مقال هام للدكتور بسام أبو عبد الله حول نهاية الحقبة الأميركية + تعقيب د. سعيد النشائي

 د. بسام أبو عبد الله ( سورية ) – الجمعة 27/8/2021 م …

قد يبدو هذا العنوان جدلياً بالنسبة للكثيرين، وغير مقبول ومبالغاً به بالنسبة لآخرين، ولكنني أحاول هنا أن أناقش ما يتم طرحه داخل الولايات المتحدة نفسها من قبل أهم النُخب الأميركية، لنفهم أكثر ماذا تعني «نهاية الحقبة الأميركية»، والقضية هنا ليست عاطفية على عادتنا نحن الشرقيين، نحب ونكره، ولكنها قضية علمية موضوعية، تُطرح على الملأ من قبل النُخب الأميركية المهمة.
في عام 1989 ومع سقوط جدار برلين كتب يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما مقالاً في مجلة «ناشيونال انترست» قال فيه: «إن ما نشهده ليس مجرد نهاية الحرب الباردة أو مرور فترة معينة من تاريخ ما بعد الحرب، ولكنها نهاية التاريخ على هذا النحو، هذه نقطة النهاية للتطور الإيديولوجي للبشرية، وبداية عولمة الديمقراطية الليبرالية كشكل نهائي للحكومة الإنسانية»، ثم عاد فوكوياما ليتوسع في هذه الفكرة، وينشر كتابه الشهير «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» عام 1992، أي بعد عام من انهيار الاتحاد السوفييتي، والمعسكر الاشتراكي.
ربط فوكوياما اسمه بالمحافظين الجدد، وبمن كان يرى أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرناً أميركياً بامتياز، ومن سيرته الذاتية يتبين لنا أنه عمل في أهم الجامعات الأميركية منها ستانفورد التي يعمل بها منذ عام 2010 وجونز هوبكنز، إضافة لكونه عضواً في الصندوق الأميركي للديمقراطية، ومؤسسة أميركا الجديدة، والأهم مجلس العلاقات الخارجية أي حكومة الظل في العالم.
هذه الخلفية الذاتية لفوكوياما ضرورية لما سأتحدث عنه لاحقاً لأن رأيه اللاحق مهم باعتباره ابناً لأهم مؤسسات التفكير الأميركية، وبالتالي فإن تقييمه ليس عابراً أو عاطفياً بل هو نابع عن معرفة وتحليل من الداخل الأميركي، والقضية ليست لدى فوكوياما فقط بل نشرت مئات الدراسات التي تتحدث عن الفكرة نفسها.
في 18 آب الجاري، نشر فوكوياما مقالاً في «الإيكونوميست» البريطانية تحت عنوان «نهاية الحقبة الأميركية»، وبالرغم من أنه ابتعد لاحقاً عن المحافظين الجدد، وأدان غزوهم للعراق، لكنه هنا في هذا المقال يرى أن نهاية عصر الولايات المتحدة جاء مبكراً، لأن الهيمنة الأميركية استمرت لأقل من عشرين عاماً، أي منذ سقوط جدار برلين 1989 وحتى الأزمة المالية العالمية 2007-2009.
ويحلل فوكوياما في أسباب هذا الانحدار الأميركي، ويرى أن الغطرسة الأميركية وصلت لذروتها عندما احتلت العراق، وهؤلاء لا يستخدمون كلمة احتلال بل اجتياح، وكأن الاجتياح ليس احتلالاً! على أمل أن تغير ليس فقط العراق وأفغانستان بل الشرق الأوسط بأكمله.
وبرأي فوكوياما فإن أميركا بالغت في تقدير كفاءة قوتها العسكرية من أجل إحداث تغيرات سياسية جوهرية، فانتهى العقد بتورط القوات الأميركية في حربين، إضافة للأزمة الاقتصادية العالمية مما أدى إلى زيادة حدة عدم المساواة، وتراجع الأحادية القطبية، وظهور أقطاب جدد مثل الصين وروسيا والهند وأوروبا ومراكز أخرى.
يعزو فوكوياما أسباب التراجع الأميركي إلى عوامل داخلية وليست خارجية، ويحصرها فيما يلي:
* الاستقطاب الشديد في المجتمع الأميركي عميق جداً ولا مجال للوصول لإجماع في أي شيء.
* الاستقطاب يشمل كل شيء: الضرائب، الإجهاض، الهوية الثقافية، المهمشين… الخ.
* «كوفيد 19» زاد الانقسام في المجتمع عبر التباعد وارتداء الأقنعة، وتسييس اللقاحات لخدمة أجندات سياسية بدلاً من الصحة العامة.
