حكايات من دفتر الخونة.. لبنان صائد الجواسيس.. “أسماء” و”معلومات خطيرة”..!!

 

 الأردن العربي ( الخميس ) 24/12/2015 م …

الهلال نيوز-العمالة ليست حكرًا على فئة معينة من البشر لديهم ميول جاسوسية، فلا أحد بمأوى عنها، ومن تظن أنه بعيدًا عنها ربما يكون على رأس الجواسيس. فمن العاطلين عن العمل الذين لا يجدون مصدر رزق إلى كبار رجال الدين والعسكريين، بل السياسيون أيضًا الذين يرتمون فى أحضان الجاسوسية نكاية فى خصومه السياسيين، وهكذا أصبحت العمالة جيشًا رديفًا وطابورًا خامسًا يحارب مواطنيه وأهله نيابة عن العدو الإسرائيلى، ويشكل رأس حربة ضد الجيش والأجهزة الأمنية الرسمية والوطنية، وكل من يقاوم أطماع العدو الإسرائيلى. هذا ما يكشفه كتاب “زلزال الموساد.. العملاء فى قبضة الموساد” والذى يلقى الضوء على العديد من شبكات التجسس والعملاء فى لبنان الذين باعوا وطنهم مقابل ثمن بخس.

عُرفت الجاسوسية فى التاريخ كمهنة من أقدم المهن التى تعاطاها الإنسان، ويشكل الجواسيس والعملاء “بنك معلومات” ثمينا، يستمد منه العدو قوته.. وفى منطقتنا العربية نجد تاريخ التجسس الإسرائيلى حافلا بالملفات، وثمة خونة جندهم العدو، تم كشف أمرهم فى العديد من الدول العربية على رأسهم مصر ولبنان وسوريا. وفى لبنان بدأت الجاسوسية الصهيونية أثناء الحرب العالمية الأولى، إبان حكم الأتراك، وثمة تشدد تركى ملحوظ فى مكافحة هذه الأعمال، وما بين الأمس واليوم لم تتغير الكثير من الأمور من حيث مشاعر الكره العام للجواسيس أو الأحكام القضائية التى تصدر ضدهم.

ويكشف مؤلف الكتاب الصحفى اللبنانى هيثم سليم زعيتر، سكرتير تحرير جريدة “اللواء” اللبنانية، عن العديد من ملفات العملاء والجواسيس فى لبنان، الذين جرى توقيفهم من جانب أجهزة مخابرات بلاده، بتهمة التخابر لصالح العدو الإسرائيلى، خلال الفترة الماضية. يكشف زعيتر وقائع مذهلة بالأرقام المخيفة للشبكات والعملاء الذين استطاعت الأجهزة الأمنية اللبنانية الكشف عنهم حتى الآن، وما من شك فى أن ثمة عملاء وشبكات أخرى تحت الرماد متخفية، ولم يتم التوصل إلى اكتشافها حتى الآن إما للاشتباه وعدم التأكد- ومازالوا تحت المراقبة- وإما للتنبه والمزيد من الحرص بالتخفى فى أعقاب ما اكتشفوه. ويمكن القول إن الأجهزة الأمنية اللبنانية وجهت خلال الفترة الماضية ضربات مؤلمة إلى أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وأحدثت بذلك زلزالا فى صفوف “الموساد” مما اضطر رئيسه العاشر ” مائير داجان” إلى تقديم استقالته فى العام 2010، حيث أن كشف العشرات من هذه الشبكات يعتبر من الضربات الأشد إيلامًا للموساد منذ نشأته.

وكان طبيعيا فى كتاب بهذه الأهمية أن يكتب مقدمته العماد جان قهوجى قائد الجيش اللبنانى، وهو موزع على سبعة أبواب وهى: شبكات لمواجهة مقاوم؛ إعدام بانتظار التنفيذ؛ عميل بريمو؛ خيانة القسم؛ ارتداء عباءة العمالة؛ من النضال إلى العمالة؛ امتهنوا العمالة.

