المفكر القومي الأردني المحامي محمد احمد الروسان يحلّل ويستنتج ويطرح تساؤلات برسم الإجابة … قرم آخر بدأ يلوح في أفق الصراع الدولي مع الروس عبر التركي … أي نزاع عسكري مع الروس سيغير هياكل أمن القارة الأوروبية؟!

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 5/12/2020 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

مسارات الأتركة للمنطقة وجلّ الشرق الأوسط، والأدوار التركية في القوقاز الشمالي والقوقاز الجنوبي، ومنحنيات جغرافية أسيا الوسطى بما فيها جزيرة القرم، وعلى وقع الخلافات والتباينات التركية الأمريكية الحالية والمتوقع تفاقمها لاحقاً في عهد الناطق الرسمي الجديد للحكومة الخفيه في العالم، ونواتها في الداخل الامريكي – البلدربيرغ، ومسارات تفاقمها وتطورها لعقابيل وتداعيات قد تحدث شرخاً في جسر العلاقات بين واشنطن وأنقرة لا يصل الى درجة القطيعة، حيث علاقات تركيا مع الناتو والأمريكي كعلاقة جلدة الشاه بلحمها(بالرغم من محاولات اقصاء تركيا عبر الفرنسي والالماني من الناتو، ودعم فرنسي ألماني مشترك للمفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الاطلسي، وتصريحات رئيس المجلس الاوروبي بضرورة انتهاء لعبة القط والفأر مع تركيا).

وألمانيا – ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس، يسيران كتابعين لواشنطن بعد انخراطات لبرلين في ترسيم مسارات نقض الاتفاق النووي مع ايران بطلب من السيّد الامريكي الوقح، وهذا الطلب سوف يستمر بعهد جو بايدن كناطق رسمي باسم البلدربيرغ، لغايات توسعة التفاوض من جديد أمريكياً مع ايران، لغايات أن يشمل التفاوض برنامج الصواريخ البالستية، وتستمر هذه الألمانيا والتي تصر بأن تكون تابعة لواشنطن رغم محاولات موسكو في اعادة تأهيلها على المستوى السيادي ولكن التابع يبقى تابع،  تستمر برلين في بيع السلاح الألماني على مستوى العالم بالاتجاهات الأربع وخاصة في الشرق الاوسط.

إنّ العنوان الرئيسي لهذه المرحلة هو الخلع الاستراتيجي من المنطقة وفي المنطقة، والمتمثل في اعادة هيكلة الوجود الأمريكي في أفغانستان وليس بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بعد اعادة(هندرة)الوجود الأمريكي في العراق والذي عاد أولوية أمن قومي أمريكي في عهد الرئيس ترامب المنصرف من البيت الابيض، وسوف تتصاعد أهميته في عهد الناطق الرسمي باسم الحكومة الخفيه الديمقراطي جو بايدن، لغايات العبث بايران عبر استراتيجيات التطبيع الناعم، لتفجير ايران عبر الاتفاق النووي وضرورة الحفاظ عليه، وعلى العبث بالطبقة الوسطى الايرانية، والذي صار يعود من جديد عبر ما يحدث في الأنبار وتحت عنوان مكافحة الأرهاب لخلق اقليم سني قادم ليكون بمثابة مسمار جحا لليانكي الأمريكي، من هنا تأتي أهمية إرباك المنطقة الشرق الأوسطية كحاجة أميركية للخروج من متاهاتها العميقة(عبر الناتو وأدوار تركية كمخفر متقدم)، عبر اعادة تموضعها وحصر أولوياتها وتنازلات هنا وهناك، للوصول الى تفاهمات مع التكتل الدولي الاخر وعنوانه موسكو، والأخيرة مسنودةً من قبل الصيني وجلّ دول البريكس.

الحكومة الخفيه لواشنطن، توظّف تركيا ضد روسيّا وايران وسورية والعراق، وللعبث في القوقاز الشمالي والقوقاز الجنوبي، كما أنّ نواة هذه الحكومة البلدربيرغ، تحدّث دوماً استراتيجيات دفاعية أمريكية جديدة، وتحديثات مستمرة لمفاصلها وتمفصلاتها الاممية وفعلها على الميدان الدولي، لثالوثها النووي البحري والجوي والصاروخي، وبالخلفية أيضاً تحديث، لمجتمعات استخباراتها وأفعالها القذرة في جلّ ساحات الخصوم والحلفاء على حد سواء، لوقف تآكل القوّة العسكرية الأحادية الشاملة، أمام الفدرالية الروسية والصين وكوريا الشمالية وايران، وهي استراتيجية تنافس من جهة، ومواجهة عسكرية ومخابراتية وسيبرانية من جهة أخرى، وحفاظاً على حيوية الأقتصاد الأمريكي وهو اقتصاد حروب.

