متابعات، نشرة أسبوعية – العدد التّاسع والأربعون / الطاهر المعز




الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 09/12/2023 م …

يتضمّن العدد التاسع والأربعون من نشرة متابعات الأسبوعية فقرة مُثِيرة للإنتباه، بخصوص تنبيه صندوق النقد الدّولي ل”التأثيرات الجانبية” للعدوان الصهيوني المستمر ضد الشعب الفلسطيني، لأن الصندوق ينشر عادةً تقريرًا في بداية ومنتصف السّنة، وتقارير دورية بنهاية كل فصل (الشتاء والربيع والصيف والخريف)، وفقرة عن ارتفاع واردات الأنظمة العربية من الأسلحة ما يدفع للتساؤل: في أي اتجاه سوف يُستخدم هذا السلاح؟ ومن المُؤَكّد إنه لن يُوَجّه لتحرير فلسطين، وفقرة عن فَشل تكتيك “الحرب الخاطفة” الذي كان ينتهجه العدو الصهيوني، رغم الدّعم غير المشروط الذي تُقدمه الولايات المتحدة والإمبريالية والرجعية العربية، وفقرة عن التناقض بين الإهتمام الكبير لشركات العقاقير والمُختَبَرات ب”أمراض العصر” وترويج أدوية تُساعد على تخفيض الوزن (ولها تأثيرات جانبية خطيرة جدا) وإهمال أمراض وأوبئة حقيقية مثل الملاريا، لأنها تُصيب الفقراء الذي لا يمتلكون موارد كبيرة لاستهلاك الأدوية، وفقرة عن كينيا كنموذج للإقتصاد التّابع، وفقرة عن دور منظمة شنغهاي في دعم استراتيجية الصين المتمثلة في إرساء “عالم رأسمالي متعدّد الأقطاب” بدل القُطب الواحد الذي تقوده الإمبريالية الأمريكية، وفقرة عن ارتفاع الإنفاق الحربي لدول الإتحاد الأوروبي، وأخرى عن ارتفاع الإنفاق الأوروبي على توريد الطاقة بعد مُقاطعة الغاز الروسي الرخيص وعالي الجودة، واستبداله بالغاز الصخري الأمريكي الرديء ومرتفع الثمن، وفقرة عن حجم وقيمة الذّخائر الحربية وحصتها من ميزانية الحرب بالولايات المتحدة وفقرة عن صفقات الإستحواذ والإندماج وفقرة عن موقع شركات النّفط في ظل الأزمات والحُرُوب والتّلوث…

 

اقتصاد عالمي

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الجمعة 01 كانون الأول/ديسمبر 2023، إن للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في الأراضيالمحتلة سنة 1967، نتائج سلبية على الإقتصاد العالمي، ولذلك رَاجَعَ توقعاته الاقتصادية للوطن العربي، وفق مقال نشرَهُ نائبا المديرة لما يُسمّى “منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى”، بفعل “التحدّيات الإقتصادية الكبيرة للمنطقة الناتجة عن التّصعيد” (لا يُوضّح الكاتبان من المسؤول عن “التّصعيد”، وكأن الطّرَفَيْن مُتساوِيَيْ القوى) ويُعتبر هذا التنبيه إنذارًا أو تقديمًا لما يمكن أن يتضمّنه التقرير الدّوري الذي سوف ينشره صندوق النّقد الدّولي بداية شهر كانون الثاني/يناير 2024، إثر استئناف العدوان الصهيوني بالكثافة التي كان عليها قبل “الهدنة” القصيرة التي استغلها الجيش الصهيوني لإعادة تموقعه ولإعادة تنظيم صفوفه، ويتوقع صندوق النقد الدّولي أن يكون قطاع السياحة في مصر ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة من أكثر القطاعات المتضررة، لتستفيد تركيا من ذلك، كما سوف ترفع الحرب تكاليف الإقتراض، بفعل “ارتفاع المخاطر” وِفْقَ شركات التّأمين، ما قد يُلحق أضرارًا كبيرة بالإقتصادات الهشة للبلدان التي تُعاني من آثار الحروب المستمرة منذ عُقُود، مثل سوريا، والمُثقلَة بالدّيون، مثل اليمن والسودان والصومال، فضلا عن البلدان المجاورة التي تُعاني من “التّأثيرات الجانبية” للحرب ومن نقص – أو انعدام-  الدّعم الدّولي لمواجهة تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين  وفق وكالة الصحافة الفرنسية – أ.ف.ب 01/12/2023


