المجتمعات التقليدية والمجتمعات الرقمية / هاشم نايل المجالي

نتيجة بحث الصور عن هاشم نايل المجالي

هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الثلاثاء 4/9/2018 م …




مع التقدم التكنلوجي الكبير ووسائل التواصل المتعددة انتشرت ثورة المعلومات في كافة الدول والمجتمعات ، حيث برزت ابعاد جديدة مختلفة كلياً عما سبق في المجتمعات التقليدية حيث تداخل الواقع المعيشي مع عالم الفضاء الغير ملموس ظاهرياً وهو العالم الرقمي حيث اصبحت الحياة في المجتمعات  رقمية ، اي ان هناك واجهات رقمية اصبح بالامكان الدخول من خلالها لتتجاوز الحواجز والقوانين التقليدية فهناك مدخلات واسلوب تعامل رقمي ، وهناك مخرجات تتساوى فيها كافة المجتمعات العالمية بسبب وجود نفس الادوات والوسائل الرقمية المختلفة والمتعددة والمتنوعة وهذه طفرة تقنية متقدمة .

اي اننا امام تحول من نظام المجتمعات التقليدية الى نظام المجتمعات الرقمية ، وانتشار مساحاتها الافتراضية حيث بدأت تتشكل تدريجياً العديد من الظواهر السلبية والايجابية ، ولعل من ابرز الظواهر السلبية التي برزت هو سوء استخدام هذه التقنيات المتقدمة من قبل الافراد والجماعات خاصة المتطرفة والمنحرفة وغيرها مع تساوي المجتمعات في العالم رقمياً .

لكن هذه السلبيات تتفاوت بشكل كبير بين المجتمعات المتقدمة والمتحضرة وبين المجتمعات التقليدية خاصة في الدول النامية ( دول العالم الثالث ) ، فالمجتمعات المتقدمة احتوت العالم الرقمي ضمن نظامها الاجتماعي واستثمرته أحسن الاستثمار بانضباطية ووفق اسس وقوانين مدروسة داخل نظامها الاجتماعي مما انعكس على الجوانب العديدة والمكملة للحياة اليومية سواء المعيشية او التعليمية او السياسية او الاقتصادية او الامنية وخدمة مشاريع التنمية والتطوير وغيرها .

كذلك استثمرتها الشركات الكبرى والصناعية والخدماتية في تسويق وترويج منتجاتها لتقدمها للافراد في جميع انحاء العالم لتدر عليهم مليارات الدولارات سنوياً كذلك الاستثمار السياحي لتسويق المواقع السياحية في جميع انحاء العالم والحجز بكل يسر وسهولة والاختيار المفتوح لزيارة الاماكن السياحية ووسائل التنقل ليتناسب ذلك مع الامكانيات الفردية للشخص .

بينما نجد كيف استطاعت التنظيمات والجماعات الارهابية المتطرفة في المجتمعات التقليدية في دول العالم الثالث من استغلال هذه التقنيات لتدمر المجتمعات ونشر الفتنة وتنظيم الشباب وغسل العقول للسعي وراء انحرافها الفكري ، كذلك استغلها تجار المخدرات وغيرها من المواقع المروجة للاباحية وتجارة الاعضاء وغيرها .

ولم تكن الجهات المعنية تملك الوسائل والقدرات التقنية الحديثة لردعها فنجد ان وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لبت الافكار المختلفة وفبركة الافلام والمعلومات لقتل الشخصيات ونشر الانشطة المختلفة لهذه الجماعات المتطرفة لبناء فكرها وثقافتها خاصة بين الشباب الذين يعتمدون بشكل اساسي على شبكات التواصل الاجتماعي وشوهت المفاهيم الدينية والوطنية والقيمية والاخلاقية وجندت الكثير من الشباب .

فنحن امام تغيير كبير للمجتمعات التقليدية وللحياة الاجتماعية النمطية التقليدية بعد ان تداخل العالم الرقمي في الواقع الحياتي والمعيشي ولا بد من ايجاد وسائل لتحد من الاخطار والمهددات لضمان تحقيق الامن والاستقرار ابتداء من الاسرة والمدرسة والمجتمع والجامعة .

حتى في العمل فالاخطار تتزايد وتأخذ اشكالاً مختلفة وهي حركة للجماعات في اي مكان وموجهة لهم فكرياً وعملياً فنحن في عصر التكنولوجيا الرقمية واصبحت المجتمعات تقوم على المعلومات واصبحت كثير من المجتمعات مبرمجة واستهلاكية واستعراضية واعلامية فهناك سيطرة للعلم والتكنولوجيا الرقمية فهو مجتمع الحداثة والتمدن الحضاري ومبني على الافكار التنويرية لبناء مجتمع يقوم على العلم والمعرفة كروح للمستقبل .

اي مجتمع المعرفة له تأثيرات حاسمة على الحياة المعرفية والاجتماعية فهناك تأثير كبير وتغييرات قوية وسريعة فلا حدود فاصلة بين المجتمعات فهو مجتمع الشبكات المتصلة مع بعضها البعض في تبادل المعلومات وتدفقها وانسيابها وبالامكان تحريفها والتلاعب بها حسب المقصود والهدف والغاية .

واصبحت غالبيتها موجها للسلوك البشري في العديد من النشاطات ، وهذا المجتمع المعلوماتي تم ادخاله على مجتمعاتنا التقليدية ليس طفره واحدة كما حصل بالمجتمعات المتحضرة بل كان نتيجة لسلسلة عمليات انبات مرت بها البذور التي نشأت عن النسق المفاهيمي في ارض خصبة افرزها التقدم الحاصل في التقنيات المعلوماتية ، كذلك فلقد توفرت مناخات مناسبة لانبات براعم جديدة قادرة على احداث ثورة من المعلومات الصادقة والمستهدفة سلبياً وايجابياً وكذلك من خلال استخدام الرسائل المباشرة عبر وسائل متعددة .

حيث يكون هناك سيادة للفوضى التنظيمية والاخلاقية دون وجود ضوابط او محددات في غياب واضح وملموس للمباديء الحاكمة للبلوغ للافضل فهناك ميولات فردية وجماعية وآراء متناقضة وهويات مختلفة حقيقية ووهمية فهم افراد افتراضيين ومنهم من يستخدم غرف الدردشة للاندماج الاجتماعي منهم الشواذ والمنحرفين او اصحاب الاضطرابات العقلية وغيرهم حيث يتيح لهم ذلك الانعزال الاجتماعي .

اي ان هناك تفاعلات اجتماعية علنية او في غرف مغلقة اصبحت تؤثر على التنشئة الاجتماعية واتباع انماط جديدة وتعاليم وسلوكيات جديدة اصبحت ظاهرة في العديد من المواقف الاجتماعية ، بعد ان تم تمييع الحدود المكانية وسيادة الفضاء المفتوح مع غياب المركزية التي من المفترض ان تمسك بزمام الامور داخل كيان الفضاء المعلوماتي ، وبالتالي جعل المجتمع اكثر عرضة للتهديدات المعلوماتية ومجتمع مفكك ومعرض للخطر بعد ان تم العصف في كثير من المرتكزات الحيوية يضاف الى ذلك وجود ثغرات امن المعلوماتية نتيجة لتنامي الخبرات لدى المستخدمين وتطور التكنولوجيا الرقمية بسرعة كبيرة مما يعمق المخاطر المحتملة للتهديدات او الهجمات المعلوماتية لذلك هناك من يستخدم كلمات عبور سرية او ينشيء جدران نارية محكمة للحفاظ على المعلومات ومقومات الامن السليم .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]  

قد يعجبك ايضا