شبكات لمواجهة مقاوم

فى الباب الأول من الكتاب “شبكات لمواجهة مقاوم” يعرض الكاتب طريقة توظيف جهاز الاستخبارات الإسرائيلى “الموساد” لأكثر من شبكة لاغتيال القيادى فى حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين محمود محمد المجذوب، الذى استشهد معه شقيقه نضال، فى المحاولة الرابعة لاغتياله، حيث كان قد تعرض لثلاث محاولات سابقة ونجا منها، فقد جند الاحتلال الإسرائيلى أكثر من شبكة تجسس لتنفيذ اغتياله، حتى وضع الموساد سيارة مفخخة انفجرت أمام منزله فى مايو 2006. وبعد تهاوى شبكات الموساد، تم الكشف عن هوية المشتركين فى تنفيذ عملية اغتيال المجذوب، حيث شاركت فيها عدة شبكات بإدارة الضابط الإسرائيلى المدعو “شوقى”، وهذه الشبكات هى؛ شبكة أساسية تولت تنفيذ العملية وضمت كلا من العميلين لصالح الموساد محمود قاسم وحسين سليمان وضابط إسرائيلى يدعى جورج، وشبكة مراقبة تولى مهامها أمين إبراهيم، وشبكة تولت مهمة إجلاء الضابط الإسرائيلى جورج، وتولى مهامها العميد متقاعد أديب أسعد العلم وزوجته قزحيا الصالومى، وشبكة العميل المقيد باسم لبنانى مزور “مارون ميشال كرم” الذى قام بشراء السيارة التى تم تفجيرها. هذا إضافة إلى شبكات أخرى لا تحصى. واللافت للنظر أن أيا من تلك الشبكات لم تكن على علم بوجود الشبكة الأخرى المشتركة معها فى العملية.

إعدام مع وقف التنفيذ

ويكشف الكاتب عن المسيرة السوداء لـ9 عملاء منذ تجنيدهم، وحتى تاريخ إصدار حكم الإعدام وجاهيا بحقهم عن المحكمة العسكرية اللبنانية الدائمة فى بيروت، وهم محمود قاسم رافع، على حسين منتش، حسن أحمد الحسين، أسامة محمد على بري، جودت سلمان الحكيم، جريس إلياس فرج، أيمن إبراهيم البابا، هيثم راجح السحمرانى، موسى على موسى، حيث أن هؤلاء صدر بحقهم أحكاما بالإعدام ولم تنفذ حتى اليوم.

ويأتى على رأس هؤلاء محمود قاسم رافع، حيث قام الموساد بتجنيده فى العام 1993،أثناء خدمته فى جهاز قوى الأمن الداخلى فى منطقة النبطية، وتردد على بلدته حاصبيا من قبل ضابط إسرائيلى يدعى “أيوب”. وفى يونيو 2006 أوقفته المخابرات اللبنانية، وفى فبراير 2010 أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة فى بيروت 4 أحكام إعدام بحقه، فى جريمة اغتيال الأخوين المجذوب، وكانت هذه الأحكام هى الأولى التى تصدر وجاهيًا. وفى فبراير 2014، تم الحكم عليه بالإعدام “الخامس” أيضًا، وحتى اليوم لم يتم تنفيذ أىا من هذه الأحكام.

العميل الثانى فى هذه الحلقة هو على حسين منتش، الذى بدأ تعامله مع الموساد عام 2005، متخذًا من مهنته ستارًا يتخفى بظلها. كان منتش قد انتمى فى العام 1978 إلى حزب البعث الاشتراكى الجناح المؤيد للعراق، قبل أن ينضم إلى حركة “أمل التى طردته لأسباب تتعلق بالسلوك. كما عرف عن حسين منتش كراهيته لحزب الله وكان ذلك سببًا رئيسيًا فى اختيار الموساد الإسرائيلى له وتجنيده. سافر إلى فلسطين أكثر من مرة لتقلى تدريبات على كيفية استعمال أحدث أجهزة ووسائل التجسس. ويعد منتش من هؤلاء الذين تلطخت أيديهم بدماء أهل بلدته فى حر ب 2006، حيث أمد العدو الإسرائيلى بمعلومات عن عدة مراكز بعضها تابع لحزب الله، ووقعت بسببها العديد من الضحايا معظمهم من بلدة زبدين. وقد ألقى فرع المعلومات فى قوى الأمن الداخلى القبض عليه فى أبريل 2009، وفى يوليو 2010 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها بإعدام على حسين منتش، حتى اليوم لم يتم تنفيذ الحكم.

