فاجعة وطن .. ! / إيمان عكور




إيمان العكور ( الأردن ) السبت 27/10/2018 م … 
* يبدو أن المقال قد كتب عندما كان عدد الضحايا 18 ضحية ، بينما وصل العدد الآن إلى 22 ضحية … عليهم الرحمة .

لم يعلم اي من الاطفال الذين شاركوا بالرحلة أمس.. ان هذا المشوار سيكون نهاية الحياة للبعض.. ان مياه السيول ستبتلعهم وان على البقية ان تبتلع وجعها بقية الحياة…
الهدف من الرحلة كان تعلم روح المسؤولية وسرعة البديهة للتعامل مع الظروف…
ولكن الامتحان كان صعب…!
كانت الرحلة قد شارفت على الانتهاء ..رقصوا..غنوا..تجولوا بين احضان الطبيعة ولم يخطر ببالهم انها بلحظة جنون ستغدر بهم…وتسرق فرحهم..
هي لحظات..نزلوا من الباص كي يستكشفوا المكان..وتعالت اصواتهم ومزاحهم مع معلمتهم التي يحبوها جميعا…مس راية..التي تركت طفلها ذو الأشهر من عمره واصرت أن ترافق طلبتها لانها تحبهم..!
ولكن وعلى بعد مئات الأمتار..في سفح الجبل..كان هناك مارد يتحضر لاختطاف بعضهم..
هي لحظات..تحولت فيها أصوات الفرح إلى صرخات هلع
هي لحظات..سكتت أصوات الى الابد واختفت وجوه وامتلأت السماء بتنهيدات حزن..
هي لحظات..تحول كل شيئ إلى ركام..
سيبقى الوجع يلتحف قلوب الامهات
وستخرج تنهيدات الم كل لحظة..
ستحتفظ الامهات بدفاتر الاحلام الوردية لاطفالهن..وبخصلات شعرهن المجدولة وصناديق الألعاب
المنثورة فوق حطام الحياة..
ستبكي كل ام على كل لحظة صرخت بوجه طفلها…
ستصرخ قائلة:
عد يا صغيري إلى حضني..وافعل ما تريد…لن امنعك من اللعب بالبلاي ستيشن..لن اخذ منك التلفون..لن ..ولن ..ولن
ارجوك فقط الا تغيب…
الا تقتل روحي ..ارجوك عد..!!
الليلة..وكل ليلة
سيجلس اب صامت إلا من قلب ينزف
سيجلس يقلب في صفحات المستقبل الذي رسمه مع طفلته..والوعود
قد يلوم نفسه: ليتني لم اوافق على ذهابك..!
أن يذهب طفلك في رحلة مدرسية ..معناه أن لا ينام الليلة التي قبلها من فرحته..
ان يذهب طفلك إلى رحلة ..معناه أن تقبليه وتودعيه وتنتظري الساعات تمر كي يقص عليك حكايات فرح..
ان يذهب طفلك إلى رحله..معناه أن تحتضنيه فور عودته وتضعيه في سريره وتجلسي ترقبيه وتحمدي الله انه عاد..
لكن ان تنتهي الرحلة ..ولا يعود
وبعدها يطلبون منك أن تتعرفي عليه في ثلاجة
ذلك هو الموت على قيد الحياة…!!!
مشاهد مدمية سيعيشها ١٨ بيتا اليوم..
اليوم..سيفتح في وطني ١٨ بيت عزاء..
اليوم..سيكون هناك ١٨ كفنا بعضها فارغ..لان صاحبها ابتلعته مياه السيل..
اليوم..١٨ قلب ام سيحترق مليون مرة وهي تبكي طفلها…
اليوم… ١٨ أب سيتظاهروا بالقوة وهم يحملون نعش اطفالهم..قبل أن ينهاروا آخر النهار …
ويبقى السؤال :
من المسؤول..!!
ترى هل تحدث المعجزة في حكومة الرزاز ويخرج علينا بطلا من الحكومة ويصرخ معتذرا لكل ام واب فقدوا اطفالهم : نعم انا المسؤول!!
حاسبوني..!
حلم اعلم جيدا لن يحصل في وطني..!!
كل سارع بالتنصل من المسؤولية متعهد البنية التحتية لمشروع البحر الميت … غير مسؤول
الوزير الذي استلم منه مشروعا فاسدا.. غير مسؤول
المسؤولين في التربية والتعليم بمنع الرحلات في احوال الطقس السيئة..ايضا غير مسؤولين.
وزير التربية …أطلاقا غير مسؤول
المسؤولون فقط هم الأهالي الذين ارسلوا اولادهم برحلة مدرسية..!
او هي المدرسة التي صب الجميع غضبها عليها..
إذ لابد وأن يكون هناك كبش فداء واحد في النهاية كي يخرج المسؤول منتصرا..!
ايام…ويتم التوقيع على نعي الطلاب في ورقة “مروسة” بختم حكومي كأقصى ما يمكن فعله.. في حكومات أثبتت على مر الوقت انها ترى ان روح الإنسان فيها ارخص من قيمة الحبر الذي توقع به شهادة وفاته..!
حزينة عليك يا وطن..!
( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .

قد يعجبك ايضا