افاق المشهد الأردني / د.موفق محادين

نتيجة بحث الصور عن موفق محادين

د. موفق محادين ( الأردن ) الأربعاء 4/7/2018 م …




ملخص لمحاضرة الدكتور موفق محادين في المنتدى العربي / عمان

موجز الورقة

الاطار العام:

– في عصر العولمة الرأسمالية : الامبراطوريات والقوميات الكبرى او الخروج من التاريخ

– الهمجيات العليا (الامبراطوريات الرأسمالية) والهمجيات الدنيا (الرجعية والاصوليات التكفيرية) وجهان لعملة واحدة، هي الامبريالية المعاصرة.

– يهودية الدولة تعني انالاخرين غوييم او اغيار بمستوى البهائم في خدمة يهوه وشعبه المختار.

– العرب بين الصهينةوالعثمنة والصندقة.

صفقة القرن:

– شرق بلا دول (المدن الكوزموبوليتية تبتلع الدول التابعة)

– الصفقة امتداد لمشروع بيريز (الشرق الاوسط الجديد) وربيع الفوضى الهدامة وهي بنية ومساراستراتيجي اكثر منها اتفاقية سياسية.

– توطين سكاني لا سياسي للاجئين

– تحالف موضوعي مع العدو الصهيوني، واستبدال التناقض الرئيسي معه بتعارضات مختلقة مع إيران.

الأردن في الاستراتيجية الصهيونية –الامريكية :

– جغرافيا لاوطن، وسكان لا مواطنين

– نسخة كوميدية من سنغافورة

– من سلطة الحرس البيروقراطي القديم والشكل الريعيالىالاوليجاركية (الطغمة المالية)

– من دولة بافرستيت عمودية عازلة بين العرب والعدو الصهيوني، الى كونفدرالية كانتوناتافقية واصلة بين الضفتين والعدو والمنطقة.

– اي عقد اجتماعي مدني حقيقي يتشكل ضد التبعية  وخطابها وادواتها وتحالفاتها لا في قلبها وفي خدمتها

– الليبرالية في عصر العولمة ، مفردة متوحشة وهي غير الليبرالية في عصر صعود الرأسمالية عندما كانت الاسواق ظاهرة تقدمية قياسا بالاقطاع.

– فريق البنك الدولي هو فريق تصفية القضية الفلسطينية وصفقة القرن

– الاردن بين خيارين (اسرائيل الكبرى) او سوريا التاريخية.

* مشروع الورقة

تنطلق هذه المقاربة للدولة، أية دولة، وافاقها من الاطار العام للتحولات التي يشهدها مفهوم الدولة على الصعيد العالمي، وتنعكس على الدوائر الاقليميةالاخرى، فالعالم اليوم يدفع ثمن الحقبة الرأسمالية وازماتها الدولية المتصاعدة ، من ازمة 1929 الىازمة 2008، ذلك انه حتى اكثر الدول تطورا تشهد انقلابات بنيوية عاصفة وصعودا مدويا لليمين والاوليجاركية المالية، وهي انقلابات ناجمة عن هذه الازمات وخاصة مع الثورة الرابعة (الاتمتة) وانعكاسها على التركيب العضوي لرأس المال وتقسيم العمل الدولي (الازاحة الدورية للصناعات الافلة الى الغروب).

ان ثورة الاتمتة وهي تقلص سوق العمل وتدفع مئات الملايين خارجه ، وتعيد تشكيل اليات التطور والتبادل غير المتكافيء في قلب العولمة ، تعيد النظر في السرديات الكبرى وتياراتها الفكرية، و في شكل الدولة والعقد الاجتماعي ، التي تشكلت بموجبه والسياق الذي وجدت فيه، وهو السياق المعروف باتفاقية وستفاليا (1648) .

