نقاط اتفاق واختلاف مع طاهر المصري في لقائه على قناة ” عربي سكاي نيوز “

 

 

السبت 12/3/2016 م …

محمد شريف الجيوسي

** ليست الأحوال المعيشية الصعبة وحدها وراء دخول أردنيين في جماعات إرهابية ووجود خلايا نائمة .. هناك عدم كفاية الحريات العامة .. وتحالف جماعات إسلامية مع الأردن الرسمي لعقود ..وبعض المناهج ...

** تكاتف الجيش والمؤسسات الأمنية والمواطن الأردني المتمتع بحياة معيشية مناسبة اقتصادياً وحرياتيا وحكومة مستقل قرارها السياسي والاقتصادي كفيل بتجنيب الأردن مخاطر الإرهاب واجتثاثه من جذوره

خلال مقابلة له مع قناة  (عربي سكاي نيوز )  أدارتها مساء يوم الأربعاء الموافق 9 آذار 2016 ، الإعلامية زينة اليازجي تحدث رئيس الوزراء والنواب والأعيان الأردني الأسبق ؛ طاهر المصري ، بمفردات ومعان ومضامين مختلفة صريحة ، وإن كانت بميزان دقيق ، وحذر ، وفهم لدقة المرحلة والتزامات المواقع التي تقلدها على مدى أكثر من عقدين من الزمان على ما بينها من فترات (هدوء).. خارج المواقع والمناصب .

فعندما يلمح دولة طاهر المصري أو يصرح بوجود خلايا إرهابية على الأرض الأردنية، ويقر بان وجود أردنيين في صفوف داعش بانه عمل غير مرغوب..وأن من الضروري محاربة الإرهاب بمجمله، وليس داعش فقط..وأن الإنتماء لداعش ليس مبعثه اعتبارات عقائدية وإنما اقتصادية معيشية وإحباطات،وان الأردنيين يخشون الانغلاق الفكري والديني والتطرف، وإن إرهاب داعش يمسنا ويمس معتقداتنا ومصلحتنا محاربته، فإن ذلك يعني الكثير شعبياً ورسمياً معاً، وإن كان المصري ، خارج أي موقع من مواقع المسؤولية  الآن .

ويقول المصري ( وإن كانت له ملاحظات معروفة حول سورية المح إليها من بعيد دون تصريح ) أن لا مصلحة للأردن للدخول في حرب برية في سورية ..  وإن اعرب عن ظنه بأنه لا توجد ترتيبات أردنية لدخولها دون أن يجزم ، وفي آن قوله  بأن الحرب على الإرهاب ينبغي أن لا يقتصر على داعش وأنه لا مصلحة للأردن في التورط بـ (المستنقع  السوري ) فإنه يوجه بذلك رسالة قوية، ليس من باب إنحياز لسورية ولكن من باب المصلحة الأردنية ( فعملية إربد بحسبه وكما هي الحقيقة ، أظهرت أن هناك تنظيما خطيراً يحضر ويخطط لمهمات معينة، ولديه أسلحة كثيرة ).

وأعاد المصري إلى الأذهان أن الأردنيين يخشون من المتطرفين الذين يدّعون الانتماء للإسلام .. ويخشون مما يدور في دول الجوارمن طائفية واقتتال وإرهاب ومن تفسخ الأمة العربية وحالة الانغلاق الفكري والديني و (من نفوذ بعض الدول الإقليمية في المنطقة).

لكن هذه الخشية من الإرهاب والإنتماء الوطني للدولة الأردنية الذي تجلى في أحداث إربد الأخيرة ، والاستعدادات الأمنية المتميزة المناسبة ، كلها لا تمنع من حدوث اختراقات وإن بنسبة قليلة ، جراء أوضاع إفتصادية معيشية صعبة ( وبخاصة  إذا تزامنت مع قمع للحريات وهذه الفكرة لم ترد في لقاء المصري على القناة المذكورة ) .

هذه الإختراقات للمجتمع الأردني غير الصديق للإرهاب، ليست عقائدية بحسب المصري، وإن كنت أعتقد أن لها بطانات حاضنة إسلاموية سلفية جهادية وإخونية ووهابية.. لكن المنصرفين للإنخراط في العصابات الإرهابية هم غالباً، إلى جانب خلفياتهم الإسلاموية، هم من بيئات مدقعة ، ونادرا أن تجد بينهم ثرياً أو في مرحلة متقدمة من العلم ( أردنياً ) .

ان منابر وخطباء مساجد وجمعيات(خيرية) تابعة لجماعات إسلاموية،ومناهج التربية والتعليم، وعقود من التحالف بين الأردن الرسمي ومعظم رموز وهيئات تلك الجماعات ، خلقت إمكانات إقتصادية وثقافية مؤسسية وبيئات حاضنة للإرهاب، على أنه هو الإسلام الذي ينبغي ان يتبع ، وحيث لا جهاداً حقيقيا باتجاه القدس ، فقد توجه حملة هذا الفكر إلى الإرهاب، وجرى استغلاله إقليميا ودولياً، على نحو مذهبي وطائفي وإثني، وظن البعض، أنهم سيتسيدون به المنطقة، عبر تحالفات غير شريفة ولا بعيدة النظر ، فخاضوا مستنقع الإرهاب وأنفقت تريليونات الدولارات في غير ساحة، ولم يحصدوا في النهاية شيئاً، ويبدو أن الأمر سيستغرق أكثر، وسيصيبهم بعض ما صنعوا ، وصولاً إلى سقوطهم.

لم يقترب المصري من الحلول السياسية صراحة بمواجهة الإرهاب وجماعاته ، وإنما ركز على الإقتصاد، لكنه طالب بان يكون الإصلاح في الداخل موزوناً وسائراً في الاتجاه الصحيح، وموازياً للقوة الأمنية، وفي هذه المفردات الموجزة ربما عنى المصري الإصلاح السياسي أيضاً معبّرا عنه بمفردات مهذبة .

ومرَ المصري مرور الكرام حول نشأة داعش ، وكانه لم يرد ( التورط ) في تحديد صانعيها ،

بقوله ( لا أحد يعرف بدايات داعش، ورغم أن العالم كله يسعى إلى التحالف لمقاتلتها ، ويتفق على ذلك، ما تزال داعش متحركة، وتتنقل على الأرض! هناك شيء غامض في داعش، ولا أستطيع أن أتهم أحدا ) .

وفي تقديرنا ان دولة المصري يعلم من خلق وصنّع داعش ومن هو المستفيد الاول من وجودها ، رغم مزاعم التحالف الأمريكي الدولي أنه قام للإجهاز عليها .

نتفق مع دولة المصري على أن محاربة الإرهاب أمر ضروري،  وأن إرهاب داعش يمسنا ويمس معتقداتنا ومصلحتنا في محاربته ، ونتفق معه أن الأوضاع المعيشية السيئة تهيء ظروفاً مناسبة للدخول في العصابات الإرهابية ، لكن ذلك ليس كل شيء ، كما أشرنا ،

إن يقظة الجيش العربي الاردني والأجهزة الأمنية عامل مهم جدا في تحصين الاردن من الإرهاب من كل ما ومن قد يعكر أمنه وإستقراره .

وأرى أنه لا بد أيضاً من إعادة النظر بالنهج الإقتصادي للدولة والأحوال المعيشية للناس ، ابتداء بمحاربة الهدر والفساد والتفاوت الطبقي، والنظر في التحرر من وصفات البنك وصندوق النقد الدولي ومن الخصخصة التي قادت البلد إلى أدنى درجات الاستقلال الإقتصادي ورهنت بالتالي القرار السياسي لمن يُمسك بخناق القرار الإقتصادي .

لا بد من إستثمار ثروات البلاد التعدينية لصالح البلد ؛ وكما ينبغي ، والتوجه الحثيث لمصادر الطاقة البديلة، والعودة للزراعة النباتية والحيوانية بكل أشكالها وتخصصاتها وفروعها المساعدة ودعمها بكل أشكال الدعم وتحقيق تطورحقيقي للسياحة العلاجية والدينية والتاريخية دون محاذير وبعيدا عن الاستغلال والتبعية.

ولا بد من فتح علاقات وأسواق وصداقات وتحالفات جديدة تتيح للأردن ان لا يضع بيوضه في سلة واحدة أو في سلال متماثلة ، ما يتيح له بالتالي استقلالية القرارين الإقتصادي والسياسي .

ومن الضروري؛ الإستماع لوجهات نظر ومطالبات القوى السياسية القومية واليسارية ، والتي على مدى عقود الى حد بعيد ، لم تجرب لمرة واحدة ، والعمل بوجهات نظرها في السياسة والإقتصاد ، فيما تحول قوانين الإنتخاب المتعاقبة وتفاصيلها دون وصولها للحكم .

إن انتهاج الاردن الرسمي سياسة حوارية منفتحة على الحريات العامة والأحزاب الوطنية والقومية واليسارية، ومساعتها على الإنتشار،سيحصن الأردن من الأفكار التكفيرية  والإرهاب والظلامية والتطرف والدم ، وسيجنّبه أي أنحراف  نحو بوصلات تدميرية تخريبية.

ويقف الشعب الاردني على جاهزية كبيرة في أغلبه لدعم دولته بمواجهة الإرهاب وفي وجه أي جماعة أو عصابة ظلامية تزعم أنها الجهة الإسلامية التي تقرر اتجاه البوصلة ، وتجنيبه مغبة التورط خارج حدوده سواء في سورية او العراق أو اليمن او البحرين أو سواها ..

لكن هذا الشعب الذي يقف مع دولته، يستحق حياة أفضل اقتصادياً وسياسياً ،وقتها لن تجد في صفوفه إرهابياً أو تكفيريا أو ظلاميا أو مضللا.. سواء داخل  الأردن او خارجه ، ووقتها لن تستطيع جهة ما أن تفرض على الأردن أجندتها سواء في الداخل أو على صعيد علاقاته مع سورية أو العراق أو فلسطين أو سواها .

عن ورقية ” البناء ” اللبنانية وموقعها الإلكتروني

[email protected]

 

  

قد يعجبك ايضا