تونس – هشاشة الواقع الإقتصادي وغياب البديل / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 25/12/2021 م …  

تعيش الدّولة صعوبات مالية، منذ سنوات، فلجأت إلى التّداين من المُؤسّسات المالية الدّولية، إضافة إلى دُيُون أخرى، من دول مثل الجزائر التي أَقْرضت حكومة تونس مبلغ 300 مليون دولارا، بحسب وكالة تونس إفريقيا للأنباء، بتاريخ 14/12/2021، واقترضت الحكومة التونسية من المصرف الإفريقي للتنمية، مبلغ 104 مليون يورو (حوالي 118 مليون دولارا) لإنفاقها في إصلاح وتحديث شبكة الطّرقات والبُنْيَة التّحتية، وفق بيان للمصرف، بتاريخ يوم الثلاثاء 21 كانون الأول/ديسمبر 2021، ولم يُشِر بيان المصرف إلى نسبة الفائدة، أو تاريخ استرجاع القَرْض، وأعلن نفس البيان ارتفاع قيمة قُرُوض تونس من المصرف الإفريقي للتنمية، بنهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، إلى أكثر من ملْيارَيْ دولار (1,8 مليار يورو)، وفي التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2021، كتبت “وكالة تونس إفريقيا للأنباء” (رسمية)، أن الدّولة (ديوان الحبوب) لم تُسَدّد ثمن شحنات أربع سُفُن من الحبوب المُستورَدَة، بقيت في عرض ميناء مدينة “صفاقس” (ثاني أكبر المُدُن التونسية)، بعضها منذ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ما سوف يرفع ثمن الشّحنات، بسبب غرامات تأخير عملية التّفْرِيغ، كما أشار إلى “استفحال هذه الظّاهرة، في موانئ تونس وقابس وبنزرت وصفاقس”…




أوردت برقية لِمراسل وكالة “رويترز” (ذات التّوجّه الإقتصادي)، بتاريخ 22/12/2021، أن الحكومة تعتزم تطبيق شُرُوط صندوق النقد الدّولي وبقية الدّائنين، بخفض قيمة دعم الطاقة والسلع والخدمات الأساسية، ورفْع أسعار الكهرباء، وتجميد رواتب المُوظّفين، وفرض ضرائب جديدة (منها ضرائب غير مباشرة عبر زيادة أسعار التبغ، على سبيل المثال)، لخفض العجز المالي، سنة 2022، وأكّدت وثيقة حكومية، صادرة عن وزارة المالية، محتوى هذه البرقية، بالتّوازي مع تواصل المُفاوضات مع صندوق النّقد الدّولي، وتأمل الحكومة، من وراء هذه الإجراءات، “تعزيز إيرادات الميزانية بنحو 1,22 مليار دولارا، سنة 2022، وخفض العجز المالي من 8,3% متوقعة بنهاية سنة 2021 إلى 7,7% بنهاية سنة 2022…”، كما تتوقع الحكومة تحقيق نسبة نمو بنسبة 2,8% سنة 2021 و 2,6% سنة 2022، على أن تستقر نسبة التّضخم بحدود 5,7% بنهاية سنة 2021، وبنسبة 7% سنة 2022، ويتخوف الإتحاد العام التونسي للشغل (الإتحاد النقابي للأُجَراء) من انخفاض قيمة دَخْل العاملين، جراء زيادات الأسعار، ويُطالب الحكومة بمكافحة الفساد والتّهرّب الضّرِيبي، كما نَدّدَ الأمين العام للإتحاد النّقابي (يوم الثلاثاء 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021)، بسياسة الاقتراض التي تؤدّي إلى خفض عدد الموظّفين وخفض قيمة الرواتب بنسبة 10% وتجميدها لفترة خمس سنوات، وهي رواتب ضعيفة أصلاً، مقارنة ببُلدان ذات وضْعٍ مُشابه، ولا تَفِي بحاجيات المواطنين الأساسية وإحالة خمسين ألف موظّف على التّقاعد المُبَكِّر، وفق شروط الدَّائِنِين، وبالأخص صندوق النقد الدّولي الذي يعمل على فَرْض شروط قاسية قبل الموافقة على طلب قرض جديد، بقيمة أربعة مليارات دولارا، وقد لا يُوافق على كامل المبلغ…  

ارتفعت نسبة حجم الدَّيْن العام من 43 سنة 2010 إلى 100 من الناتج المحلّي الإجمالي، سنة 2021، وتشير توقعات الميزانية، لسنة 2021، إلى بلوغ الدَّيْن العام مستوى 109,23 مليار دينارً ( 37,6 مليار دولارا) منها دُيُون خارجية بقيمة 74,21 مليار دينارًا، أو ما يُعادل 25,5 مليار دينارًا، لكن الواقع تَجاوَزَ هذه التّوقّعات، ما اضطر وزارة المالية لخفض توقعات النمو، بنهاية سنة 2021، إلى 2,6% وهي توقعات مُفْرِطَة في التّفاؤل، وفق البيانات المُتوفِّرَة، في ظل ارتفاع قيمة الدَين العام مستويات قياسية، وتفاقم عجز الميزانية إلى حوالي 3,4 مليارات دولارا، وارتفاع نسب البطالة إلى 18,5% والتضخم إلى 6,4%، بنهاية الرّبع الثالث من سنة 2021، مع تراجع النمو الاقتصادي، وتراجع عائدات الصادرات والسياحة، مع تداعيات الأزمة الناتجة عن انتشار وباء “كوفيد 19″، ما جعل الدولة في حاجة إلى حوالي سبعة مليارات دولارا…

هذه الأرقام والمُعطيات مُستنبطَة من البيانات والتّصريحات الرّسمية، ولا يمكن تحميل الحكومة الحالية مسؤوليتها، فهي نتيجة عُقُود من الفساد والسرقات، وواصَلَت الحكومات التي تتالت على السلطة، منذ 2011، نفس النّهج، الذي كَرَّسَ التّبَعِيّة ونهب الموارد (الطاقة، على سبيل المثال) والمال العام، ولا يبدو أن الحكومة الحالية تَطْرَح برامج وخطط مُختلفة، ولذلك فإن من يبحث عن حُلُول أو بدائل، لا بُدّ أن ينطلق من هذه البيانات ليقتَرِحَ حُلُولاً عملية، بمشاركة المواطنين، وفي مقدمتهم من يُنْتِجُون الثّروات…

مجمل البيانات من وكالات تونس إفريقيا للأنباء + رويترز + أسوشيتد برس، من 14 إلى  22 كانون الأول/ديسمبر 2021 

قد يعجبك ايضا