تجسس من غرفة أطفال

ومن بين العملاء الذين ضبطتهم المخابرات اللبنانية وصدرت ضدهم أحكام بالإعدام ولم تنفذ، العميل حسن أحمد الحسين من بلدة القنطرة. كان الحسين قد تطوع فى الجيش اللبنانى عام 1971 وتقاعد منه عام 1982. وتولى بعدها مسئولية فى حركة “أمل”، وفى عام 2008 جندته المخابرات الإسرائيلية. وصمم له الموساد جهاز تجسس يتناسب مع غرفة أولاده بالشكل واللون، لاستخدامه فى إرسال واستقبال الرسائل. ويعتبر الحسين صاحب أقصر مدة تعامل مع الموساد الإسرائيلى، حيث ألقت مخابرات الجيش اللبنانى القبض عليه فى مايو 2009، وبعدها بعام صدر بحقه حكمًا بالإعدام لم ينفذ حتى الآن. كما تضم قائمة الجواسيس الذين صدرت ضدهم أحكام إعدام ولم تنفذ حتى الآن، العميل أسامة محمد على بري، الذى أطلق عليه أبناء بلدته اسم “أسامة اليهودى”، حيث تم تجنيده على يد العميل أنطوان سليم عتمة، منذ الثمانينات، خلال الاحتلال الإسرائيلى للمنطقة الحدودية، وأصبح أسامة يزوده بالمعلومات عن تحركات المقاومة، وتم توقيفه فى فبراير 2009، وبعدها بعام ونصف تقريبا صدر ضده حكمًا بالإعدام.

مندوب الأدوية

ويحل جودت سلمان الحكيم فى قائمة من لم تنفذ فيهم أحكام الإعدام على الرغم من تورطهم الواضح واعترافهم بالعمالة والتجسس لصالح إسرائيل، حيث تم تجنيده فى عام 1999 بواسطة العميلين الهاربين عامر الحلبى، وسامر فرحات. استفاد فرحات فى تجسسه من عمله كمندوب إحدى شركات الأدوية الطبية، حيث التجول بحرية بدون أدنى شكوك فى كل البلدان والقرى اللبنانية خصوصًا فى الضاحية الجنوبية. كما استفاد من عمله فى التجارة مع الكتيبة النرويجية فى قوات الطوارئ فى التغطية على سفرياته إلى خارج لبنان. اقتصر عمل جودت فى البداية على زرع “البريد الميت” ثم تطور لاحقا إلى أن أصبح يقوم بعمليات استطلاع ومراقبة وإرسال رسائل مشفرة إلى الموساد. تسبب جودت فى سفك دماء العشرات من الضحايا خلال حرب 2006، من خلال الإحداثيات والصور التى كان يرسلها للموساد. وفى مايو 2009 ألقت المخابرات اللبنانية القبض عليه، وفى نوفمبر 2010 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها بإعدامه الذى لم ينفذ حتى الآن.

ولم يكن جريس إلياس فرح أقل عمالة وجاسوسية من سابقيه، فقد تطوع فى الجيش اللبنانى عام 1966، والتحق بسلاح الإشارة، وفى عام 1983 جرى تسريحه من الجيش وكان برتبة رقيب، وتم تجنيده من قبل الموساد عام 2002. ويعد جريس أحد أكثر العملاء الذين زودهم الموساد بوسائل اتصال لمواكبة تطورات التكنولوجيا، حتى أطلق عليه الإسرائيليون لقب “المهندس” نظرًا لسرعة استيعابه والمعلومات الدقيقة التى زودهم بها. ألقت المخابرات اللبنانية القبض عليه فى مايو 2009، وهو من بين من صدرت بحقهم أحكامًا بالإعدام لم تنفذ حتى الآن.