فبعد قرون على هذه الاتفاقية التي اقامت دول الثورة الصناعية البرجوازية وحدودها وهويتها القومية على انقاض تحالف الفاتيكان مع الامبراطورية الجرمانية، لم يعد التناقض بين الشكل السابق لدولة وستفاليا وعقدها الليبرالي الكلاسيكي ، وبين البنية الجديدة لما بعد الثورة الصناعية وما بعد الحداثة، لم يعد تناقضا من النمط السابق ، فالعولمة وما تنطوي عليه حتما من ليبرالية متوحشة تضع جميع الكيانات امام الخيار نفسه بمستويات مختلفة، وهو اما الخروج من التاريخ او استعادة الموروث الامبراطوري والخطاب القومي او صناعته .

لكن هذه الصناعة او الاستعادة الامبراطورية، تأخذ اكثر من منحى، فهي عند الامبرياليات الكبرى مثل الولايات المتحدة، ومنذ الانهيار السوفيتي وتراجع الكينزية تأخذ شكل الهمجية العليا ، حسب تعبيرات مبكرة للفيلسوف الالماني شبنغلر والمناضلة اليسارية روزا لوكسمبرغ ، فيما هي عند دول كبرى مثل روسيا والصين استعادة لموروث الدولة العميقة المتداخلة مع مجالات حيوية ، اثنية، وثقافية.

هكذا اعادت روسيا والصين حضورها الدولي على شكل امبراطوريات جديدة في نطاقاتها التاريخية:

الاوراسية بالنسبة لروسيا التي جعلت من بوتين اشبه ما يكون بقيصر جديد وهو يستعرض جنرالاته بين اعمدة الذهب والرخام في الكرملين.

وبالمثل ، فان الصين التي تحتفظ بتماثيل ماو والرعيل الشيوعي الذي اسس الصين الحديثة القوية، راحت تستعيد تراثها القومي الامبراطوري وتوسع اسواقها الى اربع جهات الارض وتطور امبراطورية برية، كما روسيا، مدعومة بنزعة بحرية وتقدم نفسها عبر طريق جديد للحرير واخر حديث باسم عقد اللؤلؤة.

قريبا من قوس البريكس الروسي الصيني، فان الانبعاثات الامبراطورية دفعت ايران وتركيا الى صدارة القوى في الاقليم الشرق اوسطي، ومقابل الروسنة السلافية المطعمة باجراسالارثوذكسية ، فان الاواصر المذهبية تارة والقومية تارة اخرى لكل من ايران وتركيا في اسيا الوسطى سمحت لهما في بناء مجالات امبراطوريةحيوية وفق علاقات من الوحدة والصراع بينهما.

الى ذلك، فان المشهد العربي ، الذي كان ملء السمع والبصر ايام الرئيس جمال عبد الناصر، مشهد مرير هذه الايام، ويسعى العدو الصهيوني الى تغييبه بالكامل والتقدم على حسابه الى جانب تركيا وفي مواجهة ايران.

فبعد عزل مصر عبر كامب ديفيد، وبعد تحطيم العراق بالعدوان المباشر عليه ، حاول الحلف الامريكي– الصهيوني وادواته الرجعية تحطيم سوريا وقطع الطريق على كل محاولاتها لاستعادة الموقع العربي في الاقليم، ومن المؤكد ان هذا العدوان في طريقه الى الهزيمة شأنه شأن عقود طويلة من الفشل الأطلسي الرجعي، لكن استنزاف سوريا حملها اعباء كثيرة تحتاج لوقت وسياقات عربية واقليمية قبل ان تنهض من جديد وتستعيد مكانتها في قلب الاقليم

وبالمجمل فإن بقاء العرب داخل التاريخ، مرهون بشرط وجودهم القومي، وتراثهم الامبراطوري في حقبه المتلاحقة، من نمط الانتاج النهري القومي قبل الاسلام (الفراعنة والهلال الخصيب) الى نمط الانتاجالايلافي، الىالازمنة الحديثة والمشروع الناصري.

