المفكر الأردني المحامي محمد أحمد الروسان يكتب … تقدير موقف وفي التحليل: البلقان: امتدادات جغرافيّة لتركيا كثقوب في أحشاء أوروبا … جو بايدن والأندفاعة البريطانية والقاع السوري سيبلع الجميع.

 كتب المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 13/2/2021 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الاردنية … 

تعد ساحات ومساحات دول البلقان كحيّز جغرافي استراتيجي بنكهة تماثل ديكتاتورية الجغرافيا السورية في قلب أوروبا، بمثابة بريد سياسي وعسكري واقتصادي تجاري يوصل جلّ الرسائل المتتالية للفدرالية الروسية عبر الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعتادت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي على هذا الأستخدام والتوظيف الشامل لساحات ومساحات دول البلقان، عندّ كل مفصل قاطع ومرحلة مفصلية من مراحل خطوط العلاقات الروسيّة الأمريكية المتأرجحة، تبعاً لمحطات الصراع وقت الحرب الباردة وما بعدها وحتّى اللحظة الراهنة، بعد الفشل الأمريكي في الحدث السوري.  

زيارات قادة وكوادر وعناصر وأدوات مجتمع المخابرات الأمريكية المتعددة للبلقان، لم تتوقف يوماً، ان لجهة السريّة منها، وان لجهة العلنيّة أيضاً، فصراع الأدمغة حاضر مع مجتمع المخابرات الروسي، ومجتمع المخابرات التركي، فالأخير يعتبر البلقان مناطق امتداد جغرافي لتركيا، في أحشاء جغرافية القارة العجوز أوروبا.  

الرئيس الامريكي الديمقراطي الحالي جو بايدن، عندما كان نائباً لباراك أوباما، قام بزيارة في غاية الأهمية الى البلقان، ان لجهة المكان وما يشكله من أهمية لنواة الدولة التركية العسكرية والمخابراتية وقبيل زيارته لتركيا بعد الانقلاب الفاشل فيها، وان لجهة التوقيت والدلالة، كون الجبهات في الشرق الأوسط تستعر، وثمة تطورات عميقة في الميدان السوري رغم حالة السيولة الشديدة التي تعاني منها المنطقة، فمن محطة همدان في ايران واستخدام القاذفات الروسيّة الأستراتيجية لها في وقته في أواخر آب لعام 2016م، ثم التوقف مع اعتراضات لليمين الأيراني على هذا الأستخدام(التيّارت القومية في ايران غاضبة)، الى محطة ضرب الطيران السوري الحربي لأول مرة لتجمعات الأسايش الفرع السوري لحزب العمّال الكردستاني في الحسكة عام 2016 م، مع ظهور اشارات ومؤشرات بدايات الفدرلة الكرديّة في الشمال السوري والشمال الشرقي(تكتل الأسايش وما تسمى بقوّات سورية الديمقراطية، والتي هي ليست بقوّات ولا سورية ولا ديمقراطية بل ميليشيات مسلّحة)، بجانب ارسال البنتاغون لطائراته الأف 16 المتطورة لحماية قوّاته الأحتلالية(في قاعدة الرميلان، وقاعدة عين العرب، وقاعدة غرب الفرات، وقواعد عسكرية أخرى يجري تدشينها)ومستشاريه العسكريين، حيث كل هذا العديد والعتاد العسكري الأمريكي، دخل ودخلوا كلصوص ومجرمين وسفلة تحت جنح ليل، والهدف هو حماية أدواتهم الكرد الأسايش وما تسمى بقوّات سورية الديمقراطية(قسد)، لغايات مزيد من التوظيف للعميل قبل التخلي عنه نهائيّاً عبر تصفيته. 

 أحسب وأعتقد أنّ زيارة جون بايدن تلك، والتي ما زالت في باله، وستكرس استراتيجيات جديدة لواشنطن هنا، لحظة أنّه الان الساكن المستجد للبيت الابيض، ففي زيارته السابقة عندما كان نائباً للرئيس أوباما، بدأها في البلقان كمحطة أولى، قادته الى زيارة صربيا، والبوسنه، وكوسفو، ليس لتدشين طريق باسم ابنه الراحل بو جون بايدن في كوسفو، بل أنّ الأستخدام والتوظيف هذه المرة من قبل اليانكي الأمريكي للبلقان كبريد رسائل لمن يهمه الأمر لكل من تركيا وروسيّا وايران وأخيراً الصين، وبشكل خاص الى تركيا بعد رصد من نواة مجتمع المخابرات الأمريكي، للهجة عدائية متصاعدة لأمريكا ومقلقة لجنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأمريكي، كون جغرافية وديمغرافية البلقان تعتبر كما أسلفنا سابقاً، بمثابة امتدادات جغرافية لتركيا كثقوب في أحشاء القارة الأوروبية، والتي يسعى اليانكي الأمريكي الان، عبر دولته العميقة وعبر الديمقراطي جوزيف بايدن، الى مزيد من التوظيفات لها في الصراع مع الروسي والصيني، لأضعاف الأقتصاد الألماني، أقوى اقتصاديات أوروبا، ثم تفجيرها  من الداخل عبر تركيا، أي مناطق وساحات ومساحات القارة الأوروبية العجوز المتصابية، ليصار الى تفجير تركيا لاحقاً، وليصار الى توظيفات لعقابيل تفجير تركيا ازاء روسيّا عبر الأستثمارات بورقة الأرهاب من خلال العبث بدم الأيديولوجيا، والأخيرة تقود الى تعاظم وتصاعد في الفاشيّة الدينيّة في ما تسمى بالحركات الجهاديّة السنيّة لضرب ايران من خلال الساحة والمساحة السعودية،  وأكثر ما تخشاه ايران، هي تلك الحركات الجهاديّة السنيّة وخاصةّ الوهابية العسكرية، والتي هدّد ذات ليل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نقل المعركة الى الداخل الايراني. 