لمن يُكَدَّسُ السّلاح بالبلدان العربية؟

 أظْهَر تقرير معهد ستوكهولم الدّولي لأبحاث السّلام الصادر يوم 13 آذار/مارس 2023 ارتفاع صادرات الأسلحة الأمريكية بنسبة 14% بين سنتَيْ 2013 و 2022. وشكلت 40% من صادرات الأسلحة العالمية خىل الفترة من 2018 إلى 2022، وزادت صادرات الأسلحَة الفرنسية بنسبة 44% بين سنتَيْ 2013 و 2022، وخصوصًا نحو آسيا و”الشرق الأوسط” (السعودية والإمارات ومصر…)، وانخفضت صادرات الأسلحة الروسية خلال الفترة من 2013 إلى 2022 بنسبة 31%، كما انخفضت حصتها في صادرات الأسلحة العالمية من 22% إلى 16%، بسبب ارتفاع شحنات الأسلحة إلى ساحة الحرب في أوكرانيا، كما أظهَرَ نفس التقرير ارتفاع حجم الأسلحة المتطورة التي تشتريها الدّول العربية، واحتلت قطر سنة 2022 المرتبة الأولى كأكبر مستورد للأسلحة في العالم، وهي التي تضم قاعدتَيْن أمريكيّتَيْن ضخمَتَيْن (العِيدِيد والسِّيلِيّة) وتحتل إحداهما نصف مساحة البلاد، إضافة إلى قواعد فرنسية وتركية وقواعد أخرى لدول منتمية لحلف شمال الأطلسي،  وحصلت على موافقة وزارة الخارجية الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، لشراء نظام مضاد للطائرات بدون طيار بقيمة مليار دولار، وأصبحت منذ كانون الثاني/يناير 2023 “حليفًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة، من خارج حلف شمال الأطلسي”، وتَلَتْهاالسعودية، ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة 2018-2022، بقرابة 10% من إجمالي واردات الأسلحة في العالم، قبل أوكرانيا ثالث أكبر مُوَرّد للأسلحة في العالم، بنهاية سنة 2022…

استوردت دول “الشرق الأوسط” ( هل يعرف أَحَدُكم/كُنَّ حُدُودَ هذا “الشّرق الأوسط”؟) أكثر من 260 طائرة مقاتلة حديثة و516 دبابة جديدة و13 فرقاطات بين سَنَتَيْ 2018 و2022، وطلبت دُوَيْلات الخليج أكثر من 180 طائرة مقاتلة، لكن لماذا تُكَدِّسُ مَشيخات الخليج ومصر وغيرها من الأنظمة العربية الأسلحة المتطورة، فيما يُعاني الشعب (في مصر أو الأردن أو المغرب وغيرها) من البطالة والفقر؟ لم تستخدم هذه الأنظمة العربية السلاح ضد العدُوّ الرئيسي (الكيان الصهيوني والإمبريالية) بل ضد شُعُوب عربية أخرى في سوريا واليمن وليبيا، ولم تدعم هذه الأنظمة الحاكمة الشعب الفلسطيني، بل تآمَرَتْ على اللاجئين والمُقاومة في الأردن وفي لبنان، كما تآمرت على الفلسطينيين في الدّاخل، وعلى سبيل المثال، استخدم جيش الجو الأمريكي القاعدة العسكرية بمطار “موفق السلطي” (الأردن) التي لا تبعد سوى خمسين كيلومترا عن الحدود مع سوريا، لقصف سوريا، طيلة شَهْرَيْ تشرين الأول/اكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2023، طيلة العدوان الصهيوني الأخير على فلسطينِيِّي غزة، بذريعة “شن غارات على مواقع تشكيلات شيعية قريبة من إيران” في سوريا، وفق بوابة “إنترسبت” التي أعلنت هبوط عدّة طائرات عسكرية أمريكية من طراز “إف 15” خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023 بهذه القاعدة التي استخدمها الجيش الأمريكي لدعم العدوان الصهيوني ولحماية القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، وتضم القاعدة مَدْرَجَيْن لطائرات الهجوم والنقل، ولطائرات الاستطلاع ‏والقصف والطائرات الآلية والمروحيات، واستخدم الجيش الأمريكي جميع هذه الطائرات والآليات ‏لدعم الجيش الصهيوني منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وأشار موقع “أكسيوس” (Axios ) الإخباري الأمريكي إلى وجود حوالي ثلاثة آلاف عسكري أمريكي بهذه القاعدة في الأردن، اعتبارًا من شهر حزيران/يونيو 2023، للتنسيق مع القاعدة المُسمّاة (منطقة 512) بالنّقب في فلسطين المحتلّة، حيث توجد أنظمة رادار لاكتشاف وتتبع عمليات إطلاق ‏الصواريخ الباليستية، ولمساعدة جيش العدو الصهيوني وبعض المجموعات الإرهابية في سوريا، وعزّز الجيش الأمريكي وُجُودَه في قاعدة النّقب ( منطقة 512) بين السابع والثامن عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2023، بعشرات العسكريّين من القوات الخاصة وقوة “دلتا”، الوحدة الرئيسية “لمكافحة الإرهاب” في ‏الجيش الأمريكي، و”مساعدة الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر”، من خلال سلسلة الرحلات الجوية لطائرات الاستطلاع الأمريكية بدون طيار فوق قطاع غزة…

 

فشل تكتيك “الحرب الخاطفة” الصهيونية في غزة

أيد نحو 60% من المُستوطنين الصهاينة اتفاق الهدنة، لفترة أربعة أيام،  وتبادل الأسرى الذي ناقشته حكومة الإحتلال مُطَوَّلاً قبل الموافقة عليه مع شُرُوط أمْنِيّة استخباراتية، بهدف تحسين العدو مواقعه وحشد قُواته لاستكمال عمليات الإبادة، وفق مواقع أكسيوس ونيويورك تايمز وول ستريت جورنال التي أكّدت على دور مصر وقَطَر في الضّغط على حركة “حماس”، أكبر فصائل المُقاومة في غزة، لقبول العديد من الشّروط الصهيونية، بدل دعم الشعب الفلسطيني، وتضمَّنَ الإتفاق إطلاق سراح 50 أسيراً وامرأة وطفلاً دون سن 19 عاماً، مقابل إطلاق سراح 150 من الأسيرات والأطفال الفلسطينيين دون سن 19 عاماً من سجون الإحتلال الذي لا يتورّع في اعتقال وسجن أطفال في سن أربعة عشر سنة، ويتضمّن الإتفاق كذلك إيصال بعض الشاحنات من المساعدات الإنسانية والطارئة والطبية والوقود إلى قطاع غزة… 