* انتشار الصراعات في جميع مناحي الحياة مثل الرياضة، وأنواع السلع الاستهلاكية التي يشتريها أصحاب اللون الأحمر هو رمز الحزب الجمهوري، وأصحاب اللون الأزرق هو الحزب الديمقراطي.
* الجدل حول مسألة الهوية إذ إن النقاش انتشر داخل أميركا بشأن جذور نشأتها وهل تم على أساس العبودية، أم على الكفاح من أجل الحرية، وهو نقاش حل محل الهوية المدنية التي افتخرت بها أميركا تاريخياً باعتبارها ديمقراطية متعددة الأعراق، ويشير إلى أن هذا الجدل ظهر بوضوح في انتخابات عام 2020، بين دونالد ترامب وجو بايدن، إذ لأول مرة يظهر هذا الانقسام، إضافة للفشل في انتقال السلطة.
يقر فوكوياما أن الجمهوريين بغالبيتهم يرون أن الديمقراطيين هم أكثر خطراً من روسيا على أسلوب الحياة الأميركية، وأن الإجماع بين النخب حول الموقع القيادي لأميركا في السياسة العالمية لم يهتز طوال القرن العشرين، ولكنه الآن بعد حروب العراق وأفغانستان تزعزع بشكل كبير، ويشهد انقساماً واضحاً.
وحسب فوكوياما فإن إخفاق بايدن في منع سقوط نظام كابل، والانسحاب الفوضوي من أفغانستان يشكل هزيمة له في أول سبعة شهور من عهده، على الرغم من تشكيك العديد من المراقبين بهذه الخلاصة، وبأن أميركا تعيد التموضع، وما جرى اتفاق أميركي طالباني ضد دول جوار أفغانستان، تم منذ عهد ترامب، لكن لفوكوياما رأياً آخر في هذه المسألة الجدلية.
الإجماع الوحيد بين الجمهوريين والديمقراطيين هو خطورة صعود الصين التاريخي، وعودة دور روسيا، ولكن الاختبار الحقيقي سيكون في تايوان، وأوكرانيا، وهل ستعود أميركا لعادتها القديمة في الحروب؟ هذا سؤال مفتوح للمستقبل!
مقال فوكوياما المهم، يخلص إلى أن سمعة أميركا وجاذبية مؤسساتها تراجعت كثيراً، ومن الصعب دعوة أي دولة في العالم لتقليد النظام القبلي الأميركي المختل، وأن أميركا لن تسترجع هيمنتها ولا ينبغي لها أن تطمح لذلك، وما يمكن أن تطمح إليه هو الحفاظ على نظام عالمي يحترم القيم الديمقراطية واستعادة شعورها بالهوية الوطنية.
إن استعراضي التفصيلي لمقال فوكوياما الطازج في «الايكونوميست» جاء للتأكيد على مجموعة نقاط:
* العالم تغير ونحن أمام تحول تاريخي في العلاقات الدولية.
* ما لم يعترف به فوكوياما أن هزيمة المشاريع الأميركية سواء بالاحتلال المباشر لأفغانستان والعراق، أو بحروب الوكالة، عبر استخدام المرتزقة والقاعدة وداعش، كلفت شعوب المنطقة ثمناً باهظاً، وآلاف الشهداء والجرحى، وتراجع الدور الأميركي ليس منة من أميركا، إنما نتيجة كفاح شعوب المنطقة، ومنها الشعب السوري.
* إن أولئك المراهنين على القوى الخارجية يجب أن يقرؤوا الدروس الأخيرة، سواء في كابل، أو درعا، أو إدلب لاحقاً، فالإمبراطورية تعاني مشاكل داخلية عميقة، والاعتماد والاستقواء بها كمن يستقوي بالسراب، فهي ترمي عملاءها خلفها وتسير، لأنهم أصغر من أن تهتم بهم، حتى لو كانوا مترجمين، وهو مصطلح مضلل استخدمه الأميركيون بديلاً من كلمة «عملاء».
إن استمرار أميركا في التأثير مرهون بقدرتها على النجاح في إصلاح مشاكلها الداخلية، وليس في المزيد من الاحتلال والهيمنة، وفق فوكوياما، وحسبما نراه من تحولات، وخلاصات فإن مشروعها في الهيمنة وصل إلى مرحلة التراجع الواضحة، وما على الجميع سوى أخذ الدروس والخلاصات.
قبل فترة قال وزير الخارجية الصيني: إن على الولايات المتحدة أن تتوقف عن التعامل مع دول العالم بتعال وغطرسة، وإذا لم تفهم أميركا على دول العالم أن تعلّمها ذلك، وأعتقد أن الولايات المتحدة يفترض أنها أخذت الدروس والعبر وعليها الاهتمام ببيتها الداخلي قبل أن تهتم بهندسة مجتمعات الآخرين ونظمهم السياسية، هكذا نفهم من فوكوياما في الخلاصة.