والمتابع الدقيق للشأن الدولي والأقليمي، كنتاج للعبث في المفاعل النووي لمسألة الأزمة السورية، عبر العبث بالجغرافيا والديمغرافيا السوريّة كمؤامرة، يلحظ أنّ هناك ثمة تلميحات أمريكيّة ومؤشرات الى امكانيات هائلة، في ضرورة استخدام البلقان كجغرافيا وكساحات وحدائق خلفية، يصار اعتمادها أمريكيّاً بديلاً لتركيا في اندفاعات الأستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط وازاء ايران، من هنا نرصد تطوير مستمر للعلاقات الايرانية الكوبية، حيث النفوذ والدور الأيراني موجود في الحدائق الخلفية لليانكي الأمريكي في دول أمريكا اللاتينية، كما تعمل ايران وباستمرار على صيانة علاقاتها الافريقية، بالتنسيق مع الصيني والروسي(زارها جواد ظريف أكثر من مرة خلال أربع سنوات، وأجّل احدى زياراته لها لأسباب أمنية صرفة)، حيث النفوذ الاسرائيلي يتصاعد في القارة السوداء، يقابله صعودات غير عادية لحزب الله اللبناني هناك، عبر مسارات تجارية واقتصادية، والصراع يحتدم وبصمت في مساحات وساحات القارة الافريقية، فالأسرائيلي يتمدد في القارة الأفريقية عبر الحفرة اليمنية والعربي يتبدّد. 

اليانكي الأمريكي من خلال دولته العميقة، وعبر ممثلها جون بايدن، يريد أن يحدد لأنقرة هوامش السياسة التركية في المسألة الكرديّة، وموضوعة فتح الله غولن، وعلاقات تركيا بالناتو، وخديعة انضمام تركيا الى أوروبا، وهوامش السياسة التركيّة أيضاً المنفتحة ازاء روسيّا وايران والى حد ما مع الصين ولكن بحذر، والساعية الى انفتاحات مباشرة وغير مباشرة مع دمشق عبر الروسي.  

تاريخيّاً يتقولب الصراع الروسي مع اليانكي الأمريكي على البلقان تصاعديّاً وتنازليّاً، حيث محركه معارك النفوذ والسيطرة والمصالح، قاد الى تقسيم يوغسلافيا الى دول ودويلات وساحات ومساحات قويّة وضعيفة على حد سواء، حيث عملت أمريكا على ضم بعضها الى مجالات نفوذها الحيوية بما فيها جمهورية الجبل الأسود، لا بل وبكل صفاقة سياسية عميقة، دعتها لتلك الجمهورية المستولدة من رحم يوغسلافيا السابقة، الى الأنضمام الى الناتو في رسالة استفزازيّة لروسيّا الصاعدة في الدور والتمدد من جديد، وفق أسس ومعايير تقلق أمريكا وبلدربيرغها والمجمّعات الصناعية الحربية وحكومات الأتوقراطيين اليانكيين الأمريكيين، فمسألة توسيع الناتو على حساب روسيّا هدف آخر عميق لزيارة والد بو جون بايدن الى البلقان عبر زيارته الثلاثية لساحاته عندما كان نائبا للرئيس وسيكرر ذلك لاحقاً كرئيس الان.  

في معارك النفوذ والصراع على البلقان على طول وعرض خطوط العلاقات الروسيّة الأمريكية وأدواتهما، الأهداف متعددة وفي صلبها الهدف الأقتصادي التجاري، فصربيا كدولة مهمة جدّاً للروس كونها ترفض السير بشكل مطلق في مركب الأندفاعة الأمريكية ضدهم، وكما ترفض حتّى اللحظة أيضاً الأنضمام الى العقوبات الأوروبية ضد موسكو، بسبب الأزمة الأوكرانية وضم جزيرة القرم الى جغرافية الفدرالية الروسية، بجانب رفض صربيا الأعتراف بجمهورية كوسوفو فهي جزء من صربيا حتّى عام 2008 م وان اعترف بها غالبية أعضاء الأتحاد الأوروبي. 

ولجهاز المخابرات الروسيّ مجالاته الجيوبولتيكيّة بجانب جهاز المخابرات التركي، ومؤخراً وأثناء زيارة سريّة لمدير الفرع الخارجي لجهاز المخابرات الروسيّ الى تركيا، كرد على زيارة سريّة لهاكان فيدان الى موسكو في اطار بحث تمتين وتطوير العلاقات الروسيّة التركية، وباسناد ودعم من كازاخستان قادها الرئيس ومدير مخابراته، طرحت المخابرات الروسيّة على هامش طاولة اللقاء في أنقرة وموسكو، في عديد اللقاءات المتكررة، موضوع في غاية الأهمية، تمثل في نقل مستمر للمساجين من قبل الأمريكان من سجن غوانتانامو العسكري الى جمهورية صربيا، وخاصةً من مجاميع الارهابيين، على شاكلة كل من الارهابي: الطاجيكي مهمد دولنوف، والأرهابي اليمني منصور أحمد سعد، بجانب تقرير مفصّل بالمعلومات تشاركت فيه في السابق المخابرات التركية حول معلومات دقيقة تفيد أنّ كوسوفو كاقليم والذي صار دولة، يتحوّل بثبات الى مثابة مصنع لتجنيد المتشددين والأرهابيين نتيجة لنفوذ وأموال عربية ومسلمة وخاصة من السعودي، بجانب تواطؤ غير مسبوق من قبل مجتمعات مخابرات اليانكي الأمريكي وتفاهماته مع الفرع الخارجي لجهاز المخابرات البريطاني الأم أي سكس(الان سمعنا الرئيس جوزيف بايدن يتحدث عن احتمالية اغلاق سجن غوانتانامو – غريب وعجيب). 

من المعلوم للعامة قبل الخاصة في العالم انّ الفدرالية الروسية عانت كثيراً من الأرهاب الأمريكي والوهابيّ القادم من القوقاز، فتنامي الأرهاب في دول البلقان وتحوّلها الى قواعد امداد وتأهيل للزومبيات الأرهابية، عبر الأستثمار بورقة الأرهاب من خلال العبث بدم الأيديولوجيا من خلال المذهب الوهابي هو آخر ما تحتاجه وينقص الفدرالية الروسيّة؟!.  

بجانب هذا القلق الروسيّ المشروع(وكل قلق أمني مشروع)، ثمة سلسلة قلاقل تقلق تركيا، أكثر من قلق أمين عام الأمم المتحدة الحالي والسابق مون، ازاء الأزمة الأنسانية اليمنية بفعل العدوان الامريكي البريطاني الاسرائيلي السعودي الاماراتي والبعض العربي، حيث كل قلقله لأمين عام الامم المتحدة، تكلّف خزينة الأمم المتحدة أكثر من مائة ألف دولار أمريكي قياساً لراتبه الشهري، وتقسيم الشهر الى أيام، واليوم الى ساعات، والساعات الى دقائق، والدقائق الى ثواني، فقسّم راتب الامين هذا والذي قبله مون، على الأيام والساعات والدقائق والثواني، وشوف كل قلقله كم تكلّف مالاً. 