اتخذت حكومات بعض الدّول مواقف أكثر جرأة من الأنظمة العربية، وعلى سبيل المثال، أصدرت مجموعة “بريكس” بيانا إثر القمة الطارئة التي عقدتها عبر الشبكة الإلكترونية يُدين (البيان) “…أي تهجير قسري أو ترحيل للفلسطينيين من أراضيهم، سواء بشكل فردي أو جماعي، سواء داخل غزة أو إلى البلدان المجاورة، ويعد ذلك جريمة حرب وانتهاكًا خطيرًا لاتفاقيات… “

يحظى الكيان الصهيوني بتأييد مجمل حكومات الكتلة الإمبريالية، وبالخصوص الدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وبدعمها السياسي والإقتصادي والعسكري، لإبادة الفلسطينيِّين من سكان غزة والضفة الغربية، ما جعل الكلام عن الديمقراطية وحقوق الإنسان مُجَرّد دعاية  يستخدمها رأس المال للتعبئة الأيديولوجية الدّاخلية، ولابتزاز الخُصُوم في الخارج، ولم تذكر وسائل الإعلام السّائد همجية جيش الإحتلال الذي دَمَّرَ جزءًا كبيرًا من شمال قطاع غزة، وألحق أضرارًا جسيمة بالمساحات الزراعية وبأكثر من نصف المباني وأحياء بأكملها خلال 42 يومًا من العُدْوان، وفقًا لموقع فايننشال تايمز الذي قَدَّرَ الخسائر العسكرية للعدو بنحو 700 أو 750 قتيلاً من الجيش الصهيوني بين 27 تشرين الأول/اكتوبر و 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، فضلا عن تدمير العديد من المعدات الثقيلة والدّبّابات وناقلات الجنود المُدَرّعة، في المناطق الحَضَرِيّة بِغَزّة، ويعود قُبُول الكيان الصهيوني الهدنة إلى فشل تكتيك “الحرب الخاطفة”، رغم دَعْم الأنظمة العربية (خصوصًا مصر وقَطَر وشُيُوخ النّفط بالخليج) ورغم الدّعم الإمبريالي الذي بدأ قبل تأسيس كيان الإحتلال، ويستمِرُّ حاليا لأن الإمبريالية تعتبر هذا الدّعم بمثابة استثمار في المشرق العربي، حيث تلقّت حكومة الإحتلال من الولايات المتحدة ما لا يقل عن 14 مليار دولارا، بين السابع من تشرين الأول والعشرين من تشرين الثاني 2023، وأعلن روبرت إف. كينيدي الابن (تغريدة بتاريخ الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2023)  “إن إسرائيل هي قلعتنا وأقدَمُ حليف لنا، وهي شبيهة بحاملة طائرات تجوب الشرق الأوسط،  ويُمثّل اختفاء إسرائيل كارثة للأمن القومي الأمريكي، لأن روسيا والصين ودول مجموعة بريكس سوف تُسَيْطِر آنذاك على 90% من نفط العالم…” وتأكيدًا لأهمية الكيان الصهيون للإمبريالية، قُدّرت قيمة المساعدات الأجنبية المجانية القَارّة بنحو 35% من إجمالي الناتج المحلي للكيان الصهيوني الذي يُتَوَقّعُ أن يتجاوز 500 مليار دولارا، بنهاية سنة 2023 وقُدّرت القيمة الإجمالية للتحويلات والتبرعات والتعويضات من الولايات المتحدة وألمانيا إلى الكيان الصهيوني بين سَنَتَيْ 1948 و 2010 بحوالي 200 مليار دولار، فضلاً عن تحويلات أخرى لم يتم الإفصاح عنها أو توضيح مصادرها بدِقّة، ومن بينها مكافأة العدو الصهيوني بمبلغ 104 مليارات دولارا بعد توقيع مفاهمات أوسلو سنة 1993، والمعدات العسكرية والأسلحة الأمريكية بقيمة 3,8 مليارات دولارا سنويا، وقبل ذلك مَوّلت الإمبريالية الأمريكية عملية نقل وتوطين نحو مليون مُسْتَعْمِر/مُسْتَوْطِن من الإتحاد السوفييتي عند انهياره، بقيمة عشر مليارات دولارا، واستخدم الإحتلال المبلغ في إنشاء وتوسيع المستوطنات…   

في مقابل هذا الدّعم الإمبريالي الثابت والمُستمر للحركة الصهيونية ثم للكيان الصهيوني، ماليا وسياسيا وعسكريا، اجتمعت 57 دولة عربية وإسلامية يوم الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2023 لتُصْدِرَ بيانا باهتًا يعكس تبعيةَ هذه الأنظمة للإمبريالية وتواطُأَها مع الكيان الصّهيوني، في تناقض تام مع مواقف الشّعوب التي تظاهرت ودعمت المُقاومة…

 