الملاك العميل

أما أمين إبراهيم البابا، مؤسس مجموعة “الملاك الطاهر” لمقاومة المحتل الإسرائيلى، الذى شارك بالعديد من الأعمال الجهادية ضد إسرائيل، فقد وقع فى فخ الجاسوسية لحساب الموساد، وذلك بعدما اعتقلته إسرائيل 4 مرات. بدأ أمين مسيرته السوداء بالتعامل مع الموساد عام 1993، وتقاضى مبالغ مالية طائلة. وفى 2007 حققت معه عناصر من حزب الله حيث اعترف بتعامله مع الموساد، فقاموا بتجنيده لصالحهم لمدة 5 أشهر ثم افتضح أمره ولاحقا جرى تسليمه إلى مخابرات الجيش اللبناني. وفى فبراير 2011 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها بالإعدام عليه، ولم ينفذ حتى الآن. ويأتى هيثم راجح السحمرانى، الذى تطوع فى قوى الأمن الداخلى عام 1991، بين من صدرت ضدهم أحكام بالإعدام من قبل المحكمة العسكرية فى فبراير 2012، ولم تنفذ حتى الآن. هيثم خان قسم الشرف طمعا بالمال، وتم تجنيده فى عام 2003 من قبل شقيقته “ساحرة”، وكانت تشاركه زوجته راغدة أحمد ضاهر فى إحضار “البريد الميت”. وفى عام 2009 أوقفه فرع المعلومات فى قوى الأمن الداخلى اللبنانى مع زوجته.

تاجر المواشى

وكان آخر من ذكرهم المؤلف هيثم زعيتر فى قائمة العملاء الذين صدرت ضدهم أحكام إعدام ولم تنفذ، العميل موسى على موسى، والذى عمل فى تجارة المواشى بناء على طلب من الموساد. بدأ موسى فى العام 1977 تعامله مع الموساد، من خلال العمل فى “ميليشا العميل أنطوان لحد”، ودخل فلسطين أكثر من مرة، وتوقف عن العمل لصالح الموساد لمدة 5 سنوات بعدما هاجر إلى رومانيا عام 1992، ثم عاد إلى لبنان فى العام 1997، ومع عودته عاود العمل لصالح الموساد. وكان من العملاء الأكفاء بالنسبة للموساد حيث كان ينفذ الأوامر بكل تفاصيلها وبدقة، حيث قدم للموساد قائمة بأسماء مسئولى المقاومة وأنواع سياراتهم، والمهام الموكلة إلى كل منهم وأماكن سكنهم. وكان يلقب بـ”حفار البريد الميت”. أوقفته المخابرات اللبنانية فى مارس 2010، وأصدرت المحكمة العسكرية حكمها بالإعدام فى فبراير 2012. وحتى الآن لم يتم تنفيذه.

عميل بريمو

كما يرصد الكاتب فى الفصل الثالث من الكتاب اثنين من العملاء والخونة وصفهم بـ”عميل بريمو”، وهما العميل زياد أحمد الحمصى، والجاسوس فايز وجيه كرم. أما سبب إطلاق الكاتب عليهم كلمة “بريمو” فسنعرف أسبابها. بداية، الجاسوس زياد أحمد الحمصى، كان يشغل منصب رئيس بلدية سعد نايل، ورئاسة تحرير مجلة “الإرادة” وله نشاط سياسى وثقافى وإعلامى. وقد بدأ العدو الإسرائيلى بالتعامل معه عام 2006 لمهمة محددة، وهى التفتيش والتقصى عن جثث الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا خلال معركة “بيادر العدس” ولقبه الإسرائيليون بـ”الهندى”. جرى تدريب زياد على جهاز متطور ومشفر يعمل بواسطة الأقمار الصناعية، وبلغ عدد الرسائل التى بثها للعدو نحو 80 رسالة، وفى عام 2009، تم إلقاء القبض عليه فى منزله فى بلدة سعد نايل، وفى ديسمبر 2010 أصدرت المحكمة العسكرية اللبنانية الدائمة حكمها ضده بالأشغال الشاقة المؤبدة مدة 15 عامًا، وتجريده من حقوقه المدنية. وفى يونيو عام 2012، خففت محكمة التمييز العسكرى الحكم الصادر بحقه إلى 3 سنوات، ثم خرج من السجن بعد قضاء المدة.

