مآلات المواجهة الأميركية الكورية الديمقراطية / العميد ناجي الزعبي

العميد ناجي الزعبي ( الأردن ) الإثنين 10/9/2018 م …
اثمر تصعيد وتهديد ترامب لكوريا الديمقراطية اضافة لتوتير المنطقة  والعالم  عن عقد صفقات أسلحة مع اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان بمليارات الدولارات



وهو يعلم بان كوريا الديمقراطية عمقاً استراتيجياً للصين وروسيا وكل القوى التي تنشد التحرر من الهيمنة الاميركية الاطلسية بالعالم
وفي مقدمتها اضافة للصين وروسيا ايران وسورية واليمن وفنزويلا وكوبا وفيتنام ولاوس وكمبوديا ودول منظمة شنغهاي والألبا وسيلاك – حوض الكاريبي – والدول المطلة على بحر قزوين الخ .
كما يعلم  ترامب ان اليابان التي يوجد بها ٥٠ الف جندي اميركي وتايوان وكوريا الجنوبية التي يوجد بها ٣٠ الف جندي اميركي وغوام وجزيرة دييغو غارسيا واسطوله  في المحيط الهندي  اهدافاً دسمة مغرية للتحالف الكوري الصيني في حال نشوب الحرب .
اما عن قرار مجلس الامن الاخير بحق كوريا وموافقة روسيا والصين عليه فهي دبلوماسية متقدمة ومقايضة الموافقة التي لن تغير بجوهر الوضع الكوري بملفات اخرى فالقرار لن يخنق كوريا على الرغم من انه عزز العقوبات لأن الصين  الرئة التي تتنفس منها كوريا الديمقراطية .
تتحول الاستراتيجية الأمريكية الراهنة تجاه جنوب شرق آسيا من سياسات دبلوماسية هادئة وهيمنة اقتصادية إلى سياسات فرض الهيمنة العسكرية  وتعزيز الوجود الاميركي  عبر القواعد العسكرية في اليابان، وكوريا الجنوبية، وجزيرة غوام، وجزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي وتعمل على إرسال المزيد من القوات إلى المحيط الهادي
ونشر سفن حربية تابعة لسلاح البحرية في كوريا الجنوبية، وتسيير أسطول بحري، انطلاقاً من اليابان و توسيع التحالف العسكري الإقليمي.
وتقوية الاختراق للمجال الحيوي الصيني لاحتواء المد الصيني بالمنطقة والعالم  بتوسيع نطاق التحالف الإقليمي وتشكيل تحالف جديد من كوريا الجنوبية واليابان والهند وتايوان اي ليشمل دولاً جديدة، بالإضافة للحلفاء التقليديين لواشنطن، مع زيادة تصدير الأسلحة لدول المنطقة، حيث شرعت واشنطن في توثيق التعاون العسكري مع فيتنام، التي كانت حتى الأمس القريب مناوئة للوجود الأمريكي في آسيا، لكن منذ ستة سنوات بدأت باستقبال السفن البحرية العسكرية الأمريكية بموانئها في بعثات تدريبية، والقيام بعمليات الصيانة لدعم قدرتها على مواجهة النفوذ الصيني في الجزر المتنازع عليها.
 كما تسعى واشنطن لبناء العلاقات مع ميانمار, الحليف التقليدي للصين في جنوب شرق آسيا وتستخدم ورقة الروهينغا في استنساخ لحالة كوسوفو وصربيا
لقد اجرت اميركا مئات المناورات البحرية الكبرى العام الماضي في بحر الصين الجنوبي  وتدريبات في منغوليا ” في خان كوست  شمال الصين ، في سياق بناء القوة المناهضة للصين
شارك بها  ألمانيا، فرنسا، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، الهند، سنغافورة
كما عقدت صفقات تسليح لتايوان بقيمة “12 مليار دولارالامر الذي  أثار حفيظة  بكين ودفعها إلى تجميد العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة وإلى اتهام واشنطن بمحاولة تقويض وحدة أراضي الصين.
