كل دروب الحب توصل إلى حلب ( نصّ ) / نزار قباني

 

الأردن العربي ( السبت ) 2/1/2015 م …

هذه القصيدة ارتجلها نزار قباني في مدينة حلب، ولم تذكر في أي ديوان شعر له، وحكاية القصيدة تقول: قام نزار قباني بزيارة مدينة حلب بدعوة من الاتحاد الوطني لطلبة سورية – فرع جامعة حلب – بتاريخ 21/12/1980، وكان الشاعر قد انقطع عن زيارتها لعشرات السنين، اعتلى منبر الشعر، وأمامه  المئات من شبان وشابات حلب الشهباء، متراصين كعنقود العنب البلدي، وكل ينتظر ماذا بجعبة ابن دمشق لحلب وأهل حلب.؟ ماذا يقول لهم.؟ وما هو عذره في الانقطاع الطويل عن مدينتهم. ونزار حائر ماذا يقول لحلب المدينة العريقة التي غاب عنها عشرات السنين، وكيف يعتذر عن هذا الغياب، وهل حلب تقبل اعتذار شاعر دمشق.؟ فارتجل منشداً:

كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما

كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر

وكل دروب الحب توصل إلى حلب

صحيح أن موعدي مع حلب تأخر ربع قرن

وصحيح أن النساء الجميلات لا يغفرن لرجل

لا ذاكرة له ولا يتسامحن مع رجل لا ينظر

في أوراق الروزنامة..

ولا يقدم لهن فروض العشق اليومي.

كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب

واحدة منهن

يعرفن أيضاً أن الرجل الذي يبقى صامداً في نار العشق

خمساً وعشرين سنة ويجيء ولو بعد خمس وعشرين سنة

هو رجل يعرف كيف يحب ويعرف من يحب

ربما لم أضع حلب على خريطتي الشعرية

وهذه إحدى أكبر خطاياي ولكن حلب كانت دائماً

على خريطة عواطفي وكانت تختبئ في شراييني

كما يختبئ الكحل في العين السوداء

وكما يختبئ السكر في حبة العنب

واليوم تتفجر الحلاوة كلها على فمي

فلا أعرف من أين يبدأ الشعر ومن أين

يبدأ النبيذ ومن أين تبتدئ الشفة

ومن أين تبتدئ القبلة

ومن أين تبتدئ دموعي

ومن أين تبتدئ حلب

لا أريد أن أتغزل بحلب كثيراً

حتى لا تطمع

ولا أريد أن أتكلم عن الحب

بقدر ما أريد أن أحب

كلماتنا في الحب تقتل حبنا

إن حروفنا تموت حين تقال

كل ما أريد أن أقوله إن حب النساء

وحب المدن قضاء وقدر

وها أنذا في حلب

لأواجه قدراً من أجمل أقداري

وحين انتهى نزار من إلقاء القصيدة علت أصوات الحضور واختلطت مع التصفيق الحاد… وقبلت حلب الشهباء وأهلها اعتذار نزار عن هذا الغياب الطويل الذي استمر خمساً وعشرين عاماً، وأنشد في هذه الأمسية الحلبية القصائد التالية: “إني خيرتك – زيديني عشقاً – أشهد أن لا امرأة إلا أنت – حبلى – قارئة الفنجان – غرناطة – قصائد قصيرة من كتاب الحب – الوصية – الخطاب – مواويل دمشقية لقمر بغداد – ” واستمرت الأمسية الشعرية الحلبية ساعات طويلة تبادل فيها نزار وحلب العتاب والعشق، وكل دروب الحب توصل إلى حلب

قد يعجبك ايضا