وادي عطّون .. غدق الشلالات ووهج الرمال / أ.د. أحمد ملاعبة والإعلامي أسعد العزّوني




 أ.د. أحمد ملاعبة والإعلامي أسعد العزّوني ( الأردن ) – الأربعاء 8/9/2021 م …
بين منحنيات وقسمات أودية الشواطيء الشرقية للبحر الميت تتسلل بكل كبرياء أودية لم نسمع عنها الكثير رغم سحر جمالها وبهائه، ومن بين هذه الأودية وادي عطّون الذي يعد أحد متفرعات محمية وادي الموجب، ويمثل هذا الوادي متاهة في مجراه وحيرة في إسمه، فعطّون مشتقة من الفعل عطن، وإلتصق هذا المفهوم بالإبل، ويقال عطنت الإبل، أي بركت عند الماء بعد شربها، والسؤال هو: هل كان الوادي عبر التاريخ مقصدا للإبل، بحيث كانت تنخّ عند مجرى المياه الغزيرة التي تنساب في الوادي، أم إن في  سر الإسم قصة أو حكاية لم سنكشف سرها بعد، وربما تكون مرتبطة بحادثة معينة أو شخوص مجهولين، ذلك كله لا يمنع من التغزل بهذا الوادي الذي ينساب فيه الماء السلسبيل غدقا بهيئة قناة في وسطه، وهي قناة مستمرة الجريان.
وادي عطّون هو بطاقة دعوة من الطبيعة والبيئة إلى محبي المغامرة، وإستشراف جماليات المكان حيث ترى الصخور في مجرى الوادي، وقد تراكمت منذ العصر القديم قبل زهاء 500 مليون سنة، في ترتيب تصاعدي حتى يومنا هذا، مع غياب قليل لبعض العصور لسبب أو لآخر، وترى هذه الحلة الذهبية وقد إكتست بصخور من البيضاء او الصفراء أو الرمادية، التي تبحث عن عن ترسيب الينابيع القابعة في أعالي جنبات الوادي، أو شلالات كانت تنحدر من شفا الأرض في الأعالي نحو غيران القاع.
إن الصخور التي كست الجدران، لم تمنع  أشجار النخيل من النمو بشكل كثيف، وبإصطفاف هندسي فريد على جنبات  وأرضية الوادي،وينظر إلى وادي عطّون بأنه قصة جميلة في رواية طبيعة الأودية العملاقة، ويمتاز بالمصاطب  الصخرية والنزلات المرتفعة التي شكلت حولها بركا ملتوية، بشكل نصف دائري أو بيضاوي مع تنوع في الأشجار الجميلة كاللزاب والطرفة.
إن إنتشار أشجار الطرفة التي تعشقها الإبل لربما هو السبب في تأكيد رواية معاطن الإبل، وتنتشر هنا وهناك بعض شجيرات السرو البري، وأهم ما يميز وادي عطّون هو كثرة الشلالات العالية التي يتجاوز بعضها 40 مترا ، وسيجد
المغامر في الوادي في بعض الأماكن  وعورة بسبب تراكم الجلاميد الكبيرة في أرضية الوادي ،علاوة على النزلات الشديدة الواقعة بين المصاطب مختلفة الإرتفاعات، ويدهشك الوادي في نهايته بإتساع أرضيته التي تصب مياهها في البحر الميت،الأمر الذي إستدعي إنشاء جسر على غرار جسر وادي زرقاء ماعين ووادي الزرّاعة، وهو الجسر الذي تهدم جزئيا خلال فيضانات وحادثة ماعين عام 2017.
كما يجد الباحثون عن التميز في أركان  وادي عطّون غزارة في التنوع الحيوي، من حيث إرتفاع نعيق الضفادع وتنوع ألوان السلطعونات بين الأسود والأخضر والبني، التي تتجمع عند مسايل الماء الذي ينزّ من إرتفاعات تتراوح ما بين 2-10 أمتار، وتخرج بألوان  زاهية تتراوح ما بين  البرتقالي والأحمر والأصفر، وتطبع قبلة على جبين الصخور فتزينها وتحولها إلى لوحة فنية نادرة الوجود والتكرار.

إن ميزات وخواص وادي عطّون تدعونا أن نكون أوفياء لهذه الطبيعة الجميلة في الودية العملاقة ،لنقدم رسالة هادفة نصها بنود تروي خطة بيئية وسياحية وطبيعية لإعادة تأهيل هذا الوادي من العقبات وإيجاد نقاط تخييم تزيد من فترة مكوث السائح، وكذلك توفير منشورات علمية دقيقة شاملة لهذا الوادي العطّوني وربطه مع أشقائه الأودية الجميلة العملاقة  المجاورة

قد يعجبك ايضا