كسر التبعية والتنمية المتمحورة حول الذات الوطنية … دور النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية (الحلقة 4+5)

 

المبادرة الوطنية الأردنية – جورج حدادين ( الأحد ) 28/5/2017 م …

كسر التبعية والتنمية المتمحورة حول الذات الوطنيةدور النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية (الحلقة 4+5)

في الحلقة السابقة تم التطرق إلى نموذجين ومقاربتين متضادين، التنمية والنمو، ووظيفة كل منهما، حيث التنمية، نهج يخدم المجتمع بكافة شرائحه الوطنية الكادحة المنتجة، كما ويخدم بناء الدولة الوطنية المنتجة المستقلة، في حين أن النمو، نهج يخدم فئة صغيرة ضئيلة جداً متمثلة في قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف المعارضة، كما ويخدم بناء سلطة تابعة لا دولة مستقلة، ويخدم بناء مؤسسات رسمية وشعبية تابعة مستهلكة، ولا يخدم بناء المؤسسات الوطنية، كما تم التطرق إلى شروط التنمية ، التراكم الرأسمالي والتراكم المعرفي.

ما بين:

•       مفهوم تغيير موازين القوى السياسي، أي تغيير المنظومة السياسية – التشريعية، المفهوم الإصلاحي.

•       ومفهوم تغيير موازين القوى في المجتمع بالفعل وفي الواقع، أي تغيير سمة التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية، مفهوم التغيير.

ما هو الدور الذي على النقابات والاتحادات والجمعيات والتشكيلات السياسية والثقافية لعبه، للمساهمة في إنفاذ مهمة كسر التبعية وإنفاذ شرط فتح الأبواب أمام التنمية. المهمة الرئيس المطروحة على جدول أعمالها، يتمثل في تغيير موازين القوى في المجتمع بالفعل وفي الواقع، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من تخطي الواعي الزائف القائم اليوم، المرتكز إلى مفهوم تغيير موازين القوى السياسي، المفهوم الإصلاحي الذي يرتكز إلى تغيير المنظومة السياسية – التشريعية ، والانتقال إلى المفهوم التغيري، تغيير موازين القوى في المجتمع، أي إنتاج وعي يرتكز إلى شرطية متلازمة التحرر الوطني مرتبطاً بالتحرر الاجتماعي، التي ثبتت نجاعتها، عبر تجارب شعوب أنجزت مهمة كسر التبعية وإنفاذ التنمية المتمحورة حول الذات الوطنية.

هل نملك ما يكفي من الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية على صعيد الأردن لإحداث التنمية؟

كان وما زال الجواب بنعم وفي كافة القطاعات: الثروات الطبيعية الهائلة، كفاءات وخبرات مبدعة، موقع جيوسياسي هام يشكل عقدة جيوسياسية المنطقة، وسياحياً يشكل الأردن متحفاً طبيعياً مفتوحاً، بالإضافة إلى تضاريس تسمح لدورات زراعية متعددة، غير متوفرة لغيره، أخفض بقعة على سطح الأرض.

هل نملك الإرادة لإحداث التغيير؟

الجواب نعم، حيثما توفر المشروع الواضح، مشروع التحرر الوطني، مشروع الانتقال من الاستهلاك إلى الإنتاج في المجتمع وفي الدولة، ووجود قيادة شجاعة واعية مجتهدة ومجدّة، واعية بتاريخية تطورها الخاص، واعية بتطور تشكيلتها الاقتصادية – الاجتماعية.

هل نملك مشروعاً للتغيير؟

نعم يوجد ملامح مشروع بشكل خطوط عريضة وأطر واسعة، لم يتبلور بعد بصيغته النهائية، يتمثل في معرفة الأهداف المتمثلة في : كسر التبعية ، تحرير الإرادة السياسية، تحرير الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية، إنفاذ التنمية المتمحورة حول الذات الوطنية، تحقيق وحدة الأمة العربية، شرط بناء الحامل الاجتماعي لهذا المشروع، الذي يتشكل من الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة شرط تحويلها إلى شرائح واعية لمصالحها الخاصة والوطنية العامة، وواثقة من قدرتها على التغيير.

امتلاك المشروع الوطني للتغيير يشترط مساهمة ودور هام للنقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية والتشكيلات السياسية والثقافية، ودور هام في المساهمة في إنفاذ مهمات التحرر الوطني، ومن ضمنها: كسر التبعية وتحقيق التنمية المتمحورة حول الذات الوطنية.

النقابات والاتحادات والجمعيات والتشكيلات السياسية والتشكيلات الثقافية الوطنية…الخ هي مؤسسات تأطير الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وهي بهذه الصفة، تشكل الحامل الاجتماعي لمشروع التحرر الوطني، صاحب المصلحة الحقيقية في إحداث التغيير.