 فهذه الأشارات والمؤشرات الأمنية، التي وضعتها المخابرات الروسيّة بالأشتراك المحدود مع نظيرتها التركية تقلق الأخيرة أكثر من موسكو، حيث أنقرة تعيش طور التحوّل، بعد الأنقلاب العسكري الفاشل في عهد ادارة أوباما الثانية وكان الرئيس بايدن نائباً له، وهي أي تركيا، التي لعبت في الأزمة السورية دور القاعدة الخلفية للأرهابيين المسلّحين والمدربين وما زالت، وعلى مختلف توجهاتهم العقائدية، وصحيح أنّها لم تصبح كباكستان بالنسبة لأفغانستان كما وعدها ديفيد بترايوس عام 2012 م حين زارها مدير السي أي ايه هذا الديفيد بترايوس في حينه، والذي خرج من منصبه، بفضيحة جنسيّة نتيجة نضالاته وبطولاته بين فخذيه عبر بشره.  

اذاً ثمة قلق روسي تركي مشترك على تحوّل مسارات الأرهاب الى أراضيهما، فيما لو تأزّمت المواجهة بين الكبار العظام، بجانب التأثير على جهودهما المشتركة المعلنة لتسوية الأزمة السورية.

ما تم ذكره سابقاً يتسق ويتوافق وبشكل عميق، مع ما قاله مسؤول استخباراتي أمريكي كبير في استخبارات البنتاغون، أنّ لدى استخباراتنا في البنتاغون معلومات قاطعناها مع ما لدى باقي وكالات المخابرات الأمريكية المختلفة والمتعددة تفيد: أنّ داعش يخطط للأنتقال للعمل في ساحات ومساحات دول البلقان، واثارة عدم الأستقرار في المنطقة(هذه معطيات المشروع الأمريكي البريطاني في البلقان حيث الأندفاعة هنا مشتركة التوظيف والأستخدام). 

وذات المسؤول الأمريكي الأستخباري قال: أنّه نتيجةً للتنسيق المخابراتي مع جهاز المخابرات الكرواتي، كشف الأخير ورصد بعمق قيام اثنين من قادة وكوادر تنظيم داعش، أحدهما سعودي والآخر قطري والمتواجدين في البوسنه، بتنظيم صفوف أعداد من العناصر المقاتلة العائدة الى البلقان بعد قتالها في سورية.  

انّ التوجه الأمريكي والأندفاعة البريطانية المخابراتية المسانده له من جديد نحو البلقان في هذا التوقيت الآن، يضع أكثر من علامة استفهام حول الأهداف الأمريكية والبريطانية المبتغاه، خاصةً وأنّ كلّ المؤشرات توحي أنّ ورقة الأرهاب ما زالت صالحة للتوظيف والتوليف والأستخدام، بجانب جغرافية الشرق الأوسط الان، في أكثر من مساحة وساحة جغرافية أخرى على هذا الكوكب الأرضي. 

 الولايات المتحدة الأمريكية ترى في الكرد آداة تخدم بتفاني المشروع الأمريكي بالتقسيم، مقابل حصولهم على حصتهم من الأعتراف بحيز مستقل من الجغرافيا، فهم نسجوا علاقات وتعاونوا مع الأمريكي والأسرائيلي عبر داني ياتوم رئيس الموساد الاسبق في العراق المحتل أمريكيّاً، للوصول الى جمهورية الكاكا مسعود مصطفى البرزاني. 

والتركي يعلم أنّ قيام كيان كردي في الشمال السوري المعتدى عليه تركيّاً وأمريكيّاً، يعني موتاً طبيعيّاً عبر جلطة دماغية للدولة التركيّة، كما يعلم أردوغان وبشكل لافت أنّه يستحيل قيام دولة كردية دون أكراد تركيا، كونهم الأغلبية في المنطقة والعالم، ومع ذلك يستحيل قيام دولة كرديّة الى جانب الدولة التركيّة، كاستحالة وجود دولة اسرائيلية وأخرى فلسطينية على جلّ فلسطين التاريخية.

الأمريكي لديه علم أنّ الكرد في الشمال السوري ليسوا أغلبية، فهناك تداخل للعشائر العربية في تلك المنطقة، والكرد مشتتين هناك مثل المستوطنات الأسرائيلية في الضفة الغربية، وهذه تنتج حالة معينة لا تسمح للفلسطيني بناء دولة، ولا للأسرائيلي باعلانها أرضاً اسرائيلية، الاّ بمشروع ترانسفير جديد من فلسطين باتجاه الأردن كوطن بديل ونظام بديل، تسعى اليه ثكنة المرتزقة اسرائيل، تماما كما تحاول قوى كردية القيام بتطهير عرقي للعشائر العربية كما فعلت في العراق، لنفس الغاية والهدف كونها تدرك استحالة قيام كيان كردي أوأي شكل من أشكال الأدارة المدنية الموسّعة أو حكم ذاتي في منطقة مثقوبة بمئات المواقع غير الكردية.  

عندما نقول: لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق، فاننا نعي ما نقصد ونرمي اليه، الهدوء السوري ازاء النشاط الكردي منذ البديات للحدث السوري كان مثيراً للحيرة والأرتباك للكثير من الخصوم والأصدقاء والأعداء حتى للبعض في مفاصل النظام السوري، فهو من جانب ظهر بأنّه يشجّع الكرد في استعراض دراماتيكي لعضلاتهم بدلاً من كسر عظامهم مثلاً، بجانب دفع السوري للروسي بضرورة محاولة اشراكهم في مفاوضات جنيف كمكون سوري معارض، فكان التركي يستميت في الرفض ويضغط على السعودي والقطري في ضرورة رفض ذلك في بدايات تشكيل وفود المعارصات السورية عفواً المعارضات، وكان هذا تكتيك سوري بمساعده روسية لم يستوعبه لا القطري ولا السعودي ولا حتّى جهابذة حزب التنمية والعدالة التركي الحاكم، بحيث قاد ذلك الى اقناع الكرد السوريين بأنّ من وقف ويقف وسيقف في طريقهم هي تركيا وليست سورية، وقد قرأ الأمريكي والأوروبي هذا الهدوء السوري والتريث في المسألة الكردية على أنّه أذكى مناورة قام بها السوري ومعه الروسي(لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق، فسياساتها بالنسبة للغربي لغز).  

