“العدالة والتنمية” يدرس خياراته : لا فرصة لحكومة الحزب الواحد

 

الأردن العربي ( الثلاثاء ) 9/6/2015 م ….

يراجع حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا إستراتيجيته المقبلة، غداة خسارته الغالبية المطلقة في البرلمان للمرة الأولى منذ 13 عاماً، في ما يشكل نكسة كبرى للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان يأمل بتحقيق فوز ساحق لحزبه يسمح له بتغيير الدستور وإنشاء رئاسة أكثر نفوذاً على الطراز الأميركي.

ومع أن حزب أردوغان حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس، إلا انه لم يفز بغالبية المقاعد، بسبب الاختراق الذي حققه حزب الشعب الديموقراطي الكردي.

واتفقت المعارضة التركية والصحف المحلية غير المؤيدة للحكومة اليوم على أن البلاد تواجه فترة من الغموض السياسي لأسابيع، بالإضافة إلى إمكان تنظيم انتخابات مبكرة.

وتحدثت صحيفة “حرييت” عن “ثلاثة احتمالات”، مشيرة إلى “إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية، أو حكومة أقلية من حزب العدالة والتنمية، أو تنظيم انتخابات مبكرة”.

من جهتها، عنونت صحيفة “ميلييت” “عهد جديد”، فيما عنونت “سوزجو” المناهضة لاردوغان بشدة “الانهيار”، قائلة إن “الناخبين رفعوا البطاقة الحمراء بوجه أردوغان”.

أما صحيفة “يني شفق” (فجر جديد) المؤيدة للحكومة، فاعتبرت أن إجراء انتخابات مبكرة هو “الخيار الأكثر احتمالاً”، مشيرة إلى أن “إمكانية تشكيل ائتلاف ضعيفة وإجراء انتخابات مبكرة بات في الأفق”.

واعتبر معلق الصحيفة عبد القادر شلوي أنه “قد دخلنا مرحلة صعبة على صعيد التوازن السياسي”، محذراً من “الانزلاق في الفوضى” على غرار ما حصل في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

كما سجلت بورصة اسطنبول هبوطاً بنسبة ثماني في المئة عند الافتتاح اليوم، وبعد نصف ساعة كان التراجع يتخطى ستة في المئة، ليصل لاحقاً إلى 5,5 في المئة.

أما الليرة التركية، فتدنت إلى مستوى قياسي إزاء الدولار واليورو، إذ خسرت حوالى أربعة في المئة بالنسبة إلى العملتين.

وسارع المصرف المركزي التركي إلى التدخل حيال هذا الانهيار، معلناً خفض نسب الفوائد على الودائع القصيرة الأمد بالعملات الأجنبية لمدة أسبوع.

وأظهرت النتائج النهائية الرسمية أن الحزب الحاكم فاز بـ41 في المئة من الأصوات، تلاه “حزب الشعب الجمهوري” مع 25,1 في المئة من الأصوات، ثم “حزب العمل القومي” اليميني مع 16,4 في المئة و”حزب الشعب الديموقراطي” مع 13 في المئة.

أما نسبة المشاركة في الأصوات فبلغت 86,5 في المئة.

وكشفت النتيجة تراجعاً كبيراً في تأييد حزب “العدالة والتنمية” الذي فاز في الانتخابات الأخيرة في العام 2011 بـ50 في المئة من الأصوات على خلفية تراجع في الاقتصاد.

وبحسب التوقعات الرسمية، فان حزب العدالة والتنمية سيكون له 258 مقعداً من أصل 550 في البرلمان، و132 لـ” الشعب الجمهوري” و81 مقعداً لـ”العمل القومي” و79 لـ”حزب الشعب الديموقراطي”.

وبددت النتيجة آمال أردوغان بتعديل الدستور للانتقال من نظام برلماني إلى رئاسي كان محط تركيز حملته الانتخابية.

ومثل هذا التعديل يتطلب غالبية الثلثين في البرلمان.

ويرى محللون أن “حزب العمل القومي” سيكون الشريك الأرجح في أي تحالف مع الحزب الحاكم في البرلمان.

إلا أن النتيجة أبرزت خصوصاً الاختراق الذي حققه “حزب الشعب الديموقراطي” الذي سعى خلال الحملة إلى البروز بمظهر حزب تركي فعلي وتوجه إلى ناخبين خارج قاعدته الكردية التقليدية من بينهم العلمانيين والنساء والمثليين.

كما كانت الانتخابات بمثابة انتصار لزعيم الحزب صلاح الدين ديمرطاش الذي يشير إليه المقربون منه بـ”أوباما تركيا” بسبب براعته الخطابية.

وقال ديمرطاش “نحن، الشعب الذي يعاني من القمع في تركيا، ويريد العدالة والسلام والحرية، حققنا انتصاراً كبيراً اليوم”، متعهداً “بتشكيل معارضة قوية وصادقة”.

وعلق حسن جمال المؤيد للمعارضة في مقال على موقع “تي 24″ أنه “هناك خاسر واحد في الانتخابات هو رجب طيب أردوغان، والفائز هو حزب الشعب الديموقراطي”.

واليوم، وفي أول تصريح له بعد إعلان نتائج الإنتخابات، قال الرئيس التركي إنه “لم يفز أي حزب بتفويض للحكم بمفرده بعد الانتخابات البرلمانية”، داعياً كل الأحزاب السياسية إلى العمل من أجل الحفاظ “على مناخ من الثقة والاستقرار في البلاد”.

وقال اردوغان في بيان أصدره مكتبه “رأي شعبنا فوق كل شيء آخر.”

وأضاف “أعتقد أن كل الأحزاب ستقيم النتائج التي لا تتيح الفرصة لأي حزب لتشكيل حكومة حزب واحد بصورة سليمة وواقعية.”

وقال أردوغان: “في العملية الجديدة هذه، من المهم جدا أن تتصرف الأحزاب السياسية كافة بالحساسية الضرورية، وتتحلى بالمسؤولية لحماية مناخ الاستقرار والثقة إلى جانب مكتسباتنا الديموقراطية”.

من جهته، تحدى نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينج  أحزاب المعارضة الثلاثة في البرلمان أن تحاول تشكيل حكومة ائتلافية، قائلا إن “حزب العدالة والتنمية الحاكم مستعد لملء الفراغ إذا فشلت في تشكيل حكومة”.

وقال “إذا كان سيكون هناك ائتلاف، فعلى حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي أن تشكله. دعوهم يحاولون أولاً، وحزب العدالة والتنمية مستعد للقيام بدوره إذا فشلوا في ذلك.”

ومن المقرر أن يعقد أردوغان اجتماعاً اليوم مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لتقييم الوضع.

ودعا داود أوغلو حكومته اليوم إلى الانعقاد لبحث السيناريوهات لما بعد الإنتخابات.

وأعرب نائبه نومان كورتولموش للصحافيين عن ثقته في إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية، واصفاً خيار إجراء انتخابات مبكرة بـ”الإحتمال البعيد”.

وكان داود أوغلو أعلن أمس في تحد واضح بعد صدور النتائج أنه “يجب على الجميع أن يفهم أن حزب العدالة والتنمية هو الفائز وانه زعيم هذه الانتخابات”، محذراً من محاولة “أي أحد  بناء انتصار من انتخابات خسرها.”

 

 

قد يعجبك ايضا