 

وثانى العملاء البريمو، فايز وجيه كرم – ابن العميد وجيه كرم -ضابط متقاعد فى الجيش اللبنانى دخل المدرسة الحربية، فى عام 1969 وتخرج منها عام 1972، وأتم دورات عسكرية خارج لبنان، وتدرج فى الجيش اللبنانى، وتسلم مراكز قيادية، كان آخرها رئيس فرع مكافحة الإرهاب والتجسس، وكان وقتها برتبة رائد، وبقى فى مركزه إلى حين إنهاء الجيش السورى حالة العماد ميشال عون، فى أكتوبر 1990 ودخول قواته إلى وزارة الدفاع، وتم إيقاف فايز ودخل السجن فى سوريا، ومكث هناك مدة 5 أشهر. بعد خروجه من السجن بقى فى لبنان، وتمت ملاحقته من قبل السلطات اللبنانية، فى عام 1992، بتهمة تنظيم خلايا إرهابية والتحضير لانقلاب ضد السلطة القائمة، فغادر عبر فلسطين إلى فرنسا التى مكث فيها 13 عامًا إلى جانب العماد عون، قبل عودته الأخيرة إلى لبنان عام 2005. بدأ فايز علاقته مع الموساد الإسرائيلى أواخر الثمانينيات، ولبس ثوب العمالة فى 2005. ثم ألقت المخابرات اللبنانية القبض عليه فى أغسطس عام 2010، وبعدها بعام أصدرت المحكمة العسكرية حكمها ضده بالأشغال الشاقة لمدة 3 سنوات، ثم أطلق سراحه فى أبريل 2012.

خيانة القسم

ومن أخطر العملاء الذين كشفتهم أجهزة المخابرات اللبنانية، العميد المتقاعد أديب أسعد العلم، والثانى العقيد منصور حبيب دياب، حيث كان لا يزال فى الخدمة الفعلية حينما تم إلقاء القبض عليه. والخطورة والأهمية هنا ليست مرتبطة بما قدماه من معلومات للعدو الإسرائيلى، لكن فى كونهما خانا قسم الولاء للوطن للمؤسسة العسكرية التى احتضنتهما.

ينحدر العميد أديب أسعد العلم، من عائلة عريقة وهو خال الشهيد اللواء فرنسوا الحاج، الذى فدى بلده بحياته. فى منتصف الستينيات انخرط أديب فى صفوف الأمن العام اللبناني، الذى تدرج فيه فى مناصب متعددة، وارتقى مراكز مرموقة منها رئاسة دائرة جوازات السفر ورئاسة دائرة الأجانب ورئاسة مكتب بيروت، ووصل إلى رتبة عميد وكان متميزا بانضباطه. عرف عنه معارضته للوجود السورى فاستغل ابن خالته “نقولا” ذلك وجنده فى العام 1994 للعمل لصالح الموساد. وقاد أديب شبكة تجسس عائلية ضمت زوجته قزحيا الصالومى، وفى عام 1998 تقاعد العميد أديب من الأمن العام اللبنانى، واستمر بالتخابر لصالح العدو الإسرائيلى 15 عامًا، حتى جرى توقيفه فى أبريل 2009 مع زوجته، وبعدها توالى كشف النقاب عن العديد من شبكات التجسس لصالح الموساد. وفى يونيو 2013 أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكمها عليه بالأشغال الشاقة 15 عامًا، وعلى زوجته 4 سنوات، مع تجريدهما من حقوقهما المدنية.

أما العقيد منصور حبيب دياب، فقد خان قسم الولاء للوطن وهو لا يزال ضابطًا. دخل المدرسة الحربية بناء على رغبة والده، وتخرج منها وتبوأ العديد من المراكز فى الجيش اللبنانى، حتى تولى قيادة مدرسة القوات الخاصة. لكن جرى تجنيده لصالح العدو الإسرائيلى عام 1996على يد صهره هايل الجلبوط، الذى كان ضمن “ميليشيا العميل أنطوان لحد”. وتلقى العديد من الدورات التدريبية. وفى إبريل 2009 أعطى قائد الجيش اللبنانى العماد جان قهوجى الضوء الأخضر لتوقيفه والتحقيق معه، وتم ذلك من قبل مخابرات الجيش اللبنانى. ويعد العقيد منصور أول ضابط فى الجيش اللبنانى من بين الموقوفين تتم محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة، فى بيروت بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلى. وصدر بحقه فى يونيو 2011 حكما بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 20 عامًا مع تجريده من حقوقه المدنية.