دعم دمشق للكردي السوري في الشمال والشمال الشرقي، ليستعرض عضلاته ظاهرياً ضمن المتاح والمسيطر عليه والمضبوط سوريّاً رسميّاً، كان من شأنه وحسب فهم دمشق أن ينقل العدوى الى أكراد تركيا في شرق الأناضول وفي الداخل التركي، مع استدراجات سورية ذكية من قبل دمشق للتركي الأردوغاني لأعلان معارضته الشديدة للأعتراف بالكرد السوري، كشف وعرّى الموقف التركي ومناوراته التي أراد من خلالها التركي استغلال الكرد في سورية، لمحاربة الجيش السوري قبل أن ينقضّ عليهم من جديد ويرسلهم الى جهنمه.  

دمشق وبدهاء سياسي عزّ نظيره وبمساعدة الروسي، نصبت الفخ للكردي والتركي معاً دون أن يشعر أحدهما بالأخر ويستبين، فذهب الكردي التركي الى تحقيق فوز وازن في الوصول الى كتلة برلمانية وازنة تمثل كل شرق الأناضول الكردي في البرلمان التركي – برلمان عام 2016 م، فهم هؤلاء حققوا الفوز كنتاج طبيعي ومنطقي لنهوضات في المشروع الكردي السوري بمساعدة من دمشق وأثناء الحرب عليها، هنا بالذات استوعبت أنقرة الرسالة السورية هذه، حيث أكراد تركيا ما كانوا ينجحون ككتلة برلمانية وازنة، الا بسبب التكتيك السوري وبمساعدة الروسي في دعم الكرد السوري، وبعد اسقاط السيخوي الروسي من قبل التركي، بحيث نهوض وقيام الكيان الكردي السوري المتوقع شمال سورية أعطاهم للكرد الأتراك الحماس والشعور، أنّ عليهم الأستعداد لملاقاة المشروع الكردي السوري بكتلة كردية سياسية تركية وازنة في البرلمان التركي، حيث دبّ الفزع والرعب في عروق القوميين الأتراك واسلاميين حزب التنمية والعدالة التركي، الذين تحولوا الى ميليشيا مسلّحة بعد الأنقلاب الفاشل، واهانات للجيش التركي حامي حمى العلمانية التركية. 

 بعد ذلك بدأت تركيا بقمع ممنهج لأكراد شرق الأناضول وتفجيرهم من الداخل تحت عنوان محاربة داعش، ففهم الكرد الأتراك اللعبة التركية الجديدة معهم وأعلنوا العصيان المدني في مناطقهم وحواضنهم الأجتماعية والديمغرافية، ووجدت الأستخبارات العسكرية التركية وجهاز المخابرات التركي سلاحاً سورياً متوسطاً وثقيلاً في مناطقهم في الداخل التركي، مرسلاً من الأسايش حيث حصلوا عليه من الجيش السوري لمقاتلة داعش وباقي الزومبيات الأرهابية وقام الكرد في سورية وسربوا الى أهلهم في تركيا ما حصلوا عليه من الجيش السوري.  

على رأس الأجندة التركية الآن بند واحد وهو: الأبقاء على وحدة سورية، عبر ابقاء أكراد سورية ضمن بيت الطاعة السوري، مع اعادة أكراد تركيا الى بيت الطاعة التركي، وهذا يتطلب تنسيقاً مباشراً بين تركيا وسورية وهو ما يتم الآن، بعد أن تم التمهيد له سابقاً عبر المخابرات الجزائرية. فالمعادلة في ذهن أنقرة تتموضع في التالي: انهيار المشروع الكردي شمال سورية، يعني اضعاف عميق للحركة الكردية التركية، يقود الى تأخير قيام الدولة الكردية لا إنهائها.

 مشروع البلدربيرغ الأمريكي في المنطقة في النهاية، هو تقسيم سورية والمنطقة طائفياً وليس عرقياً، والآن بعد تكسير الملاعق الأسلامية للأدارة الأمريكية الحالية في سورية حيث اصطدمت بالعظام السورية والروسية والأيرانية والصينية وعظام حزب الله، تم تأجيله الى حين(راجع تحليلنا: التغيير في سروج المخابرات البريطانية وجدار برلين 2 في حلب)، لضرورات استمرار الحرب الشيعية السنيّة التي ستعطلها الصراعات العرقية، وقد تتسبب في انتهائها للحرب الشيعية السنيّة لصالح الصراع العرقي في المنطقة، من هنا نجد الأمريكي تكتيكياً لا يريد للمشروع الكردي السوري النهوض والقيام الآن، ويستخدمهم للتشويش على معركة حلب عبر الشيخ مقصود حيث الغالبية هناك كردية، في مواجهة الجيش السوري لأرباكه وحلفائه، فكانت أحداث الحسكة بأمر وايعاز أمريكي كي يصار الى انقاذ المسلحين في حلب، من خلال تغيير التحالفات الكردية السورية هناك، والسوري الرسمي يرى الحرب مع الكردي السوري في الشمال عبثية ولا طائل منها، فتركيا تتكفل بهم وبداعش، وهذا يخفف من العبء العسكري والبشري على دمشق وحلفائها في الميدان، ان في جنوب حلب، وان في جسر الشغور، وان في استعادة ريف اللاذقية الشمالي بالكامل، كون تركيا دفعت بصعاليك جيش الفتح، والجبهة الشامية، وحركة نور الدين زنكي، وأشرار الشام(الأخوان المسلمون السوريون)وباقي الزومبيات الأرهابية، تحت مظلة بقايا ما يسمى بالجيش الحر في معركة جرابلس، وتركيا قدرتها في التحكم بالكرد في شمال سورية ستكون معدومة دون دعم الحكومة السورية، كونها ستدخل أنقرة بحرب عصابات عميقة معهم، هذا بجانب احتمال توحد ومساندة العشائر العربية مع الكرد السوري، في مواجهة تركيا لطردها من الشمال السوري كمحتل عسكري ان فكّرت بالبقاء طويلاً.

فان فكّرت تركيا البقاء طويلاً في الشمال السوري، ولو بغطاء جوي أمريكي ومن باقي دول التحالف غير الشرعي، ستفشل دون التنسيق مع دمشق وحلفائها، حيث ستصبح الدولة الوحيدة العضو في الناتو التي تخرج من أرضها، وتموت على أراضي الآخرين، ان عبر تفعيل نصوص القانون الدولي، وان عبر استحضار اتفاقية أضنة مع سورية عام 1998 م، والتي أشرف عليها الجنرال التركي المتقاعد اسماعيل حقي بكين في حينه. 

 نعم هذه سلّة مخاطر بسيطة من مخاطر جمّة قادمة ناتجة عن العبث في مفاعل نووي مثل سورية، من قبل هواة السياسة في القيادات الكردية التروتسكيّة بايحاء من ألمانيا، وجناح اليسار الأمريكي في الحزب الديمقراطي، واليسار الفرنسي، وجلّ اليسار الأوروبي التروتسكي المتحالف مع اسرائيل الصهيونية. 