الصّحّة تجارة مربحة

تَدُرُّ عقاقير علاج السّمنة (بهدف خَفْض وَزْن الأشخاص) أرباحًا كبيرة على الشّركات المُصَنِّعَة لها، وتهيمن حاليا على سوق الأدوية المضادة للسمنة بعض الشركات القليلة مثل مجموعة “نوفو نورديسك” الدنماركية من خلال دوائها “ويغوفي”، وشركة “إيلاي ليلي” الأميركية من خلال “زيباوند” الذي أجازته الولايات المتحدة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وأعلنت شركة “فايزر” الأمريكية المُعَوْلَمَة تجربة دواء جديد تحت إسم “دانوغليبرون” ينتمي إلى “فئة جديدة من العلاجات الناجحة” القائمة على مكوّن شبيه بهرمون الجهاز الهضمي – الغلوكاكون- أو جي إل بي-1 (GLP-1)، يؤدي إلى شعور بالشبع وفقدان الوزن، وفق دعاية الشركة الأمريكية التي أعلنت كذلك إن “دانوغليبرون” يتميز عن الأدوية المنافسة الرائجة في الأسواق، بأنه لا يُباع في شكل حُقَنٍ وإنما في شكل أقراص يمكن تناولها عن طريق الفم، غي إن هذه الدّعاية الإشهارية لا تصمد أمام المشاكل التي خلقها هذا العقار (هل يمكن تسميته “دواء”؟) لأن التّجارب السّريرِيّة أثْبَتَت إن آثارَهُ الجانبية كانت مرتفعة جدًّا وتُشكّل خُطُورَةً على من يتناولها، ما اضطر شركة “فايزر” إلى إعلان ذلك يوم الجمعة 01 كانون الأول/ديسمبر 2023، كما أعلنت وَضْعَ حدٍّ للتّجربة وإنها سوف تسعى للتوصل إلى صُنْعِ “نسخة معدلة” من الدواء، وشملت التجربة السريرية بضع مئات من المشاركين الذين يعانون السمنة المفرطة وغير مصابين بمرض السكري من النوع الثاني، غير إن معدّلات الآثار الجانبية كانت مرتفعة عن المُتَوَقَّع، وبلوغ نسبة حالات الغثيان إلى 73% والقيء إلى 47% والإسهال إلى 25% وتوقّف أكثر من نصف المُشاركين عن مُواصَلة التّجربة، غير إن الشركة العابرة للقارات (فايزر) حاولت إبْراز ما اعتبرَتْهُ “جوانب إيجابية” وأعلنت “في المُقابل، أثْبَتَ دانوغليبرون أنه يؤدي إلى فقدان الوزن ما بين 8% و13% من كتلة الجسم خلال 32 أسبوعا، أو من 5% إلى 9,5% خلال 26 أسبوعا”…

مقابل الإهتمام ببعض “أمراض” العَصْر المُرْبِحَة، تُهْمِلُ شركات المختبرات والعقاقير أمراضًا قديمة مثل الملاريا، لأنها تُصيب الفُقراء، خصوصًا في إفريقيا وآسيا وبعض مناطق أمريكا الجنوبية، ولا ترجو من وراء إنتاج أدْوِيَةٍ لها أرباحًا كبيرة، وتنتشر الملاريا في المناطق الحارة التي تكثر بها المياه الرّاكدة، والبُحيرات حيث يتكاثر طُفَيْلٌ (Parasite) ينتقل بواسطة البَعُوض، وتُعتَبَرُ الملاريا آفة خطيرة لا سيما بالنسبة إلى الأطفال في إفريقيا، وخصوصا بسبب مقاومة متزايدة للعلاج، وأشار تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية يوم الخميس 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، إلى ارتفاع أعداد الإصابات بالملاريا إلى 249 مليون حالة حول العالم وارتفاع عدد حالات الوفاة إلى 619 ألف شخص خلال سنة 2021 ( ولا توجد بيانات عن سنة 2022) وهي مستويات فاقت ما كانت عليه قبل جائحة كورونا، ولا تزال الملاريا السبب الرئيسي لوفيات الأطفال في البلدان التي ارتفعت بها حلالات الإصابة بالملاريا ومنها باكستان وبابوا-غينيا الجديدة والحبشة ونيجيريا وأوغندا، وفق موقع صحيفة “نيويورك تايمز” بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، واعتَبَرَ تقرير منظمة الصحة العالمية إن تغيير المناخ سبب رئيس في ارتفاع عدد الإصابات…

يعيش نحو نصف سكان العالم في منطقة معرضة لخطر الملاريا، وتُسجَّلُ معظم الإصابات والوفيات في إفريقيا، تعرضت باكستان خلال شهر تموز/يوليو من 2022 إلى فيضانات غَمَرت ثُلُثَ مساحة البلاد، وتسببت بنزوح 33 مليون شخصا، وهي ظروف مواتية لتكاثر البَعُوض الذي أدّى إلى نقل طُفَيْل الملاريا التي أصابت أكثر من 3,1 ملايين إصابة مُؤَكَّدَة تم تسجيلها وسرعان ما تبعها البعوض، فارتفع عدد الإصابات المُبَلّغ عنها من 275 ألف حالة خلال سنة 2022 إلى أكثر من 3.1 مليون إصابة مؤكدة بالملاريا، تم الإبلاغ عنها إثر الفيضانات، وتتوقع منظمة الصحة العالمية ارتفاع عدد الإصابات بالأوبئة مثل الكوليرا والملاريا وحُمّى الضّنك، سنة 2024، بسبب أَثَرِ التّغَيّر المناخي على انتشار هذه الأمراض، علاوة على الأمراض المعدية مثل الحصبة والتهاب السحايا، وفق ما المديرة المكلفة بالصحة العامة والبيئة في المنظمة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب. يَوْمَيْ  01 و 02/12/2023

