محمود عباس يهدد عسكريا ويتوعد أمنيا!! / سماك العبوشي

 

سماك العبوشي ( فلسطين ) الثلاثاء 13/10/2015 م …

في خبر رئيسي أذهلني بعنوان: (عباس: لا نريد تصعيداً عسكرياً مع إسرائيل) جاء فيه وأقتبس مقطعا منه : (قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الثلاثاء، إنه لا يريد تصعيداً عسكرياً ولا أمنياً مع إسرائيل بعد أيام من المواجهات الدامية مع إسرائيل قتل فيها أربعة فلسطينيين وأربعة اسرائيلين، وأضاف عباس خلال اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في مكتبه: “نحن نقول لهم لا نريد تصعيداً عسكرياً ولا أمنياً بيننا وبينكم، لا نريد”، وتابع قائلاً: “هذا قلناه بالفم المليان وكل تعليماتنا إلى أجهزتنا والى تنظيمنا وإلى شبابنا وإلى جماهيرنا: نحن لا نريد التصعيد”.)… انتهى الاقتباس.

أيعقل ما قرأته عيناي!؟، أم أنني أقرأ ولا أعي حقيقة ما أقرأه!؟، أم أن أمرا ما قد فاتني!؟، لربما كنت في غفلة مما يجري من حولي، أم أنه قد فاتني خبر اتخاذ السيد الرئيس محمود عباس قرار تنفيذ عمليات عسكرية محدودة ضد قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين ردا على انتهاكاتهم وجرائمهم المتواصلة منذ نكسة حزيران 1967 ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وتحديدا في القدس!!.

جملة من التساؤلات مقرونة بحفنة من الأماني بحدها الأدنى قد راودتني وأنا أقلب القنوات الفضائية لمتابعة أسباب ذاك الخبر وآخر تطورات المواجهات في فلسطين المحتلة، ورحت أتساءل:

أيعقل أن قوات الأمن الفلسطينية قد بادرت أخيرا بالدفاع عن شبان الحجارة في مواجهتهم المستمرة مع قوات الاحتلال الصهيوني الغاشم!؟، أم أن الأمر قد تطور فنشبت مواجهات مسلحة بين قوات الأمن الفلسطينية وشبان الحجارة المدافعين عن مدن وقرى الضفة ومقدساتنا في القدس من جانب وبين قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيهم الذين استباحوا مقدساتنا وأهدروا كرامات شعبنا من جانب آخر!!، فكانت النتيجة المنطقية ارتقاء أرواح أربعة شهداء من قوات الأمن الفلسطينية الوارد ذكرهم بالخبر أعلاه!؟.

جلست مُسَمّرا أمام شاشة التلفاز ورحت أتابع القنوات الفضائية العربية بحثا عن إجابة تشفي لي غليلي وتبعث الأمل إلى نفسي والاطمئنان إلى قلبي بخبر يؤكد حُسْن ظني بقوات الأمن الفلسطينية في أنها شرعت تمارس واجبها الوطني والشرعي والأخلاقي بالدفاع عن أبناء شعب فلسطين في الضفة الغربية، وسرعان ما صُدمت وفـُـتّ في عضدي حين لم أجد خبرا واحدا عن مواجهات عسكرية بين قوات أمن فلسطينية وبين قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه، وجُلُّ ما رأيته وقرأت عنه في المواقع الاخبارية أن هناك اجتياحا وانتهاكا صهيونيا عسكريا منذ أيام لمدن الضفة عموما والحرم القدسي الشريف، فيما يتصدى له شبان فلسطين المرابطون داخل الحرم القدسي الشريف وباحاته بالحجارة وبأيديهم ليس إلا!!، وراح شبان الحجارة يمطرون قوات الاحتلال كعادتهم بسلاحهم المعروف “الحجارة” مع تطور جديد وهو طعنهم لجنود الاحتلال ومستوطنيه بالسكاكين ليس إلا!!.

إذن ما المقصود من تهديد الرئيس الفلسطيني هذا وما تبعه من تصريح للسيد نبيل أبوردينه – الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية – بإدانته الشديدة لاقتحام جيش وشرطة الاحتلال المسجد الاقصى المبارك والاعتداء على المصلين، وتشديده القول بأن القدس الشرقية والمقدسات الإسلامية والمسيحية خط احمر، وأن السلطة الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الاعتداءات على مقدساتنا!!.

كم تمنيت لأحلامي وأمنياتي أن تتحقق بالحد الأدنى، فيكون تحذير الرئيس الفلسطيني المنوه عنه آنفا قد كان مقدمة وتمهيدً منه لإنهاء مرحلة التنسيق الأمني وبالتالي قيامه بإصدار تعليمات (تأخرت طويلا!!) بإطلاق يد أبناء فلسطين – مسلوبي الإرادة والمكبلين- لمواجهة الاحتلال بحرية وبما يكفله القانون الدولي والشرع دفاعا عن أنفسهم ومقدساتهم، ومن ثم الزج بقوات الأمن الفلسطينية لتأخذ دورها الطبيعي بالدفاع عن أبناء جلدتهم أولاً وبالتصدي للمارسات الوحشية لقوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه!!!.