 انّ عباقرة وجهابذة وفطاحل حزب التنمية والعدالة، وعلى رأسهم أحمد داوود أوغلوا رئيس الوزراء السابق، والذي تم اقصائه عبر استثمارات الرئيس أردوغان في التنظيم الموازي وامتدادات الحكومة السريّة الأمريكية، في داخل مفاصل مؤسسات الدولة التركية، لم يتجرأ أحد منهم هؤلاء على دخول المفاعل الذريّ السوري للأزمة السورية، دون ضمانات صارمة وأكيدة، أنّه لن ينفجر في وجوههم، وفضّلوا التعامل معه عن بعد بشكل غير مباشر عبر العبث بدم الأيديولوجيا الأسلامية، من خلال المذهب الوهابي والتعاون مع السعودي والقطري وباقي عرب روتانا(مش حتئدر تغمض عينيك)، وارسال زبالة الزومبيات الأرهابية الوهابية ونشرها في أحشاء الجغرافيا السورية، ان في الشمال السوري، وان في الجنوب السوري(الأردن عمل على غربلتهم خطوة خطوة، ثم أغلق الحدود الجنوبية بالكامل، ضمن استدارة أردنية بمساعدة الروسي نحو دمشق، فهل نرى الملك عبدالله الثاني تحط طائرته الخاصة في مطار دمشق قريباً – ولم لا يفعل ذلك؟). 

 اللعب الأمريكي الإسرائيلي في الكرد العراقي كمسار، كان على ضفاف مدار الذرّة العراقية، أمّا اللعب في المدار السوري فهو عبث خطير جداً بقلب الذرّة السورية، ومن كان يتحدث يوماً ما عن تقسيم سورية كوعد محقق مخطط ناجز، تبين له كم كان ساذجاً(وأقصد الأمريكي وعرب روتانا)فقد قام الأمريكي بايحاء عن بعد وبدفع أدواته في الداخل الأردني، لكتابة المقالات والتحليلات عن الأردن الكبير جغرافياً، لتوريط جيشنا العربي المصطفوي في حرب مع الدولة الوطنية السورية لا تبقي ولا تذر، ليصار الى تفكيك الدولة الأردنية، عبر تفكيك آخر قلاع الأردنيين الجيش العربي، ليسهل تنفيذ مشروع الوطن البديل.

وتبين لكل من يشحذ سكاكينه، لأقتطاع شريحة لحم من جسد جغرافية سورية،  سيجد أنّ السكين التي تغوص في لحم جسد سورية، انما تغوص بجسده الغض أيضاً، فويل للقاسية قلوبهم من عذاب يوم عظيم، وقاع الدولة الوطنية السورية سيبلع روج ايفا وروج النصرة، وروج داعش وروج صعاليك جيش الفتح، وروج مرج دابق يا بلبع، سيبلعه بلعاً يا بلبع.  

الولايات المتحدة الأمريكية، تمارس استراتيجيات التصريحات المتناقضة لأرباك الجميع للوصول الى العميق من أهدافها،  فهي تفعل عكس ما تقوله دائماً وأبدأ، ولسانها ينطق بخلاف فعلها، فلا خروج أمريكي من المنطقة بمعنى الخروج كما يروّج بعض السذّج والمراهقين في السياسة، بل اعادة تموضع وانتشارات هنا وهناك، مع اعادة بناء وتفعيل لشبكات العمليات الأستخباراتية العنكبوتية القذرة، لتعويض تموضعها وانتشارها، للبدء باستراتيجيات الأستدارة نحو أسيا وروسيا، والصين وايران، ودول أمريكا اللاتينية، ان في البرازيل، وان في فنزويلا، وان في باقي الساحات والحدائق الخلفيه لها هناك، وأي ادارة(ان جمهورية، وان ديمقراطية)في واشنطن دي سي، هي بمثابة ناطق رسمي باسم البلدربيرغ الأمريكي لا أكثر ولا أقل. 

 وواشنطن لا تدعم منطقة آمنة في سورية خوفاً من أن يستفيد منها الرئيس أردوغان في تقوية نفوذه في الداخل التركي والداخل السوري، بعد اخراج الدكتور احمد داوود أوغلو وقبله الرئيس السابق عبدالله غول، والسيطرة على القضاء والشرطة والمخابرات والجيش التركي الى حد ما(الدستور التركي عمليّاً يتجه نحو الدستور الديني، وان كان شكلاً علماني وبقيت أي كلمات أو عبارات علمانيه تشير الى ذلك، والديمقراطية التركية تتجه نحو ديكتاتورية الديمقراطية)، وعندما يصرّح الناطق الرسمي باسم البلدربيرغ الأمريكي: أنّ بوتين يعتبر أوروبا الموحدة تهديد لروسيّا، فهذا يعني وحسب ما أرى وأفهم هو يريد أن يقول لبوتين: هذا قاسم مشترك بين موسكو وواشنطن، نسعى معاً الى تقسيم أوروبا واضعاف أقوى اقتصادياتها(ألمانيا)، حيث ترى واشنطن أنّ أوكرانيا قويّة خطوة لجعلها تغزو أوروبا، ومن هنا الأوروبيون يرون أنّ أوكرانيا قويّة عسكرياً يعني أوكرانيا تغزوهم.

 الأمريكي يتموضع بسياسة قديمة جديدة ازاء القارة الأوروبية، من حيث دفع الأوروبي لكي يتحمل جزء وازن ومهم من عبئ إقرار الأمن الدولي ازاء الأرهاب الذي صار يرتد الى الدواخل الأوروبية بفعل الحدث السوري وبفعل العبث بدماء الجغرافيا السورية وديكتاتوريتها، عبر فعل المزيد في مواجهته وخاصةً تنظيم داعش الإرهابي.

 قام الأمريكي مؤخراً بارسال250 عسكريًا أمريكيًا إضافيًا إلى سورية، بينهم أفراد من القوات الخاصة، للمساعدة في محاربة التنظيم المتطرف ويصب في الإطار ذاته للفخ المراد نصبه لأوروبا أمريكيّاً ليصار الى توظيفها في الصراع مع روسيّا والصين، حيث يمثل هذا الأرسال حافزاً جديداً للزج بأوروبا في التحالف الدولي. 

