الديمقراطيه بين الوﻻده واﻻستيلاد / حسين عليان

 

حسين عليان ( الأردن ) الأحد 13/12/2015 م …

ينشغل المثقفون والسياسيون والناس والإعلام بالحديث والحوار الدائم حول الديمقراطيه وتحميلها المسؤوليه عن سعاده او تعاسه وتخلف الدول والشعوب وقد يكون فى ذلك بعض الصحه والحقيقه .

لكن الموضوع اكثر تعقيدا من ذلك .

ف للديمقراطيه ابعاد سياسيه واقتصاديه واجتماعيه تعتمد على نشأه وتتطور كل بلد وظروفه وموروثه الحضارى والقيمى

لكن يجرى التركبز غالبا فى المسأله الديمقراطيه على البعد السياسي المتمثل باﻻنتخابات والتداول السلمى للسلطه وسياده القانون ومجموعه القوانيين الناظمه للحريات وكل هذا مهم .

لكن الشق السياسي ﻻ يمكن له ان يتحقق اﻻ بتطور البنى والركائز التحتيه للديمقراطيه والمتمثله فى مستوى التطور اﻻقتصادى واﻻجتماعى لشعب ما وامتلاك هذا الشعب لحقوقه اﻻساسيه فى الحياه كالسكن والعمل والتعليم والصحه كحقوق غير قابله للانتقاص او التميز وليست مكرمات حكام لرعايا بل دوله تتساوى فيها حقوق المواطنه .

وﻻننا كدول وشعوب نعيش فى عالم يشكل وحده موضوعيه متداخله اﻻبعاد والمصالح تؤثر بعضها ببعض سلبا وايجابا لذلك نشأت صراعات سياسيه عسكريه واقتصاديه وثقافيه افضت الى طغيان وتبعيه ﻻراده وثقافه اﻻقوياء فى العالم .

من هنا جاءت محاوﻻت ما بعد الثوره الصناعيه وحروبها التى انشأت الدوله القوميه اﻻوروبيه والتى حملت معها ما عرف بالنظم الديمقراطيه الليبراليه والتى خاضت وتخوض حتى اليوم اكثر الحروب دمويه فيما بينها ومع باقى شعوب ودون العالم بحثا عن صراع المصالح فى اﻻسواق ونهب المواد اﻻوليه للدول والشعوب اﻻخرى وبذا حالت وتحول دون تتطور وتقدم ونمو جزء كبير من دول العالم بشكل طبيعى وفى مقدمتها دولنا وشعوبنا العربيه .

فكانت منطقتنا اﻻكثر تعرضا لنفوذ وضغود الهيمنه الغربيه على مستوى العالم منذ القرن الثامن عشر حتى اليوم فقد ضربت كل محاوﻻتنا للنهوض والتطور الطبيعى بدء من اسقاط تجربه محمد علي فى تطوير وتحديث مصر الى عرقله واسقاط تجربه ناصر الى تدمير تجربه العراق الى مايجرى من عبث حتى اللحظه .

ولم يتوقف الغرب عن محاوله صياغه نظمنا السياسيه واﻻقتصاديه والثقافيه وبما يتماشى مع مصالحهم فهم من يحدد شكل و معاير الديمقراطيه لنا ويجدون من بيننا من يضللنا بأستخدام المسأله الديمقراطيه بشكل مغرض وتحميلها المسؤوليه عما نحن فيه دون مناقشتها فى سياقها الطبيعى وتداخلها مع العوامل اﻻخرى كالسياده والتنميه لتشكل معا حاله التقدم والحريه بمعناها الشامل .

وهنا نوكد على الحقائق التاليه عند مناقشه المسأله الديمقراطيه .

1 :- الديمقراطيه تولد من رحم التنميه اﻻقتصاديه واﻻجتماعيه تولد فى رحم الدوله ذات السياده .

2 :- التنميه بكل ابعادها والسياده هى الركائز الضروريه للديمقراطيه

3 : – ﻻ يمكن للديمقراطيه التساوق مع التبعيه السياسيه واﻻقتصاديه

4 : – الدول السيده والشعوب الحره وحدهما من يستطيع بناء الديمقراطيه وفق مصالحهما واحتياجاتهم وظروفهم .

بالتالى ﻻ يمكن نقل التجارب الديمقراطيه تلقائيا او استيﻻدها قصرا بالضغوط الخارجيه والحروب والفوضى كما يروج الكتاب والسياسين الغربيين والليبرالين الجدد من كتابنا عند الحديث عن الفوضى والحروب اﻻهليه المفتعله بأعتبارها ارهاصات ﻻجل التحوﻻت الديمقراطيه مستنسخين التجربه اﻻمريكيه واﻻروبيه .

كما وان الديمقراطيه ليست صناديق اقتراع وانتخابات فحسب كما يصورها ويروج البعض بل هى نظام سياسي شامل متكامل يقوم على ركائز متعدده اما الشق السياسي منه فيهدف لتعزيز وتعميق الحريات وسياده القانون والتداول السلمى للسلطه ومكافحه الفساد وذلك لضمانه التطور والتنميه واﻻستقرار وتحقيق السﻻم .

فهل حققت الديمقراطيات الغربيه ذلك ؟

ام العكس وهو ما حصل ويحصل .

للديمقراطيه نماذج متعدده تعتمد على تتطور مستوى الدول والمجتمعات اﻻقتصادى والسياسي لكن النموذج الغربى واﻻمريكى الليبرالى هو اﻻوسع انتشارا وتداوﻻ واﻻكثر استقرارا .

ويرى اصحابه ومفكريه ضروره سيادته والتزام اﻻخرين به طالما يحقق مصالحهم لكنهم يقفون بالضد من اى تحوﻻت ديمقراطيه تعزز السياده واﻻستقﻻل ويحاولون اﻻنقﻻب عليها والتجارب فى العالم كثيره من امريكا الى اسيا مرورا بأفريقيا .

فالعراق الجديد يعد انموذجا ديمقراطيا فى المنظار اﻻمريكى والصين بلد دكتاتورى والبحرين واﻻردن والمغرب دولا ديمقراطيه فى حين اﻻرجنتين وفنزويﻻ وغوتماﻻ دوﻻ ونظما دكتاتوريه تستوجب اﻻزاله التسقيط .

وسوريه ونظامها دكتاتورين فى حين السعوديه والمعارضه قوى ديمقراطيه .

معاير الديمقراطيه وحقوق اﻻنسان تضيق وتتسع تبعا لخدمه مصالح واهداف السياسه اﻻمريكيه والغربيه .

فتبا لكم من كذبه منافقين وتبا لديمقراطيتكم .

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا