محمد خروب  ( الأردن ) الأربعاء 7/11/2018 م …

للمرء أن يتخيّل طبيعة ومرامي الكلمة التي ألقاها الشيخ يوسف القرضاوي رئيس التنظيم الإخواني الهوى والهوية,المُسمّى «اتحاد علماء المسلمين»،والذي لا يعرف أحدٌ كيف تم تسمية قياداته والمعايير التي اعتمدها المؤسّسون لإشهاره ومَنْ يقف خلفهم،لحصر التمثيل في شخصياتهم,بل والزعم انهم «علماء المسلمين» وحدَهم؟ولم يَعرِف احد كيف يتم قبول مَنْ يرغب الانضمام اليهم او الانتساب الى اتحادهم؟ودائما في غموض مصادر تمويلهم وكيف يُدار اتحادهم هذا؟وخصوصا كيف وعلى أي أسس يتم اعتماد وإصدار البيانات ذات الطابع السياسي التحريضي التي اخذ الشيخ القرضاوي,الرئيس الدائم والمزمِن لهذا الاتحاد منذ بروزه في الفضاءين العربي والإسلامي؟وكيف تم تسّييس عمل الاتحاد والنظر اليه كـ»كتيبة» تحريض مُتقدِّمة لبعض الانظمة والحركات؟والتي انتهت مهمتها (الكتيبة الإعلامية التحريضية,المُتدثِّرة بلبوس ديني)الى الحضن التركي؟ وكيف باتت أنقرة مربط خيل الحركات الاسلاموية,وعلى رأسها «حركات» الإخوان المسلمين في العالم العربي,وملاذاً آمناً لكل المعارَضات العربية وبخاصة منها ذات الهوى والهوية الإخوانية.
ما علينا..
إذا ما نظرنا الى تركيبة «الاتحاد» الذي تم استيلاده في العاصمة البريطانية «لندن» في العام 2004,وما تقوله المعلومات المنشورة في الشبكة العنكبوتية في تعريفه,بأنه «مؤسسة إسلامية تجمع علماء المسلمين من مختلف دول العالم من السُنّة والشيعة والاباضية.حيث بلَغ عددهم اكثر من «90» ألفاً من «علماء المسلمين»،فان سيرة ومسيرة هذا الاتحاد الذي لا يعرِف احد عن «شيوخِه»سوى القرضاوي،تكشف عن هيكل «ضخم» بدون فاعلية ولا أهمية لهذه الكثرة (ان صح عددها),والتي لا تحمل من الاتحاد سوى بطاقة العضوية,اذا ما افترضنا ان للإتحاد هيكلاً تنظيمياً ونظاماً داخلياً وسكرتارية وضوابط إدارية وخصوصا مالية.لكنه (الاتحاد) من اسف,وطوال اربعة عشر عاما من عمره – غير المديد كما نتوقّع,وبخاصة بعد تنحّي او غياب القرضاوي – لم يكن سوى بوق دعائي وتحريضي تم اختراعه لخدمة دول وأجهزة معروفة,استخدمته بعد ان استثمرت فيه الكثير من الاموال والرعاية لشخص القرضاوي تحديداً, لتصفية حساباتها السياسية والشخصية مع انظمة وساسة وهيئات وتنظيمات ومنظمات,ناصبتها العِداء او افتعلته خدمة لمشروعات اقليمية ذات ابعاد وتحالفات دولية.كما حدث تماما عند اندلاع موجات الربيع العربي الذي لم يعد احد – سوى الواهِمين والمشبوهين – يرونه هبّات جماهيرية,بقدر ما هو مخطّط تم إحياؤه لاستكمال المشروع الصهيواميركي,الذي استمال بعض العرب ووضعهم في الواجهة على نحو بدوا هؤلاء وكأنهم «ثوار» عصرِنا الجديد،لكنهم من اسف,لم يكونوا سوى بيادق وادوات في خدمة المُستعمِرين…قديمهم والحديث.
