بحيرة “غير انسانية” آسنة حاقدة، وجامدة  العواطف، وقد يفوز بأجر المجتهدين اذا فشل مسعاه.

الرجل قدم حلا، ولعله في مسعاه هذا افضل من العديد من الدول العربية، الفاحشة الثراء، التي اغلقت ابوابها في وجه اللاجئين السوريين والعرب الآخرين، لاسباب مختلفة بعضها عنصري، والبعض الآخر مبعثه الجشع وانعدام الضمير الانساني، لان بعض حكومات هذه الدول تؤمن بالتخريب والهدم وليس البناء والاستثمار في قيم العدالة والانسانية ونجدة الضعيف المحتاج

قد يعجبك ايضا