أيها الرئيس سعد الحريري / نبيه البرجي

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يقدم استقالته بعد 13 يوما من ...

نبيه البرجي ( لبنان ) – الأحد 3/5/2020 م …




لا نتصور أن مستشاري الرئيس سعد الحريري، وغالباً ما يكون المستشارون في أكثر من بلاط عربي على شاكلة الجواري أو على شاكلة ناقري الدفوف، أبانوا له مواصفات رجل الدولة، لا مواصفات رجل الزقاق ،أمام المفترقات الكبرى، وأمام المحن الكبرى …أن يكون فوق الصغائر، وفوق الكراهيات، وفوق الكراسي، وفوق الأنانيات، وحتى فوق مباهج الدنيا، وحتى فوق… التاريخ!

وكنا نتمنى على أي من المستشارين، أكان برتبة رئيس حكومة سابق، أو برتبة مصفف شعر، أو برتبة ماسح أحذية، أن يروي له قصة رئيس الجمهورية الفرنسي ريمون بوانكاريه ورجل الدولة جورج كليمنصو (النمر)، وكل منهما لم يكن يطيق رؤية الآخر على سطح الأرض.

لدى اندلاع الحرب العالمية الأولى، رأى بوانكاريه أن البلاد بحاحة الى رئيس حكومة استثنائي . اتصل بكليمنصو ليأتي اليه. وعندما دخل هذا الأخير عليه، بادره الرئيس بالقول «أنت تعرف مدى كراهيتي لك، لكن هذا الوقت وقت فرنسا». كليمنصو رد بالقول «وأنت تعلم نظرتي اليك ، ولقد أتيت من أجل فرنسا»، ثم أخرج من جيبه ورقة وضعها على طاولة بوانكاريه الذي وقعها دون أن ينظر الى ما كتب فيها. وكانت لائحة بأسماء أعضاء في حكومة برئاسة كليمنصو.

ما بدا أن حضرات المستشارين وضعوا أمام الشيخ سعد مواصفات شيخ القبيلة. ربما مواصفات قبضايات أيام زمان بالخيزرانة والقمباز، ناهيك بالطربوش والشحاطة.

الرئيس سعد الحريري قال، ولبنان في القاع، «أنا مع اسقاط هذه الحكومة اذا فشلت، واسقاطها بشكل شنيع». هل ثمة ما هو أكثر شناعة من هذا الكلام، وفي هذا الوقت بالذات؟

لطالما رأينا فيك، يا صاحب الدولة، بل يا صاحب الجلالة، ما دمت قد ترعرعت على أدبيات من نوع خاص، وعلى أطباق من نوع خاص، الرجل الدمث، الذي يشبه الناس، ولا يشبه أوثان الطبقة السياسية. كيف لك أن تقول بإسقاط الحكومة ان فشلت، وانت ملك، أجل ملك، الحكومات الفاشلة، والسوبر فاشلة؟

لم تعتذر عن التسوية التي عقدتها في احدى ليالي باريس (ونبيذ باريس)، من أجل أن تعود الى السرايا ولو على ظهر دجاجة.

ألم يكن فلان الذي تهاجمه الآن (يا لبؤس الحال!) وزيراً في حكومة برئاستك؟ لماذا لم تحاسبه، أو تكف يده، ما دام الأبشع (أم الأشنع؟) من ذلك كله حين يلتقي الثلاثي المعظم في بلاط جلالتك، ليعلنوا وقوفهم الى جانبك ضد ذلك المخلوق الغريب، الفايروس الغريب، الذي حلّ في السرايا وهو يحمل كرة النار، وكانت تركة هؤلاء، وتركة الشركاء، في ادارة البلاد. في واقع الأمر من بين الثلاثة (أقمار) من يكنّ الحد الأدنى من الود للاثنين الآخرين، أيضاً وأيضاً لسعد الحريري؟

هذا لا يمنعنا من دعوة الرئيس تمام سلام، الذي نعرف سريرته وموقفه من التأجيج المذهبي، وهي دعوة القلب، أن يبتعد عن تلك الفضيحة المثلثة الأضلاع. الفضيحة ذات الأجراس.

اذا كان الرئيس الحريري رجل دولة، والبلاد في الهاوية وينتظرها الأكثر، والبلاد في الجحيم وينتظرها الأكثر، عليه أن يقول «أنا أضع يدي بيد حسان دياب، وفي يد أي لبناني آخر، لكي ننتشل بلدنا، ولكي ننتشل أهلنا، من الأهوال التي تقشعر لها الأبدان (والأرواح)!

ألم يقل رئيس حكومة سابق، وأمام الملأ في بيت الوسط «اذا نجح حسان دياب في مهمته، سنكون في الزنزانة»؟ ثم استعمل كلمة أشد وقعاً لدى العامة.

في هذه الحال ،لا بد من نصب الكمائن في الطرقات، وفي ساحة النجمة، من أجل اغتيال رئيس الحكومة من خلال ابتداع العوائق، كثيرون يتقنون الهرطقة الدستورية والهرطقة السياسية.

اذا فشلت حكومة حسان دياب بفضلك، وبفضل الشركاء في صناعة الكارثة، واذا سقطت، تسقط أنت (بشكل شنيع) ويسقط لبنان. أيها الرئيس سعد الحريري … اعقل

قد يعجبك ايضا