 

كينيا- نموذج التّبعية

تواجه كينيا أزمة اقتصادية حادة بسبب تصاعد الدَّيْن العام، وارتفاع الأسعار ونسبة التّضخّم وتراجع قيمة العُملة المحلية، وبالتالي ارتفاع قيمة الواردات وارتفاع تكاليف سداد الدّيُون، وهي دُيُون مَشْرُوطة بإلغاء دعم السّلع الأساسية وخصخصة القطاع العام، واستجابَةً لهذه الشُّرُوط قَرّرت حكومة كينيا بيع حِصَصٍ لها في إحدى عشر شركة مملوكة للدّولة، ومن بينها شركة النفط والغاز ومُشَغِّل خطوط الأنابيب، والعديد من الشركات الزراعية وشركة نَشْر المطبوعات ومبنى مركز كينيا الدّولي للمؤتمرات، وهو مبنى شهير في العاصمة نيروبي، كدفعة أولى من ضمن 35 شركة أعلن الرئيس ويليام روتو عن خصخصتها، بهدف توفير بعض السيولة، وتمتلك شركة النفط أكثر من 1300 كيلومتر من خطوط الأنابيب الممتدة من مدينة مومباسا الساحلية على المحيط الهندي إلى المناطق النائية من البلاد، وهي شركة مُرْبِحَة، وكانت الدّولة قد باعت ست شركات مُرْبحة، منها شركة الإتصالات “سفاريكوم” ومولد الكهرباء “كينغن” وغيرها، بذريعة توفير السيولة، غير إن الدُّيُون ما انفَكّت ترتفع وبلغت 66 مليار دولارا بنهاية الّربع الأول لسنة 2023، أو ما يُعادل ثُلُثَيْ الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو مائة مليار دولارا، وتراجعت قيمة العملة المحلّيّة (شلن) إلى مستويات قياسية، ما رَفَعَ تكلفة خدمة الدَّيْن، وفق بيانات وزارة الخزانة التي أشارت إلى انخفاض إيرادات الدّولة بسبب الرّكود والجفاف الذي تلته فيضانات مُدَمِّرة، ما أدّى إلى خسائر كبيرة بقطاع الزارعة وتربية المواشي الذي ساهم بنسبة 21% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2022، غير إنه قطاع تهيمن عليه الشركات الأجنبية لإنتاج غذاء أو زُهُور تُلَبِّي حاجة الأسواق الأوروبية والأجنبية، ولجأت الحكومة إلى رفع الأسعار، ولذلك دَعت المعارضة، بداية من 13 تموز/يوليو 2023 إلى مظاهرات استمرت أكثر من أُسبوعَيْن ضد ارتفاع الأسعار، غير إن التّوتُّر السياسي بدأ قبل ذلك، أي منذ إعلان فوز الرئيس “وليام روتو” بانتخابات آب/أغسطس 2022 على منافسه رايلا أودينغا ( زعيم تحالف “أزيميو أموجا”)، رجل الأعمال الذي ركب موجة “الثورات المُلَوّنة”، أمريكية الصّنع، ورَفَضَ رايلا أودينغا الاعتراف بالنتيجة، ما زاد من حدّة الإحتقان الذي انطلق خلال العقد الأخير من القرن العشرين، لمّا تحولت كينيا إلى قاعدة أمريكية، وأصبحت التّعبئة السياسية تتم على أُسُس أثنية وعِرقية وعلى أساس الولاءات القَبَلِيّة، تحت غطاء الديمقراطية والتَّعَدُّدِيّة السياسية، وأصبحت الحملات الإنتخابية مرتبطة بالعُنف خصوصًا منذ انتخابات 2002 وكل خمس سنوات، ما أدّى إلى قَتْل المئات وإصابة الآلاف واعتقال آلاف أخرين، وهو ما حصل بعد إعلان فوز الرئيس وليام روتو بانتخابات آب/أغسطس 2022 إذ أعلن رايلا أودينغا ( رئيس حكومة الرئيس السابق أهورو كينياتا ) رفض النتائج، واغتنم الفرصة ليُنَدِّدَ بخفض الدّعم لأسعار السلع الغذائية وبارتفاع تكاليف المعيشة، لاجتذاب الفُقراء الذي ادّعى منافسه “وليام روتو” تمثيل مصالحهم والدّفاع عنهم، تَبَعًا لِأصولَهُ الطّبَقِيّة الفقيرة، غير إنه تَنَكَّرَ لوعوده تجاه الفُقراء وواصَل سياسة سَلَفِهِ الرئيس السابق “أهُورُو كينياتا” – الذي كان يُعارضُهُ نحو 72% من المواطنين – فَرَفَع الضّرائب وسَرّعَ عملية خصخصة القطاع العام وإلغاء (أو خفض ) الدّعم للسّلع الأساسية…  

اقترب حجم الدّيون من 70 مليار دولارا، منتصف سنة 2023، وارتفعت نسبة التضخم إلى 8% على أساس سنوي، بنهاية الرّبع الأول من سنة 2023، وتراجعت نسبة النّمو من 7,6% سنة 2021 إلى 4,8% سنة 2022، وارتفع إيجار السّكن وأسعار خدمات الكهرباء والغاز والمياه، وارتفع حجم البطالة وأصبح 27% من سكان البلاد يُعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في ظل تراجع إيرادات الحكومة وزيادة الإنفاق، خصوصًا على التوريد وعلى تسديد خدمة الدَّيْن، وعجزت الحكومة أكثر من مرة عن دفع رواتب الموظفين، ما اضطرّها إلى  الإقتراض من مؤسسات خارجية.