لقد عملت الادارة الاميركية السابقة   على تمتين علاقات التعاون الاقتصادي مع اليابان  لأهميتهما الاستراتيجية وعقدت اتفاقيات جديدة لتحرير التجارة، ومضاعفة الصادرات الاميركية لما يفوق ال  400 مليار دولار
تواجه اميركا مديونية ماليية مرعبة تناهز ال 20 ترليون دولار اي ما يناهز ال 100% من الناتج الأجمالي ,  هذا الرقم المعلن بينما يقول الخبراء انه يفوق ال 100 ترليون دولار ,  فرضت بالتالي تخفيضا بموازنة الجيش الاميركي التي فاقت ال 700 مليار دولار  بموجب توصيات الكونجرس هذا الخيار يضع الادارة الاميركية امام معضلة الكلف الباهضة للتمدد الاستراتيجي وخفض موازنة الجيش مما يضطر ترامب الى اللجؤ للاساليب المعتادة من بلطجة وصراخ وتهديد ليدفع حلفائه لعقد صفقات الاسلحة ورفد الاقتصاد الاميركي بعوائد هذه الصفقات  .
كما تجابه اميركا انعدام ثقة متعاظم بقدرة وارادة اميركا وحرصها على  امن الحلفاء القومي والتزام اميركا به لذا  تناهض دول الاقليم  تصعيد خطر المجابهة العسكرية بين اميركا والصين ليقينها بان شعوبها واقتصادها سيكون وقودا لهذه الحرب التي لا تمثل لاميركا سوى مصالح اقتصادية وتجارية ” بزنس ” وبانها ستملأ خزائنها وتغادر تاركة جراح  نازفة وعداء اقليمي متبادل  بين دول الجوار عوضا عن تمتين علاقات الجواروالتبادل الاقتصادي المتصاعد مستثمرين مناخ اتفاقية التجارة الحرة المعقودة التي حققت مستويات متقدمة بين دول اسيا معززين بذلك امنهم القومي  اضافة للاعتماد الاقتصادي شبه الكلي على الصين  كمينيمار ومعززين الامن الاقليمي المشترك الذي يشكل بالاضافة لباقي المعطيات عقبة امام المحاولات الاميركية لتشكيل تحالف مناهض للصين من دول المنطقة التي تضم ما يناهز ال 40 مليون مواطن من الجاليات الصينية الذين يعتبرون عنصر تلطيف الاجواء بين الصين وبين هذه البلدان التي تتطلع لدور صيني في ضبط تطلعات كوريا الديمقراطية لامتلاك القوة النووية المتصاعدة ككوريا الجنوبية واليابان وتايوان .
كما تواجه الولايات المتحدة رفض قطاعات واسعة من الرأي العام في بعض الدول الآسيوية أي وجود للقوات الأمريكية على أراضيها.
خلاصة القول: لايعكس التوجه الأمريكي الجديد نحو القارة الآسيوية تغييراً هيكلياً في الاستراتيجية الأمريكية بقدر مايجسد إعادة ترتيب للأولويات مع تسارع وتيرة “الصعود الصيني السلمي” بما ينطوي عليه من تغيرات محتملة في النظام الدولي، كما تعبر تلك التحولات عن عودة أمريكية لسياسات الهيمنة بالشراكة مع الدول الآسيوية، وإعادة تعريف منظومة الأمن الإقليمي، إلا أن الإدارة الأمريكية تغفل أن افتقادها للمصداقية، ومخاوف دول الإقليم من تداعيات صدامات بين الولايات المتحدة والصين، قد يؤثران سلباً في فاعلية التوجهات الاستراتيجية الجديدة، لاسيما إذا ترتب على تلك الدول مع الولايات المتحدة تراجع علاقاتها الاقتصادية مع الصين التي يعدّ اقتصادها قاطرة النمو في القارة الآسيوية بأسرها
ان إشعال البؤر وخلق التوترات سياسات إمبريالية قديمة كانت تثمر في السابق اما الان فقد تغير العالم وتغيرت موازين القوى و ما عادت هذه السياسات البائدة منتهية مدة الصلاحية تساوي الجهد المبذول والحبر الذي تكتب به

قد يعجبك ايضا