 فأمريكا تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، والأخير من مخلفات الماضي التليد(نلحظ رغبة أمريكية في انهائه للناتو، لكن الأوروبي متمسك به، كونه يرى أنّ الأمريكي يسعى الى شطبه للأوروبي بالمعنى الأستراتيجي عبر تقوية أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، والناتو يحمي أوروبا من روسيّا هكذا تفكر كوادر القارة العجوز – سوف يزداد العمل في عهد جو بايدن لانهاء الناتو فالحاكم هناك قوى خفيه، تجيء بأي رئيس عبر لعبة ومسرحية الانتخابات)، وجاءت موضوعة مكافحة الأرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري التحديثي لواشنطن، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية الجديدة، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والأقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي، وترى أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم.

انّ الرهان الغربي والأميركي وبعض العربي، على تخلي موسكو وطهران والصين عن النسق السياسي السوري وبعد هذه الحرب الكونية، هو رهان خاطئ لا بل وساذج لأنّه ببساطة، كون سورية أصبحت مفتاح التحولات في منطقة الشرق الأوسط والعالم، إيران تدرك أنها مستهدفة من خلال سورية، أمّا الفدرالية الروسية، التي تمنحها سورية إمكانية العبور إلى الشرق الأوسط بأزماته وثرواته، وفرصة إيجاد تعددية قطبية جديدة تتوزع فيها المسؤوليات والواجبات والمزايا والعطايا، وحيث الدول ليست جمعيات خيريّة فما يحكمها المصالح والمصالح فقط، بجانب الروابط الأستراتيجية واستهدافات الأمن القومي، وفي ظل تراجع مشروع الهيمنة أو الأحادية الأميركية الى حد ما، ورغم سعي واشنطن للسيطرة على العالم رغم ما تعانيه من أزمات متشائلة، لذلك موسكو لا تريد خسارة ورقتها السورية التي تسمح لها بالإطلالة على البحر المتوسط، والذي يشكل رافعة إستراتيجية لمعابر النفط والغاز، لذلك كانت موسكو شرسة بما يجري في أوكرانيا، والأخيرة نتاج المسألة السورية بتفاصيل الموقف الروسي نحوها.

والمفهوم الصيني للمسألة السورية، ينطلق من ذات المفهوم الروسي والأيراني، والصين تدرك أيضاً أنّ المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي يعتبرها هي العدو والعدو والعدو الأول، لذلك سنجد وقريباً كيف سيتم تفعيل منظمة شنغهاي: روسيّاً وصينيّاً وايرانيّاً لتلعب أدوار حلف وارسو الجديد، مقابل العلاقات مع الأطلسي بوجه العسكري والمخابراتي بالرغم من أنّه في حالة موت دماغي كما وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون صبي(مرته).

وعبر هذه الخلفية الأستراتيجية فانّ موقف نواة الدولة الوطنية الروسية، يوصف بأنّه يتعاطى ويتحرك وفق ذهنية أمن قومي داخلي خاص به، بعبارة أخرى أنّه إذا سقط الحليف السوري كنسق سياسي وبرمزه الرئيس بشّار الأسد وبالأخص في هذه المنطقة الجغرافية، فهو سينعكس سلباً وبعمق على الوضع الروسي الداخلي وتعقيداته وتشابكه مع محيطه ومجاله الحيوي.

انّ مجتمع المخابرات الروسية يدرك جيداً أنّ رؤية ومشروع مخطط جنين الحكومة الأممية( البلدربيرغ)، هو في تنصيب الجمهوريىة التركية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية الأسلامي وجعلها رأس الحربة في هذا المشروع، كي تلعب هذا الدور في الحدائق الخلفية لموسكو وذات دول الخلفيات الأسلامية، أي بمعنى أن الغرب يقول للأتراك:- (يا تركيا)لا أمل لك في الانضمام إلى أوروبا، وعليك الدخول إلى هذا الشرق ولعب هذا الدور لصالحنا ولصالحك في شرق آسيا وشرق البحر المتوسط، وبالتالي من هذا المنطلق أو التحليل تتحرك ذهنية وفكر الروسي، بأنّ تركيا لا يجب أن تنتصر في هذه المعركة خوفاً على الفيدرالية الروسية، وحماية لها ولحلفائها ومجالها الحيوي، ومؤخراً دخلت أوكرانيا على هذا المفهوم، فضمّت القرم الى الأتحاد الروسي وعبر استفتاء شعبوي بعيداً عمّا يروج له الأعلام المضاد، اعلام البلدربيرغ الأمريكي ومن ارتبط به من اعلام العربان وأشباههم.