مولانا جاسوس

العمالة والجاسوسية لا تقتصران على فئة معينة من البشر، بل من تظن أنهم أبعد من أن يقعوا فى شرك الجاسوسية، ربما يكونوا على رأس قائمة الجواسيس، حيث اختار العدو الصهيونى هذه المرة عميلين من القطاع الدينى، وهو ما يؤكد صحة المقولة بأن العمالة مفتوحة على الجميع دون سقف، وهذان العميلان هما، السيد محمد الحسينى والشيخ حسن سعيد مشيمش.

والسيد محمد الحسينى، هو رئيس المجلس الإسلامى العربى الذى أنشأه عام 2006، كما أنه مسئول عن عدة جمعيات إسلامية. فى عام 2009 أعلن الحسينى عن إطلاق المقاومة الإسلامية التى نفذت مناورة للتصدى للقوات الإسرائيلية. تابع دراسته الدينية فى مدينة قم بإيران منذ عام 1997 حتى 2005. بدأ التعامل مع العدو الإسرائيلى فى العام 2006، وتنقل منذ ذلك الحين وحتى تاريخ القبض عليه فى مايو 2011 بين عدة دول مختلفة منها فرنسا وبريطانيا. كما اتخذ الحسينى من منزله فى الضاحية الجنوبية لبيروت مركزا لنشاطه التجسسى. شغل الحسينى عدة مناصب دينية، إضافة إلى كونه أستاذا فى العلوم الدينية بإيران، ومشرفا دينىا على الحج والعمرة ومحاضرا فى السعودية وإفريقيا وغيرها. ألقت المخابرات القبض عليه فى مايو 2011، بتهمة التجسس، وفى فبراير من العام التالى أدانته المحكمة العسكرية وأصدرت حكمها بالأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات، وتجريده من الحقوق المدينة.

أما الجاسوس الشيخ حسن سعيد مشيمش، فقد تبوأ مواقع مهمة فى حزب الله من بينها مساعد أمين الحزب ومسئول التثقيف منذ 1986 حتى 1997، حيث وقع خلاف بينه وبين قادة الحزب بسبب انتخابات البلدية، ثم انقلب على الحزب. كانت لدية شبكة علاقات سياسية كثيرة بعدد من القيادات. وألقت المخابرات السورية القبض عليه فى يوليو 2010، فى منطقة المصنع الحدودية، بناء على معلومات من حزب الله، وسلمه الأمن السورى إلى نظيره اللبنانى فى أكتوبر 2011. وفى أبريل 2013 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها بالأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات وتجريده من الحقوق المدنية.

عميل من قلب المقاومة

والأغرب فى ملف الجاسوسية فى لبنان، هو أن تستطيع إسرائيل تجنيد عملاء هم فى الأصل من المعروفين بانتمائهم للمقاومة والنضال. يأتى على رأس هؤلاء الجاسوس المناضل على ديب الجرّاح، الذى التحق بصفوف الثورة الفلسطينية وقاتل العدو الإسرائيلى خلال اجتياحه لبنان فى يونيو 1982. استطاع الموساد الإسرائيلى تجنيده عام 1983، وفى نفس العام جند شقيقه يوسف أيضًا. كان الجرّاح صاحب شبكة علاقات واسعة ومتنوعة جمعته مع قيادات لبنانية وفلسطينية وسورية. وفى شهر يونيو 2008 اختفى الجرّاح وشقيقه يوسف، وفى أكتوبر من نفس العام أعلنت المخبرات اللبنانية توقيفهما بتهمة التعامل لصالح الموساد الإسرائيلى. وفى أكتوبر 2011 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة مدة 20 عامًا وتجريدهما من حقوقهما المدنية.