انطلقت احتجاجات تموز/يوليو 2023، في 13 مقاطعة من أصل 47 مقاطعة، في هذا المناخ، بعد فترة هدوء ( من آذار/مارس إلى نهاية حزيران/يونيو 2023)، والتحق بالإحتجاجات ( التي يقودها رجل الأعمال ورئيس الحكومة السابق “رايلا أودينغا”) السّكّان الفُقراء من مدينة الصّفيح بالعاصمة نيروبي، فأغلقت العديد من المصالح الحكومية أبوابها وأُغلِقت مُؤسّسات التّعليم في العديد من المحافظات وفاق عدد القتلى خمسين ضحية وفق تقارير صحفية وحقوقية، فضلا عن مئات الإصابات، واعتقلت السلطات الأمنية أكثر من 400 شخص، قبل حَظْر الإحتجاجات من قِبَل الحكومة التي تسعى لجَمْع نحو 1,4 مليار دولار سنويا من عائدات الضرائب على الوقود والإسكان، “للمساهمة في سداد الديون ولتمويل مبادرات خلق وظائف”، وفق تعليل الحكومة…

 

منظمة شنغهاي للتعاون في خدمة استراتيجيات الصين

أسست الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيستان وطاجيكستان وأوزباكستان منظمة شنغهاي للتعاون سنة 2001، لتحل محل “مجموعة شنغهاي” التي نشأت سنة 1996، وهي منظمة حكومية دولية أوروآسيوية ذات توجه سياسي واقتصادي وأمني، بدأت بالإهتمام بالمسائل المتعلقة بالأمن والنزعات الانفصالية والتطرف الديني وتجارة المخدرات، في منطقة كانت منطقة نفوذ أمريكي، وتتحول تدريجيًّا إلى منطقة نفوذ روسيا والصّين، بالتّركيز على “بناء الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين الدول الأعضاء، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”، ما سمح لها بتوسيع رُقعتها نحو الهند وباكستان، لتصبح حاليًا أكبر منظمة إقليمية في منطقة أوراسيا، بحوالي 40% من سكان العالم، وثلث الناتج الاقتصادي العالمي، وأصبحت إيران عضوًا سنة 2023، ومصر وقَطَر والسعودية والبحرين والكويت والإمارات “شُركاء حوار”، واستفادت الصين من هذا التّوسّع لبناء علاقات تجارية وللوصول إلى أسواق جديدة، وللإستثمار في مشاريع البنى التحتية الضخمة (الموانئ وخطوط السكة الحديدية والطرقات البَرِّيّة وشبكات الإتصالات ومدّ خطوط أنابيب نقل النّفط والغاز…)، وهي تندرج ضمن مبادرة “الحزام والطّريق”، كما تشترك الصين ومَشيخات الخليج في الإستثمار في مشاريع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والموانئ البحرية والكهرباء والزراعة والطاقة الخضراء…

تهدف الصين تعزيز مشاريعها الهادفة إلى إرساء عالم رأسمالي متعدّد الأقطاب، باسم “التعاون بين بلدان الجنوب” بزعامة الصين وبدعم من روسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، أي دول مجموعة “بريكس” التي التحق بها أعضاء جدد سنة 2023، في مقابل القُطْب الواحد الذي تُهَيْمِنُ عليه الولايات المتحدة الأمريكية، الإتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان وأستراليا ودول حلف شمال الأطلسي، وتمكّنت الصّين تدريجيًّا، وطيلة العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، من تنمية مصالحها وعلاقاتها التجارية مع دُوَيْلات الخليج، لتُصبح أكبر شريك تجاري لها، بلغ حجم التجارة الثنائية بينهما سنة 2021، حوالي 230 مليار دولار، أي حوالي ثلثي حجم التجارة بين الصين والدول العربية، وأربعة أضعاف حجم التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية، وحلّت الصين، سنة 2022، محل الاتحاد الأوروبي كأكبر شريك تجاري لدويلات مجلس التعاون الخليجي (وخاصّة السعودية) التي أصبحت تُزَوِّدُ الصّين بثُلُثِ وارداتها من النفط ورُبُعِ وارداتها من الغاز الطبيعي والبتروكيماويات، وتَمَكّنت الصين من توسيع استخدام عُملتها المحلية (يُوان) في المبادلات التجارية في مجال الطاقة، كما أصبحت الصين أكْبَرَ مُستثمِرٍ في الخليج من خلال مبادرة الحزام والطريق، لِتبْلُغَ استثماراتها 140 مليار دولارا، وأهمها في مرافق النقل والمجمعات الصناعية والذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة والطاقات المتجددة، واستخدمت الصين قُوّة استثماراتها لتعزيز مصالحها الإستراتيجية، وقام الرئيس شي جين بينغ في كانون الأول/ديسمبر 2022 بتأدية زيارة تاريخية إلى السعودية، ونجحت الصّين في تأمين استقرار المنطقة لتكون استثماراتها في مأمن من المخاطر، عبر وساطتها لإعادة العلاقات الدّبلوماسية بين إيران والسعودية…

