سعدالله ونوس مسرحي يعترف بهزيمة جيله

 

الأردن العربي ( الأحد ) 23/8/2015 م …

أيقونة المسرح السوري، صاحب “الملك هو الملك” و”الفيل يا ملك الزمان ” و”الأيام المخمورة” وعشرات غيرها، حمل مشروعاً فكرياً تنويرياً مع رغبة بتغيير العالم، منطلقاً من موقف نقدي واع وعميق لمشكلات الأمة العربية ومؤسساتها السياسية والأمنية وبُناها الاجتماعية، كان “متشائلاً” بطريقته لكنه لم ييأس من إمكانية التغيير، وظل يسبر الماضي بحثاً عن تجارب ناجحة يمكن أن تساعد من يعيش في الحاضر على التغيير.

المسرحي الراحل سعدالله ونوس، استلهم نصوصه المسرحية من التراث العربي، ونبش في تحالفات السلطة والجلادين والمال ورجال الدين ضد الشعوب ومصيرها، وبحث عن شخصياته في القصور والسجون والأسواق والمواخير، ملوك ووزراء ورجال دين وبائعات هوى، واستفاد من مؤرخين يُراقبون ويُعلّقون داخل مسرحياته دون أن يتدخلوا في مجراها.

قدّم إضافة نوعية للفكر والأدب العربيين، وأغناهما بإبداعات مسرحية إنسانية سياسية وفكرية، دافع فيها عن قيم الحرية والديمقراطية والإنسانية والعدالة الاجتماعية، وأعاد دراسة أحداث تاريخية لتعرية الحاضر ونقد الواقع المعيش، واقتراح أفكاراً وقيماً تجعل الإنسان أكثر حرية ووعياً.

ابن البؤس والحرمان

سعدالله ونوس ولد في العام 1941 وعاش حتى العام 1997، من سكان ريف طرطوس الساحلية، من أسرة فقيرة عاشت سنوات وصفها ونوس بأنها “سنوات بؤس وجوع وحرمان”، حصل على منحة لدراسة الصحافة في القاهرة وأنهاها عام 1963 ثم عاد إلى دمشق.

عمل سعدالله في وزارة الثقافة مديراً للهيئة العامة للمسرح والموسيقى، وسافر إلى فرنسا ليدرس فنون المسرح في جامعة السوربون، وبعد عودته عام 1968 أسس مع شريكه وصديقه المسرحي الراحل فواز الساجر فرقة المسرح التجريبي بهدف تقديم مسرح وثائقي يساهم في اكتشاف مشاكل المجتمع وفهمها ويدعو إلى الإصلاح والتغيير، كما عمل مع مجموعة من المتحمسين للمسرح على إقامة مهرجان دمشق المسرحي عام 1969، والذي توقف بعد دورته الثامنة عام 1978 بسبب الأحوال السياسية الصعبة التي شهدتها المنطقة، ومنها الحرب الأهلية في لبنان، والقطيعة العربية مع مصر.

عمل على التوازي مديراً لمسرح القباني الذي تشرف عليه وزارة الثقافة ورئيساً للقسم الثقافي في صحيفة السفير اللبنانية، وساهم في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق ودرّس فيه، وكان رئيس تحرير لمجلة الحياة المسرحية التي تصدرها الوزارة أيضاً.

وكان أول مسرحي عربي يقوم بكتابة الرسالة الدولية في اليوم العالمي للمسرح “1996”، وتم تكريمه في أكثر من مهرجان من أهمها مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ومهرجان قرطاج، وتسلم جائزة سلطان العويس الثقافية عن المسرح “1997”.

من أولى مسرحياته القصيرة “ميدوزا تحدق في الحياة” و”فصد الدم” عام 1963، و”مأساة بائع الدبس الفقير” عام 1964، وآخرها “منمنمات تاريخية” وبين تلك وتلك عشرات المسرحيات الأخرى من أهمها “سهرة مع أبي خليل القباني” و”حفلة سمر من أجل 5 حزيران” و”مغامرة رأس المملوك جابر” و”طقوس الإشارات والتحولات” و”الملك هو الملك” و”الفيل يا ملك الزمان” وغيرها.

اشتهرت مسرحياته بالنقد السياسي والاجتماعي للواقع العربي الراهن، وانتقد فيها الأنظمة السياسية العربية، والمفكرين العرب الذين يتملقون للسلطة، وكان من أوائل من طرح فكرة “تسييس المسرح” كبديل عن المسرح السياسي.

 
 

سعدالله ونوس مسرحي يعترف بهزيمة جيله

 

 

قد يعجبك ايضا