رغم محاولات إجهاضه.. هل ينجح مؤتمر اللاجئين في لم الشمل السوري؟ د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الجمعة 13/11/2020 م …

تعتبر الأزمة السورية من أشد الأزمات الإنسانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، كونها فرزت وجوه بائسة، وأحلام محتضرة، وعيون دامعة، ونفوس مشردة تائهة معلقة بموطنها الأصلي، هربوا من الاقتتال والنزاعات المسلحة في سورية إلى الدول المجاورة والأوروبية، فوقعوا بين واقع شديد القسوة يتاجر بآلامهم وإنسانيتهم.




 في ذات السياق مر المجتمع السوري بظروف حساسة أثقلت كاهل الشعب، ودفع السوريون تكاليفها من دمائهم وتكاليف معيشتهم، فقد وجدوا أنفسهم مع تحول معظم الأراضي السورية إلى ساحة قتال في حالة نزوح دائم ومستمر، فقد فّر هؤلاء من المخاطر التي يواجهونها في بلادهم من قتل وفوضى فراراً من الرعب الذي سكن قلوبهم إلى البلدان المجاورة بحثاً عن ملاذ آمن ومستقر ليجدوا أنفسهم أمام مخاطر وصعوبات جديدة في تلك الدول التي فروا إليها من إفتقارهم إلى المال وارتفاع أسعار الخدمات والسلع المختلفة ومع استمرار الفشل الدولي في تسوية هذه الأزمة وعليه تبقى بلا  حلول و بؤرة للنكبات الإنسانية المتجددة.

 على خط مواز، افتتح في قصر الأمويين للمؤتمرات في دمشق مؤتمراً للاجئين  بحضور الأمم المتحدة بصفة “مراقب” ووفد روسي وممثلين عن بعض الدول الحليفة لدمشق فيما قاطعته واشنطن وحلفائها من الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض عقوبات على الحكومة السورية وهو ما يعزز الانقسام الروسي – الغربي حول موضوع الأزمة السورية.

 

حمل هذا المؤتمر رسائل قوية في غاية الأهمية و تحمل في طياتها الكثير من المعطيات والمعلومات إلى الداخل والخارج السوري أهمها: إن سبب التهجير هو الإرهاب والعقوبات على سورية، وهو ما شرد الملايين ومنعهم من العودة لمنازلهم، بالإضافة إلى أن حل الملف السوري، بما فيه ملف اللاجئين، يبدأ من سورية وبمبادرة روسية

 

كما يريد هذا المؤتمر أن يوصل رسالة قوية للدول الأوربية أن سورية مستعدة للتعاون في قضية إعادة اللاجئين، وهي القضية التي تشغل بال الأوربيين لأسباب أمنية وأخرى تتعلق باندماجهم. كما يؤكد هذا المؤتمر أن اللاجئين السوريين باتوا ورقة للضغط عليهم من قبل تركيا وبقية الدول في سبيل تحقيق موارد مالية أو مصالح سياسية، فاللاجئين في تركيا يمكن أن يصبحوا رأس حربة في أي حرب تخوضها تركيا ومثال على ذلك ما حصل في أذربيجان، وكذلك التصريحات بفتح الأبواب أمامهم للتدفق نحو أوروبا.

 

وبناءً عليه، إن الحكومة السورية أصدرت مجموعة من القوانين تساعد على تسهيل إجراءات العودة من مراسيم العفو إلى تعديل قانون الخدمة الإلزامية الذي صدر قبل عدة أيام، والذي يُمكن المطلوبين للخدمة عبره من دفع بدل مالي عنها، لذا فإنه ما من مبرر لبقاء اللاجئين السوريين في أوروبا، وبأن عودتهم تتطلب رفع العقوبات الأوربية والمساهمة في ترميم البنى التحتية المهدمة.

 

وفي الحقيقة انه لا يمكن تحقيق الأمن على أرض الواقع إلا إذا تكاتف الجميع وذلك من أجل مصلحة الوطن، والأمن مسؤولية كل إنسان يعيش في هذا البلد، فسورية تحتاج الى سواعد أبنائها قبل سواعد أصدقائها خصوصاً في هذا الوقت الذي نرى العالم من حولنا ينتشر فيه الصراع والقتل والخراب والتدمير.

 

مجملاً….لا بد من وضع حد لقضايا العنف والإرهاب وجعل قضية اللاجئين في رأس قائمة الأولويات للتحديات العربية والأوروبية التي تحتاج الى حلول سريعة لأنه يرتبط بأمن كل دولة وبالأمن القومي أو الإقليمي، فضلاً عن تأثيراته على السلم والأمن الدوليين، وهذا يحتاج الى جهود المنظمات الدولية والعربية لوضع برامج طويلة الأمد لمعالجة هذه الظاهرة وتوفير المساعدات المالية إضافة إلى الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية، وإزالة جميع العراقيل التي تحول دون تمتع اللاجئين والنازحين السوريين بالحماية الدولية اللازمة فيما يتعلق بلم شمل الأهل والعائلات أو الانتقال من مكان الى ا خر.

 

وانهي مقالتي بالقول إن مسألة اللاجئين السوريين كرامة وطنية وإنسانية وحقوق يجب صيانتها وأدائها، وإن عدم حل مشكلتهم قد يقود إلى كارثة إنسانية ومشاكل إقليمية ودولية معقدة، لذا أصبح من الضروري السعي الجاد لخلق التغيير المنشود لتحقيق كافة التطلعات والآمال الوطنية العريضة التي يتطلع إليها الشعب بكل فئاته، للوصول إلى غد مشرق وواقع حياة مزدهرة أكثر ألقاً، والى ظروف وطنية أكثر أمناً وأقل عنفاً وفساداً.

 

[email protected]

قد يعجبك ايضا