لقد تجاوز الاحتلال الإسرائيلي كل الخطوط الحمراء، بعدما تفرعن نتيجة الانبطاح أمامه والسكوت دون رد يحجم ممارساته بالفعل لا بالاستنكار والإدانة، وها هم جنوده يقتحمون المسجد الأقصى بمعية قطعان مستوطنيه الأنجاس وسياح أجانب عشية رأس السنة العبرية، وهاهم المرابطون الغيارى في الحرم المقدسي يتصدون ببسالة متناهية لهؤلاء الرعاع وشذاذ الآفاق دونما سند من قوات أمن فلسطينية، واستخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية لقمع شبان فلسطينيين تحصنوا داخل الأقصى لحمايته من الزيارات الاستفزازية للمستوطنين، ما أدى إلى إصابة عشرات الفلسطينيين وإحراق بعض محتوياته، وتهشيم عدد من نوافذه، في ما وُصف بأنه الاعتداء الأكبر منذ جريمة إحراق المسجد في العام 1969، علما أن المواجهات الأخيرة قد بدأت بين المرابطين في المسجد الأقصى وقوات الاحتلال حين دخلت مجموعات يهودية صباحاً المسجد الأقصى عبر باب المغاربة، الباب الوحيد المخصص لغير المسلمين، بينما اغلقت الشرطة الإسرائيلية كل الأبواب الأخرى المؤدية الى المسجد!!.

عدت بالذاكرة إلى الوراء، ورحت أستذكر كل الانتفاضات الشعبية الفلسطينية ومواجهات شبان وأطفال الحجارة فلم تسعفني الذاكرة لاستذكار قيام قوات الأمن الفلسطيني بمهمة حماية شبان الانتفاضة في تصديهم البطولي لقوات الاحتلال الصهيوني البغيض أو لقطعان مستوطنيهم!!، بل إن ما جرى هو العكس تماما، حيث

دأبت قوات الأمن الفلسطيني على القيام – وفق التنسيق والتفاهم الأمني مع قوات الاحتلال البغيض- بمهمة كبح جماح مقاومة أبناء فلسطين للاحتلال حفاظا على أمن وأمان قطعان المستوطنين واستقرار كيانهم الغاصب، بمعنى آخر، أن يتم إلقاء القبض على أبناء الرباط من “الملثمين” ممن يتصدون للعدو الصهيوني ويمارسون حقهم بالدفاع عن تراب وطنهم السليب وعن كرامتهم بذريعة زعزعة خارطة الطريق وإنهاء اتفاقيات أوسلو!!.

لقد كتبت الكثير من المقالات الموجهة لقيادة السلطة الفلسطينية نبهتهم فيها وحذرتهم من مغبة التشبث بالسير خلف وهم أوسلو، وتساءلت كثيرا إن كانت القيادة الفلسطينية لم تع ممارسات سلطات الاحتلال في قضم الأرض وانتهاك الحرمات ، ولم تفطن من قبل لأدبيات الكيان الصهيوني، ولم تصل إلى أسماعهم عبارات ساسة يهود منذ نكبة فلسطين عام 48 وحتى يومنا هذا والتي تحدثوا فيها عن طموحاتهم وأحلامهم ومشاريع توسع كيانهم الغاصب، وإلا وبخلاف ذلك فما على قيادتي منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية الموقرتين إلا أن تتفضل بقراءة وتدبر التاريخ الصهيوني جيداً، وأن تتمعن طويلا في أدبيات سياسة الحركة الصهيونية الموضوعة منذ عقود خلت، لتدرك حجم الوهم الكبير الذي سعت وتسعى من اجله السلطة الفلسطينية من خلال جهود ما يسمى بالسلام ومفاوضات الحل النهائي، كي تتيقن تماما بأنها سعت وتسعى خلف سراب إقامة دولة فلسطينية وفق الكيفية التي تجري الآن، وليكون قرارها القادم أكثر واقعية وانسجاماً مع مخططات العدو وأهدافه الساعية لقضم أكبر مساحة ممكنة من أراضي الضفة وتهويد القدس وبالتالي فرض سياسة الأمر الواقع الذي يعلم الجميع تداعياته المستقبلية الوخيمة على قضية فلسطين!!.

ختاما…

من حقي أن أتوجه بالتساؤل إلى السيد محمود عباس: أدركنا أنك لا تريد تصعيدا عسكريا ولا أمنيا، وأيقنا تماما أنك ملتزم بالتنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الصهيوني، ولكن … ما ردك لو أن العدو الصهيوني لا يحبذ فكرة التهدئة ولايلتزم إلا بتنفيذ الانتهاكات وقضم الأراضي وتهويد المقدسات!؟.

مجرد تساؤل.

حيّ الله المرابطين في المسجد الأقصى الذين تصدوا ويتصدون لقوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه في ظل شجب واستنكار لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية دون أن يكون لقوات الأمن الفلسطيني أي دور في دعم هؤلاء الشبان المؤمنين الصادقين المرابطين!!.

حيّ الله الشهداء الفلسطينيين السبعة الذين رووا بدمائهم أرض الرباط في فلسطين والثمنمائة شاب فلسطيني مصاب الذين سقطوا جراء رفضهم الخنوع للاحتلال الصهيوني البغيض

قد يعجبك ايضا