أردوغان والحليف التكتيكي…هل يزور نتنياهو تركيا قريباً؟ / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأربعاء 27/9/2023 م …




تحتاج تحتاج تركيا إلى إسرائيل اليوم باعتبارها حليفة وثيقة ، أكثر من أي وقت مضی، كجزء من تحالفها الإقليمي الواسع مع مختلف دول المنطقة.

 

وعلى الرغم من كل التطورات الدولية الخطرة التي حصلت في المنطقة  أوجدت عودة العلاقات التركية-الإسرائيلية لنفسها مكاناً فسيحاً على خارطة الاهتمام الاستراتيجي

 

وفي ضوء هذا الحدث، تتقاطع المصالح الإسرائيلية والتركية في تسجيل تقارب سياسي ودبلوماسي بين دوائر القرار فيها، فتركيا باتت من أكبر الدول استهلاكا للغاز المصري، وهي اليوم تحتاج إلى إسرائيل حتى تتمكن من أن تتحول إلى مركز تسويق لغاز الشرق الأوسط نحو الاتحاد الأوروبي

قال الرئيس التركي أردوغان، إن بلاده ستتعاون مع إسرائيل في التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد يزور تركيا خلال أكتوبر أو نوفمبر المقبلين.

وأضاف أردوغان في تصريح لوسائل الإعلام على متن الطائرة خلال رحلة عودته من إقليم ناختشيفان الأذري، أن “تركيا ستتعاون مع إسرائيل في عمليات التنقيب عن الغاز في شرقي البحر الأبيض المتوسط”، مؤكدا أن “أماكن التنقيب وآلياتها سيتم تحديدها خلال اجتماعات تتمّ بين الطرفين التركي والإسرائيلي”.

ولفت إلى أنه ناقش مع نتنياهو تشكيل آلية بين البلدين تشمل بعض الوزارات، لزيادة التعاون في مجالات الطاقة والسياحة والتكنولوجيا.

وتجدر الإشارة إلى أن تركيا بحاجة إلى إسرائيل حيث أكد  الرئيس اردوغان إن بلاده بحاجة لإسرائيل كما تحتاج الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط ، داعيا إلى المضي في تطبيع العلاقات بين البلدين ، وقال اردوغان: “إسرائيل بحاجة إلى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا أيضا القبول بحقيقة أننا نحن أيضا بحاجة لإسرائيل، إنها حقيقة واقعة في المنطقة”.

في هذا السياق تعتبر تركيا أول دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني كوطن قومي لليهود على حساب الفلسطينيين في  1949، ومع بداية  1950، كان اعتراف الحكومة التركية قانونيًا بقيام إسرائيل، واليوم يواصل نظامها بزعامة الرئيس أردوغان اللعب على مشاعر الشعوب من خلال أقوال باتت مكشوفة للرأي العام، حيث لا يترك مناسبة إلا ويتاجر بالقضية الفلسطينية بالكلمات الرنانة خاصة التي تعلقت بمحاولات كسب الأصوات في الانتخابات.

على خط مواز، بقيت العلاقات التركية الإسرائيلية متينة منذ بدايتها ولم تتوتر ولو ظاهرياً حين انتقد اردوغان سلوك إسرائيل خلال الحرب على غزة عام 2009 بهدف كسب شعبية بين الجماهير التركية والعربية والإسلامية دون المساس بالتحالف القوي مع الكيان الصهيوني، بشكل يؤكد أن التوتر بين البلدين لا يتعدى مجرد الدعاية للنظام التركي الذي يتاجر في القضية الفلسطينية.

 وكانت الصدمة الأكبر عندما ظهرت وثيقة رسمية كشفت اعتراف تركيا بالقدس عاصمة لإسرائيل، في الوقت الذي رفضت فيه العديد من دول العالم القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية بتل أبيب إلى القدس اعتراف منها بالسيادة الإسرائيلية على أراضي القدس، كما قامت شركات تركية بتولي إنشاء السفارة الأمريكية والدفع بعمال البناء الأتراك بالسفر إلى هناك ..

في الاتجاه الآخر، إن رؤية الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة لدولة فلسطين هي الثمن الذي تريد تقديمه كحافز للكيان الإسرائيلي، ثمناً للمساومات الإقليمية والدولية، مستغلة في ذلك الصراع بين الفصائل الفلسطينية، ومستخدمة كل أشكال الانقسام والفوضى السياسية بصنيعة أمريكية وإسرائيلية وتركية وبمساعدة دول عربية، كي يمرروا مشروعاً هو الأكثر خطورة على القضية الفلسطينية من كل المشاريع السابقة.

بعيدا عن صفقة القرن، ما الذي فعله أردوغان من أجل القضية الفلسطينية غير الخطابات النارية المخادعة؟ في الواقع، عندما قدم  حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا عام 2002، ربما يأمل كثيرون في العالمين العربي والإسلامي بسياسة تركية جديدة مساندة للقضية الفلسطينية، خاصة أن خطابات أردوغان أوحت بأن تحرير فلسطين بات مسألة وقت.

ولكن في الحقيقة الذي جرى هو المزيد من خيبة الأمل، فالرجل الذي وعد مرارا بكسر الحصار المفروض على قطاع غزة وقع اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل عام 2016، دون أي ذكر لهذا الحصار، والغريب أن التوقيع على الاتفاق جرى على أساس أنه بين أنقرة والقدس، أي أن حكومة أردوغان تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وفي نفس السياق عندما أقر الرئيس الأمريكي السابق ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ، ظهر أردوغان على الشاشات ليهدد إسرائيل ويصفها بدولة إرهابية، قبل أن يكتشف العالم أن شركات تركية لها علاقة بنجل أردوغان متورطة في تشييد بناء السفارة الأمريكية في القدس.

مجملاً……ما يجري في فلسطين اليوم، لا يمكن عزله عن الأحداث التي تعيشها دول الجوار، فالحرب واحدة وممتدّة ومتصلة، لكن الأمور جرت عكس ما خططوا له الأعداء والحاقدين، لذلك فإن المنطقة تعيش اليوم مرحلة حاسمة وما سيحدد وجهتها هو صمود الشعب الفلسطيني في وجه المؤامرات  ووقوف الدول الصديقة إلى جانبه .

 

وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن هذا الواقع ، يدق ناقوس الخطر عند رؤوس العرب والمسلمين جميعاً فنحن نعرف استراتيجيتهم العسكرية، وندرك خططهم الأمنية، ونعرف أنهم يستهدفون منطقتنا العربية، فلنحذر ولننتبه، ولنفتح عيوننا لحماية بلادنا وأمنها، وضمان مستقبلنا المشرق، وإلا فإننا سنصحو يوماً على حقيقة إختراق الكيان الصهيوني لعمقنا، وامتلاكه لكل شئٍ عنا، كونه ينظر إلى العرب والمسلمين جميعاً على أنهم أعداء وخصوم له ينبغي قتالهم.

[email protected]

قد يعجبك ايضا