محاصيل الحاسوب الأميّ ! / خيري منصور

 

 

خيري منصور ( الأردن ) الإثنين 5/1/2015 م …

 

مُقابل الحواسيب الالية الذكية التي تجيد الجمع والطرح والضرب والقسمة، ثمة حواسيب اخرى سياسية وقومية منها ما هو ذكي كالحاسوب الاوروبي الذي اهتدى الى السوق المشتركة، ومنها ما هو غبيّ كحاسوبنا القومي، الذي اقتصرت مهمته على الطرح والقسمة، فحوّل وطنا قواسمه المشتركة اضعاف ما لدى اوروبا الى كسور عشرية، وحول النعمة الى نقمة في كل شيء بدءا من الثروة في باطن الأرض حتى الثورة على سطحها، هذا الحاسوب يعمل موسميا، فهو يصل الى ذروة المهارة عندما يتعلق الأمر بنزاعات عربية عربية، لكنه ينحدر الى قاع الغباء اذا تعلّق الأمر بأية صراعات خارج هذا المدار، فالعربي كما علّمونا ذبح فرسه لضيفه وبات على الطوى، لكنه ذبح اخاه ليُطعم كلابه واصيب بالتخمة وتجشأ ونام !

الحاسوب الغبي يحول مساحة جغرافية ممتدة عبر قارتين الى ثقب ابرة او الى ظل رمح كما قال عبد الرحمن الداخل وهو يقطع الفرات .

وهو ايضا حوّل اكثرية ديمغرافية قاربت النصف مليار الى أقلية لا تنعم حتى بحكم ذاتي، ورغم كل محاصيل الشقاء التي الحقها بنا هذا الحاسوب الا ان فقهاء الامة وعلماءها وخبراءها الاستراتيجيين من العاطلين عن الحروب يهرعون الى صيانته كلما تعرض للخراب، فالمطلوب ادامة صلاحيته كي يعبث حتى بالبوصلات فيحوُل الغرب شرقا والجنوب شمالا، كما ان لديه مقدرة استثنائية على تحويل اليسر الى عسر، والفائض الى نقصان ومديونيات .

من صنع هذا الحاسوب والقمه بكل هذا الجهل والأمية ؟ هل هو صناعة محلية خالصة ام ان قطع غياره مستوردة ؟
وفقا لهذا الحاسوب تحولت الاطياف السياسية المتعايشة الى طوائف متحاربة وأصبحت خطوط الطول في التضاريس المرسومة بقلمي سايكس وبيكو الى خطوط عرض .

ولو كان لدينا حاسوب آخر ليس ذكيا بل اقل غباء وحمقا من هذا لما انتهى الحال الى ما هو عليه الان ولما رفعت كل قبيلة او حارة راية وعزفت نشيدا، ويبدو ان صلاحية هذا الحاسوب الأمي طويلة الامد، لأن صيانته تجري على قدم وساق، فالمستفيدون من محاصيله ليسوا فقط من الغرباء بل ذوو القربى ايضا، لأنه استطاع ان يقلب المعادلات كلها فيزهو القبيح على الأشد منه قبحا ويزهو المريض على الميت والفقير على الأشد منه فقرا والعبارة التي قالها الراحل هشام شرابي وهي فشل اخي نجاحي هي براءة الاختراع التي استحقها من اخترعوا لنا هذا الحاسوب الامي .

قد يعجبك ايضا