هذا الترابط في النقاط  الأساسية والمشتركة بين الدور التركي والأطلسي في المنطقة، يدفع الروس للاستنتاج بأنه إذا تم إيذاء سورية، فسوف يكون إيذاء مباشر لروسيا ومن ثم الصين، وهو ترابط  أخطر من المصالح، فاذا حسمت المعركه حسمت باسم الأطلسي وتركيا، والدور بعدها سيكون الى آسيا الوسطى والجمهوريات السوفيتيية الاسلامية، الموضوع وأحياناً يكون، أبعد من المصالح بين الدول وله علاقة مباشرة بتهديد الأمن القومي الروسي في العمق مباشرة، لأنه يمثل خطر على روسيا عبر نقل الحركة الاسلامية الاخوانية الى حدودها، والى داخلها بنفس منطق الحركة الاسلامية في الربيع العربي والذي لو قدّر له الانتصار كليّاً، لتولت تركيا اكماله في روسيّا نيابة عن الأمريكيين والغربيين، هكذا هي تركيا في مخيخ وعين نواة الفدرالية الروسية وهكذا ينظر الروسي الى التركي بشكل عام.

في أي مقاربات سياسية وعسكرية لتطورات الملف السوري، عليك أن تعي بعمق أنّه لا استدارات كاملة من أي طرف من أطراف المؤامرة على سورية، كونها تقارب المستحيل في المشهد السوري حتّى اللحظة الراهنة، ولا تستطيع التوقف بسهولة هكذا، كما العودة الى الخلف ليست فعلاً سهلاً، وصحيح واقع ومنطق أنّه ثمة انعطافات هنا وهناك، قد تؤسس الى أنصاف أو أثلاث استدارات من قبل الطرف الثالث في الحدث السوري وأتباعه الكميكازيين الأنتحاريين من بعض العرب وبعض المسلمين.

الهندسة الإستراتيجية لبقايا وازنة من الإرهابيين الآن في سورية(عبر الناتو وتركيا معاً، رغم الخلافات والتباينات والتقاطعات، لكن في الموضوع السوري هم فريق واحد)، تقوم على توسيع جبهات القتال لأشغال قوّات وقطاعات الجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان وتفاصيله، والولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تحافظ على داعش وتستثمر بالإرهاب المعولم، في محاولة(أعتقد أنّها بائسة)لألهائها، وهذا هو رهانات الطرف الثالث في الحدث السوري والذي من شأنه اعاقات لأتمام التسوية السياسية للمسألة السورية، والتي وصلت ارتداداتها الأستراتيجية على كامل الكوكب الأرضي الذي نعيش عليه وفيه، وصارت تتحوّا ناراً وشنّاراً، وهي من ستحدد مستقبل غرب آسيا لعشرات السنين القادمة حيث الصراع عليه، ومفتاح الحل في هذه الأزمة هو المفتاح السوري، فمن يملك مفتاح سورية ترتفع حظوظه في امتلاك المنطقة(غرب آسيا بأكملها).

ونلحظ أنّ الجيش السوري وحلفائه قابل استراتيجية هندسة الأرهابيين السفلة ومشغليهم، باستراتيجية تتموضع بمنطق جبهات الحرب العالمية وعلى كل الجغرافيا السورية، حيث الجبهة التي تسقط، الثانية وتلقائيّاً تسقط هي الأخرى، وفي نفس الوقت يعمل على توسيع قاعدة وجود الدولة الوطنية السورية في البؤر وآماكن سيطرة الأرهابيين السفلة ومشغليهم، ويجهد وحلفاؤه على التوجه نحو كنس الارهاب المعولم في ادلب رغم وقف اطلاق النار فيها، وان كان الجميع يذهب أنّه بعد معركة ادلب سيتم انجاز معركته للجيش في الشرق السوري والجنوب الشرقي لسورية وربط البادية السورية بالبادية العراقية، مما يقود الى توجيه رصاصات قاتلة وقاسمة للأرهابيين ومشغليهم في الداخل الأدلبي وريفه(أطراف سورية رسمية أفصحت عن ذلك، وأعتقد أنّها تجيء تحت عنوان التموية والغموض الاستراتيجي الايجابي)، كون محافظة ادلب وريفها صارت ساحة لتصفية الصراع على سورية وفي سورية.