***************************************************************************************

تعقيب أ.د. سعيد النشائي …

هذا العالم العتيد من جامعة ستانفورد يتناول نهاية الحقبة الأمريكية بتذبذب وبنظرة تفتقر إلى المادية العلمية الجدلية التى تعلمها لنا المادية التاريخية أحد الأعمدة الثلاثة للماركسية: المادية الجدلية والمادية التاريخية والأقتصاد السياسى وهى أدوات علمية للتحليل لفهم الواقع وتطوره بشكل مادي جدلى مبنى على أسس وأدوات دائمة التطور بناء على أسس العلم والمعرفة وتطورهما.

لأن أسس الماركسية قد دمرها الفكر الستالينى وحولها إلى شكل آخر من أشكال عبادة الأصنام، فأصبح مثل هذا المفكر الأمريكى الفاقد لأبسط أشكال الموضوعية يسود الساحة ويقدم تحليلات فاشلة وغير موضوعية وغير علمية يثبت الواقع دائما خطئها فيستمر هو وأمثاله في نفس الطريق غير العلمى وغير الموضوعى، فليس لديهم طريق غيره.

وطالما يجدون من يصفقون لهم إعجابا بأخطائهم وعدم موضوعيتهم، فيكفى أنه أستاذ في ستانفورد ليقول ما يشاء،.خصوصا أن كثيرا منهم لازالوا يعيشون في رعب المكارثية التى حاربت بكل فاشستية كل أشكال الفكرالماركسى متحدية بذلك حق الشعوب في التقدم والمعرفة.

انهيار المعسكر الاشتراكي ليس انهيارا للاِشتراكية ولا الماركسية، ولكنه انهيار للستالينيه، العدو الواضح والصريح للماركسية الصحيحة المتطورة دائما مع تطور العلوم الفيزيائية والكيميائية والاقتصادية والاجتماعية والأحداث التاريخية بشكل جدلى معقد بعض الشىء.

.كل أسس هذه العلوم والأحداث قد شهدت تطورات هامه وخطيرة ، ولكن وفاة القائد العظيم لينين وأغتيال أمثاله مثل تروتسكى وروزا لوكسمبورج وامثالهم سمحت لستالين وأمثاله التحكم بالسلطة بشكل ديكتاتورى أبعد ما يكون عن الديموقراطية الشعبية التى تتطلبها الأشتراكية في طريقها نحو المجتمع اللاطبقى الشيوعى.

بل أكثر من ذلك أن المجتمعات في ظل الحكم الستالينى فقدت حتى أولويات الديموقراطية البرجوازية التى كان أنتقاد الماركسية لها على اساس أنها تحقق حرية القول فقط وليس حرية الفعل بسبب سيطرة الراسمالية على الأقتصاد, بينما الديموقراطية الشعبية في ظل الأشتراكية والشيوعية تحقق حرية القول والفعل في ظل سيطرة الشعب على الاقتصاد. الديكتاتورية الستالينية لم تسود فقط في الأتحاد السوفيتى ولكن في باقى الدول الأشتراكية وبعض دول العالم الثالث التى حصلت على أستقلال شكلى خاضع للأمبريالية والصهيونية بحكام خاضعين لهم.