 وكما المخابرات القومية الامريكية بعهد الرئيسة الجديدة، وكانت أول من وافق عليه الكونغرس بعد فوز جوزيف بايدن، لفتح ملفّات داعش في القارة العجوز بدءً من باريس وصولاً إلى تفجيرات بروكسل، وحديثها الأخير عن وجود خلايا سرية لتنظيم داعش في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، لتصب في اتجاه الفخ الأمريكي ازاء أوروبا، فما تقوله المخابرات القومية ليس جديداً لكنّ الجديد هو أن يقال ذلك الأن.  

ما هي مكونات سلّة الهدف الأمريكي من وراء الزج بأوروبا في القتال ضد التنظيم الإرهابي؟  

يهدف الأمريكي بقوّة للعمل جنباً إلى جنب مع الأوروبي الجمعي، في منطقة غرب آسيا تحت عنوان “مكافحة الإرهاب” الذي عانت منه القارة الأوروبية في الفترة الأخيرة، ووجود مئات الألاف من اللاجئين الذين قد يتضمنون خلايا نائمة، تابعة للجماعات الإرهابية، وفق العديد من المصادر الأمنية الأوروبية، يتسبب في الرد الإيجابي على الطلب الأمريكي.  

ويرى الأمريكي الساعي الى توظيف الأوروبي وشيطانه الأرهابي لخدمة مصالحه، أنّه عبر التعاون الأوروبي الأمريكي بشكل أكبر في المنطقة يخفّف من حدّة تداعيات أي ضربة عسكرية واسعة توجّهها واشنطن في منطقتي غرب آسيا وشمال أفريقيا على الرأيين العالمي والأوروبي.

كما يرى الأمريكي الان وعبر دولته العميقة من خلال ناطق جديد باسمها، أنّ دخول أوروبا بشكل واسع إلى جانب واشنطن يقطع الطريق على أي إرتدادات “خطيرة” للرأي العام الأوروبي، بتحميل واشنطن التي تنوي ليس القضاء على التنظيم الإرهابي بالمطلق لا تريد، بقدر اضعافه واعادة هيكلته وتوجيه من جديد نحو أسيا ضمن استراتيجيات الأستدارة الأمريكية، بعد عودة العراق أولوية أولى في الأمن القومي الأمريكي ازاء ايران، مسؤولية التفجيرات التي سينفّذها التنظيم في أوروبا على شاكلة باريس وبروكسل، بإعتبار أن الوصول إلى القارة الأمريكية أصعب بكثير على هذه الجماعات من العمل داخل أوروبا حيث توجد بيئة حاضنة وخلايا نائمة منذ سنوات.  

هذا وتسعى واشنطن من خلال فخها هذا للأوروبي عبر دعوته لمزيد من الأنخراط، الى الوصول الى حالة من مظلة تمديد فترة الإعتماد الأمني الأوروبي على أمريكا، وذلك في إطار الإبقاء على “القطب الواحد” من ناحية، وجذبها بشكل أكبر في مواجهة واشنطن مع كل من الصين وروسيا من ناحية آخر. 

 وإذا كان التدخل الأوروبي اليوم إلى جانب أمريكا بعهد جوزيف بايدن، يعد تحدياً غير مباشر لروسيا، فمن غير المستبعد أن تلجأ واشنطن للخطوة نفسها في أي مواجهة مقبلة مع الصين، لاسيّما في ظل التوترات الحالية في بحر الصين الجنوبي.  

انّ حديث رئيسة وسيدة المخابرات القومية الامريكية، يجيء بسياقات إستعراض واشنطن قدراتها الأمنية في ظل الظروف الحالية التي تعاني منها أوروبا ازاء الأخيرة ومتساوقة مع دعوات رئيسها جوزيف بايدن، هنا تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس جوزيف بايدن كان يتمنى بقاء بريطانياً، الحليف الأبرز لأمريكا، في القارة الأوروبية يصب في البوتقة نفسها، وهذا ما أوضحه الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء حملته الانتخابية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، عندما أكّد أن وجود بريطانيا في الاتحاد الاوروبي يساعد على بقاء أمريكا قريبة من الاوروبيين، إلا أنّ تلميحات جو بايدن وتصريحاته، أثارت إمتعاض البريطانيين لتدخله في شؤونهم الداخلية.  

أمّا السؤال هنا لماذا هذا الأنتقاء النقي من قبل المخابرات القومية الامريكية في الاسهاب عن داعش من جديد، بعد بدء الادارة الديمقراطية العمل كناطق رسمي باسم عميق الدولة الامريكية، في دول محدد بدقة متناهية؟ المخابرات القومية الامريكية في حديثها عن داعش، انتقت بريطانيا بسبب الإنفصال عن أوروبا من ناحية، والعلاقة التاريخية إضافةً إلى تجاربها السابقة في أفغانستان والعراق، وأما ألمانيا بسبب عدد اللاجئين الذي إستقبلته خلال الفترة الماضية، في حين أن إختيار إيطاليا يتعلّق بالعملية العسكرية ضد تنظيم داعش في ليبيا، والمقصود قطعاً تركيا ونفوذها عبر الحكومة الجديدة ورئاسة المجلس الرئاسي في ليبيا بعد حوارات المنتدى الليبي في سويسرا، بإعتبار أن روما تولي هذه المنطقة من شمال أفريقيا أهميّة خاصّة.

 حالة عدم الأستقرار هي ما تعانيه منطقتنا الشرق الأوسطية، ومع ذلك ومنذ سنوات، تجيء تركيا وتبني قاعدة عسكرية في قطر وتعمل على تسمينها، وتحت عنوان الشراكات مع الدوحة، تفعيلاً لأتفاق عسكري مسبق بينهما، يفيد بتمركز قوات تركية عبر استجلاب ثلاثة آلاف جندي تركي في البداية والان أكثر من 15 ألف جندي تركي، والمصالحة الاخيرة في الخليج هي مصالحة ثنائية سعودية قطرية نكايةً بالامارات وأدوارها المشبوهة في المنطقة وضد السعودية، من القوّات البريّة ووحدات جويّة وبحرية ومدربين عسكريين، وقوّات عمليات خاصة وهي أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط، وأحسب أنّ هذه القاعدة العسكرية التركية في قطر ليست في وارد حماية الدوحة بسبب التواجد العسكري الأمريكي، وتهدف الى مزيد من عسكرة المنطقة، ويريد الرئيس التركي أن يقول للجميع أنّ تركيا هنا وفي كل ما يجري من تطورات اقليمية، كحال واشنطن وموسكو وباريس ولندن، وها أنا أبني قاعدة عسكرية في الصومال عبر تدريب عشرة آلاف جندي صومالي، وسأكون في أريتريا عسكريّاً، حيث ايران لها تواجد عسكري في جزيرة مستأجرة هناك، تقابلها جزيرة اسرائيلية وتواجد عسكري فيها، مقابل جزيرة تستأجرها الأمارات مع تواجد عسكري، وسيطرة اماراتية على ميناء عصب(التواجد الأماراتي هنا سببه كما تقول المعلومات، بدفع و رؤية لمحمد دحلان ونساء الموساد الثمانية اللواتي فعلنا فعلهن في النخب الاماراتية، عبر ارتباطاته لدحلان مع مجتمع المخابرات الأسرائيلي، التي بناها من خلال التنسيق الأمني بين سلطة أوسلو وثكنة المرتزقة اسرائيل)منذ بدء العدوان البعض العربي على اليمن لمنافسة الرياض على السيطرة على باب المندب، حيث 10% من التجارة العالمية تمر عبره. 

