باي باي لـ صفقة القرن وعرابيها / عبدالحميد الهمشري

Image result for ‫عبدالحميد الهمشري‬‎

عبدالحميد الهمشري * ( فلسطين ) الثلاثاء 26/6/2018 م …




*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني …

أمام الصمود الفلسطيني في وجه العواصف والضغوطات ، وثبات الموقف الأردني الرسمي والشعبي ، لم يتمكن ساكنو البيت الأبيض من تسويق وفرض خطة نتنياهو الرامية لتصفية القضية الفلسطينية واستلام صك تمليك وامتلاك القدس والمسجد الأقصى ومختلف المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها بعد أن يحصلوا على صك  الإقرار والتنازل من ممثلي الشعب الفلسطيني ، هكذا غباؤهم صوَّر لهمالأمور  ، فكوشنير اليهودي  زوج ” إيفانكا ” ابنة الرئيس ترامب، الممثل الرسمي للحكومة الصهيونية في الفريق المؤثر برسم السياسات في مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي غالبيته من الجماعات الإنجيلية والصهيونية التي تكن العداء لكل ما هو عربي ومسلم ، وتتعجل الأمور لخلق وقائع جديدة على الأرض تخدم يهود ومن على شاكلتهم ،  وهوفي ذات الوقت أي كوشنير الآمر الناهي للماسونية العربية ،فشل في رهانه على تمرير الصفقة التي حمل لواءهامنالكابينيت الصهيوني ووضع والد زوجته في الموقف الصعب الذي لا يحسد عليه ، ظاناً أن جبروت أمريكا يُمَكِّنها من فرض إرادتها وإملاء شروطها التي هي شروط الكيان العبري والتي تقوم على منح العرب والفلسطينيين  الأمن في سبيل الأمن فقط دون الأرض والمقدسات ودون ضمان حقوق أي طرف  من أطراف المنطقة باستثناء يهود ، بمعنى أن لا حقوق للعرب والفلسطينيين إن أرادوا العيش بسلام في ظل سطوة يهود  ،  فالتاريخ يعيد نفسه ، حاول هولاكو السيطرة على الشرق العربي والإسلامي نجح في إسقاط الخلافة العباسية لكن جيوشه الجرارة أبيدت على ثرى فلسطين  ولم يبق من  آثارهم سوى الحديث عن همجيتهم والمنغولية فقط ، وبريطانيا بقيت عظمى حتى أنهت عظمتها بوعد بلفور فكان جزاؤها بعد إنجازها ما وعدت به أن فقدت امبراطوريتها  التي كانت لا تغيب عنها الشمس ومآلها مآل ما لحق بالمغول  بعد أن أصبحت تابعاً تدور فيالفلك الأمريكي، وكذا الحال بالنسبة  لأمريكا دولة الخرافات في عصر العلوم والتكنولوجيا المتطورةوالتنوير تقودها الصهيونية نحو الهاوية والتهاوي.

ففلسطين ليست أرضاً مطروحة للبيع في صفقة لمن يدفع أكثر ، فهي لشعبها شاء من شاء وأبى من أبى ، ،شعبها الذي لم تثنه تكالب قوى الشر من مختلف أصقاع الأرض وممالكها في الدفاع عن حقه ،  وبقي مشرعاً سيفه وقلمه في مقاومة كل ما رسم ومرسوم على مدى قرن من الزمان ولن يكل أو يمل حتى تحقيق الانتصار ويرفرف علم فلسطين في كل بطاح وبقاع وسهول ووديان وجبال فلسطين الحرة العربية..  فالحل الذي تعكف عليه إدارة ترامب، لا يعالج القضايا البنوية والأساسية في الصراع الفلسطيني- الصهيوني، بل يعالج ما يخدم أهداف مفصلة تفصيلاً للعدو الصهيوني ، لذا فإنه لا مستقبل لها فيالنجاح،لأنها غير عادلة وتمنح الصهاينة كل شبر يحكمونه وقبل هذا وذاك المعنيون بالأمر هم الفلسطينيون ولا أحد  غيرهم  .
فمن  قاموا بإعداد الصفقة يهود متدينون، في مقدمتهم كوشنر، وممثل ترامب للمفاوضات الدولية جيبسون غرينبلات، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان وثلاثتهم سدنة اليهود في البيت الأبيض .
ومما زاد في الطين بلة الحسم المسبق من قبل الرئيس الأمريكي وبتوجيه هؤلاء الثلاثةلموضوع القدس باعترافهالرسميكعاصمة ليهود ونقل سفارة بلاده إليها  وحسم موضوع  اللاجئين بأن لا عودة لهم  ، فيما ستبدأ مفاوضات حول محادثات تطبيعية مجانية إقليمية بين إسرائيل والدول العربية إن سارت الأمور وفق ما تشتهي سفن نتنياهو وفريقه في الكابينيت الصهيوني.
ناهيك عن أن البعض يظن أن الصفقة خاصة بفلسطين وحدها ،ففلسطين جزء من كل والمستهدَفون كثر أهمهم ما بعد فلسطين : سوريا، اليمن، العراق، مصر، تركيا، السعودية وإيران.
لذا فإن  مصير الصفقة الفشل لأنها ستفرض على أهل المنطقة إعادة النظر في توازنات ومعادلات المنطقة سياسياً لمواجهة التغول الأمريكي وتنمره واستئساده ضد العرب والمسلمين وفي ذات الوقت إعادة النظر في أنماط التحالفات بمواجهتها إقليمياً.

وأعتقد جازماً أن صفقة القرن خاطئة، وكشفت عن نوايا معديها القذرة بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، فلا أحد يستطيع أن يتفق نيابة عن الطرف الفلسطيني المقاوم فمنيقاومالاحتلال أقوى من أي شخص عربي أو غير عربي خارج الأراضي المحتلة، وهو من يقرر دون غيرهالدرب الذي يسلكه ليوصلهلمبتغاه ، إقامة دولته على ثرى وطنه وعاصمتها القدس الشريف ،  عاصمة كل المدائن ، ولهذا أقول هنا ما بني على باطل سيبقى باطلاً والحق يعلو ولا يُعلى عليه فكوشنير صهر الرئيس الامريكي بزيارته الأخيرة مني بفشل ذريع ولهذا بدأ  يزبد ويرعد ويطلق تهديدات بإشهار الصفقة على الملأ وهذا دليل الفشل الذي منيت به سياسة البيت الأبيض الأمريكي المنحازة بالكامل للصهيونية العالمية وربيبتها ما يطلق عليها إسرائيل .. فباي باي لصفقة  القرن وعرابيها.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا