ماذا يعني عام 1967 م ؟ / علي حتر

 

علي حتر  ( الأردن ) الإثنين 30/5/2016 م …

 بعد عدة أيام تمر 49 سنة على حرب 1967

لن أتكلم عن نكسات ولا نكبات ولا  لاجئين ولا نازحين..

سأتكلم في موضوع غاية في الأهمية لم أقرأ عنه سابقا.. رغم معرفتي أن كثيرين يعرفونه ويخشونه ولا يقولون رأيهم!!!

إنه موضوع الخطأ في تعامل أصدقائنا مع قضيتنا.. وماذا سيفعلون لو حققنا بعض الانتصارات وكبحنا جماح العدو وأوقفنا هجمته.. إذا استطعنا!!!!

في يوم 5 حزيران 1967، يبدأ التاريخ الجديد عند اليهود المغتصبين، وعند العرب المستسلمين، وعند حكام العرب القابلين للهزيمة.. وعند دعاة حوار الأديان، ودعاة الحداثة.. وعند الجبناء..

الحداثة تعني ببساطة قبول خدعة التطور ونسيان الجذور.. ونسيان الماضي وما قبل 1967 في فلسطين وما قبل 1939 في لواء الإسكندرون.. ومثلهما نسيان سبتة ومليلة.. وكثيرون يدافعون عنها ويوهمون الآخرين أنهم متطورون.. وهم في الحقيقة مستسلمون!

الحداثة تعني معاداة فكرة المقاومة ومن يفكر بالمقاومة.. لأن الفكرة تعني تغيير القائم في 1967، والعودة إلى الجذور التي تتضمن هزيمة إسرائيل.. ولا يمكن أهمال فكرة معاداة حزب الله واعتباره إرهابيا.. ومحاكمة من ينتمون له على الأرض العربية.. حتى في مصر، لا يمكن نسيان خلية حزب الله التي حملت مسؤوليتها لحزب الله رغم أن كل أعضائها (ما عدا واحد فقط) من المناضلين المصريين..! 

حتى الأصدقاء الذين لا يفهمون عمق القضية، وتلك الأخيرة مأساة، لأنهم حولوا القضية إلى مجرد تضامن أجوف مع الفلسطينيين!!!

مثلا.. أحترم جورج جالاوي.. وأتابع كل كلمة يقولها.. لكنني لا أجده مختلفا عما أقول هنا.. وأتوقع أن يتحول إلى مدافع عن حق الإنسان اليهودي المغتصب إذا انهزمت إسرائيل..

حتى الذين يرفضون فكرة حصول المحرقة.. الذين يسمونهم المراجعين، هم لا يكترثون بنا.. بل يكترثون بالتاريخ..

وبعض العرب أسسوا مشاريع (مشروع علاء الدين) للدفاع عن اليهود المزعومين ضحايا للمحرقة التي لا يستطيع أحد أن يبرهن حدوثها.. بل بلغ الحد ببعضهم (مثل سفيرة حكومة الأردن في الأمم المتحدة حاليا، احتفلت ودعت مئات المفكرين من العالم للاحتفال بالدفاع عن ضحايا المحرقة حين كانت في باريس، ورُقيت إلى الأمم المتحدة لتقدير ما فعلت).

ما قبل 1967.. يعتبره كل هؤلاء واقعا محسوما.. ومطلوب منا أن ننساه.. نحن فقط.. لتصبح إسرائيل واقعا حتميا.. ويبقى المشردون في الشتات.. ويبقى التهديد اليهودي أبديا.. إنه يوم ضربة 1967..

بالنسبة لنا التاريخ بدأ بعيدا بعيدا، و1967 مجرد حدث من الأحداث في طريق معاناتنا الطويلة.. مهما كان كبيرا.. ولم يدمرنا وإن انهزمت أنظمتنا.. لأنه لو كنا انهزمنا قبله لما حدث.. ولما حدثت حرب 1956، ولو دمرنا لما حدثت حرب 2006 ولا أيلول ولا صبرا وشاتيلا ولا اعتداءات بغداد على الفلسطينيين بعد استشهاد صدام حسين، ولا الهجمات الوحشية على غزة.. ولا الهجمات على مخيم جنين، ولا الهجمات على سورية..

 من أخطر ما في 1967، اعتباره المنطلق، واعتباره بديلا لـ1948 وبديلا عن سايكس بيكو:

       شرعية الأمم المتحدة تطالب بالانسحاب إلى 1967.. ونسيان الباقي.. ونسيان حق العودة.. وعدم القبول بتعريف مفهوم السلام العادل.. فحتى الآن لا تتعدى كلمة السلام العادل القواميس مع أن الكل يرددها.. والعدل عند من يجرؤ على الحديث، يقبل بالعودة إلى حدود 1967، وما تحمله من ظلم وتهديد للاستقرار.

       كما هو معروف أيضا فإن اللاجئين من الأرض المحتلة محرومون من الحقوق بالنص الالحرفي في تعليمات المفوضية العليا للاجئين

       وليس حرمان اللاجئين من الحقوق مقتصرا على الأمم المتحدة، بل حتى أكثر الحكومات العربية تحرمهم من حقوق المواطنة والتنقل والعمل إلا في وظائف محددة..

       الشرعية كما يفهمها الأصدقاء تدعمنا للعودة إلى 1967 (عدا سورية وإيران وحزب الله) التي يحاربهما حتى السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية التي انسحبت من الساحة وتقضي الليل والنهار في البحث عن رضا إسرائيل.

       حتى اليسار الصهيوني عند العدو، ومؤيدوه من اليسار العربي، وإسحق دويتشر ونعوم تشومسكي وجدعون ليفي   

       حق تقرير المصير سلم قيادتنا لرجال السلطة المُنَسِّقة مع العدو، وأصبحت هذه السلطة تمثلنا في دهاليز العالم كله، وهي لا تؤمن بالعودة ولا حق العودة وغير معنية باللاجئين، وتمكنت من تجنيد القيادات المترددة من أمثال حنان عشراوي وعباس زكي.

       أما مفاوضات السلطة مع العدو، لتثبيت المستوطنات وإتاحة الفرصة للعدو ولتسيفني لترتيب سريرها.. فما أدراك ما تلك المفاوضات التي يجب أن تسمى المماطلات بدل المفاوضات. 

       ولا يجب إهمال موضوع انتقال حالة رفض وجود إسرائيل إلى مجرد شكاوى ومطالبات الأمم بمحاسبتها دون خدش مشاعرها.

       وتغلغلت السلطة وبشكل خاص فتح وبعض قيادات المقاومة الفلسطينية في المخيمات، وجندت مقاتلين في كثير منها، لمقاومة القتال من أجل ما قبل 1967.

       من أخطر ما نعيش هذه الأيام، القبول بمفهوم رد الفعل.. وهذا المفهوم يقول: سنرد إذا فعل العدو هذا وذاك.. سنرد إذا هاجم غزة.. سنرد إذا اغتال هذا أو ذاك.. سنذهب إلى المحكمة الدولية.. سنقدم شكوى إلى مجلس الأمن.. وهذا.. هذا المفهوم يهيئ الشارع للانتظار دائما.. ثم الاستسلام وقبول الصمت.. إذا لم يهجم العدو.. ثم إلغاء الصراع!!!!

       انتقال فكرة الحماية اليهودية للأنظمة العربية إلى الواقع العلني ومعها فكرة التطبيع وفتح الباب للاستثمارات اليهودية الإسرائيلية علنا بعد تحويل المعاهدات نفسها إلى قوانين ملزمة.. وانتقال عَدْواها إلى مملكة الحجاز (السعودية) ودول الخليج نفسها بعد الأردن ومصر والمغرب وأوسلو.

       حتى شعبيا، تمكن العدو وأدواته الإعلامية من نشر فكرة قبول التقسيم والتفتيت، وحتى إعلان الشعارات الشعبية التي أطلقها بعض الخاضعين لثقافة التقسيم، تلك الشعارات التي تصيبنا بالغثيان وتخرج القيء من أفواهنا، وهي شعارات أولوية الأقاليم السايكسبيكوية على باقي الوطن والإنسانية.  

       وتمكن العدو أيضا وجهلة العرب والمنطقة من خلق معارك وهمية لا يؤمن بها لكن يمكنها أن تشغل الصالونات العربية بالجدال ساعات وأسابيع، مثل مسألة الكونفيدرالية وحل الدولتين والبينيلوكس وما يشبهها، التي تتيح لأمثال فيصل القاسم وعزمي بشارة أن يتصدروا المنابر.       

       والخوف هنا، هو من انحراف البوصلة لخلق أعداء جدد مثل إيران بدل إسرائيل، وداعش والنصرة إسرائيل أيضا..!

       حتى اعتبار الخيانة وجهة نظر ونشر مصطلح المصالحة بين الخون والعجزة.. كم يؤدي إلى قبول الهزيمة والخضوع حتى يعطى المتعاونون المنسقون مع العدو الفرصة لأداء دورهم بالتنسيق مع العدو.

       وأخيرا تذكروا أن الزمن يمر.. وإسرائيل تزرع الخرسانة في المستوطنات.. وخرسانة المستوطنات لا تفتتها المذهبية والطائفية.. بل النار والبارود..

       وتذكروا أنه في ضعف حكوماتكم وجيوشكم.. العدو يقوى.. وأنه سيزرع في ظل ضعفكم.. كل ما يضمن بقاءه..

       تلك هي ذكرى 1967..

       ولم يبق لنا إلا سورية وجيشها وحزب الله من يفهم 1967..

فتنبهوا واستفيقوا أيها الخاضعون..

 

قد يعجبك ايضا