 أنظر إلى حالنا كعرب وكيف يستخدمنا الآخر لمحاربة بعضنا البعض، ضمن استراتيجيات الخداع الأستراتيجي(حروب عربية عربية)كنهج ولاياتي أمريكي وهي انعكاس لأستراتيجية الصبر الأستراتيجي، لصناعة حروب متنقلة(عربية عربية)والبدء من اليمن، وكلا الأستراتيجيتين وفّرتا الغطاء للعملية العسكرية والتي ما زالت جارية على اليمن الطيب والفقير، حيث لعنة الجغرافيا تلاحقه فما ذنبه؟. 

 الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تشكيل بازارات من الحروب الطائفية والمذهبية، والتي يجري انضاجها على نار حامية في جلّ المنطقة العربية، وتجعل اسرائيل تتموضع في خارطة العمل العسكري الحالي على اليمن في الظل، حيث تتقاطع مصالحها(أي اسرائيل الصهيونية)مع البعض العربي الآخر، والذي بلع الطعم اليمني حتّى اللحظة بنهم، حيث آعاد التاريخ نفسه ولكن بالمقلوب في الحالة اليمنية الآن، حيث شعبها طيب وفقير وخطيئته الوحيدة هي الجغرافيا ولغتها، ودعم الأردن لهذه العملية العسكرية في بداياتها، غير مقنعة لأحد ولكثير من الناس في الداخل الأردني والخارج الأردني وهنا أتساءل: هل يراهن الأردن على انزياحات تحققها خرائط التقسيم القادمة، والتي تحدث عنها أكثر من مسؤول أمريكي وعبر استراتجية الصبر؟.

 أمريكا تحارب العرب بالعرب عبر حلف ناتو عربي بدافع الرجولة الوهمية مع كل أسف، لأشعال حرب بسوس القرن الحادي والعشرين، ولمحاربة كل من لا يسير في الفلك الصهيوني والأمريكي من العرب، ودفع مصر لتكرارها في ليبيا والسؤال هنا: هل استيقظ الرجل العربي المريض على ايقاعات  الأتفاق النووي الأيراني، والذي جاء نتاج حسم تفاهمات لوزان، حيث دارت ذات مسآت وصباحات رحى معركة المفاوضات النووية الأيرانية مع السداسية الدولية؟!  

الصمت الصهيوني على الحرب على اليمن الدولة والمؤسسات والشعب، جاء بطلب أمريكي في سياقات استراتيجية الخداع الأمريكية، وترك المجال للأعلام الصهيوني لكي يعرب عن الأمنيات بنجاح هذه العملية العسكرية، والتي سيكون لها ارتدادات عميقة على دول حواضنها ومن شارك فيها، وعلى الأقل أنّ التاريخ لن يرحم أحد، وها هي عمليات التسليح تجري على قدم وساق في اليمن لأطراف ضد أخرى وعبر السماء والبر والبحر، انّها وصفة لحرب أهلية أكثر عمقاً للوصول باليمن كما هو الحال في المشهد السوري، والعراقي، والليبي، وصولاً باليمن الى دولة أقل من فاشلة بدرجات، تخرج منها الزومبيات(نتاجات الوهّابية وفكر ابن تيمية المتطرف)الى جلّ دول الجوار اليمني وخاصةً منتجها الأصلي، والى دول العالم الأخرى عبر البحار والمحيطات، لتلتحم مع جماعات أبي بكر شيكاو(قرين أبي بكر البغدادي)في نيجيريا(حيث الرئيس محمدو بخاري)وفي دول الشمال والجنوب الأفريقي.

وتتحدث المعلومات، أنّ العمل يجري على تغير للمشهد في الجزائر واعادته الى سيرته الأولى مطلع تسعينيات القرن الماضي، ليكون مشابهاً لما يجري في المشاهد السورية والليبية والعراقية واليمنية، ولكن ما يطمئن النفس أنّ وعي الشعب الجزائري وقيادته وتساوق وتماهي هذا الوعي، مع عمل دؤوب ومستمر لمجتمع المخابرات الجزائرية وتنسيقاته مع الحلفاء والأصدقاء، وخاصة مع الروس والصينيين والأيرانيين، سيحبط مخططات محور واشنطن تل أبيب، ومن ارتبط به من بعض العرب والغرب.

عزيزي القارىء راجع تحليل لكاتب هذه السطور عبر محرك البحث المارشال غوغل بعنوان: الجزائر مستهدفة من الدولة العميقة في أمريكا…. وروسيا الى غرب المتوسط ورمال التندوف.

أحسب وأعتقد، بأنّ هناك شيء ما يحاك للعربية السعودية كجغرافيا وديمغرافيا ونظام حكم سياسي في الأفق وعبر الحدث اليمني(ومواقفه اتجاه الرياض قالها وعلناً). والهدف تكبير قدرات العدوان على اليمن والنفخ فيها، وأحسب أنّه ليس أمام البعض العربي سوى بغال الإرهاب العالمي الوهابي، نتاجات فكر ابن تيميه، والأخير نتاج بيئته القاسية في حرّان، عودوا إلى التاريخ الذي لا يكذب، والى حقبة ابن تيميه، وعودوا إلى ما قاله ابن عبد الوهاب عندما سأله صديقه: يا محمد ما تقوله دين جديد، أهو منفصل أم متصل؟ أي عن فلان عن فلان عن فلان(عمليات العنعنة هذه) فقال: بل منفصل، فصعق السائل وجنّ المسؤول بقوله بل منفصل، أي أنّه يوحى له من الله.