في حين نجد أن الجيش السوري والحلفاء ضبط وبنسبة كبيرة جدّاً الحدود السورية اللبنانية وسيطر عليها الآن، والمقاومة في لبنان سلّمت كلّ أماكن تواجدها على الحدود الشرقية للبنان للجيش اللبناني، ووسّع من انتشارات متفاقمة لقطاعاته في محافظة درعا المتاخمة للحدود مع الأردن بعد فتح معبر نصيب، والحدود السورية مع العراق في مراحلها الأخيرة لإغلاقها بوجه الإرهابيين، وان كان الأمريكي يستثمر في مخيم الركبان كخزّان بشري داعشي ليلعب بورقة شرق نهر الفرات من جديد، بجانب تفعيلات للطيران الحربي السوري والروسي لضرب أي تسلل لمجاميع الأرهاب المرتدة من الداخل العراقي الى الداخل السوري نتيجة المواجهات مع الجيش العراقي والحشد الشعبي، بعد أن تم استعادة الجنوب السوري برمته لحضن الدولة السورية ومحافظة السويداء ذات الحدود العميقة مع الأردن، حيث جبل العرب ما كان يوماً الاّ للعرب ولن يكون الآ للعرب.

تركيا وأمريكا، وفي معرض مسارات دعمهما لسلطات كييف الأوكرانية، المحفوف بالمخاطر على جلّ استقرار القارة الأوروبية العجوز، فهما تشرعان كل أنواع مواجهات هذه السلطات مع المعارضين في شرق أوكرانيا وجنوب شرقها، وفي دعم سلطات كييف الجديدة في العمل على اقتطاع جزيرة القرم من روسيّا.

 

الكابوي الأمريكي معروف عنه تاريخيّاً التشدّد والمرونة في السياسات وتنفيذها، حيث هناك في مفاصل الدولة الأمريكية فريق يسعى الى مزيد من التصعيد مع الروسي، في فرض مزيد من عقوبات مشدّدة وتقديم مساعدات عسكرية لسلطات كييف الجديدة، وهذا الفريق فريق العصا الأمريكية الغليظة، بسببهم صارت أمريكا الشرطي الأول في العالم، وفريق آخر يظهر شيء من الحكمة والواقعية السياسية والميدانية، وقد يكون الأقدر على فهم متغيرات الزمن، يسعى وبصعوبة نتيجة الصراع والخلاف مع الفريق الآخر، في جعل الباب مفتوحاً بقدر يسير للغاية للوصول الى تقاربات ثم تفاهمات، للوصول الى الحل الدبلوماسي لهذه الأزمة مع الروسي.

هذا الفريق الأمريكي فريق الأطفاء الدبلوماسي للنار التي أشعلتها واشنطن عبر حلفائها وأدواتها في الداخل الأوكراني، ممكن وصفه بالتيّار المعتدل أو أنّه يظهر الأعتدال وينادي بالتريث وتبريد سخونة الأجواء، ويعلن أنّه ليس من الحكمة بمكان حشر روسيّا بالزاوية ورفع سقوف التشنج معها، وفي ظل وجود ملفات مشتركة مهمة على طول وعمق خطوط العلاقات الأمريكية الروسية.

فتحتاج واشنطن لموسكو كثيراً وأكثر من حاجة روسيّا للعاصمة واشنطن دي سي في الملف السوري، والملف الأفغاني، والملف الباكستاني، والملف الإيراني، وملف كوريا الشمالية، وملف الصراع العربي “الأسرائيلي”، وملف تايوان، وفي ذلك رسالة مشفّرة لموسكو، نواة الأخيرة فكّت الشيفرة، وهي لتقديم تنازلات محدودة في ملفات أخرى حتّى في تايوان.

وبحسب قراءات مجتمع المخابرات والأستخبارات الروسية، أنّه وفي ظل الأصطفافات الدولية بسبب الأزمة السورية ونتاجها الطبيعي الأزمة الأوكرانية، تسعى واشنطن وحلفائها ودولة الكيان الصهيوني الدولة المسخ “إسرائيل”، إلى تسخين النزاع بين روسيّا واليابان حول جزر كوريل المتنازع عليها بين طوكيو وموسكو، والأخيرة تنسق مع بكين حول ذلك.

 كما أنّ الفدرالية الروسية تعي أنّ فريق الأطفاء الدبلوماسي للنار الأمريكية في كييف، لا يعني ولا يشي أنّ أمريكا تقر بوجود شريك روسي لها، وأنّ هناك قوّة أخرى صاعدة أعادت انتاج نفسها من جديد، فصعدت بقوة وثبات وكان الصعود خطوة خطوة وليس صعوداً صاروخيّاً، كون المعادلة الكونية تقول: أنّ من يصعد بشكل صاروخي سريع يسقط بمثل وشكل ما صعد، وهذا ينطبق على الدول وعلى الجماعات وعلى الأفراد(النخب السياسية والأقتصادية)في المجتمعات والدول.

