إرهابيو ولاية سيناء: بداية النهاية! / د. رفعت سيد أحمد

 

د. رفعت سيد أحمد ( مصر ) الأربعاء 26/8/2015 م …

بالتأكيد، لن ينتصر «الإرهاب» في مصر، تلك حقيقة، ومُسلّمة، رغم القصف الإعلامي المعادي طيلة أربع سنوات أو يزيد، ورغم خلط الأوراق والقضايا الذي تمارسه أنظمة وجماعات وقوى إقليمية ودولية، ورغم ادّعاءات دائمة الإلحاح بأنّ ما يجري في مصر من إرهاب منظم هو ثورة وإصلاح ومطالب شعبية!! ورغم الدعم غير المحدود من قبل أجهزة مخابرات دولية، تريد تفكيك الدولة المصرية لإعادة تركيبها وفقاً لأجنداتها السياسية ومصالحها الاستراتيجية، ورغم المساهمة المباشرة بالمال والسلاح والتدريب لإرهابيّي جماعة داعش وأخواتها بهدف استنزاف الجيش المصري باعتباره العمود الفقري للدولة المصرية تاريخياً، ولأنه الجيش العربي الوحيد الباقي في المنطقة صامداً في مواجهة راكبي ثورات الـ»سي أي آي»، فأرادت استنزاف هذا الجيش الوطني وإشغاله بعيداً عن دوره الحقيقي.

سرقة ثورات وأشواق الشعوب للتغيير الحقيقي، وتحويلها إلى شرق أوسط استعماري جديد بلحية إسلامية زائفة، هي الخيانة والإرهاب الفعلي، لقد حوّلوا الثورات إلى فوضى، والوطن العربي إلى شرق أوسط بقلب أميركي وهوى صهيوني وبنية رأسمالية متوحشة لا تختلف في جوهرها عن الأنظمة السابقة لها، فقط تلاعبت في الشكل وألبسته ثوباً إسلامياً وثورياً زائفاً لتخدع الشعوب وتخرّب الأوطان، وهو عين ما جرى في ليبيا وسورية تحديداً ، وكان يُراد لمصر ذات المصير لولا يقظة شعبها وجيشها، ولولا ثورتهما معاً في 30/6/2013 لكانت مصر قد تحوّلت إلى السيناريو الليبي أو السوري.

لكلّ هذا جاءت جماعة داعش ولاية سيناء مصحوبة بموجة عاتية من الإرهاب المتوحش في مواجهة الجيش والشرطة والشعب المصري، انتقاماً وعقاباً منهم جميعاً لإفشال مخطط ثورات الـ»سي أي آي» ذات اللحية الأميركية، إنْ جاز الوصف، إلا أنّ هذا المخطط الذي تقف خلفه قوى ودول وأجهزة مخابرات وأموال حرام، لن ينجح، لأنّ التاريخ والجغرافيا تتناقض مع حالة داعش ولاية سيناء وتؤكد أنّ الإرهاب لم ينتصر أبداً على الدولة المصرية تاريخياً، وبالتالي لن ينتصر في هذه الجولة أيضاً… أما لماذا فإنّ السبب لا يعود فقط لأنّ الدولة بقوامها العسكري والسياسي والشعبي، أقوى وأعمق، وتلك حقيقة، ولكن لأنها تحارب ومعها الحق، وتتغطى بشرعية وقبول واسعين، ولأنّ خصمها هنا عار منهما تماماً، وعار من أيّ مقومات للحياة، ومن أيّ عدالة في مطالبه، إنه «إرهابي» بلا قضية، ومجرم بلا شرعية.

إنّ قوة الدولة المصرية الآن في مواجهة هذا الإرهاب الذي يتمركز في أقلّ من 40 كم2 في مثلث رفح العريش الشيخ زويد شمال سيناء تنبع من عدالة قضيتها ومن التفاف شعبها حولها مع نفوره ومعاداته لسلوكيات العدو الذي تقاتله الدولة، وتستمدّ الدولة قوتها في هذه المعركة أيضاً – من أنها لا تدافع عن الشعب والوطن فحسب، بل عن الإسلام ذاته، الذي تغتاله وتشوّهه تلك التنظيمات الإرهابية صباح مساء.