أنتقال السلطة بعد لينين وأمثاله إلى ستالين وأمثاله هو دليل على أن هذه المجتمعات لم تكن جاهزة تاريخيا للثورة وليس دليلا على أن الثورة الاشتراكية  ليست هى المرحلة التالية للرأسمالية ,امبرياليتها وتوابعها من الصهيونية والعملاء والمنظمات الأرهابية التى هى من صنعهم.وهذه حقيقة هامة تحتاج دراسة معمقة من الماركسين الثوريين المتطورين.

وتشتمل هذه القضية على قضية التحرر الوطنى المتأخرة جدا وذات الطبيعة الخاصة المنحازة للأشتراكية ومعادية للأمبريالية والصهيونية والتى أنجازها هو مكون أساسى لبدء أول خطوات الأشتراكية في كل أنحاء العالم. هذا جانب معقد وجدلى لا بد أن

يتناوله المناضلين والمفكرين الماركسيين  مستفيدين من الربط الجدلى بين الأمميه والتحرر الوطنى والذى كان قد أشار له لينين في كتبيه عن الأمميه والقومية وأزداده عمقا كثير من الشيوعين في الأمة العربية(أمثال  جورج حبش, ألياس مرقص و د.سمير أمين, ألخ) وأمريكا اللاتينيه وغيرهم.

إن قضية “نهاية الحقبة الأمريكية” هى هامة جدا وتاريخية ترتبط بما سبقها وما سوف يليها.

والعرض المختصر أعلاه يشير بتبسيط شديد إلى ما سوف يليها وهو باختصار جدا: نهاية الرأسمالية وألامبريالية وأشرارهم وبزوغ عصر الشعوب وهو عصر الأشتراكية.

فالأمبريالية  الأمريكية وعملائها لن تحل محلها أمبريالية أخرى أو أمبرياليات أخرى, وحتى لو جائت مرحلة أقطاب متعددة فسوف تكون مرحلة أنتقالية للأنتقال للمرحلة الأشتراكية.

هذا هو قلب النظرية الماركسية الثورية الحقيقية.

أما الوضع الحالى فهو وضع ثورى معقد على الثوريين أن يعرفوا أين يضعوا أقدامهم ومع من يتحالفون ومن يحاربون وأن يحددوا تكتيكاتهم على أساس لا يتعارض مع ألأساس الأستراتيجى الثورى المحدد بتبسيط وأختصار شديد أعلاه.

القضية الأساسية اليوم هى قضية التحرر الوطنى  والعدو الرئيسى هم: الأمبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الأرهابية المجرمة مثلهم.

وامريكا النازية عدوة كل الشعوب حتى شعبها هى ذات طبيعة خاصة , فهى أستعمار أستيطانى مجرم أستولى على قارة أمريكا الشمالية بعد قتل أكثر من 100 مليون من السكان الأصليين وأحضر في أقفاص من أفريقيا أكثر من 100 مليون من الأفريقين مات منهم في الطريق حوالى 50 مليون والباقى وصلوا لأمريكا الشمالية وتم معاملتهم كعبيد حتى الآن بأساليب مختلفه.

وهذا الكيان النازى المسمى أمريكا هو الداعم الأساسى للكيان الصهيونى الغاصب لفلسطين وهو الناهب لمعظم خيرات الأرض

وعلى رأسها البترول العربى وباقى خيرات العرب ويدعم كل الأنظمة الصهيونية المستعربه.

كما ينهب باقى شعوب الكرة الأرضية ويستخدم القوة المباشرة والغير مباشرة ضد كل شعوب الأرض وأشترك في كل الحروب لمصلحته ضد كل الشعوب!!

عكس ما يدعى عبقرى جامعة ستانفورد , فوكوياما, هزيمة هذة الأمبريالية الأستيطانية النازية الأولى كانت في فيتنام حيث أنتصرت الثورة القيتنامية عليهم ولم تنتصر أمريكا النازية على أى أحد بعد ذلك ولن تنتصر أبدا بل ستزول هى وعملائها وعلى رأسهم الكيان الصهيونى الغاصب لفلسطين.

هذا قليل من كثير جدا. مرحبا بكل مناقشة

ا.د.م.سعيد النشائى-كندا

قد يعجبك ايضا