انّ أي نزاع عسكري في أوكرانيا مع الروس من قبل الناتو ودعم تركي للأمريكي، سيغير هياكل أمن القارة الأوروبية ويقود الى حالة عدم الأستقرار في أوروبا كلّها، خاصة وأن المعلومات تقول عن تواجد عسكري للناتو هذا الأوان في مناطق أوروبا الشرقية، وهذا ما تم رصده وأكّده تصريح غير مسبوق لقائد قوّات الناتو في شرق أوروبا، والذي سبق أن زار دول الجوار السوري منذ بدء الحدث السوري وفي أكثر من زيارة معلنة وغير معلنة ومنها الأردن(نلحظ ارسال البنتاغون لأكثر من ألفي جندي أمريكي اضافيين، الى بولندا لغايات الدفاع عن أمن أوروبا ومصالح واشنطن).

وروسيّا تعتمد تكتيك النفس الطويل، وهذا هو نفسه سيناريو القرم الذي انتهجته موسكو، حيث الجيش الروسي تمترس خلف الحدود وترك الساحة للحلفاء في الداخل القرمي(القرم)، مع دعم سياسي ومادي ومعنوي وعسكري واعلامي، وذات السيناريو سيكون مع مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، وفي حال تفاقمت الأمور في الشرق الأوكراني وجنوبه، فانّنا سنكون أمام قرم آخر ينظم للفدرالية الروسية، وأثر ذلك على أوروبا والعالم سيكون وخيماً، حيث تتشجّع الحركات الأنفصالية وتطالب بالأنفصال، مما يقود الى حالة من عدم استقرار وثبات الدول وحدودها الجغرافية، وفي النهاية سيكون الشرق الأوكراني قرم آخر انّها لعنة اقليم كوسوفو، حيث تم سلخ الأخير من يوغسلافيا السابقة وجعله كدولة بمساعدة الأمريكي، وثمة تسخينات لجغرافيا وديمغرافيّة كوسوفو كمنتج للأرهاب من جديد لتوجيهه ازاء روسيّا وتركيا.

هناك تحولات جيو – إستراتيجية وتسوناميات داعشية ارهابية في المنطقة بفعل أمريكي، من أجل تعزيز حالة التشظي التي يشهدها العراق وسورية والمنطقة، كي تمهّد لتنتج ميلاد أرخبيلات كيانية طائفية أو اثنية وذلك لشرعنة اسرائيل الصهيونية في المنطقة، مع ترسيمات لحدود نفوذ جديدة مع حلفاء مع فرض خرائط دم BLOOD MAPS كأمر واقع بمشارط العمليات القيصرية، وعبر استراتيجيات التطهير العرقي والطائفي ETHNIC CLEANSING كل ذلك مع التفكيك الممنهج والتفتيت الجغرافي والتلاعب بجينات الوحدة الوطنية، وافشال الدول الوطنية FAILIN STATES  واستهدافات للجيوش الوطنية ذات العقيدة الوطنية واحلال ديمقراطيات التوماهوك وبديلها الداعشي، لتأمين مصالح الشركات الأمريكية والأوروبية النفطية في المنطقة.

واشنطن فشلت في التحكم ومراقبة أزمة المنطقة، فزّجت بورقة داعش كون أن التطورات والنتائج في محصلتها لم تصب في صالحها، بل في صالح طرف آخر هو طرف خط المقاومة في المنطقة، فتدخلت بريطانيا من جديد ووجدت فرصتها سانحة ومواتية لأستعادة بعض مناطق النفوذ فكان الأنشقاق الأولي في داعش، وسنرى استثمارتها وتوظيفاتها وتوليفاتها لداعش لاحقاً.

انّ الولاء للولايات المتحدة الأمريكية(الأمبراطورية الرومانية الجديدة عبر دولة كوردستان)أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، و واشنطن الآن تناقش نفسها بنفسها حول العلاقة بين مصالحها وموقعها من نشر الديمقراطية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة، ومتى أصلاً كانت أمريكا تقيم وزناً للمثل والقيم الأنسانية اذا تعلق الأمر بمصالحها الحيوية؟ انّ كل مغامرة قام بها الغرب في الشرق الأوسط لعبت فيها السعودية دوراً ايجابياً تمويلاً وتغطيةً، امّا علناً أو من وراء ستار ومنذ الحرب العالمية الثانية تحالف السعودية العربية مع الغرب.

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721 

سما الروسان في 6 – 12  – 2020 م.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا