الحرب الكبرى آتية / سندريللا مرهج

 

سندريللا مرهج ( الأربعاء ) 24/2/2016 م …

مدينتان سوريتان تقرران مصير عالم الغد: “حلب” والرقة”؛ تتجه نحوهما الأقمار الإصطناعية؛ الخطط العسكرية والآمال بعد تعثّر ولادة الشرق الأوسط الجديد.

الواقع الجغرافي لمدينة “حلب” وقربها من “الحدود التركية” يجعل منها هاجساً تركياً مستداماً لا سيّما بعد فرض الحصار البري والجوي عليها؛ الأول مع سيطرة الجيش الديمقراطي السوري على قاعدة مينغ الجوية وتقدّم الجيش السوري يوماً بعد يوم بإتجاه صلب حلب؛ والثاني مع غطاء الطيران الروسي؛ ما يجعل السيطرة على مدينة “أعزاز” وسقوطها أمراً وشيكاً ترفضه تركيا رفضاً قطعيّاً لما يشكل ذلك من تهديد لحدودها كما تعلن ذلك بتصريحات صريحة وصواريخ مباشرة على قوات حماية الشعب السوري، المكوّن الفاعل في الجيش الديمقراطي السوري.

أمّا “الرقة”، البوابة التي يُخطط عبرها الدخول إلى سوريا برّاً من الحدود الأردنية بعد تشكيل القوات العربية – الخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية “لغزو” بعنوان الحرب على تنظيم “داعش” والبسط العسكري لكل الأراضي التي تقع تحت سيطرة التنظيم، هاجساً عربياً؛ فـ”الفتح”  بغير هاتين البوابيتين طريقة مقطوعة.

إنه بركانٌ برّي يغلي بإتجاه شمالي مصحوباً برمال صحراوية وصواعق جوية ترجمته المناورات  التي لا تنكفىء أصداؤها في المناطق الشمالية للمملكة العربية السعودية والتي تتعاون وتُشارك فيها قوات من دول خليجية وعربية عدّة مع حضور طائرات من طراز “أف 16” كتدريبات ومقدّمات على بدء حرب ضدّ “داعش” في الرقة ودير الزور والموصل وبعدها إلى كل مناطق سوريا كما يُحاك.

هذا من جهة؛ أما من جهة أخرى، فإنّ الطائرات الروسية والأميركية بأتم جهوزيتها والتمديدات العسكرية مستمرة، فمنذ أيام قليلة أعلن قائد أسطول البحر الأسود الروسي الأدميرال ألكسندر فيتكو، وتحديداً يوم الأربعاء 17/2/2016، عن “وصول سفينة الصواريخ زيلوني دول – التابعة للأسطول إلى ميناء طرطوس السوري”، موضحاً أنها “ستنفّذ المهمات المطروحة أمامها ومن ثم ستعمل السفينة سيربوخوف محلّها هناك”.

كلّ هذا يؤكد حقيقة لا مفرّ منها بأنّ أي حرب برّية عربية متحالفة بإتجاه سوريا ستواجه بالمقابل بحرب تضمّ روسيا وحلفاءها من جهة مع القوات التركية – الأميركية وحلفائها من جهة أخرى خاصة إذا كانت القوات الأميركية تقود العمليات البرية السعودية- العربية وتوجّهها أو تغطّيها جوّاً.

نتيجة لكل ما يتم تداوله من تصريحات تعبّر عن مواقف رسمية لدول مطلقيها وإستخلاصاً لكل التحضيرات العسكرية الدائرة في المنطقة؛ نعيش اليوم حقبة هي الأخطر في التاريخ المعاصر؛ فالحربُ الكبرى آتية.

 

ليست حرب إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد أو حرب إسقاط نظام بإسم الحريات كما ليست حربًا ضد الإرهاب أو حرباً طائفية؛ إنها حربٌ وجودية؛ حرب مصالح وثروات؛ وما مشروع تقسيم سوريا إلى شرقية وغربية أو مشروع تقسيمها إلى مقاطعات عدّة إلاّ نموذجاً عن الإتفاق على توزيع الغنائم؛ فكيف بالحرّي بما يتعلق بالإقتصاد الإقليمي والدولي!

أمّا إسرائيل؛ التي تتفوّق اليوم بإخفاء هويتها عن الحرب الدائرة فتُعلن نفسها الحامي الأول والسند الوحيد “للأمة السنيّة”؛ إسرائيل الدولة العدوّة التي تمتهن اللعب على العصبيات الطائفية لن تقف مكتوفة الأيدي بعد إعلانها هذا في أيّ حربٍ آتية؛ يظهر جلّياً أنها فكّت يديها المكتوفة فصافح وزير أمنها موشيه يعلون رئيس المخابرات  السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل في مؤتمر الأمن في ميونغ وأعلنت عن علاقات إستراتيجية مع أنظمة سنيّة.

في هذا السياق العسكري؛ أطلق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله رعداً مدويّاً بإعلانه لبنان “دولة نووية” مهدداً إسرائيل بقصف “الأمونيا” المخزون على أراضيها بعد أن ذكّر بأنها العدوّ الأول للسنيّة منذ سقوط القدس وما قبلها…

إعلانٌ لا شّك يقلب موازين الطاولات الدائرة.

وإلاّ إنّ هذه الجحافل المتحضّرة “للزحف” تقدم على “الإنتحار” وعلى قتل شعبها وإستنزاف جنودها في حال أقحمت نفسها عسكرياً في حربٍ آتية.

غير أنّ أيّ موقف معادٍ للتنظيمات الإرهابية من قبلِها عبر إتخاذ قرارات حازمة مع حلفائها قائمة على وقف وقطع الطريق على “أنابيب” التمويل تشكل مخرجاً سيادياً لها من “الحرب الوجودية” يقيها “السقوط” ويعيد فتح بابٍ لحوارات وتسويات كما لقاءات ومؤتمرات لا تتّسم بالفشل.

السؤال الذي يطرح اليوم، ألا يعي هؤلاء أن الحرب الكبرى الآتية إن عصفت رياحُها في سوريا إقتلعت معها أنظمة ودولاً ورسمت خارطة شرق أوسط جديد ولكن هذه المرّة بحبرٍ من نوع آخر وبدماءٍ من “عروبة” أخرى؟!

 

 

قد يعجبك ايضا