اسماعيل الشريف ( الأردن ) الأحد 12/8/2018 م …



في السياسة ليس هنالك عدو دائم أو صديق دائم، بل مصالح دائمة – تشرشل
لم تشبع كل الدماء المسالة في المنطقة الكيان الصهيوني، فهو يسعى لحرب جديدة عنوانها إيران، بدأت بمناوشات في سوريا وضرب لقواعد إيرانية هناك.
تهدف إلى جر الولايات المتحدة في حرب جديدة في المنطقة.
أم أن الصورة معكوسة فالامبراطورية هي التي تريد الحرب وتستخدم ربيبتها إسرائيل كذراع لها لاستفزاز إيران؟
أي كان فمقدمات الحرب قد بدأت بمحاضرات لنتنياهو مناهضة لإيران وانسحاب أحادي أمريكي ضد رغبة حلفائهم الأوروبيين من الاتفاقية النووية ثم فرض عقوبات اقتصادية صارمة، يصاحبها حرب إعلامية شرسة مشابهة لما رأيناه قبل سنوات ضد القذافي ثم بشار الأسد.
يحدث هذا مع أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصيح بأنه لا توجد أية دلائل من أن إيران تواصل بناء برنامجها النووي، بل على العكس فهي تنفذ التزاماتها المنصوص عليها بالاتفاقية النووية بموجب خطة العمل المشتركة.
تكشف المصادر الصحفية عن سعي البيت الأبيض لبناء حلف عربي لمحاربة التمدد الإيراني في المنطقة، وهذا المشروع قديم بمسميات مختلفة.
لنعد بالتاريخ إلى بداية الستينيات من القرن الماضي، دعمت بريطانيا الإمام أحمد بن يحيى حاكم اليمن الشمالي، وهو أيضا القائد الروحي للزيدين الحوثيين الشيعة، وكان اليمن آنذاك فقيرا كما هو الآن، لا تعليم ولا صحة، وسيطرة ارستقراطيين شيعة وتهميش للسنة.
في عام 1961 قامت ثورة ضد الإمام بقيادة عدد من الضباط بما فيهم أقرباؤه فقمعها، إلى أن دعم عبد الناصر الثورة، فحاولوا اغتيال الإمام ولم ينجحوا، ولكن الإمام توفى بعدها وفاة طبيعية بعد أقل من شهر فخلفه ابنه محمد البدر الذي أصدر بيانا أعلن فيه تعاطفه مع الضباط القوميين ولكن ذلك لم يشفع له ونجحت الثورة واختار منفاه في بريطانيا.
وتشكلت حكومة ديمقراطية واعترفت الأمم المتحدة بالجمهورية على نصف اليمن، فيما شكلت بريطانيا وحدة سرية للتدخل في اليمن ودعمت الثورة المضادة وسلحتهم وشنت حملة جوية قصفت فيها عدة مدن يمنية مخلفة ورائها ضحايا مدنيين جلهم الأطفال والنساء، كما نشط الموساد بإنشاء مليشيات قبلية من اليهود اليمنيين.
استخدمت بريطانيا غاز الخردل وسخرت حلفاءها في المنطقة لضرب اليمن، إلى أن انتهى الصراع في عام 1970 باتفاقية سلام بين السعودية ومصر، مخلفا دولة مدمرة ومرتعا للصراع الدولي على الغنائم.
حلفاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم، فمن يفسر لي أن الصراع في اليمن كان عقائديا، إلا إذا كانت العقائد متغيرة والمصالح ثابتة!
الأزمة الحالية التي تعصف في المنطقة لن يكون من نتائجها أبدا مواجهة عسكرية مباشرة على الأرض بين الولايات المتحدة وإيران، فالجميع يعلم أن أية مواجهة عسكرية أمريكية ستؤدي لدخول قوى عظمى أخرى لديها مصالح مباشرة، كذلك فإن المزاج الأمريكي يرفض حرب أخرى بعيدة بعد أن رأى الآلاف من أبنائه يعودون في صناديق من العراق.
فمن هنا يبدو أن الولايات من خلال هذا التحالف تريد أن يكون أبناؤنا وقودا لهذه الحرب، وسنرى حروب وكالة ومتمردين ومقاتلين عابرين للحدود على غرار داعش، ومظاهرات مفتعلة ودعما لهؤلاء المتظاهرين، كما سنرى إذكاء لنيران الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، وتصوير العداء على أنه ديني مذهبي، وهو أبعد ما يكون عن ذلك كما رأينا؛ وقد تكشف لنا الأيام أن أمريكا هي التي تصنع الأعداء لتتلاعب بالأصدقاء.
بالفم الملان أقول لا مصلحة لنا في هذا الحلف ولن نخوض حروب غيرنا.