* السيناريوهات الصهيونية وموقع الاردن فيها

يرتبط المشهد الاردني الراهن وافاقه ارتباطا شديدا بالصراع العربي الصهيوني ورؤية العدو له ، فمع غياب الشروط الامبراطورية في حالة العدو الصهيوني (المساحة، عدد السكان ، الموارد الطبيعية، المجالات الحيوية الاثنية المنفتحة) ومع صعود قوى اقليمية جديدة: ايران،( علاقة تناقض تناحري مع تل ابيب) وتركيا (علاقة وحدة وتنافس: وحدة من زاوية مشاركتهما في الاطلسي الجنوبي والعلاقات الديبلوماسية والامنية والاقتصادية والاصولالخزرية الطورانية لغالبية يهود فلسطين، وعلاقة تنافس  على خدمة الامبريالية من جهة اخرى).

في ضوء ذلك، راح العدو يسعى الى تجديد دوره الاقليمي على حساب الاطراف العربية، وذلك بتحويل مئوية سايكس بيكو ووعد بلفور الى محطة لمزيد من تمزيق الحواضر العربية الاساسية (القاهرة، بغداد ، دمشق)  واستبدال الدول المستهدفة بأشكال من الكانتونات والدساتير الطائفية والجهوية (مهندسها اليهودي الامريكي ، نوح فيلدمان الذي وضع دستور العراق بعد الاحتلال وعرف بدستور بريمر ، واقترح على المعارضة السورية) دستورا مماثلا.

ولم يكن بلا معنى حجم التكالب والتكامل خلال ما يسمى بالربيع العربي بين كل قوى الثورة المضادة واقلام الاستخبارات الامريكية والعثمانية والاطلسية  والصهيونية التي تديرها فمن تلاميذ سوروس وجين شارب  واكرمانالى تلاميذ الاتبور وشباب القبضة، الى رجال البنك وشباب القبضة، الى رجال البنك الدولي، الى جماعات الجهاد الامريكيوالاسلام على طريقة الغنوشي والقرضاوي

وقد تولى مؤتمر هرتسليا ، منذ تاسيسه مع مطلع الالفيةالحالية،ومعه مؤتمر دافوس هذه المهمة باعداد السيناريوهات المتتالية واختبارها والانطلاق من الدائرة الاردنية الفلسطينية، واتفاقية اوسلو ومعاهدة وادي عربة والتاسيسعليهما لاطلاقمنظوراته الاستراتيجية التالية:

1- الانطلاق من مشروع يهودية الدولة المستمد من الفكرة اليهودية العنصرية، التي ترى انالارض والخلق برمته غوييم (اغيار بمستوى الحيوانات) خلقوا لخدمة اليهود، شعب الله المختار، وهي فكرة تشبه فكرة الكفار والفرقة الناجية عند الوهابية ، وبالتالي فان فكرة الوطن والدولة والارض من حق اليهود وحدهم .

2- صناعة مجال حيوي من قوسين : الاول بين البحر والصحراء، يشمل فلسطين المحتلة كاملة والاردن والتعامل معه كارضاسرائيلية يعيش عليها عرب يحتاجون لادارة شؤونهم بوصفهم سكانا لا مواطنين، في اطار جغرافيا لا دولة.

اما القوس الثاني، فهو عامودي يمتد من الساحل الشرقي للبحر الاحمرالى حوض اليرموك ويعبر عنه مشروع نيوم وقناة البحرين ووادي السلام.

3- تصفية قضية فلسطين واللاجئين خارج فلسطين وخاصة في الاردن ، لا في اطار شكل من التوطين السياسي والوطن البديل بل عبر التوطين السكاني

4-الانخفاض بالدولة الاردنيةالى مستوى السلطة الفلسطينية(ادارة حكم ذاتي) واقامة كونفدرالية بينهما بعد مسرحية قيد الاعداد باسم الدولة الفلسطينية.

5- تحضير المجال الحيوي المذكور لهذه المرحلة عبر السيناريوهات المتداولة من مشروع البينلوكس الثلاثي (مركز صهيوني ومحيط اردني فلسطيني)( يشبه بانتوستان بتسوانا ايام جنوب افريقيا العنصرية)الى مشروع صفقة القرن و هو ليس مجرد اتفاقية او معاهدة على غرار اوسلو ووادي عربة بل مسار وبنية ومآلات تحت عنوان (شرق بلا دول) حيث تجري عملية تفكيك دولة سايكس بيكو العربية القديمة وفق بلفور الجديد الىكانتوناتكوزومبوليتية على امتداد القوسين المذكورين.

