لقمة مغمسة بالدم.. ناجون من استهداف دوار النابلسي في غزة يتحدثون عن المجزرة

الأردن العربي –  الأحد 3/3/2024 م …




“ما رأيناه كان فظيعاً، خرجنا من أجل الطحين والمساعدات الغذائية لكن جيش الاحتلال استهدفنا بنيران دباباته ومدافعها، وقصفتنا الطائرات بالصواريخ مثل زخات المطر، فنجا الكثير منا بأعجوبة من الموت”، بحسرة وألم شديدين يروي يسري الغول آلام البحث عن الطعام في مدينة غزة وشمال القطاع.

لا يتجاوز عدد سكان مدينة غزة وشمال القطاع اليوم الـ700 ألف فلسطيني، باتوا هدفاً لآلة القتل الإسرائيلية، باستهدافهم المباشر بالنيران وبحرمانهم من الغذاء.

فنفذ الاحتلال قبل يومين مجزرة بحق سكان مدينة غزة، استشهد فيها 104 فلسطينيين وأصيب 760 آخرون بجروح معظمها خطرة، عقب استهدافهم في محيط دوار النابلسي الواقع على شارع الرشيد غرب مدينة غزة.

المجزرة نفذت خلال انتظار الآلاف من الفلسطينيين شاحنات الدقيق والمساعدات الإنسانية، حيث باتوا ليلتهم في العراء، أملاً في الحصول على ما يسد جوع أطفالهم ونسائهم ويقوّي عزائمهم في الصبر والصمود.

استهداف متعمد

يسري الغول، أحد الناجين من الحادثة يفيد الميادين نت بأنّ “جيش” الاحتلال تعمّد استهداف الآلاف بدءاً من إطلاق النار من الدبابات الإسرائيلية، وصولاً إلى القصف المدفعي والحربي للجموع التي تنتظر شاحنات المساعدات.

ويقول إنه كان من بين الأشخاص الذين كُتبت لهم النجاة بسبب المسافة الكبيرة التي كانت تفصله عن شاحنات المساعدات، مبيناً أنه بمجرد وصول الشاحنات واقتراب السكان منها أطلق “جيش” الاحتلال النار بعشوائية ووحشية اتجاههم.

ذهب الغول برفقة عدد من أصدقائه ليلاً إلى مفترق النابلسي في شارع الرشيد، وباتوا ليلتهم يحلمون بالحصول على كيس من الدقيق من أجل ملء بطون عائلاتهم التي أعياها الجوع.

لم تنجح محاولات الرفاق في الحصول على القليل من الطعام، ولكنهم كانوا من بين المحظوظين الذين نجحوا في العودة إلى عائلاتهم من دون إصابة أو استشهاد أي منهم؛ ولكن بخيبة أمل وحسرة على من قضى من شهداء لقمة العيش.

ويؤكد الغول أن هذه ليست المرة الأولى التي يلاحق بها جنود الاحتلال السكان على شارع الرشيد؛ لكن توثيقها بعدسات الكاميرا كان له  التأثير الأكبر على العالم.

لقمة مغمسة بالدم

الحصول على الطعام والدقيق تحديداً أضحى هدفاً مغمساً بالدم؛ فالآلاف يخرجون يومياً بحثاً عن أي طعام يقي عائلاتهم شر المجاعة المتفشية في مدينة غزة وشمال القطاع، ويعود معظمهم من دون نجاحهم في أصعب مهمة، وفق الفلسطيني محمد العواودة.

ويفيد العواودة الميادين نت بأنه وشقيقه يجوبان بشكل يومي جميع المناطق في غزة وشمالها بحثاً عن الطعام والدقيق، وأنهما لا يحصلان خلال هذه المهمة الشاقة إلا على القليل من المواد الغذائية، وفي بعض الأحيان يبقيان لأيام من دون الحصول على أي شيء.

العواودة، أكد أن شقيقه أحد الذين استشهدوا في مجزرة شارع الرشيد، حيث كانا يحاولان الحصول على كيس من الدقيق قبل أن تباغتهما رصاصات الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً: “بدلاً من العودة إلى عائلتي بكيس دقيق عدت إليهم بأخي في كفن”.

حصار مطبق

ويفرض الاحتلال حصاراً مطبقاً على مناطق غزة وشمالها، حيث يضع الحواجز العسكرية على جميع المناطق غربي مدينة غزة، ومن الشرق والشمال يحاصرها بما يُطلق عليه اسم “المنطقة الأمنية العازلة”، وهي المنطقة التي يسعى الاحتلال للاستيلاء عليها من مساحة القطاع.

الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، حذر من المجاعة التي تهدد حياة الآلاف من سكان القطاع وتحديداً غزة وشمالها، خاصة في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي دخول الدقيق والمساعدات الإنسانية إلى مناطق غزة والشمال.

ويخوض الاحتلال حرب تجويع ضد سكان غزة والشمال، والآلاف مهددون بالموت في أي لحظة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق، ومنع إدخال المواد الغذائية والدقيق إلى غزة وحرمانهم من المواد الأساسية، وفق ما أكد بصل لـلميادين نت.

ويشير بصل، إلى أن “جيش الاحتلال يتعمد قصف المدنيين الباحثين عن الطعام، كما أن جريمته في شارع الرشيد ليست الأولى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة”، مطالباً بتحرك دولي عاجل لمحاسبة الاحتلال على جريمة تجويع آلاف المواطنين.

ويصف الناطق باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، رائد النمس، ما يحدث في غزة بـ”المجاعة الحقيقية”، وأن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بحق الآلاف من الفلسطينيين جريمة حرب تتوجب المحاسبة الدولية، خاصة مع انتشار الجوع وتفشي الأمراض.

ويفيد النمس، لـلميادين نت، أن “ما يدخل إلى غزة وشمالها من مساعدات إنسانية شحيح جداً ويتعرض للقصف والاستهداف الإسرائيليين، وأن الطواقم الإغاثية العاملة في القطاع استُهدفت بشكل متعمّد للحيلولة دون إيصال المساعدات للسكان”.

قد يعجبك ايضا