خلال أيام سيصدر كتابنا الوثائقي عن داعش ولاية سيناء 400 صفحة ، ولقد حاولنا فيه أن نؤكد على تلك المعاني، وأن نؤكد الأمل في الانتصار، الذي يريده الله ويتمناه الشعب، على تلك التنظيمات التي خاصمت الحياة، وعادت الدين وخسرته، تلك التنظيمات التي أشرنا في كتابنا، إلى أنها إنْ لم تكن صنيعة لأجهزة المخابرات الإقليمية وفي مقدّمتها «الموساد»، وثمة قرائن ووثائق تؤكد ذلك فهي تتقاطع معه وظيفياً في الرغبة المتوحشة لتفكيك مصر وضرب جيشها الوطني.

إنّ داعش ولاية سيناء كتنظيم إرهابي، مارس القتل علانية باسم «الإسلام» سينتهي، وهذا ليس تفكيراً سياسياً بالتمني، ولكن المعطيات الواقعية على الأرض، تؤكد ذلك، وتبشر به، فقط نحتاج إلى استراتيجية شاملة للمواجهة تبدأ بالاستعادة الحقيقية والكاملة لسيناء، من خلال التعمير القائم على منهج المقاومة ومن خلال استعادة دور الأزهر، والإعلام والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين وعدم الاكتفاء فقط بالدور القتالي المخلص والصادق الذي يقوم به جيشنا الوطني وأجهزة الأمن التي قدّمت المئات من فلذات أكبادها فداء للوطن، لا ينبغي أن يُترك هؤلاء الجيش والشرطة في المعركة لوحدهما، وأن نقول لهما قول بني إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا، إنّا ها هنا قاعدون آية 24 سورة المائدة.

إنّ ما يجري في سيناء وبعض محافظات مصر من قِبل تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى يستنكف من كلّ مصري «القعود»، بل يتطلب مشاركة وتضحيات الجميع لأنّ أصل المعركة، ونتائجها تتصل بمستقبل الوطن كله وليس بالجيش والشرطة، فحسب.

تلك معركة المستقبل وبلا مبالغة إذا ما انتصرت فيها مصر وبإذنه تعالى ستنتصر- سوف يتغيّر مستقبل المنطقة إلى الأفضل، لأنّ مصر، أرض الكنانة – ببساطة – وبحكم الجغرافيا والتاريخ، هي عمود الخيمة، ورمانة الميزان، الحاكمة للتوازنات والتطورات الاستراتيجية في شرقنا العربي، فإذا تراجعت وانتكست، تراجعت المنطقة كلها وانتكست، وإذا نهضت نهض هذا الشرق وعلا.

وصدق حافظ إبراهيم حين قال ذات يوم في رائعته مصر تتحدث عن نفسها

وقف الخلق ينظرون جميعاً

كيف أبني قواعد المجد وحدي

وبناة الأهرام في سالف الدهر

كفوني الكلام عند التحدي،

أنا تاج العلا في مفرق الشرق

ودراته فرائد عقدي

إلى أن يقول…

نظر الله لي فأرشد أبنائي

فشدوا إلى العلا أي شدِّ

إنما الحق قوة من قوى الديان

أمضى من كلّ أبيض وهندي

قد وعدت العلا بكلّ أبي

من رجالي فأنجزوا اليوم وعدي

وسيُنجَز الوعد وتنتصر مصر بإذن الله على «الخوارج الجدد» من داعش وأخواتها، كما أسماهم العلماء الثقاة، والله أعلى وأعلم…

E mail : yafafr hotmail، com

 

 

قد يعجبك ايضا