مسلّم بسيسو / ناجي الزعبي

 

ناجي الزعبي ( الأحد ) 31/7/2016 م …

 الإعلامي المعتق واليساري المخضرم والكاتب والمفكر اليساري مسلم بسيسو   “ابو درويش ” قامة تفوق سنديان عمان رسوخاً واخضراراً وعطاء . عملاقًا شامخاً ضارباً في تربة الثورة حتى الاخضرار .

قاوم العملاق اليساري رحلة  العمر المثقلة بالسنين والتي تجاوزت الخامسة والتسعين ربما ، وأصر على مواصلة رحلة العطاء والانحياز للإنسان برغم الاثمان الباهظة التي تحمل كلفتها عذابات وتضحيات واغتراب ومنافي .

ولا زال صالونه الفكري المتنوع برغم صبغته اليسارية  والقومية يُستقبل كبار المناضلين والمفكرين والاُدباء والسياسيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم منذ سنوات طويلة ويشاركهم الحوار على مدار ساعات متعددة ايام الجمعة من كل أسبوع بلا كلل ولا ملل ، برغم ان سنوات العمر المثقلة بالهم العام أصبحت تملي عليه الغياب القسري الا انه احتفظ بنفس الوهج من الاهتمام بمعاناة شعبنا الفلسطيني والسوري والعراقي واليمني والمصري والتونسي والأممي ،  ببصيرة متقدة وبوصلة وحس ثوري  صائب وعقل تحليلي نقدي اقرب ما يمكن الى الصواب والحق والحقيقة .

لقد حظيت بشرف المشاركة في صالونه الكبير على مدار سنوات عدة بدعوة كريمة منه ومن رفاقه رواد الصالون ، وكانوا يكرموني ويفتقدون غيابي ، وانا ادين لهم بالكثير من الاطلاع والمعرفة والثقافة والوعي ، وقد  تعلمت  من هذه القامات الكثير الكثير .

رأيت اليوم احدنا وهو يغادر مجلسه بحكم وضعه الصحي وقلبه يكاد ينفطر والدمعة تتأهب لتفر من عينيه لانه سيغيب عن الجلسة قسراً وقد صاحبته للمركبة التي ستقله  بسبب وضعه الصحي الدقيق  التي  واستمعت اليه وهو يتمم ” كم يصعب على فراقكم  ، اه لو تدرون كم أكن لكم من تقدير ”

أوجعني ذلك عدت للصالون الذي تغيب عنه آبو درويش اليوم ايضاً بسبب عائق صحي فالسنوات الخامسة والتسعون تأبى الا ان تلقى بوطأتها على قدرات جسده النحيل فاضطر للغياب مرغماً.

شعرنا جميعاً بالأسى والإحساس باليتم فَلَو غاب آبو درويش ما الذي سيحل بِنَا وما هو مصير جلستنا ، وكيف سنحتمل غياب هذه المرجعية الفكرية والقامة النضالية الشامخة .

غادرنا المنزل الكريم بعد ان ودعنا ابو درويش

الذي أبدى أسفه واعتذاره عن الغياب القسري وشعرنا بالأسى والحزن جميعا فسطوة الزمن تتخطى الأحلام والتوق للحرية والنضال وعجلة الزمن لن تتوقف عن الدوران برغم فجيعة مغادرة العمالقة كيعقوب زيادين وبرغم تطويعها قامة كمسلم بسيسو ،

وتوقف بَعضُنَا امام المنزل ليلقي نظرة عليه  قد  تكون الاخيرة او تسبقها بقليل  .

هذه هي احكام الزمن الحركة الدؤوبة المستمرة والتغيير  دون توقف .

 سنرقب قمر الحرية الذي  بشرت به كلما هبت ذكراك رفيقي، سنروي للزمن كلما أسعفنا كم كنت وفياً للحق وصامداً في وجه الهول والطغيان .

وليس عيش الحق في الكلمة والموقف هي ميزتك الأساسية وكفى، ولكنك من الذين سيصمدون حتى النهاية  وسيكونون قلة، ومن الذين  سيصمدون عن وعي  وسيكونون قلة القلة .

ابو درويش ننحنى لتاريخك وارثك المفعم بحب الفقراء والوطن .

 

قد يعجبك ايضا