ستبدأ عملية تغيير موازين القوى على أرض الواقع، تغيير موازين القوى في المجتمع، حال تم تخطى الواعي الزائف السائد، الفهم الأحادي المرتكز إلى مفهوم تغيير موازين القوى الإصلاحي: تغيير المنظومة السياسية – التشريعية ، إلى مفهوم تغيير موازين القوى في المجتمع: تنمية قوى الإنتاج الوطني، وبالتالي تغيير التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية السائدة، بمعنى، الانطلاق من متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي، وتحول النقابات والاتحادات والجمعيات والتشكيلات السياسية والثقافية إلى مؤسسات تمثيل حقيقي وفعلي لمصالح من تمثله، لمصالح الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، تعمل على نشر الوعي التاريخي في صفوفها، وتؤسس لوعي بمصالحها الحقيقية، وتنتج ثقة بذاتها وبقدرتها على تحقيق التغيير، ضمن خطة وطنية شاملة لبناء المجتمع المنتج وبناء الدولة المنتجة.

كسر التبعية والتنمية المتمحورة حول الذات الوطنيةدور النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية (الحلقة 5)

تغيير موازين القوى في المجتمع على الأرض، هي الشرط المسبق لكسر التبعية وفتح الأبواب أمام توفير شروط التنمية الوطنية الحقيقية، وتحقيق هذا الشرط يتطلب تفعيل دور الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، بمعنى تحويلها إلى شرائح واعية بمصالحها وواثقة من قدرتها على تغيير الواقع المأزوم القائم وذلك :

•       عبر الانتقال من النظرة الأحادية الجانب لقانون الهيمنة – التبعية ، أي التحول من الجانب الأحادي النظرة السياسي – التشريعي: التشريعات والقوانين والأنظمة، إلى النظرة الشمولية، إلى الجوانب المتعددة والمجالات المختلفة: الاقتصادية – الاجتماعية ، الثقافية …الخ، من النهج الإصلاحي إلى النهج ألتغييري، مما يعني ربط مفهوم النضال من أجل الحقوق والحريات الفردية بمفهوم النضال المجتمعي الوطني، من أجل إنجاز الاستقلال الوطني الناجز والنضال من أجل القضايا المجتمعية، أي ربط النضال التحرري الوطني مع النضال الاجتماعي، متلازمة التحرر الوطني – التحرر الاجتماعي.

•       عبر فرض حق الشرائح الوطنية عملياً في المساهمة في صياغة خطط التنمية الوطنية، وخطط التنمية المحلية، كونها صاحبة المصلحة الحقيقية في صياغة وإنفاذ هذه الخطط، التي تهدف إلى بناء الوطن المنتج والمجتمع المنتج المنتمى، في كافة المجالات والقطاعات: الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية والثقافية…الخ.

•       عبر تفعيل دور المؤسسات الممثلة لكافة شرائح المجتمع الوطني وفي كافة القطاعات : العمالية والفلاحية والصناعية والسياحية، ومؤسسات صغار الكسبة وصغار الموظفين ومربي المواشي وصغار المزارعين، والطلاب والنساء والشباب…الخ، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والمساهمة في تشكيل الوعي الوطني العام، وبث الثقافة الوطنية التقدمية والقيم الإنسانية النبيلة.

•       عبر صياغة مشاريع نضالية مطلبيه خاصة في كل مؤسسة تمثيلية مرتبطة بالمشروع الوطني العام.

•       عبر بناء مرجعيات وطنية على صعيد الوطن وعلى صعيد كافة تشكيلاته الإدارية: محافظات، مدن، بلديات وقرى ومخيمات وبادية، تأخذ دورها في المساهمة في إنجاز مهمة دمج المجاميع الماقبل الرأسمالية: العشائرية والطائفية والمذهبية والمناطقية والإقليمية لتشكل مجتمع وطني منتج موحد، وتساهم في بث الشعور الوطني بين صفوف المجمع وتبني القيم الإنسانية النبيلة، وتمكنها من القيام بدورها في الدفاع عن قضايا الوطن والمجتمع، وخاصة الدفاع عن مصالح المفقرين والمعدمين والمظلومين والمهمشين.

•       عبر المساهمة في انتزاع الحق المجتمعي في اختيار طريق تطوره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي.

•       عبر خلق وعي فاعل في هذه المؤسسات النقابية: العمالية والمهنية، والاتحادات: الفلاحية والمزارعين والشباب والنساء…الخ.

•       عبر بناء المثال القدوة: العمل من قبل هذه المؤسسات، النقابات المهنية والعمالية، ، عبر صناديقها المالية، على بناء مؤسسات إنتاجيه فاعلة تصبح قدوة للاحتذاء بها من قبل القوى الاجتماعية، بما يساهم في تعميم نموذج الإنتاج، ومما يساهم في حل مشكلة البطالة بين صفوف العمال والمهنيين، والمساهمة في حل مشكلة البطالة، كما هو مطلوب من كافة المؤسسات الشعبية الأخرى العمل بهذا التوجه.

قد يعجبك ايضا