عباس … لــو خــرجــت مــن جلدك مــا عـــرفـتـك / ابراهيم ابو عتيلة

 

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 14/1/2015 م …

 

تمر أمامي هذه الأيام صور كثيرة ، بعضها من الخيال وأغلبها من الواقع ، فمن صور المروزي إلى صور عباس – نيتنياهو في مظاهرة باريس إلى صور عباس اردوغان أثناء زيارة الاول لتركيا يوم امس ، فالصورة الأولى تعطي الدلالة على عدم جدية عباس على ملاحقة نيتنياهو في المحكمة الجنائية الدولية وغفرانه عن شريكه ، أما الصورة الثانية فيقول فيها عباس لكل عاقل مهما قلتم ومهما انتقدتم فإني سأظل أنادي وأقول إن تلك التي طارت ما هي الا عنزة وإني سأعود ثانيةً لمجلس الأمن مجدداً لأقدم مقترحي لإنهاء الاحتلال مرة أخرى ، أما صورة المرزوي فلها قصة ستأتي في السياق …

فمع كل ما أُوتيت من خيال ، فإني لم اتوقع يوماً أن تمشي الضحية والسفاح معاً ، فكيف بعباس ونيتنياهو السير جنباً إلى جنب في تظاهرة لاستنكار الإرهاب ، وكيف لمن يهدد ويتوعد بأن يقوم بملاحقة المجرم قضائياً بتهمة الإرهاب أن يتقبل فكرة السير معه ولو بالخيال ، وكيف تمت الأمور على أرض الواقع ، ومن الذي كتب السيناريو ، وكيف استطاع عباس ان يقنع نفسه بالموافقة على ذلك وتمثيل هذا الدور المستفز للمشاعر ، أم انها رغبة منتجي ومخرجي أفلام هوليود ، الذين رتبوا للدور واقنعوا الضحية بأن تمشي مع قاتل أهلها وذويها لكي يظهر القاتل كالذي يحمي الغنم ولتظهر الضحية كالتي تتبادل الحب مع قاتلها ، وليخرج القاتل بريئاً من كل ما ارتكبه من جرائم وما اوقعه من دمار وتخريب ، فتلك لعبة امبراطورية الإعلام الصهيوني الذي يتحكم بالكثير من وسائل الاعلام في العالم ..

ومع إدراكي للتنازلات الهائلة التي قدمها عباس في مقترحه الذي أظهره كحمامة سلام نزعت ريشها الحقيقي وتركت صغارها وراءها متخليةً عن مطالبها الحقة بعش في بيتها بموقعه المحدد الآمن الذي يعرفه الجميع ، ذاك المقترح الذي ألبسوامن خلاله حمامة السلام العباسية  ريشاً أبيض اللون لعل المغتصب يرضى بأن يفسح لها مكاناً تبني عليه عشها فتأوي إليه ، فالمقترح الذي تم طرحه في وقت سابق على مجلس الأمن وفشل عباس في الحصول على الموافقة عليه لا يلبي إلا رغبات وطموح الصهاينة الذين لم يحلموا يوماً بأن يأتي صاحب القضية ليخفض سقف بيته على هذا النحو وأن يحبو صاحب البيت في بيته منبطحاً كي لا يلامس راسه السقف ، فلعله بذلك يكسب رضا حكام استبدوا ولعبوا بمصائر الشعوب المضطهدة ، ومع قناعتي بأن رفض مجلس الأمن لمقترحه قد قدم لعباس فرصة ذهبية للتكفير عن ذلك المقترح المشؤوم ويعيده إلى شعبه وطموحات شعب ، إلا أنه يصر على أن يخرج علينا بين الفينة والأخرى بذلك التهديد الأجوف ليقول بأنه سيعود ثانيةً لمجلس الأمن بمشروع لإنهاء الاحتلال مهما كلف الأمر، على الرغم من أن ذلك يناقض تماماً رغبات الشعب الفلسطيني ويتعارض مع إرادته  ، فعباس ما زال مصراً على أن مشروعه يحقق الأمن والسلام والرفعة للشعب الفلسطيني كإصرار من يراها عنزة بالرغم من أن الكل يراها طائراً ذهب بطموح شعب لينهي حقوقه ….

ومع اختلاط الصور ، وبالرغم من كل التنازلات المفجعة والمذلة التي قدمها ويقدمها عباس للصهاينة ، إلا ان لسان حال الصهاينة ما زال عند موقفهم بأنهم لن يمنحوا الفلسطينيين شيئاً إلا حكماً ذاتياً هزيلاً على جزء من الأراضي التي احتلها الكيان الصهيوني عام 1967 ، فكرم عباس هنا يذكرني بكرم ذلك التاجر العراقي الذي كان يمر عنده رجلاً من مدينة مرو في طريقه للحج أو التجارة فيكرمه العراقي ويسضيفه على أفضل وجه والمروزي يتصنع الحياء قائلاً لصديقه العراقي ، والله لو زرتني في بيتي بمرو لأرد إليك بعض جمائلك ولأكرمك بمثل ما تكرمني به هنا ، وتمر السنون على هذه الحال مكررةً في كل سنة ذات المشهد ،  ويشاء القدر أن احتاج التاجر العراقي لشراء بعض البضائع من مرو ، فسافر إلى هناك آملاً بأن يقوم صديقه الفارسي بإكرامه واستضافته ، وفور وصول التاجر العراقي للمدينة سأل عن المروزي فدلوه عليه ، وما أن رأى العراقي صديقه المروزي حتى انكب عليه يحتضنه ويقبله كصديق مشتاق لصديقه فيما لم يبد المروزي أي إشارة تشير إلى أنه قد عرفه ، فقال العراقي في نفسه ، ربما لم يعرفني لأنني ألبس العمامة ، فخلعها قائلاً للفارسي أنا فلان إبن فلان التاجر العراقي، ولكن الفارسي أنكره وادعى أنه لا يعرفه ، فقال العراقي في نفسه ربما لم يتعرف علي لأنني ألبس القلنسوة ، فخلعها ، ولكن المروزي لم يكترث به أيضا وازداد إنكاراً له ، فقال العراقي في نفسه ، ربما لم يعرفني لأنني ألبس الملحفة ، وبعد أن خلع العراقي الملحفة ولم يتبق سوى الجلباب بادره المروزي بقوله: لا تتعب نفسك .. والله لو خلعت جلدك ما عرفتك.

فها هو عباس وسلطته قد تنازلا عن الميثاق الوطني الفلسطيني متنازلين بذلك عن فلسطين التاريخية ومعترفين بدولة الكيان الصهيوني ، وهاهو عباس يقول في مقترحه ، أوافق على تبادل الاراضي واقبل دويلة على أساس حدود الرابع من حزيران 1967 واتنازل عن حق العودة وعن كل المطالب المستقبلية واوافق على ان تكون القدس عاصمة للدولتين … إلا أن الصهاينة يردون بقولهم : مهما قدمت من تنازلات فليس لك في فلسطين شيء فهي لنا ,,,, وقد نقبل يوما ما بأن نمنحك حكماً ذاتياً لتصبح مختاراً عليه كما هو  حال المخاتير في القرى النائية ، على أن ترافق قوات أمننا حين نريد أن نعتقل أحداً من قريتك …..

ابراهيم ابوعتيله

عمان – الاردن

13/1/2015

قد يعجبك ايضا