قنابل رئيسنا لا تنفجر الا بين يديه / صابر عارف

 

صابر عارف ( فلسطين ) الأربعاء 23/9/2015 م …

ما ان يخرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن من حفرة حفرها لنفسه او حفرها طاقمه الرئاسي له ، حتى يقع او يوقع به في حفرة اخرى ، أكثر واشد ظلما وظلاما ، فما كاد ان ينتهي ويخرج مهزوما ومهزوزا امام زملائه في منظمة التحرير الفلسطينية وامام العالم  اجمع ، من كارثة الدعوة لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لغايات شخصية وفصائلية وبدون اي ترتيب او تنسيق وطني مسبق ، كاد ان يعصف بما تبقى من رماد منظمة التحرير الفلسطينية ، حتى وقع وبعد ايام معدودات في دهليز احلك ظلاما واشد خطورة ، عندما اعلن بنفسه بانه سيفجر قنبلة في نهاية كلمته التي سيلقيها نهاية الشهر الجاري في الامم المتحدة ، واكد على كلمة قنبلة ، مع انه لم يحمل يوما ولا يحب القنابل حتى لو كانت قنابل صوتية او دخانية ، فهو وكما يقول يوميا بانه ضد الكفاح المسلح وحتى انه ضد الانتفاضات ، ولن يسمح بها طالما هو على قيد الحياة .

القنبلة الموعودة  قيل بانها ستكون الاعلان عن ان الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها الامم المتحدة دولة تحت الاحتلال ، دون تقديم اي تفسير لمعنى هذا الكلام الذي اقل ما يقال فيه بانه اسذج من ساذج ، ولا يحمل اي مضمون سياسي او قانوني ، كما افاد كبار الفقهاء في القانون الدولي ، ولا يعدو كونه قفزة في الهواء لن تقدم او تضيف شيئاً للقضية الوطنية ، بل ستزرع وهما جديدا ، ان لم يكن تضليلا مقصودا ومعدا بعناية في غرف مظلمة لشراء وتضييع الوقت الفلسطيني في اوهام جديدة وللسير وراء سراب صحراوي طويل  .

طاقم الرئيس ومن حوله يحاولون ،، وبعبقرية ،،  نادرة فلسفة الموضوع ، واضفاء الطابع الفكري والثقافي على تراهاتهم ، ويشبهون فكرة الاعلان عن دولة فلسطينية تحت الاحتلال  ، بالدولة الفرنسية عندما كانت تحت الاحتلال الالماني النازي لفرنسا ابان الحرب العالمية ، واظنهم لا يعلمون بان دولتهم لم تقم يوما ، كما انهم لا يعلمون ان الدولة الفرنسية كان عمرها قرون من الزمن قبل الاحتلال النازي . ويوهمون انفسهم ، ويضحكون على من يضحكون ، بان الامم المتحدة ستدعم الخطوة لانها اعترفت بفلسطين كدولة ، ويذهب بعض السذج للقول بان الامم المتحدة في مثل هذه الحالة ستاتي وتتحمل مسؤولية اوضاع الدولة تحت الاحتلال .

اي جنون واي هذيان هذا الذي يناقش الموضوع باعتباره مسالة وقضية قانونية مع انها في حقيقة الامر والواقع قضية سياسية بالاساس لا يمكن مناقشتها بمعزل عن ارادة المحتل الذي لا يعبأ ولا يعير هذا الكلام اي اهتمام بل يسخر منه ومن مروجيه ،  فقدنقلت صحيفة هآرتس الاسرائيلية امس الاثنين عن مسؤول في الحكومة الاسرائيلية قوله ان الرئيس الفلسطيني لا ينوي الاعلان عن حل السلطة او الغاء اتفاقيات اوسلو او حتى وقف التنسيق الامني ، كما ابلغ دبلوماسيين اوروبيين بهذا الامر اثناء جولته الاستشارية التي يقوم بها في اوروبا وامريكا وروسيا وغيرهما قبل القاء قنبلته !! . وعلقت الصحيفة على ذلك بقولها ،، انه اذا ما صحت هذه التصريحات يكون ابو مازن قد ابطل مفعول قنبلته الموعودة ، لان اي قرار سعلن عنه خارج هذه الإجراءات لا يرقى ليكون بمثابة قنبلة  ،، واضيف حتى لو كانت صوتية او دخانية .

ماذا تعني دولة تحت الاحتلال ؟ ما مصير السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها والمجلس التشريعي؟ هل ستلغي الاتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية أوسلو ؟ والسؤال الأهم والأقوى هل سيقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتلك الخطوات فعلا ، أما أنها مجرد فقاعة ونوع من الضغط على إسرائيل لتحسين شروط المفاوضات ودفع أمريكا للعودة إلى مفاوضة الرئيس كما يرى البعض ؟ ام هي مجرد فقاعة إعلامية ومناورة سياسية مكشوفة ومفضوحة الاهداف  ؟؟ .

أن اعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال، إذا تمّ، يعدّ خطوة رمزية، غير ملزمة للاحتلال الإسرائيلي، ولا تعني شيئاً ولا يترتب عليها ما يلزم الاحتلال وجوباً، وهي كرفع العلم الفلسطيني في المنبر الأممي ، مسألة رمزية لا مغزى لها، سوى الإيهام بتحقيق إنجاز ما  .

يبدو جليا ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن مصمم ومصر على انهاء حياته السياسية وفيا لما آمن به من افكار وقيم قال عنها بنفسه مرارا وتكرارا بانها لم تؤد الى اي نتيجة ، سوى استمرار الاحتلال وبارخص الاثمان ، كما قال وما زال يقول . فوفقا لموقع “يديعوت احرونوت” التي قالت  ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابلغ خلال اجتماعه بالامس الاثنين في باريس مع اربعة سفراء اسرائيليين سابقين بأنه سيقدم استقالته اذا لم يتغير الوضع السياسي خلال الاشهر الثلاثة القادمة. واذا لم يقبل نتنياهو  امتحان السلام ويحضر فورا للمفاوضات .

بهذا تكون الامور اكثر من واضحة ، فبدلا من التوجه الجاد والصادق نحو القدس التي ينتفض شبابها وحيدين ، وبدلا من التوجه للوضع الداخلي المنهار لاعادة بنائه ،  وبدلا من الاستجابة لصيحات ومظاهرات بيت لحم التي طالبت الرئيس بالرحيل ، والتي تنسجم وتتقاطع مع نتائج استطلاع شعبي نشرته وكالة رويتز للانباء ، حيث اييد 65 في المائة من المستطلع آرائهم  رحليه ورحيل برنامجه القائم على حل الدولتين…بدلا من تنفيذ الاستحقاقات سالفة الذكر  يتم الذهاب لسوق عكاظ لبيع الاشعار والاوهام . وحتما سيخرج الرئيس من المولد بلاحمص ، وكالعادة ستنفجر قنابله بين يديه ، دون ان تحرق اصابعه لانها وهم في وهم   !!

.

قد يعجبك ايضا