عودة الى خطبة القرضاوي «الوداعية»
تنعقد الان في مدينة اسطنبول التركية اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الذي يرأسه القرضاوي,واذ كانت تلك الجمعية طوال الاربعة عشر عاما المنصرِمة,تلتقي كي تعيد تجديد «البيعة» للقرضاوي استمرارا للدور الذي انيط به بوضع الاتحاد تحت إمرة الممولين والرعاة,فانه يبدو هذه المرّة وقد استسلم لدواعي واستحقاقات الشيخوخة،فلم يكتفِ بالإعلان عن تخلّيه عن موقعه والتنحي «لأسباب صِحية»,تاركاً المنصة لغيره كي يتولى ادارة شؤون جلسات الجمعية العمومية وصولا الى انتخاب قيادة جديدة,بل استغَلّ الفرصة لإعادة التأكيد على تبعيته وارتهان اتحاده والترويج لسياسات الرئيس التركي اردوغان,الذي قال اكثر من مرة في وصفه انه «خليفة المسلمين الجديد» وانه راعي الاسلام والمسلمين,الى ان خرج علينا يوم امس لِيُعلِن:ان الله كان مع الرئيس رجب طيب اردوغان وإخوانه,مُقرّرا بثقة ان «تركيا تتعرّض لمؤامرة من قِبل الذين لا يُحبون ان تعود هذه امة كبرى,والغرب من وراء ذلك، لكن الله – اَضاف القرضاوي – هو الذي شدّ أزرهم وكتب نصرهم وأنقذهم من شرور الآخرين,مؤكدا – سماحته – ان الله سينصُر اردوغان ما دام المسلمون «الصادقون» معه,»والذي لولاه(أي اردوغان) لسقطت تركيا وسقَطَ معها الاسلام»!!.
ويمضي – فضيلة الشيخ – في لغة يصعب نفي النِفاق والمداهَنة والوصولية عنها,مُتغنِّياً بالأتراك خالعاً عليهم صفات العظمة,وبخاصة كما ادّعى,»بعد ان اصابَت العالم الاسلامي مصائب كبرى في تاريخه،وأخذَت منه الراية,لكن الأتراك اصبحوا يُحارِبون في كل مكان ويأبون إلاّ أن يُحارِبوا،حتى انه – يواصِل القرضاوي – في بعض الاوقات,كتَبَ بعض الناس من المُؤرِّخين:ان تاريخ الإسلام يبدأ من هنا (يقصِد من تركيا) قائلا في قناعة مُزَيّفة:»الاسلام كان سيضيع»..هكذا وعلى هذا النحو الفاضِح يُنهي القرضاوي مسيرة التزلف للأنظِمة المُموِّلة والراعية.مُبشِراً:بأن راية الاسلام ستعود من جديد,بعد ان نصَرَ الله (في المدة الاخيرة) اخانا الحبيب المجاهد الزاهد (…) الذي حمل الراية للعالمين اردوغان,ولم يكن عنده مال ولا عنده رجال،لكن الله كان مع اردوغان واخوانه (…).الله(يُؤكد الشيخ) هو الذي شدّ أزرَهم,وهو الذي كتب نصرهم وهو الذي أنقذهم من شرور الآخرين،هو الذي أعاد اردوغان وأنقذه وسينصر الله أبداً اردوغان.مُختتِماً خطبته»التُركِية» العصماء بالقول:»من أجل هذا جِئنا الى تركيا,لنضَع يدَنا في يد إخواننا».
للمخدوعين بالقرضاوي واتّحاده الكرتوني المكشوفة أهدافه,والذي يزعم ان عديد اعضائه يزيد على تسعين ألفاً,ان يُدقِّقوا ويتأملوا في ما تُعلنه او تستبطِنه اقوال»رجل دين»,دأب على التحريض وبث الفتنة على أسّس طائفية ومذهبية,والترويج لسياسات انظمة وتنظيمات لا تعنيها مصالِح العرب ولا هموم العروبة,بقدر ما تماهت مع مشروعات وخطط الذين لا يُضمِرون سوى الشر لأمتنا العربية وشعوبها.ولمن يُشكِّك في استنتاجاتنا,ان يعود الى خطبة القرضاوي «الطازجة»ويرى ان كان «سماحته» قد اتى بكلمة واحدة انتصارا للعرب والعروبة او فلسطين,بل كانت مُخصَّصة لمديح سلطانِه وخليفة المسلمين…العثماني الجديد.الذي أسّس(«اول بلدِية إسلامية» في هذا البلد),كما زعَم القرضاوي,قاصِداً.. اسطنبول.ــ الراي

[email protected]