وتبدو المدن المذكورة كبدائل وثقوب سوداء لابتلاع الدول والحاقها بها .

6- الى جانب سيناريو المدن ونموذجها نيوم الكبرى ، فان اشكالا من الشركات على غرار شركة الهند الشرقية في طريقها الى احتلال مكانة الدول والمناطق العربية المستهدفة الى جانب ازاحتها التدريجية للجيوش، وذلك باسم شركات الخدمات الامنية، على غرار عصابة البلاك ووتر بعد اعادة هيكلتها وترخيصها باسم جديد.

ويشار هنا الىان الشركات الجديدة تتركز منذ سنوات في المنافسة المحتدمة على الموانيء الحيوية وتفسر العديد من سيناريوهات العدوان الخارجي على اليمن وسوريا وليبيا وما تمتلكه من موانيء استراتيجية ، مثل عدن والحديدة وطرطوس واللاذقية ومدن السويس ، وذلك عبر استئجار او شراء او سيطرة على الموانيءوالارصفة الحيوية وخاصة في منطقة البحر الاحمر وكذلك ميناء العقبة الاردني.

كما يشار كذلك الىان واحدا من الاسباب الهامة للعدوان على سوريا، هو اغلاق حدودها الجنوبية من اجل ربط حرب الموانيء في البحر الاحمر بميناء حيفا.

* افاق المشهد الاردني في الاستحقاقات الصهيونية :

لم يكن للاستحقاقات الصهيونية،ان تترك كل هذا التأثير لولا البيئة الأردنية الحاضنة لها، وتركيبتها الاقتصادية ، الاجتماعية المشوهة منذ تأسيس الامارة وحتى اليوم، ومن استراتيجية التخادم السياسي ، التي قامت على تهميش الخيارات الانتاجيةلصالح تحالف من البيروقراط- الكمبرادور، وسمحت لاحقا للصندقة ، ان تضع يدها على قرارات الأردن الاقتصادية ونهب موارده الكبرى ، مثل البوتاس ، والفوسفات والاتصالات باسم الخصخصة.

بل ان التسهيلات التي اتيحت للمغتربين الاردنيين في الخليج كانت اقرب الى الجائزة السياسية ولتوفير بيئة للتوطين السكاني .

كما شجع التخادم السياسي على تغذية الفساد ونهب اراضي الدولة واختراع مؤسسات وموازنات موازية انتهت الى ما انتهت اليه من ازمة مزمنة ومديونية كبيرة وهو ما تقاطع عبر عقود مع استراتيجية ممنهجةلاضعاف الحياة الحزبية والمدنية  واستبدالها بصالونات سياسية وفق مقتضى الحال والمطلوب للمرحلة التالية، والحط من شأن الثقافة والعقل النقدي ، وادى الى هشاشة المجتمعين، السياسي (الدولة) والمدني (الاحزاب والنقابات .. الخ)

في ضوء ما سبق، وعلى ايقاع الاستحقاقات الصهيونية فان ما يراد للاردن في هذه الاستحقاقات ، هو استبدال الشكل الوظيفي السابق بشكل جديد من القوى في المطبخ المتنفذ والمحمولة ببنى اجتماعية اقتصادية جديدة ودستور وبرلمان وفق المذكرة الامريكية المقدمة للاردن عام 2006 والمعروفة بمذكرة ال 22 نقطة، والتي ترافقت مع ما يعرف ببرنامج التصحيح الاقتصادي.

ومؤداها جميعا اطلاق اليات التفكيك واعادة هيكلة الدولة بصورة ناعمة عبر التخاصية ورجال البنك وصندوق النقد الدوليين، حيث جرى تفكيك دول اخرى عبر عصابات داعش وجبهة النصرةوامثالهما من اسلام المخابرات الامريكية و الMI6 البريطانية.

ومن تبديات ومالات تفكيك الدولة وتفتيت المجتمع في الاردن ما يظهر في الاستبدالات التالية:

1- استبدال دولة البافرستيت العامودية العازلة بكونفدرالية افقية واصلة بين الضفتين، وذلك من خلال سيناريو متدرج يبدأ بمشروع اللامركزية والاقاليم ثم البرلمانات والحكومات المحلية، وثانيا من خلال مشاريع اقليمية مثل قناة البحرين ووادي السلام ومشروع السكك الحديدية الذي ينتهي في ميناء حيفا، ومثل صندوق الاستثمار الاقليمي

2- استبدال الشكل الريعي للدولة الاردنية (الانفاق الحكومي الذي تغذيه المساعدات الخارجية لغايات التخادم السياسي) بشكل من الدولة الجابية عبر الضرائب والحكومة الالكترونية كداتا في خدمة شركات النهب والتحصيل .

ويشار هنا الى انه قد لا تكتفي السياسات الجديدة بتصفية القاعدة الاجتماعية للدولة وتحويلها من متلقي للخدمات الى وسيلة للانفاق على الحكومة بل قد تفكر بالتخلص مما تعتبره عبئا تقاعديا عبر خطوة مثل تحرير سعر الدينار للحط من قدرته الشرائية .

3- استبدال الشكل السابق للدولة بطبعة كوميدية من سنغافورة كما اسسهالي كوان يو ، فمن المعروف ان الراسمالية البريطانية بعد انتهاءاستعمارها لهونغ كونغ الصينية، ركزت على ظاهرتين في دبي وسنغافورة، وكلاهما ميناءان حيويان للتجارة والبيوتات المالية العالمية .

فتحولت سنغافورة من (دولة ميناء) صغير، لسكان من الملايو ، الى دولة (ميناء) للبنوك والكومبرادور وقطاع تجاري نشط تديره جاليات صينية، سرعان ما استولت على السلطة بدعم لندن ورجال البنك الدولي بعد تعديلات دستورية وبرلمانية واستبدال للجيش السابق بشركات امنية وافدة على غرار بلاك ووتر.

4- ربطا بذلك استبدال البيروقراط السابق بانماط من الاوريجاركية (الطغمة المالية) .

*المشهد الراهن والحكومة الحالية  :

اذا كانت الحكومات السابقة قد خدمت مشاريع واملاءات البنك الدولي، فإن الحكومة الاخيرة هي الاكثر تعبيرا عن التحالف الاوليجاركيوالاكثر تقاطعا مع التحضيرات المتسارعة لشرق المدن الكوزمبوليتية

ويضم التحالف البنوك والصناديق التالية :

1- البنك الاهلي، الذي مثل حضورا مبكرا لاحد اللاعبين الجدد في المشهد القادم لشرق الشركات والبنوك، ونجح في التقاطع مع اوساط بيروقراطية نافذة ، وصار عند اللاعبين الكبار مرشحا قويا للتحدث باسم هذه الاوساط المتاكلة واخذ دورها.

2- البنك العربي، الذي تمثل بنيته العامة وليس ادارته تمثيلا معروفا للشرائح العليا من البرجوازية الفلسطينية كما نجح ايضا في التقاطع مع

اوساط البيروقراط الفلسطيني في م. ت . ف وقد ياخذ في المستقبل دور هذه الاوساط كما البنك الاهلي بالنسبة للبيروقراط الاردني.

3- البنك الدولي، الراعي الاعظم لمجمل البنوك وسياسات التخاصية والتطبيع والتجويع ودمج العالم الثالث في النظام الراسمالي العالمي من موقع التبعية فضلا عن دوره في تحضير الشرق الاوسط لصفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية وبوسع المهتمين الرجوع الى كتاب القاتل الاقتصادي من ترجمة د. بسام ابو غزالة .

* صندوق الاستثمار الاقليمي ، الذي يعد ابو الصناديق وسبق لشمعون بيريز الذي اقترحه اصلاان سماه بالجيل الثاني من الصندوق اليهودي .

وتتراوح وظيفة هذا الصندوق بين رسم السياسات العامة عبر هيئات مباشرة تابعة وغير مباشرة ، مثل نيد وراند وغيرهما ، وبين الاشراف على مشاريع البنية الاقليمية بمشروع مثل مشروع البينلوكس الثلاثي وصفقة القرن.

وفيما يخص الحكومة الحالية ايضا، فهي شكل من اشكال التفكيك الناعم مقارنة بالتفكيك السافر للحكومات السابقة اضافةالىان هذه الحكومة تحاول ان تقدم نفسها عبر خطاب جديد ظهر في تصريحات مبكرة للتحالف المدني والرزاز نفسه ومروان المعشر ، وفي حرب سابقة حول المناهج بين الرجعية من جهة  وبين الليبرالية العدمية من جهة اخرى والتي تدار عبر مؤسسة راند الامريكية التي تتخذ من الدوحة مقرا اقليميا لها .

وكان من ابرز مفردات هذا الخطاب، الثرثرة حول الليبرالية والعقد الاجتماعي، التي تذكر بمفردات ما يعرف بربيع الفوضى الامريكية حول والحرية والمواطنة .. الخ  وذلك وفق قياس صوري فاسد خارج السياق الموضوعي للمفاهيم، فضلا عن انهاتنتمي الى قاموس الثورة الصناعية البرجوازية سواء في لحظة صعودها التاريخي، او في تعبيراتها السياسية ممثلة بدولة العقد الاجتماعي القومي وهويتها وخطابها الذي كان تقدميا انذاك في مواجهة الاقطاع، فيما هي اليوم وقاموسها تعبير عن الليبرالية المتوحشة وتحويل الاردن  من وطن الى جغرافيا والمواطنين الى سكان، ولا معنى للحرية والمواطنة والعقد الاجتماعي خارج مشروع التحرر الوطني و القومي.

* البنوك والجغرافيا السياسية واحتمالات الانفجار الشعبي:

ابتداء ، فان العلاقة بين البنوك والجغرافيا السياسية الاردنية ما ولدته من احتجاجات شعبية، علاقة وثيقة تمتد الى الماضي وتؤشر على المستقبل.

فمن تحريض لورنس ضد سكة حديد الحجاز والبنوك الالمانيةالتركية التي مولتها، و هددت مصالح قبائل عديدة كانت تعيش على مصادر الحج وطريق الجمال ، الى الحرب العراقية الايرانية التي احيت طرق ومناطق الحج السابقة ، وادخلت الشاحنات مكانها وسمحت لبنك الاسكان بوضع يده على اراض وعقارات كثيرين رهنوها لشراء الشاحنات ، فما ان توقفت الحرب فجأة واصطدم الناس مع البنك اندلعت انتفاضة نيسان 1989 من سائقي واصحاب الشاحنات قبل ان تشمل الأردن كله.

و قد توالت الصدامات الشعبية مع نمط اخر من البنوك مثل البنك الدولي، الذي قاد رجاله الخصخصة فاصطدم مع الناس اكثر من مرة اخرها في 30 ايار 2018.

هكذا، اذا كان الشارع قد امتلك اكثر من تجربة ضد البنوك وحكوماتها، فكيف اذا اجتمعت عليه كل هذه البنوك واجندتها السياسية واستحقاقاتها الاقليمية، وكيف اذا ارتبطت هذه المرة بسكة اخرى وبطريق اخر غير طريق الحج – الجمال وسكة حديد الحجاز وشبكة الطرق المرتبطة بالحرب العراقية الايرانية.

فسكة حديد حيفا التي تشمل نيوم الكبرى والبحر الاحمروالاردن هي التي تعيد رسم الجغرافيا السياسية وبنوكها وسياساتها هذه المرة.