ومع ذلك ما زال المعتدي يحاول جاهداً ًتظهير عدوانه على اليمني بأنّه جهاد مقدس، ومن منطلق طائفي، وما نشاهده كل يوم في حارات وشوارع وأزقة اليمن حتّى الآن، جثث لأطفال مسجاة على التراب، شيوخ تستنجد، أمهات تنحب، والمعتدي يضع على مائدته(ما لذّ وطاب)من مأكل ومشرب مصحوبة بقهقهات هنا وهناك، حيث المعتدي لم يحترم البند الثامن من ميثاق ما تسمى بالجامعة العربية( يحظر ويمنع تدخل أي دولة عربية في شؤون دولة عربية أخرى)، كذلك لم يحترم ميثاق الدفاع العربي المشترك، ولجأ إلى مجلس الأمن الدولي ليشرّع اعتدائه الذي بدأ به قبل لجوئه الأممي الأخير، وظنّ أنه حصل على مبتغاه في حين أي مبتدئ في العمل السياسي، يعرف أنّه إغراق له في وحل التراب اليمني لا أكثر ولا أقل، وها هو يبحث عن حل في الكويت وغيرها، عبر الأمم المتحدة الشريكة في العدوان على اليمن، بالرغم من أنّ الكويت لا أعتقد أنّها ستكون حيادية بسبب الضغط السعودي المتواصل عليها، بالرغم من رغبتها في حل المأساة اليمنية والمتاهة اليمنية بالنسبة للسعودي. 

 فعلى من تبقى من العرب ولم يطق عرق الحياء فيه، نصرة صنعاء في مجابهة هذا العدوان الهمجي والوحشي البربري، والذي لم يفلح في تحقيق أي انتصار عسكري سوى الفتك تلو الفتك في أرواح الأبرياء، وانتشرت القاعدة وداعش أفقيّاً ورأسيّاً هناك، وها هو الأمريكي يعود الى خليج عدن عسكرياً عبر حاملة الطائرات روزفلت وفرقاطات عسكرية، عائداً الى قاعدة العند في الجنوب بعد أن انسحب منها في السابق، ويرسل جنود الى المكلا في حضرموت وتحت عنوان مواجهة القاعدة وداعش وبناءً على طلب اماراتي، في حين أنّ هدفه الأستراتيجي مواجهة ايران هناك وتركيا بعد قاعدتها في قطر وتواجدها العسكري في جنوب اليمن، وقاعدتها في الصومال، والمعتدي يستنزف الآن ويغرق يوماً بعد يوم، وشهر بعد شهر، وعام بعد عام، والمفارقة أنّه يضع رؤية اقتصادية فضائية عجز عنها الغرب لتنويع مصادر دخله، وهنا أسأل الكوادر الرسمية في دول الناتو العربي(التي تشن العدوان على اليمني الطيب الفقير)صاحبة القرار هذا، أين كانت طائراتكم يوم ارتكبت اسرائيلهم المجازر في غزّة؟ في النهاية سينتصر المشروع المقاوم الممانع على المشروع الفتنوي الإرهابي الوهابي.  

وصحيح أنّه لا أعداء للسعودية في واشنطن(ان من الديمقراطي وان من الجمهوري)، ولكن لا حلفاء لها في حروبها الحالية، الأمريكي يقول: دعوها تتورط، وفي المعلومات، أنّه أثناء زيارة السيد أننوني بلينكن إلى الرياض في فترة رئاسة أوباما الثانية حيث كان مسؤولا فيها وقبل خمس سنوات من الان، وبعد حديث وانتقاد الرئيس باراك أوباما الأخير لها في وقته، وقبل زيارته الأخيرة لها ايضاً في ذلك الوقت، واجتماعه مع قادة دول مجلس التعاون، أنّ عدوهم ليست إيران، بل أنظمتهم وقهرهم لشعوبهم، لم يتجرأ أي مسؤول سعودي على مفاتحته لأنتوني بلينكين بمضمون ما قاله أوباما، ولكن اكتفى مسؤول اماراتي باستيضاح حوله، وبشكل عابر وليس دقيق، وهي رسالة سعودية لنا قال الأمريكي إياه.  

الروس يعلمون أنّ شوكة القاعدة ستقوى نتيجة هذا العدوان والغرب يعلم ذلك أيضاً، فلماذا يسمح الغرب للسعودية بعمليات عسكرية ستقود بالنهاية إلى تقوية القاعدة، وعلى حساب الحوثي إذا ما حققت الغارات الجوية أهدافها؟. من الواضح هناك شيء مخفي يتجاوز المصالح الاقتصادية والتناحر السياسي، فبنك الأهداف للناتو العربي في اليمن انتهى، ولكن في النهاية سوف تتحول هذه الغارات لسكين على رقاب أصحابها، وسوف تخسر الرياض حلفائها في اليمن، أنصار الرئيس الهارب هادي منصور، كونها غارات تطال الجميع وتطال القاعدة والدواعش والقبائل المؤيدة لها، بعبارة أخرى تطال كل أدوات الرياض في الدواخل اليمنية المتشعبة، وسيكون أمام الرياض خيارين اثنين: إمّا حرب برية غير مستبعدة وهي مقامرة ومغامرة، أو تقوية أدواتها للانتصار على الحوثي، والخيار الأخير مشكوك فيه، كونها إذا فعلت ذلك الرياض، فهي سوف توجد دولة القاعدة على حدودها حيث ارتداد هذه الجماعة أو الدولة القاعدية على السعودية ممكن وبقوّة عندما تحين الفرصة.

القرار الدولي الذي وضع اليمن تحت الفصل السابع وقبل ست سنوات تقريباً، والذي أدان الحوثي، هو قرار في النهاية لإغراق السعودية بحرب إذا ما وجد الحل السياسي ستكون طويلة جداً، وهو قرار غير عملي وغير فعلي في لغة الميدان، وبدون مفاعيل وتفاعلات، حيث السلاح متوافر في الداخل اليمني وبكثرة ومن مختلف الصنوف والأنواع بشهادة قادة الناتو العربي، ويكفي الحوثي ومعه باقي المكونات اليمنية، المحافظة على حدوده وهذا انتصار له، وفي نهاية هذه المسرحية الملهاة سيكون الناتو العربي بحاجة إلى وسيط يخرجه من هذه الحرب، ومن هنا يمكن تفهم امتناع موسكو في حينه في مجلس الامن الدولي عن التصويت وتمرير القرار بخصوص اليمن، كونه لا يقدّم ولا يؤخّر بشيء، سوى إغراق المعتدي بالوحل اليمني أكثر فأكثر. 

عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721

سما الروسان في 14  – 2 – 2021م.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا