ديمستورا يمرر للجماعات الإرهابية رغباتها .. لاستكمال فظائعها المماثلة لمجازر العصابات الصهيونية سنة النكبة

 

الجمعة 5/2/2016 م …

محمد شريف الجيوسي

أعلن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في مؤتمر صحفي وهو في حالة انفعال ،  تعليق محادثات جنيف بشأن الأزمة السورية حتى 25 فبراير/شباط 2016 ، في إنحياز ظاهر لا يفترض من قبل وسيط دولي ، بعد لقاء جمعه بوفد معارضة الرياض، برئاسة رياض حجاب الفار،بلباس سيدة بحسب وزير الخارجية الأمريكية كيري ،في لقاء جمعه في حينه مع الملك عبد الله بن عبد العزيز،مستهجنا خروجه فيما كان بقاءه كرئيس للوزراء في منصبه ، أفضل من وجهة نطركيري ، لتنفيذ مخطط  إسقاط الدولة الوطنية السورية وتحويلها إلى دولة فاشلة . 

وكان رئيس الوزراء الأردني الأسبق د. معروف البخيت قد أعلن لاحقاً ( بعد استقالة حكومته بفترة ، أن الأردن قبل لجوء حجاب،بعد اتصال مع سورية  وموافقتها ) ما يعني أنه لم يكن لدى دمشق أي أسف عليه ، بل إنه كالدمل الذي يتم التخلص منه ، ولا بد أن فراره كشف آخرين في وقت مناسب .

العبقري حجاب تحدث قبل أيام عن تخلي عواصم غربية عن ( مجموعته المعارضة ) في اعتراف صريح بتبعية ما اصطلح على تسميته بـ ( معارضة الرياض ) للعواصم الغربية المتخلية عنها ، وبالتالي عدم امتلاك هذه المعارضة التي ترأسها استقلالية القرار .

وأتبع حجاب تصريحه الذكي هذا بالإعلان عن ان وفده قد ينسحب  في حال استمرت العمليات العسكرية السورية والروسية، ما يعني الاعتراف صراحة بارتباط مجموعته ومن يدعمها بالعصابات الإرهابية، بل ومخالفته لقرار مجلس الأمن الذي أعلن الحرب على الإرهاب بموافقة أمريكية بريطانية فرنسية ( ولو لفظية )، ما يؤكد مجددا عدم جدية الغرب وأطراف تابعة في محاربة الإرهاب .

إن الإنتصارات الحاسمة التي تحققها الدولة الوطنية السورية، منذ اشهر تستدعي من المعارضة المرتبطة بالعصابات الارهابية استعجال الحل السياسي لا تعطيله، حيث أن المعطيات العسكرية على الأرض والسياسية تجري في غير صالحها،فضلاً عن أنها ليست المعارضة الوحيدة صاحبة القرار الوحيد في تقرير مستقبل سورية، فهناك المعارضة الوطنية في الداخل ومعارضة الخارج غير المنضوية في معارضة الرياض بحسب المصطلح المتداول ، فضلاً عن الدولة الوطنية السورية، ومحور المقاومة الإقليمي والدولي ، والتحالف الأمريكي المراوغ الذي بات يدرك أكثر من تابعيه ،أن المعادلة باتت مختلفة، وانه لم يعد أمامه غير إعادة إنتاج سياساته وتدوير الدوائر، بأمل  الخروج من مأزقه بأقل الخسائر وإن أمكن تحقيق بعض النقاط غير الحاسمة ؛ بحال .

لكن الغريب أن ينفعل دي ميستورا،بالتحدث عن حصار قال أن الدولة الوطنية سورية تفرضه وانها تمنع وصول إمدادات لمحاصرين،متبنيا رواية مجموعة حجاب، ومتجاهلا أن  من يفرض الحصارات  هي العصابات المسلحة على مناطق (غير سنية) لنحو 4 سنوات كـ نبل والزهراء الشيعيتين (لمجرد كونهما كذلك وغير قابلتين الرضوخ لإرادة  العصابات الوهابية ) والتي بعد فك الحصار عنهما بساعتين، قررت مجموعة حجاب؛ الإنسحاب من جنيف ، فضلاً عن البغيلية في محافظة دير الزور، لموالاتها الدولة والتي ارتكبت فيها العصابات مجزرة طالت نحو 400 مدني، ومن اختطفتهم العصابات الإرهابية من عدرا العمالية ومن قرى علوية في محافظة اللاذقية، ووضعتهم في سيارات مشبكة بالحديد ، أشبه ما تكون بالأقفاص، وطافت بهم على مرأى من الناس ، كما فعل الصهاينة بنساء بلدة الدوايمة الفلسطينية سنة 1948 وطافوا بهن شوارع القدس !؟ لإرهاب الفلسطينيين ودفعهم على الاستسلام أو الهرب.

وأودعت العصابات الإرهابية المختطفين من عدرا والقرى العلوية في دوما كرهائن وأسرى ، وتتعامل معهم بأسوا ما تكون عليه المعاملة ، الأمر الذي يعيق استعادة دوما لسيطرة الدولة إلى حين .

وما تزال قرى بمحافظة إدلب محاصرة من قبل الجماعات الوهابية المسلحة كـ الفوعة وكفرايا ،  فضلا عن 17 قرية للمسلمين الموحدين في جبل السماق بالمحافظة وهي : بنا نبل ـ  قلب لوزه ـ بشندلنتي ـ كفر كيلا ـ عبريتا ـ جدعين ـ بشندلايا ـ كفر مارس ـ تلتيتا ـ حلي ـ كوكو ـ الدوير ـ عرشين ـ كفر بني .. وفي سهل جبل السماق كفتين ـ بيرة كفتين ـ منارة الإخوان.

وقد فرضت العصابات الإرهابية على مواطني هذه القرى اعتناق الوهابية ، في مخالفة صريحة لكل الشرائع السماوية والوضعية وللمفاهيم الإنسانية والحضارية .

إن اشتراط دي ميستورا وقف العمليات العسكرية ضد العصابات الإرهابية، فضلاً عن كونه مخالفاً لقرار مجلس الأمن المتعلق بالموقف المعلن من الإرهاب، يعني إتاحة الفرصة للدول والجهات الداعمة للإرهاب مدها بأسباب إستمراره والاحتفاظ بالمناطق التي ما زالوا يسيطرون عليها حتى الآن، كما يعني استمرار محاصرتهم للمناطق التي أسبقنا الإشارة غليها ، والإستمرار في استخدام من اختطفتهم من عدرا والقرى العلوية ألـ 13 كرهائن.

ما يريده دي ميستورا وفريق معارضة الرياض ، تكرار تجربة ( الهدن ) التي فرضت على العرب في عام النكبة سنة 1948 ، حيث تلقت العصابات الصهيونية خلالها إمدادات عسكرية ملائمة ، مكنتهم من احتلال أراض فلسطينية جديدة وطرد المواطنين الفلسطينيين منها وارتكاب نحو 80 مجزرة ونيف وثّقها مؤرخ يهودي ، لم تشر إلى بعضها المصادر العربية .     

إن الموضوعية والهدوء النسبيان اللذان كانا يتبديان لدى دي ميستورا، تجليا في المؤتمر الصحفي عن نزق وإنحياز وسلوك غير موضوعي،وسواء كان ذلك تحت تأثير الضغوط المفروضة عليه ، أو أنه حان وقت تسديد استحقاقات مرسومة، فان لذلك معنى واحداً ، وهو أن الطرف الآخر، فقد أعصابه وبات يتصرف على طريقة الأرض المحروقة ، وهو على اي حال ( أي الطرف الآخر ) لم يكن بعيداً عن هذه الممارسات طيلة سنوات الغزو ألـ 5 الموشكة على الانتهاء؛ حيث لم تكن هذه العصابات لتعمل على الاستقرار أو حتى الاستيلاء على الحكم في الدولة السورية وإنما تدميرها، إدارة وجيشاً ومقدرات وإنجازات وبنى تحتية ومعالم حضارية وقيما اجتماعية وإنسانية، لكنها الآن باتت أكثر شراسة ودموية وتشتتاً فيما بينها، ومفتقدة أي قدر من التعقل ربما كانت تمتلكه بالحد الأدنى ، ما يعني أيضاً أن مجموعة حجاب ربطت ذاتها بعواصم إقليمية باتت ترى ان هزيمة هذه المجموعة نهائياً هزيمة لها بالذات ، لذلك فهي ستعمل على أخذها بعيداً جداً،نحو الكارثة ، بأمل أن تنجو من تداعيات الهزيمة ، لكنها في واقع الأمر، رغم التضحيات المقبلة،ستقدّم هدية كبرى للدولة والشعب السوري ولمحور المقاومة ، وسيدرك كل من بقي في مخيلته بعض وهم؛ حقائق ما جرى ويجري في سورية والمنطقة العربية .

   [email protected]

   عن ورقية ” البناء ” اللبنانية اليومية 

قد يعجبك ايضا