 

أوروبا – إنفاق حربي قياسي سنة 2022

ارتفع حجم الإنفاق العسكري بدول الإتحاد الأوروبي سنة 2022 بنسبة 6% عن سنة 2021، وبنسبة 10% في ستّ دول، بينما زادت بنسبة فاقت 30% في السّويد، وسجل الإنفاق العسكري الأوروبي مستوى قياسيا بلغ 240 مليار يورو (260 مليار دولار) سنة 2022، فيما “خَصَّص الإتحاد الأوروبي 58 مليار يورو إضافية (زيادة على إنفاق الحكومات) لشراء معدّات عسكرية جديدة، على وقع الحرب في أوكرانيا”، وفق التّقرير السّنوي لوكالة الدفاع الأوروبية المنشورة يوم الخميس 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 التي نشرت تصريحات عدائية جدًّا تجاه روسيا التي أعلنت حكومتها زيادة قياسية لإنفاقها العسكري بنسبة 68% للعام 2024، ما يمثل نحو ثلث النفقات الحكومية، لمواجهة حلف شمال الأطلسي على حُدُودها…

استنفدت دول الاتحاد الأوروبي مخزوناتها من الأسلحة وأرسلت إمدادات ضخمة إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا، وأعلن الإتحاد الأوروبي دَعْمَ شركات الصناعات العسكرية الأوروبية لزيادة إنتاج الأسلحة ليتمكن الإتحاد من تلبية متطلبات حرب أوكرانيا، كما يحث الإتحاد الأوروبي الدّول الأعضاء على إبرام عقود مشتركة لتصنيع الأسلحة وإرسالها إلى الجبهات التي أشعلها حلف شمال الأطلسي، أي الولايات المتحدة وأوروبا…  عن وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023

 

أوروبا – طاقة:

دفعت الولايات المتحدة “حُلفاءها” بالإتحاد الأوروبي إلى مُقاطعة الغاز الروسي الرخيص وعالي الجودة، بعد بداية الحرب في أوكرانيا، يوم 24 شباط/فبراير 2022، وباعت ل”حُلَفائها” غازًا صَخْرِيًّا رديئًا بسعر يُعادل خمسة أضعاف السّعر الذي تُسدّده الشركات الأمريكية، وأظهرت بيانات الشركات الأمريكية ارتفاع مبيعاتها للإتحاد الأوروبي من 36 مليار متر مُكعب إلى 61 مليالر متر مكعب، خلال عشرين شهر، وارتفعت قيمة مبيعاتها من الغاز الصخري للإتحاد الأوروبي بين شَهْرَيْ شباط/فبراير 2022 وأيلول/سبتمبر 2023 للاتحاد الأوروبي إلى 66,7 مليار يورو، بزيادة 14,5 مليار يورو عن العشرين شهرًا السابقة (52,2 مليار يورو)، ووفقا لهيئة الإحصاء الأوروبية ” يوروستات” بتاريخ 03 كانون الأول/ديسمبر 2023 

 

أمريكا:

أعلن وزير الحرب الأمريكي لويد أوستن، يوم السبت الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2023، إن الجيش الأمريكي يَضُمُّ حوالي 3,4 مليون شخص وأن واشنطن زادت تمويل إنتاج الذخيرة بنسبة 50% بسبب ارتفاع معدلات استهلاك أوكرانيا للصواريخ، وإعادة تخزين الذخيرة التي استخدمها الجيش الصهيوني من مخازن الجيش الأمريكي في فلسطين المحتلة، لقصف الفلسطينيين في غزة، وأشار وزير الحرب الأمريكي إلى “الاستهلاك المرتفع لقذائف المدفعية في أوكرانيا (ما يُؤَكِّدُ ) أننا بحاجة إلى زيادة الإستثمار في تصنيع الذخيرة الذي ارتفعت حصته من ميزانية الحرب الأمريكية لتصل إلى 50% خلال خمس سنوات… (وذلك لأن) الجيش الأميركي هو القوة المقاتلة الأكثر فتكاً في تاريخ البشرية… وسنعمل على احتفاظه بهذه المزايا “

أشارت عِدَّةُ وسائل الإعلام الأمريكية إلى صعوبة إدارة الجيش الأمريكي أكثر من عدوان واحد خلال نفس الفترة، حيث أظْهَرَت الحرب في أوكرانيا صعوبة تلبية شركات المُجَمّع الصّناعي العسكري الأمريكي الطلب المستمر للحُلَفاء على الأسلحة، وأظهرت محدودية قدرة هذه الشركات على تجديد مخزونها مع استمرار الحرب في أوكرانيا وانطلاق العدوان الصهيوني في فلسطين المحتلة، حيث يستخدم جيش العَدُوّ مخزون الذّخائر الأمريكية…

 

