في الذكرى السنوية الأولى لرحيل المرحوم الأستاذ حسين مجلي “أبو شجاع” / فايز الشخاترة

 

فايز الشخاترة ( الأردن ) الإثنين 12/10/2015 م …

في ظهيرة يوم الأحد الموافق12/10/2014 انتقلت روح “أبو شجاع” إلى بارئها، متحللةً مماّ كان يجثم على صدره من أحزان وأثقال مما تعانيه أمته العربية وتكابده من تكالب أعداء الداخل والخارج عليها، ملتحقاً برفيق عمره محمد السقاف، بعد قرابة عام من رحيل الأخير، وكان قد كتب قبل أسابيع من رحيله ، مستذكراً نزاهة وصدق المرحوم السقاف ، يقول “كان منزل السقاف منتدىً عربياً تناقش فيه قضايا الحياة في الوطن العربي، ونزداد فهماً لها في حواراتنا عندما يشاركنا محمد السقاف أو عندما يصمت … وداع محمد السقاف ومواراته التراب واختفاء ابتسامته للأبد حقيقة مرة قاسية تضافُ  إلى الحقائق المرة التي يحياها الوطن العربي الذي يشرب المر والعلقم كل يوم ويقتات اليأس والألم كل يوم”.

وهكذا كان وداع “أبو شجاع” واختفاء ابتسامته الحلوة وحكمته وصلابة مواقفه وعمق رؤيته القومية العربية وصدقها حقيقةً مرةً يصعب على أهله وأحبائه وأصدقائه تجرعها لأنها أمر من العلقم.

جسّد “أبو شجاع” طوال حياته المديدة دور المناضل العربي القومي الذي يحمل في عقله ووجدانه هموم الأمة العربية وآمالها في إقامة الدولة العربية الواحدة التي تتطابق حدودها مع حدود الأمة ، تقيم العدل بين أبنائها وتصون حقوق الأمة من الأعداء والطامعين ، وتعيد مااقتطع من وطنها إلى خارطة الوطن العربي الكبير ، وتسخِّر الثروات العربية لمصلحة أبناء الأمة كافة من مغربهم إلى مشرقهم، وليس لمصلحة تدمير هذه الأمة وتمزقها وارتهانها للأجنبي ، كما يحدث هذه الأيام.

كانت الوحدة العربية هاجسه الأول والهدف الذي يتقدم على غيره من الأهداف عند “أبو شجاع” ،  وفي الذؤابة منه وحدة بلاد الشام ، فنجده يكتب في برقية للرئيس بشار الأسد “إن فكرة الوحدة في الوطن العربي مرادفة لفكرة الحياة ، وإن مسألة الوحدة مسألة حياة أو موت ، وأن لا معنى للسياسة في الوطن العربي ، إن لم تكن الوحدة العربية مضمونها ومحتواها… لقد كان قيام دولة الكيان الصهيوني نتيجة لتمزيق بلاد الشام، وهذا وحده هو الذي حمى ويحمي وجودها وتوسعها ، وهو الذي سهَّل انفصال الجمهورية العربية المتحدة عام 1961 … وأن دبابات الانفصال عام 1961 هي التي فتحت الطريق لدبابات الاحتلال عام 1967، وماتبعه من اتفاقات مذلة مع هذا الكيان … إن وحدة بلاد الشام هي وحدها التي تصلح جسراً لوحدة الأمة العربية وتشكل جداراً صلباً وقاعدة الانطلاق لتصفية هذا الكيان الصهيوني الدخيل”.

وكان يرى أن لمصر العربية دور خاص في قيادة الوطن العربي ولم شمل أجزائه المتنافرة ، أسوة بالدور الذي لعبته إبان سنوات “الشموخ العربية والعزة العربية تحت قيادة الراحل العظيم الرئيس جمال عبد الناصر” ، وقبل أيام من وفاته كتب إلى الرئيس السيسي في مصر يقول ” إن عشرات الملايين العربية يتطلعون إلى عودة مصر إلى موقعها في قلب العروبة، وأن الأولوية في الحياة العربية اليوم هي إطفاء الحرائق التي تجتاح الوطن العربي، وإطفاء الحرائق يحتاج إلى إطفائية ، ونرى بأن المؤهل للقيام بهذه المهمة هو جمهورية مصر العربية بقيادتكم عن طريق مصالحة تاريخية على الصعيد العربي ، وعلى صعيد المنطقة بأسرها بما في ذلك دول الخليج العربي وتركيا وإيران”. وكان “أبو شجاع” يرى أن تضخم أدوار الدول الإقليمية في وطننا العربي ناتج عن غياب الدور القومي لمصر في تبني مشروع قومي عربي نهضوي يعيد لأمتنا مكانتها بين الأمم ، كما كان الحال أثناء قيادة الرئيس عبد الناصر، وذلك منذ أن تخلى الرئيس السادات عن هذا المشروع وربط إرادة مصر العربية بإرادة الدولة الاستعمارية الأولى في العالم “الولايات المتحدة الأمريكية” وبإرادة الكيان الصهيوني الغاصب .

كان “أبو شجاع” حريصاً على إعادة بناء عقل المواطن العربي وإعادة بناء المؤسسات العربية على أساس الانتماء لهوية عربية واحدة تجمع ولاتفرق،  خلافاً لما يُطرح على أمتنا في هذه الأيام السوداء من قبل أعدائها في الخارج ، من تشجيع واختلاق لهويات طائفية ومذهبية وجهوية وقبلية قاتلة، تصب جميعها في هدف تدمير أمتنا وإزالتها من التاريخ .

وقد تجسد ذلك في اهتمام “أبو شجاع” بالمؤسسة التي رأسها خلال السنوات الأخيرة من حياته وحتى وفاته ، أقصد المنتدى العربي،  حيث أكد دوماً على “ضرورة بناء العضوية في المنتدى بناءً سليماً، ليبقى منتدى قومياً عربياً وحدوياً، وأنه لا يجوز قبول أي شخص في عضويته لا يؤمن بالمبادئ التي قام المنتدى من أجلها، وأن على عضو المنتدى أن يعبِّر في تفاصيل سلوكه اليومي عمَّا يجسد رسالة المنتدى ، فإذا اختل الالتزام بأهداف المنتدى والاندماج فيها ، يصبح بنيان المنتدى زائفاً وتبطل تسميته كمنتدى عربي”.

رحمك الله أخي أبا شجاع وأنزل على روحك النقية الطاهرة شآّبيب الرضى والطمأنينة وجعل ذكراك نبراساً ساطعاً تقتدي برجولته ونقائه ووفائه لأمته الأجيال العربية الصاعدة.

وإنا لله وإنا إليه راجعون

المحامي فايزشخاتره

رئيس المنتدى العربي

قد يعجبك ايضا