غير انه وكما في التجارب السابقة فان نضوج الظرف الموضوعي بحد ذاته، ليس كافيا ولابد من صياغة منظورات عامة واخرى سياسية راهنة:-

من جهة المنظورات العامة، فان اكثر المساهمات النظرية راهنية هي مساهمات ياسين الحافظ وعبدالله الريماوي، وانطونسعاده ومهدي عاملوانطونيوغرامشي:

– ياسين الحافظ وخاصة دراساته حول التجربة الفيتنامية وربطه الجدلي بين التحرير والوحدة القومية التحولات التقدمية.

– عبد الله الريماوي ومهدي عامل، بتركيزهما على الافاق المسدودة للدولة الكولونيالية وما تحمله من بنية تابعة فاسدة وخطاب اقليمي وجهوي وطائفي.

– انطون سعاده ، بأفكاره حول الاقليم المتحد ، اي تكامل البئية الاجتماعية والاقتصادية الثقافية والسياسية الواحدة للهلال الخصيب(سوريا والعراق)

– انطونيوغرامشي، بحلوله الراديكالية لبلد متأخر في قلب النظام الرأسمالي والقوى السياسية والمدنية المأزومة ، ومنها دعوته للكلتة التاريخية ، وحرب المواقع، ودور المثقف العضوي.

اما من جهة المنظورات السياسية الراهنة والملحة، فان ترنح المجتمع السياسي(الدولة) يتزامن وضعف المجتمع المدني (الاحزاب والنقابات وغيرها) وفوضى الشعارات والتحالفات والتشخيصات واستشراء المزاودة باسم العقلانية تارة وباسم التطرف تارة اخرى.

ويلاحظ في كل ذلك ان الشعارات المطروحة تتراوح بين المطلبية الضيقة وبين الايديولوجيا المفرطة ، كما بين ماض لا يعود ولا ستعاد سواء في ثوبه العثماني اواشكالاسلامويةاخرى، وبين ليبرالية عدمية تفتقر الى الحد الادنى من شروط البنى البرجوازية المعاصرة وتضع جميعها المنطقة برمتها بين العثمنة والصندقة والصهينة،ولاتلحظاولاتريدان تلحظ اننا لم ننجز بعد ايةخطوات تذكر على طريق التحرر الوطني الذي يربط بين النهضة وفك التبعية وبين معركة الوجود القومي ضد التحالف الاستعماري- الصهيوني.

وفيما يخص الحراك الشعبي والشبابي تحديدا ، فإن شعاراته ليست موحدة ، وتعكس التباين بين القوى الشعبية المستقلة، وبين القواعد الشعبية لقوى التحالف السابق ، من البيروقراط والكومبرادور، ولم يخلو حراك 30 ايارايضا من هذا التشظي بين حراك المحافظات او هذا الجزء من الطبقة الوسطى، التي شكلت سابقا القاعدة الاجتماعية للبيروقراط الحكومي قبل ان يتفسخ وينقلب على قواعده بالخضوع لاملاءات البنك الدولي، وبين بعض اوساط الحراك العمّاني من الشرائح البرجوازية المتوسطة والذي بدا في بعض الاحيان حراكا  لدافعي ضرائب لا يرون مقابلها مشاركة سياسية.

بالمقابل ، لابد من تشخيص دقيق لقانون التناقض واستحقاقاته في لحظة تتقاطع فيها سياسات النهب والفساد والتجويع مع سياسات تصفية الصراع العربي- الصهيوني وعنوانها القضية الفلسطينية وهو ما يستدعي اطلاق اوسع كتلة تاريخية او مؤتمر وطني او جبهة شعبية ببرنامج وتحالفات وعناوين لا لبس فيها، وتلحظ دون نفاق او مواربة العلاقة الجدلية بين البعد الطبقي والبعد الوطني في اطار هوية عربية تقدمية وتتسلح بقانون التناقضات : قانون التناقضالاساسي لكل الامم مع الامبريالية العالمية وعلى راسها الولايات المتحدة، والتناقض الرئيس للامة العربية مع العدو الصهيوني وتجلياته في صفقة القرن وادواتها واستحقاقاتها السابقة الذكر

قد يعجبك ايضا