أموال وهدايا ترامب لن تحمي الرؤوس الإسرائيلية , هل يكون الضحية القادمة ؟

 

 

م. ميشيل كلاغاصي ( الجمعة ) 21/7/2017 م …

أموال وهدايا ترامب لن تحمي الرؤوس الإسرائيلية , هل يكون الضحية القادمة ؟

لم تتوقف التظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن أعلن دونالد ترامب ترشحه للرئاسة الأمريكية , وأثناء الفترة الإنتخابية , وعشية فرز الأصوات وإعلانه رئيسا ً, وتابعت دون توقف خلال الستة أشهر التي مكثها دونالد ترامب في البيت الأبيض حتى الاّن , وترافقت بسيل ٍ من الإنتقادات والإعتراضات والغضب الشعبي العفوي والمسيس من قبل خصومه ولوبياتهم المختلفة , ووصل الإمتعاض والخلاف ليطال مراكز صنع القرار والمتحكمين وما يعرف بالدولة العميقة , ما أجبره على القيام بسلسلة إقالات ٍ كبرى تخلى فيها عن عدد ٍ كبير من فريق عمله وبالأحرى عن خطهم و توجهاتهم السياسية ومن يمثلون, كإقالة مايكل فلين وستيف بانون وجيمس كومي واّخرين., وخاض حروبا ً داخلية منها ما يتعلق بالدولة الروسية , استمرت مفاعيلها وتداعياتها إلى لحظة اللقاء الأول للرئيسين ترامب و بوتين على هامش قمة ال20 في هامبورغ , تلك الإتهامات التي تحدثت عن تدخل روسيا في الإنتخابات الأمريكية والتي نفاها بوتين وقدم توضيحات ٍ قبلها ترامب. لا تبدو المسألة ضمن حدود المنطق والمعارضة لحكم الرجل , فأعداد المدن والمتظاهرين تؤكد أن هناك جهات كبرى تدعم هذه التحركات , مستغلة ً أخطائه وأخطاء إدارته تحت عناوين كثيرة كالهجرة واللاجئين والصحة ,, لكن الأخطر هي تلك الشعارات التي ترفع في التظاهرات والتي تصفه و تشبههه بهتلر وتصف سياسته بالنازية , الأمر الذي يدفع البوصلة نحو الحركة الصهيونية ولوبياتها والتي تمتلك وسائل تجييش الشارع الأمريكي والأوروبي والعالمي ضد ترامب. ويرى المتابعون أن التظاهرات تندلع بالتوازي مع الأحداث والحروب العاصفة التي تخوضها واشنطن في الشرق الأوسط والعالم العربي وفلسطين المحتلة , والتي تمتد أذرعها لتطال كافة الصراعات الدولية حول العالم , الأمر الذي يضع إشارات الإستفهام حول توقيت التظاهرات ومدى إرتباطها بالشان الدولي , وحول الرسائل منها . لقد أنهى أوباما فترتي حكمه , وخلفه ترامب , دون أن تشن الولايات المتحدة حربا ً مباشرة على أعداء إسرائيل في سورية ولبنان وفلسطين أوحتى إيران , على الرغم من بعض الإستفزازات والهجمات المباشرة على سوريا وقواتها النظامية في جبل الثردة والتنف ومطار الشعيرات وإسقاط الطائرة السورية , بما لا يرتق إلى مستوى الحرب التي تتمناها تل أبيب , وهي ترى القوات السورية وحلفاءها في المقاومة السورية وحزب الله و القوات الإيرانية تحصد الإنتصارات في الجنوب السوري و تستعيد أماكن تموضعها الجفرافي والإستراتيجي الجديد. فكلما تقدمت الدولة السورية في حربها على الإرهاب وداعميه كلما وجد ترامب نفسه يغرق في مأزقه أكثر فأكثر , ويتأرجح بحساباته ما بين التقسيم والتفاوض والتدمير, ويجد نفسه عاجزا ًعن تجميد أو تحييد الدور العسكري الروسي والإيراني في سوريا , فإتفاق الجنوب يحقق مصالح الراضون به والمجبرين عليه , والذي يعتبر – كما هو مفترض – أن يكون خطوة ٌ هامة على طريق السلام وإنهاء الحرب في سورية , وعليه تبدو احتمالية تطويره ضد الدولة السورية أمرا ً متناقضا ً, ويحضرنا السؤال التالي: هل رضخت واقنتعت أطراف الحرب والعدوان على سورية بما اّلت إليه نتائج الحرب حتى الاّن ؟ بمن فيها سلطة الكيان الغاصب الإسرائيلي ؟ وهل قادوا حربا ً كي تنتهي بإعلان السلام ونصر سورية والرئيس الأسد على حساب أهدافهم التي خاضوا الحرب من أجلها ؟ , وهل تخلت “إسرائيل” عن هواجسها و ذرائعها بحماية نفسها والإحتفاظ ب “مكاسبها” العدوانية – التوسعية , وتغيرت طبيعتها العدوانية وأصبحت تبحث عن السلام ؟ وهل تراجعت واشنطن عن مشاريع تغيير خريطة العالم وفق المخطط الماسوني, وعن مصالحها في ثروات المنطقة, وتجاهلت خطوط عبور (سرقة) النفط العربي عبر خط نابوكو؟ وعشرات ومئات الأهداف في سورية والمنطقة والإقليم والعالم؟ وقبلت العودة إلى ما قبل زيارة كولن باول الشهيرة إلى سورية. لا تبدو الأمور بهذه البساطة, ومن المؤكد أنهم يضمرون ما يضمرون .. فسلطة العدو الإسرائيلي أفصحت عن شروطها و رفضها للإتفاق “ما لم يضمن إنسحاب حزب الله و إيران ورحيل الأسد وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي”, وتخشى أن يترك دونالد ترامب الملف في عهدة روسيا , في وقت ٍ حصل فيه على فرصة ٍ تمتد حتى شهر أيلول القادم بالتوازي مع إعلان ديمستورا موعد جلسة جنيف القادمة. وبقراءة بسيطة للتحركات العسكرية الأمريكية على الأراضي السورية و سعيها لزيادة عديد قواعدها العسكرية فيها , بالتوازي مع تحرير الموصل والقضاء على تنظيم داعش فيه , وبقراءة المشهد السوري الذي يسير على ذات الخطى ويقترب من تحرير دير الزور وعينه على تحرير الرقة , الأمر الذي يربك و قد يرعب ترامب ويدفعه إلى تحريك المشهد نحو التصعيد العسكري, على أمل تغيير قواعد اللعبة, ليتجنب ذلا جعله يستجدي الأسد على أبواب إتفاق الجنوب ,على غرار ذل أوباما حينما استجداه على أبواب حلب. فالمأزق .. كما يحاول الأمريكان وأدواتهم إظهاره يتمثل بوجود القوات الروسية والإيرانية والدعم والإسناد العسكري الذي يقدمانه إلى القوات السورية في حربها على الإرهاب , ولطالما ركزت إدارتي أوباما وترامب على إيجاد الوسيلة للحد أو لتحييد وتقييد ما يقومان به للتفرد بالدولة والشعب السوري , وفي هذا السياق تأتي عودة الحديث عن التواجد الإيراني وحزب الله في سورية , من بوابة القلق الإسرائيلي من بقاء تلك القوات بالإضافة إلى المقاومة والجيش السوري على الحدود الجنوبية , مع سريان مفعول الإتفاق ومراقبة تطبيقه بمواكبة من الشرطة العسكرية الروسية , مما استدعى تذكيرا ً إيرانيا ً بشرعية التواجد وبطلب ٍ من الدولة السورية , وبعدم رضوخ إيران لإتفاقات الغير حتى لو كانوا أقطابا ً. ولا بد من ملاحظة أن القضاء على “داعش” قبل أن تحقق واشنطن غايتها من وجوده , و إطلاق العنان لمشروع استبدال العدو الصهيوني بالعدو الإيراني في المنطقة العربية أولا ً, و إرتباط كافة المخططات المرتبطة من عزل سورية و إجبارها على التخلي عن محور المقاومة بدءا ً من طهران وصولا ً إلى الناقورة و رفح ,وإنهاء القضية الفلسطينية على طريقتهم, وإقامة الدولة اليهودية الصرفة , والدفع بتشكيل الناتو العربي وتوحيد المنطقة تحت قيادة المملكة الوهابية , و إتمام التطبيع مع الكيان الغاصب , وتشكيل فريق الحرب ضد إيران للمرحلة القادمة , لا يمكن أن يتم دون سقوط أو رضوخ الدولة السورية الكامل , وستبقى مشاريعهم رهينة أضغاث أحلامهم . ولكن .. كيف يمكن للعقل الإسرائيلي والأمريكي أن يتمكنا من تحييد أو تجميد الدور الروسي و الإيراني ؟ لا يحتاج الأمر سوى للتذكير بأفعالهم على مدى التاريخ والحروب التي خاضوها , بإعتمادهم الوحشية والقتل و الإغتيالات استراتيجية ً حقيقية ً للمواجهة والتقدم , خصوصا ً في ظل حكام ٍ قساة مجرمون لا يترددون بالقيام بأي شيء, فقد تبين ومن خلال دراسة ٍ بحثية أن الولايات المتحدة ارتكبت سلسلة ً من الجرائم “المسكوت” عنها حول العالم, وحاولت قلب نظام الحكم في 127 دولة , وحاولت إغتيال 54 زعيما ً وطنيا ً في العالم, وأشعلت الحروب الأهلية في 85 دولة , و بحسب البنتاغون فقد شاركت في 17 عملية في الشرق الأوسط خلال أعوام 1985 -1980, وأنها مسؤولة عن قتل ألف 200ألف عراقي وإبادة 10 ملايين صومالي على يد مشاة البحرية الأمريكية , ناهيك عن جرائمها خلال العقد الأخير و الذي تستمر فيه بقتلها المدنيين في سورية و العراق وغيرها . كما اتهمت أجهزة استخباراتها بالإشتراك مع أجهزة الموساد الإسرائيلي بإغتيال عدد من الرؤساء الأمريكيين أمثال : جون كنيدي, ابراهام لينكولن ,جيمس جارفيلد , ويليام مكينلي, وعدد من محاولات الاغتيال الفاشلة منها : كمحاولة إغتيال روزفلت , ريغان , أوباما , ولا يستطيع أحد حتى اليوم استبعاد أيا ً من نظريات تصفيتهم .. بالإضافة لأصابع الإتهام التي وجهت إليها في إغتيال الرئيس الإكوادوري خايمي رودلس , و رئيس بنما عمر توريخوس , والرئيس الكونغولى باتريس لومومبا , الجنرال نغو دييم رئيس فيتنام الجنوبية , الزعيم والرئيس الكوبي فيدل كاسترو , مالكوم إكس , ومارتن لوثر كينج , جمال عبد الناصر , ياسر عرفات , الشيخ أحمد ياسين وكثيرون. بالإضافة إلى ما افتعلته في أحداث أيلول الشهيرة عام 2001 , و صفعت نفسها من أجل إفتتاح المعركة على الإسلام وما أوصلها إلى الإعتماد على النسخ الحديثة المشتقة عن تنظيم القاعدة في الحرب الحالية ك “داعش والنصرة” . ومع إصرار وتقدم الدولة السورية وحلفائها نحو النصر العسكري , ومحاولات المجموعات الإرهابية تأخيره ما أمكن , ومع إنسداد الأفق أمام الدبلوماسية الأمريكية والإسرائيلية في تغيير قواعد الحرب وقلب نتائجها , فقد تفكر تلك العقول المجرمة إلى توجيه صفعة جديدة إلى نفسها , و تقوم بإغتيال الرئيس دونالد ترامب – فيما إذا فشل في مهلته الأخيرة – , وتستفيد من ماكيناتها الإعلامية وتقدم أدلة سريعة مزيفة عن تورط إيران (النووية – الصاروخية ) والحرس الثوري في الإغتيال , و بأياد ٍ إيرانية مأجورة , لتقوم برد ٍ قاس ٍ تجاه الدولة الإيرانية من داخل مجلس الأمن أو من خارجه , كما فعلت أثناء اجتياح العراق , وإغتيال رفيق الحريري في لبنان , الأمر الذي يُحرج موسكو ويضعها أمام مصداقية سياستها الأخلاقية ويجعلها عاجزة عن فعل الشيء الكثير لدعم إيران وسياستها و دورها “المقاوم” في سورية ولبنان وفلسطين, وبذلك تتمكن من تحييد الدور الروسي – مؤقتا ً- وتصيب الدور الإيراني في سورية والصراع الحالي في المنطقة بالشلل , حتى لو ظهرت الحقيقة فستبقى البروباغندا حاضرة , و الأثر السلبي السريع سيكون عميقا ً ومؤثرا ً. ولكن مالذي يدفعنا للتفكير بهكذا الإحتمالات .. إن استعارة وزير الدفاع الأمريكي ماتيس ملف إغتيال الحريري و توجيهه يوم أمس الأول , الإتهام المباشر لإيران دون أدلة وبراهين لا يمكن إعتباره حدثا ً عابرا ً وفي هذا التوقيت , بالإضافة إلى التهيئة النفسية للشعب الأمريكي حول إغتيال ترامب , حيث تمتلئ الميديا بالتوقعات والإحتمالات , و ربما التمهيدات !. إن تحوّل ترامب إلى عدو ٍ صهيوني في نظر الكثيرين من الصهاينة والصهاينة – الأمريكان, وطفَح الإعلام الإسرائيلي بالحديث عن خيبة أملهم به , خصوصا ً ما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس , ودعم التوسع الاستيطاني وضم أجزاء من الضفة , و طي صفحة حل الدولتين .. وما يؤكده “معهد الشرق الأوسط” في واشنطن الذي يرسم خطوط السياسة الأمريكية في المنطقة , أن مستقبل “إسرائيل” لن يكون وردياً على أيدي ترامب مع تبنيه شعار “أمريكا أولاً” .. بالإضافة إلى امتعاضهم من إتفاق الجنوب السوري , والذي يعتقد فيه الإسرائيليون أنه لم يأخذ بمصالحهم و رؤيتهم حول أمنها بعين الإعتبار , على رغم التطمينات الأمريكية – الروسية. ومن خلال نظرة شاملة لما تم طرحه , لا يمكن تجاهل السيناريو , والذي ترتفع معه إحتمالات تنحية و ربما إغتياله , فوجود “إسرائيل” أهم من حياة ترامب – بإعتقادهم- , وأنها لن تنتظر هداياه و ماله الوفير الذي حصده من دول الخليج , ولن يحمي الرؤوس الإسرائيلية في الشتات مجدا ً , إذا هُزمت على أرض فلسطين , كما هزمت في مصر على يد الهكسوس , الأمر الذي لم و لن يفهمه ترامب أوالعقل الأمريكي عموما .

قد يعجبك ايضا