أمّتنا، أمّة الغرائب والعجائب / فوزي بن يونس بن حديد

فوزي بن يونس بن حديد ( الخميس ) 17/5/2018 م …




[email protected]

لم تعد أمّتنا خير أمة أخرجت للناس بل أصبحت أمة الغرائب والعجائب حين نرى القدس الشريف ينفلت من بين أيدينا ونحن نشاهد ايفانكا تزيح ستار العار وتنتهك حرماتنا ونحن معجبون بجسدها وقوامها، وحينما يصدع ترامب من وراء ستار الإزاحة أن القدس اليوم باتت لليهود الصهاينة فأي عزّة وكرامة هذه؟ إنها النكبة التالية التي ليس وراءها نكبة ونكسة أخرى من نكسات هذه الأمة ولم يبق لهم إلا تدنيس بيت الله الحرام، وحيث استطاعوا أن يجعلوا بلد بيت الله الحرام مكانا للعهر والدجل فإنه لا غرابة أن يأتي هؤلاء بأفكار تخرجنا من الملّة من الأساس، فيا ويلنا كيف وصلنا إلى هذا الحد من الهبل والخرف واللامبالاة، غزّة تُنحر مثل نحر الشياه، والقدس تُدنّس ولا حراك عربي ولا إسلامي، يا للعار، وبئس لمليار مسلم لم يعرفوا الله بعد.

فالرجال والنساء والولدان يُستشهدون في سبيل العزة والكرامة ويواجهون الرصاص الحيّ ،والصهاينة المجرمون لا يتوانون عن قتل الأبرياء من وراء جدر، ولديهم الضوء الأخضر من قيادتهم المشؤومة للضرب من حديد كل من تجرّأ عليهم ورشقهم  بحجارة أو قال الله أكبر القدس إسلامية إلى الأبد، مشهد بطولي يقع في غزّة ومشهد العار في بيوت العرب وهم لاهون بدنياهم ويبتسمون ويقهقهون ويتابعون المسلسلات ومباريات كرة القدم، يا لها من مفارقة عجيبة، العرض يُنتهك، والمقدّس يُدنّس، والشجاع يُقتل، والمجرم يُكافأ، والعالم باهتٌ، والعرب نائمون والمسلمون تائهون، لم تحرّكهم النخوة العربية ولا الحميّة الإسلامية ولا شيء يتعلق بهما من قريب أو بعيد.

أما جامعة الدول العربية فقد أصبحت مفرّقة، لا أساس لها، اُجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، لم يعد لها مكان في خارطة العالم، لأنها فاسدة من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، ولم يعد لها شأن ولا يعبأ بها الشارع العربي بل أصبح يَهزأ منها ويحتقر أعمالها، كيف نسمّيها جامعة وهي منقسمة على نفسها إلى شطرين، دول الخلاف والشقاق والنزاع، دول تحطمت تحت المؤامرة الأجنبية، ودول تعيش الفساد، ودول تعيش الحروب والخراب، ودول قابعة تحت وطأة الاحتلال سبعين عاما، فأي جامعة هذه إنها بؤرة من البؤر الفاسدة ينبغي قطعها من جذورها، واستبدالها بكيان يمكن أن يقف في وجه الاحتلال الصهيوني والصلف الأمريكي الامبريالي، والصمت الأوروبي العجيب الذي يدّعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان.

وفي العالم الإسلامي ومن خلال منظمة التعاون الإسلامي التي تديرها السعودية ذات النفوذ المالي، منظمة حاضرة غائبة عن المشهد وعما يحدث للأمة، أين أمينها العام ولا أمانة له حيث يُذبح الشعب الفلسطيني في غزة وهو ساكت لا يتكلم، أين أعضاؤها الذين وهنت عظامهم حتى عادوا لا يقدرون على التحدث والتصريح، بات الانتهاك أسلوبا تعود عليه المشاهد من أي دولة من دول العالم، وصار الذبح والقتل المتعمد مشروعا عند كثير من الدول، أما القدس فهي آخر ما يفكر المسلم، لأنه لم يعد من أولوياته، ولم يعد يهمّه ما يجري، استغل ترامب كل هذه العوامل لينفذ ما يريد، وليمرّر من قراراته ما يحب، لأنه لا عراقيل ولا مواجهة معتبرة، وإنما هؤلاء الشبان الذين يقذفون الجنود بالحجارة سيثورون ثم يفترون وتنتهي المشكلة، سيموت منهم عدد وسيبقى عدد آخر على كرسي متحرك وسينهض آخرون بعد أن تعرضوا للإصابة، إنه الفكر الامبريالي الاستعماري الغاصب.

احترق القلب أسى، وامتلأ الجفن دموعا على ما يجري، ولكن ما حيلة من لا يقدر على فعل شيء سوى أن يتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن ينصر هؤلاء وهو القادر على كل شيء، ويخرجهم من هذه المحنة التي عمّت المنطقة ولم تعد في فلسطين وحدها، إنها الفتنة الكبرى التي نشهدها، وبعدها إمّا أن يخرج من أصلابنا من يحرّر القدس الشريف أو تظل الأمة تعيش بقية عمرها في الضعف والوهن.

قد يعجبك ايضا