صفقات الإستحواذ والإندماج

يُعدُّ حجم الإستثمار في عمليات الإستحواذ والإندماج واحدًا من أهم مؤشرات انتعاش الإقتصاد الرّأسمالي، وبخصوص هذا العام، نشرت وكالة رويترز يوم الثلاثين من حزيران 2023 تحليلاً لصفقات الإستحواذ والإندماج العالمية خلال النصف الأول من سنة 2023، وأظهر تقريرها ( وكذلك تقرير شركة “ديلوجيك” ) انحسار عمليات الإندماج والإستحواذ العالمية بنسبة 36% خلال الربع الثاني لسنة 2023، على أساس سنوي، حيث انخفضت القيمة الإجمالية لعمليات الدمج والاستحواذ من 1,14 مليار دولارا خلال الربع الثاني من سنة 2022 إلى 732,82 مليار دولار خلال الربع الثاني من عام 2023، وفي الولايات المتحدة، قاطرة المنظومة الرأسمالية العالمية، انخفضت أحجام عمليات الدمج والاستحواذ بنسبة 30% إلى 318,4 مليار دولار، بينما تقلصت أحجامها في أوروبا بنسبة 49%  وفي آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 24% وفق مسؤول ب”بنك أوف أميركا”، وكانت أهم عمليات الإستحواذ في مجالات الغاز الطبيعي وتجارة الحبوب ومجالات البحث عن حلول تحسين البيئة والمناخ… 

أما مؤسسة “إرنست أند يونغ” فقد نشرت تقريرا اقتصاديًّا يوم 30 آب/أغسطس 2023، كشَفَ عن تسجيل نحو 318 صفقة اندماج واستحواذ بالبلدان العربية (التي يُعاني سُكّانها من الإرتفاع المُشِطّ لأسعار الغذاء)، بقيمة إجمالية بلغت 43,8 مليار دولارًا، خلال النصف الأول من سنة 2023، ونالت الدّول النّفطية، خصوصًا الإمارات والسعودية (التي لا يعتمد اقتصادها على الإنتاج الفلاحي أو الصناعي بل على الرّيع، أو على ما وهَبَتْهُ الطّبيعة) نصيب الأسد، فيما كانت الشركات الكندية أكبر مستحوذة من خارج المنطقة من حيث قيمة الصفقات (2,6 مليار دولارا)، بينما سجلت الشركات الفرنسية أكبر عدد من الصفقات الواردة إلى المنطقة (13 صفقة)، ومقارنة بالنصف الأول من سنة 2022، فقد انخفض حجم الصفقات خلال هذه النصف الأول من سنة 2023 بنسبة 14%، في حين شهدت قيمتها زيادة طفيفة بنسبة 0,4، ويعود الإنخفاض إلى التوترات الجيوسياسية ومخاوف الرّكود التي أدت إلى عدم استقرار الأسواق وإلى إصدار التوقعات الاقتصادية الضعيفة وارتفاع أسعار الفائدة والبيئة التضخمية…

استحوذ قطاع التكنولوجيا ( الإتصالات وشبكات أجهزة الأمن والتّجسّس…) على أكبر الصفقات قيمةً بنحو 15 مليار دولارا يليه قطاع المواد الكيماوية ( 11,9 مليار دولارا) وخدمات الرعاية مع صفقات معلنة بقيمة 3.3 مليار دولار، خلال النصف الأول من سنة 2023.

 

تَغَوُّل شركات النّفط

أعلنت شركتا شيفرون وإكسون موبيل، أكبر شركتين للنفط في الولايات المتحدة، عن عمليات اندماج تسمح لهما بزيادة طاقتهما الإنتاجية، وتمثلت في شرائهما شركات منافسة أصغر حجما، فقد استحوذت شركة إكسون موبيل على شركة بايونير مقابل 60 مليار دولار، واشترت شركة شيفرون شركة هيس مقابل 53 مليار دولار، /ا يُشير إلى تفاؤل شركات النّفط الكُبرى بشأن استمرار استخدام المزيد من النفط في العالم، رغم كثرة الحديث عن “الآثار الكارثية لتغير المناخ”، كما حدّدها اتفاق باريس سنة 2015، وتتجه شركات النفط إلى الإستثمار في الطاقات المتجددة، وهو ما تفعله شركتا شل وبي بي في أوروبا، وليس في الولايات المتحدة، خصوصًا منذ الحرب في أوكرانيا وزيادة الطّلب على الوقود الأحفوري الذي يتم تداوله بأسعار تزيد أرباح إكسون موبيل وشيفرون وأخواتهما، إذ لم ينخفض لحد الآن استخراج النفط والغاز، رغم زيادة إنتاج الطاقة المتجددة من قِبَل نفس هذه الشركات المنتجة للنفط التي تُدْرِكُ تحولات الرأي العام بشأن المناخ، ولذلك يدافع رئيسا شركتَيْ شيفرون وإكسون (وغالبية شركات النّفط الكُبرى) عن اتفاقيات باريس وعن ضريبة الكربون، لأن مسؤولي هذه الشركات يُعَوِّلون على عدم المُصادقة عليه وإقراره في الكونغرس الأمريكي، ويتطلب تنفيذ فرض الضرائب على الكربون تنسيقًا دوليًّا غير ممكن حاليا، لأنه يتعارض مع “قواعد التّجارة الحُرّة” وفق رُؤية منظمة التجارة العالمية.

قد يعجبك ايضا