الأسد : الثقة والوضوح والقوة والواقعية / غالب قنديل

 

غالب قنديل ( لبنان ) الجمعة 28/8/2015 م …

الثقة بالانتصار رغم استمرار المواجهة القاسية التي لم تبلغ ربع الساعة الأخير هي العلامة الفارقة التي يمليها إيمان راسخ بحقيقة خيار الشعب العربي السوري وبإرادة الصمود والمقاومة عند السوريين وقواتهم المسلحة وهم يسطرون معا ملحمة تاريخية تخوضها الدولة الوطنية المقاومة وعلى رأس هذه المنظومة السورية العربية التحررية قائد مناضل ورئيس صلب باعتراف العالم كله هو الرئيس بشار الأسد امر يزيده رسوخا وجود حلفاء موثوقين مثل رفاق السلاح والمصير في حزب الله والشريك الاستراتيجي الإيراني الموثوق منذ خمسة وثلاثين عاما والشريك الروسي الصادق والصديق منذ سنوات طويلة أيضا ، الصمود والثبات والمقاومة مفردات الخيار السوري والتحولات الجارية هي حصاد ذلك الخيار.

في الشكل وما يسمى لغة الجسد كان الرئيس بشار الأسد خلال حواره مع قناة المنار ومن خلال جلسته وملامح وجهه وصفاء عينيه وحدة نظرته ونبرة صوته بدا واثقا هادئا كالعادة وبقوة وثبات وكان واضحا يعبر عن موقفه بسلاسة وانسياب بكلمات محددة وبانسجام منطقي ومفاهيمي فكان متدفقا متسلسل الأفكار وفقا لمنهجية ومعايير محددة ومن غير ان تغيب عن الحوار بعض اللقطات الساخرة واللاذعة التي تعزز مظهر الثقة.

أما أبرز المحطات السياسية المهمة في لقاء الرئيس الأسد مع قناة المنار :

أولا في المعلومات الجديدة المهمة التي تعلن للمرة الأولى وعلى لسان الرئيس وتمثل سبقا إعلاميا لقناة المنار :

1-    كشف الرئيس بشار الأسد وللمرة الأولى رسميا عن استمرار التنسيق والتواصل المصري السوري على مستويات عليا وأكد انه لم ينقطع حتى في زمن الرئيس السابق محمد مرسي ما يعني استقرار العلاقة بين المؤسستين الأمنية والعسكرية في مصر وسورية وكشف الرئيس عن انعقاد اجتماع قيادي رفيع مصري سوري مشترك في فترة قريبة سابقة لم يفصح عنها وكان موضوعه التنسيق بين القاهرة ودمشق في محاربة الإرهاب التكفيري وأبدى الأسد تفهما للضغوط الدولية والإقليمية التي تراعيها القيادة المصرية بعدم انتقالها إلى التصريح العلني بمستوى العلاقة مع سورية .

2-    كشف الرئيس بشار الأسد عن قرار سوري اتخذ وبوشر تنفيذه بانطلاق خطط محددة لإعادة البناء وهي تشمل مؤسسات اقتصادية ومناطق سكنية دمرها العدوان على سورية وهذا القرار يستكمل ما سبق أن أعلنه الرئيس الأسد سابقا عن مباشرة وضع المخططات الهندسية لإعمار ما دمرته الحرب وهو يدل كذلك على خطة استراتيجية تجمع بين مواصلة التصدي للعدوان وإطلاق إعادة البناء الوطني معا.

ثانيا  في النظر إلى المتغيرات الدولية والإقليمية أشار الرئيس الأسد إلى تعاظم خطر ارتداد الإرهاب وهو ما سبق ان حذر منه منذ بداية العدوان على سورية وعاين المواقف الخارجية بكل دقة ووضوح ومن غير أوهام رسم المعايير والقياسات التي يبني عليها تقييمه السياسي.

1-    المعيار السوري في معاينة وتصنيف المواقف والمواقع والخيارات هي الأفعال لا الأقوال وليست التصريحات سواء العلنية او في الغرف المغلقة خصوصا بالنسبة للولايات المتحدة وسائر الدول المنغمسة في العدوان على سورية وهؤلاء يواصلون تدخلهم وخصوصا السعودية وتركيا.

2-    الدعوة السورية لتنسيق يضم مصر وسورية والعراق باعتبار هذه الدول المواقع القيادية الثلاثة الفاعلة والمؤثرة عربيا بفعل التاريخ والجغرافيا والاستراتيجيا وهي اليوم تخوض معركة واحدة ضد الإرهاب التكفيري وهي تعبر عن عمق حضاري يكسبها اهلية القيادة خلافا لمن هم خارج العصر والحضارة وبلا تاريخ كآل سعود ومملكتهم.

3-    وحدة محور المقاومة ورسوخها شكلت بعدا مهما في رسم المشهد الاستراتيجي سواء في تناول العلاقة التاريخية مع إيران وآفاق تطورها وبالذات في وصف شراكة الدم والمصير مع حزب الله حضرت بحرارة مميزة في سياق الحوار الذي بلغ درجة عالية من الصفاء والوجدانية في حديث الرئيس الأسد عن علاقته بالسيد حسن نصرالله .

4-    دي ميستورا وسواه من الوسطاء الذين تختارهم الولايات المتحدة ليسوا محايدين وهم منحازون بالتاكيد ولذلك فالقيادة السورية تتعامل مع آليات محددة ومن ضمن شروطها وضوابطها السيادية في سبيل إعطاء الفرص لحقن دماء السوريين ونضيف عمليا ان هذه المنهجية نجحت خلال السنوات الأخيرة في ترجيح منطق الأسد وفضح انحياز الوسطاء والوساطات دائما ومقابل تجاوب الدولة الوطنية السورية مع كل مسعى سلمي تم فضح دول العدوان وتآمرها ( مبادرتا عنان والدابي ).

5-    تعاظم خطر ارتداد الإرهاب يوفر فرصة لتحركات دولية وإقليمية ( تقودها روسيا وإيران ) وأهميتها المركزية هي مدى تأثيرها في وقف تدفق السلاح والمسلحين والأموال من الخارج إلى جماعات الإرهاب والتكفير وحين يتحقق ذلك ستكون ظروف الحسم الميداني أقل كلفة في الزمن والجهد والتضحيات.

6-    الحكومات المتورطة في الحرب على سورية تعمل بتوجيهات اميركية وتقاس مواقفها دائما عند القيادة السورية بالسؤال عما يريده الأميركيون خلف الكلام الصادر من هنا او هناك .

7-    إسرائيل جزء من حلف العدوان على سورية وهي موجودة من خلال عملاء يجاهرون بارتباطاتهم وعبر دعمها للعصابات التكفيرية ومواجهة تلك العصابات هي الأولوية.

ى الصعيد العربي توقع محللون ان تكون له نتائج مهمة تستكمل المساعي الروسية لفتح القنوات السياسية بين دمشق والعديد من العواصم العربية التي أرغمها الأميركيون على مقاطعة سورية منذ انطلاق العدوان وبعضها تورط في فصول المخطط الأميركي.

9-    شدد الرئيس بشار الأسد على اهمية الحوار السوري السوري مجددا الثقة بالحليفين الروسي والإيراني وبما يقومان به في هذا المجال سواء تحضيرا لموسكو ام جنيف مشددا على رؤيته المعروفة للمسار السياسي على قاعدة اولوية مكافحة الإرهاب وبحوار سوري سوري ينطلق من الشراكة في مواجهة العدوان والاحتكام إلى إرادة الشعب السوري لرسم مستقبل البلاد.

قد يعجبك ايضا