أخطر العملاء

كما يأتى مصطفى على عواضة ضمن فئة عميل أو جاسوس بدرجة “خطير”، وهو تاجر سيارات زاول هذه المهنة بناء على طلب من الموساد، بدأ التعامل مع الموساد الإسرائيلى عام 1984 واستمر حتى إبريل 2009، وخلال تلك الفترة الطويلة تنقل بين عدة بلدان عربية وجمع الكثير من المعلومات. تركز مهام مصطفى، على مراقبة كوادر “جبهة التحرير الفلسطينية” التى كان ينتمى إليها، ثم حزب الله. ويقول مؤلف الكتاب أن هذا الجاسوس تم تصنيفه ضمن خانة أخطر العملاء لصالح الموساد، حيث أسهمت المعلومات التى وفرها للعدو باغتيال قيادات مقاومة، فى طليعتها أمين عام حزب الله السابق، السيد عباس الموسوى وزوجته أم ياسر وطفلها حسن. تم توقيفه من قبل أمن حزب الله فى إبريل 2009، وتسلمته مخابرات الجيش اللبنانى فى ديسمبر 2010، وبدأت المحكمة العسكرية التحقيق معه، وطلب له قاضى التحقيق العسكرى عقوبة الإعدام، وما زال يحاكم حتى اليوم فى المحكمة العسكرية. ويدعى مصطفى عواضة أن أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية محمد زيدان “أبوالعباس” كلفة باختراق الموساد للحصول على معلومات عنه، لكنه لم يستطع إثبات ما يدعيه، كما نفى مسئولون فى الجبهة هذا الإدعاء.

كما يعرض الكاتب لمجموعة امتهنوا العمالة، جواسيس من أصحاب المهن الحرة، تستروا بها للتخابر لصالح الموساد ومنهم مروان كامل فقيه، وهو أحد أخطر العملاء وكان يعمل فى تجارة السيارات، والده كان عميلا لصالح الموساد لفترة طويلة حتى وفاته فى 2004. من بين مهام مروان جمع معلومات عن كوادر حزب الله، وعلى رأسهم أمينه الحالى حسن نصر الله. أوقفه أمن حزب الله فى يناير 2009 وفى الشهر التالى تسلمه الجيش اللبنانى، وأصدرت المحكمة العسكرية حكمها بالأشغال الشاقة 20 عامًا مع تجريده من حقوقه المدنية.

 

أما جودت محمد خير الله الخوجة فكما يقول الكاتب “عرض خدماته على الموساد فأبدع”، ومن شدة بغضه وكراهيته للجيش السورى عرض خدماته على المخابرات الإسرائيلية، وكان يزودها بمعلومات عن الجيش السورى. ويعد من العملاء الذين امتلكوا أجهزة اتصالات على قدر من الدقة والتطور، واستمر فى تخابره نحو 10 سنوات، حتى ألقت المخابرات اللبنانية القبض عليه فى فبراير 2010، بتهمة التخابر لصالح العدو الإسرائيلى. وأصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكمها عليه بالأشغال الشاقة 20 عامًا مع تجريده من حقوقه المدنية.

بائع اللبن.. عميل

ومن أصحاب المهن الحرة الذين امتهنوا العمالة حسن أحمد شهاب، بائع ألبان وأجبان متجول على متن سيارة. تم تجنيده فى عام 1999 وتوقف عن التواصل مع العدو بعد تحرير الجنوب فى مايو 2000، لكنه عاد للعمالة بعد خمس سنوات. كما اتخذ من درايته بالموسيقى ستارًا للتغطية على تعامله مع الموساد، حيث كان يعزف منتقيًا “النوتة” والرموز المخابراتية من كتاب زوده به الموساد الإسرائيلى. أوقفه فرع المعلومات فى قوى الأمن الداخلى فى مايو 2009، واستمرت محاكمته حتى حكمت عليه المحكمة العسكرية بالأشغال الشاقة مدة 10 سنوات مع تجريده من حقوقه المدنية.

أما العميل محمد إبراهيم عوض الذى لقبه الموساد بـ”الدكتور” كونه كان خادمًا أمينا، فهو فلسطينى الجنسية ولد فى الشتات، وانتسب إلى صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، واعتقله الاحتلال الإسرائيلى بعد اجتياح لبنان فى 1982 ولم يستطع وقتها تجنيده. ثم جرى تجنيده لاحقًا من خلال العميل روبير إدمون كفورى. شارك عوض فى زرع عبوة انفجرت بالقرب من مسجد النور فى مخيم عين الحلوة فى سبتمبر 2008، وحاول تنفيذ عملية اغتيال ابن عمه والناشط الإسلامى نعيم عباس لكنه فشل. أوقفه الأمن اللبنانى فى إبريل 2009، وطلب قاضى التحقيق العسكرى فى محاكمته الإعدام له، وما زالت القضية قيد المحاكمة.

قد يعجبك ايضا