ترامب … رحيل غير مأسوف عليه / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر – الإثنين 9/11/2020 م …




راقب العالم الانتخابات الأمريكية بحذر وخوف من فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية؛ الرجل فشل فشلا ذريعا في الداخل والخارج؛ فعندما انتخب رئيسا كانت أمريكا دولة عظمى لها احترامها وهيبتها الدولية، ولم تكن منقسمة على نفسها، وتعيسة عنصرية خائفة على مستقبلها وتراجع نفوذها الدولي كما هي الآن.

ترامب دنس القيم الديموقراطية والثقافية الأمريكية، وأوصل الولايات المتحدة إلى هذا الوضع المتردي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بسبب سياساته العنصرية الظالمة للأقليات، وفشله في إصلاح النظام الصحي ومعالجة وباء كورونا، وفي التعامل مع شؤون الهجرة، والمناخ، ودول الاتحاد الأوروبي، والصين، وروسيا، وإيران، ودول الشرق الأوسط، وكوريا وغيرها من دول العالم.

أسلاف ترامب من الرؤساء الأمريكيين اهتموا بالمحافظة على تفوق بلادهم العسكري، وعملوا على تعضيض واستمرار مصداقيتها  ونفوذها السياسي والاقتصادي ومكانتها الدولية، واعتبروا التحزب والتفرقة بين الجمهوريين والديموقراطيين أمورا مسيئة لمصالحها ومستقبلها وسمعتها، بعكس ترامب الذي دنس المبادئ والقيم الديموقراطية، واعتبر التحزب والعنصرية والغوغائية عوامل مركزية لحكمه، ولم يحاول تمثيل أغلب الأمريكيين الذين صوتوا له، واحتقر الحقيقة، وكذب، وفقد مصداقيته واحترامه، وألحق ضررا بالغا بسمعة الولايات المتحدة، وخلق وضعا دوليا مضطربا مثيرا للقلق والاستقرار العالمي.

ولهذا فإن معظم شعوب ودول العالم، والشعب الأمريكي، باستثناء العنصريين البيض، رفضت سياسات ترامب ونهجه العنصري اللاأخلاقي في إدارة بلاده والتعامل مع دول العالم، وتشعر بالارتياح لفشله في الفوز بفترة رئاسية ثانية، وتعتبر رحيله من البيت الأبيض بادرة خير لأمريكا وللعالم أجمع.

مؤسسة الرئاسة الأمريكية لا علاقة لها بالقداسة، وتهتم أولا وأخيرا بمصالح وقضايا أمريكا وشعبها ونفوذها ومكانتها الدولية؛ وليس من المتوقع ان يكون الرئيس المنتخب جو بايدن قديسا، لكنه لن يكون أسوأ من ترامب، فالرجل أكثر ثقافة من ترامب، وله خبرة سياسية مميزة قد تمكنه من قراءة عقلانية وواقعية للوضع الأمريكي الداخلي والوضع الدولي، وتساعده في إعادة توحيد المجتمع الأمريكي وإيجاد حلول معقولة لمشاكله السياسية ولتداعيات كورونا الاقتصادية والصحية، وفي التعامل مع دول وشعوب العالم بطريقة بناءة تراعي مصالح الجميع.

لن يحزن على فشل ترامب ورحيله من البيت الأبيض سوى العنصريين الأمريكيين، والأحزاب الأوروبية اليمينية العنصرية المتطرفة، وإسرائيل وبعض القادة العرب الذين ” يعتبرونه حاميا لهم ولأنظمتهم “، مما يدل على أنه هو ومن يدعمونه أعداء للحقيقة والديموقراطية والسلام والمساواة بين الناس بغض النظر عن لون بشرتهم واختلافاتهم الثقافية والعقائدية!

قد يعجبك ايضا