مداخلة هامّة للرفيق محمد شريف الجيوسي في جلسة عقدتها ورقية الرأي بعنوان ” إيران وقضايا المنطقة “

 

الأردن العربي ( خاص ) الثلاثاء 19/5/2015 م …

*إيران دولة شيعية منذ عهد الشاه .. والمذهب الشيعي منتج عربي وليس منتجاً فارسيا

*إيران ليس دولة فارسية ديمغرافياً ولا تضم كل الأراضي الفارسية التاريخية

*الصفوية منج أذري تركي .. وتركيا شيعية من الناحية الديمغرافية العددية

*الإخلال بميزان القوى الإقليمي ليس في صالح المنطقة حتى الدول المناهضة لإيران

*المطلوب البحث عن قواسم مشتركة مع إيران والمنطقة وليس استدعاء إحن الماضي

*ينبغي تجنب حرف بوصلة الصراع مع العدو الصهيوني ومع كل من يدعمه

أجرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ؛ محمد شريف الجيوسي ؛ رئيس تحرير شبكة الأردن العربي ، مداخلة في الجلسة الحوارية التي عقدتها مؤخراً ورقية الرأي اليومية الأردنية بعنوان ( إيران وقضايا المنطقة ) ، تضمنت وجهة نظره في مواضيع جدلية ، كان بعضها مفاجئاً لما هو سائد في الذهنية العربية والعامة ، ما يستوجب شجاعة في الطرح ، أوردها على شكل نقاط مقتضبة ، مستدركاً بعض النقاط مما لم يتسع الوقت لطرحها في الجلسة كالتالي :

ـ إيران شيعية بغالبية سكانها قبل وبعد قيام الثورة الإسلامية فيها ، وشاه إيران كان صديقاً للكيان الصهيوني ومعاديا للقضية الفلسطينية ، لكن لم تكن السعودية وغيرها لتتخذ موقفاً معاديا منه ، فيما تغير الحال بعد الثورة لماذا ، لأن الثورة الإسلامية معادية لأمريكا .

ـ ما سر الخصومة مع إيران بين دول الخليج وبخاصة السعودية عدا عُمان ؟ لأن السعودية ترى في الثورة الإسلامية في إيران منافساً لها في تزعم العالم الإسلامي ( فضلاً عن الرغبات الأمريكية في معاداة إيران ما بعد الثورة ).

وهذا يفسر أيضاً موقف السعودية من تولي مرسي العياط الإخوني الرئاسة في دولة مهمة كـ مصر ، ما يشكل منافساً خطيراً لموقع السعودية ، في العالم الإسلامي والعربي والعالمي.

وهذا سبب آخر لتنافسها مع تركيا في عهد حزب العدالة الحاكم الحالي ، رغم تبعيتهما المشتركة للإمبريالية العالمية . 

ـ كانت الجزر العربية الـ 3 محتلة من قبل إيران منذ عهد الشاه ، وكذلك الأحواز ، فما الذي دفع دول الخليج للمطالبة بالجزر الآن ، علماً أنه توجد اتفاقية بين إمارة الشارقة وإيران  على إدارة مشتركة لأحدها على الأقل، سوى أن أمريكا تريد ذريعة لحرف بوصلة الصراع من صراع ضد الكيان الصهيوني إلى صراع وهمي . علماً أن للسعودية 3 جزر محتلة من قبل الكيان الصهيوني ، ولا تأتي على ذكر الاحتلال الصهيوني لهذه الجزر. .

ـ هل كان من الممكن ان تكون طموحات إيران الإقليمية ، لو أن دول الخليج غطت الفراغ الإقليمي ، وقامت بواجباتها القومية تجاه القضية الفلسطينية وتجاه العراق وسورية ولبنان ، لا تحريض (إسرائيل) مثلا على شن حرب على المقاومة اللبنانية، والتخلي عن غزة وغير ذلك .

ـ هل طموحات إيران الإقليمية تشكل بالضرورة خطراً وجودياً على المنطقة العربية أو هو منافسة على المصالح والدور (خلاف حدود لا وجود) بل إن هذا الطموح يصب حاليا في صالح الأطراف العربية المعادية لأمريكا والغرب والكيان الصهيوني.

ـ المذهب الشيعي منتج عربي في الأساس وليس منتجاً فارسياً أو إيرانياً .

ـ إيران ليست دولة فارسية بالمعنى الدقيق للكلمة ، بحكم تشكيلتها الديمغرافية ( الفرس فيها أقلية كبيرة يشكلون نحو 45% من مجموع سكانها ) كما لا تضم إيران كل الجغرافيا الفارسية التاريخية ، حيث تضم أذربيجان أراض فارسية وفرساً.

ـ الصفوية ليست منتجاً فارسياً أو إيرانيا ، إنما هي منتج أذري تركي نسبة إلى صفية الدين الطوسي الأذرية التركية . . والصفويون أتراك وليسوا فرساً  .

ـ تركيا ( من الوجهة الديمغرافية ) ليست دولة سنية وإنما شيعية ، حيث يشكل الشيعة والعلويون العرب والترك والأكراد ، أغلبية السكان .

ـ أرمينيا المسيحية صديقة وحليفة لإيران ، فيما أذربيجان المسلمة الشيعية التي تضم فرساً وأراض فارسية  حليفة لتركيا .. ما يدلل على أن خلافات وقضايا المنطقة محض سياسية ، يراد لها من الخارج أن تتخذ مظلات مذهبية وطائفية عدائية.

ـ  السلطان العثماني سليم هدم مقام ابن حنبل في حلب وأقام مكانه مقام ابن عربي؛ الصوفي.

ـ  إيران بقيت حتى عام 1501 سنية فيما كانت بلاد الشام مثلاً حتى ذلك الوقت شيعية فاطمية ـ ـ السعودية ليست دولة سنية وإنما وهابية .. وقد مارس السعوديون الوهابيون الإرهاب في وقت مبكر من نشوء دولتهم ضد آل الرشيد والهاشميين واليمنيين.  

ـ العودة إلى نحو 1400 سنة خلت ،واستدعاء الجوانب السلبية في التاريخ العربي والإسلامي القديم وخلافاته والنفخ فيه ، لا يخدم الأمة ، بل يمعن في تمزيقها وتشتيتها ، فيما يتجاهل  البعض ما فعله الاستعمار التركي بالأمة على مدى 4 قرون، والإستعمار الاوروبي والإمبريالي القديم منه والجديد بالأمة على مدى القرن الأخير على الأقل وحتى الان  فضلا عن الكيان الصهيوني .

 

ـ ليس صحيحاً أن تركيا لا تشكل خطراً راهناً على الأمة بخاصة في ظل حكم حزب العدالة والتنمية التركي .. بقيادته الراهنة ، بدليل خطاب اردوغان عن العثمانية ( بث مباشر ) .. وفي ظل التآمر على سورية التي فتحت لها أبوابها وقدمت الصناعات التركية على صناعاتها بأمل أن تقربها من المنطقة والعرب والمسلمين وتبعدها عن النيتو ، فكانت النتيجة أن استجلبت لها مرتزقة العالم من الشيشان حتى تونس لإرتكاب الإرهاب ضدها ، وترأست قوات النيتو في أفغانستان 6 أشهر .

وإذا كان لا بد من استدعاء التاريخ ، فالحديث عن تركيا العثمانية والاستعمار القديم والجديد ، أقرب زمنياُ وجغرافياً من الحديث عن إحن تمتد لما قبل 1400 سنة .

وللعلم أول المستعمرات ـ المستوطنات اليهودية الصهيونية في فلسطين أقيمت في العهد التركي العثماني في قرية ( المطلة ) الواقعة في أقصى شمال فلسطين التي كان يقطنها فلسطينيون دروز عجزوا عن دفع المكوس (الضرائب) فطردتهم الجندرمة التركية ووطنت عوضا عنهم يهود. وقام قيصر المانيا بزيارة اليهود في القدس،وفي مستوطنة يهودية في مرج بني عامر واستقبل هناك كرئيس دولة على أرض دولة يهودية على أنغام نشيد يهودي من بين صفين لليهود .

وتركيا شاركت في الحرب على ليبيا وتدميرها ، وهي تحتل لواء الاسكندرون منذ سنة 1939 فضلا عن ديار بكر وماردين العربيات .

ـ الحديث عما قيل أنه  الوحي عند أحمدي نجاد لدى أحد المتحدثين في الجلسة والاعتقاد بأنه يسبق قدومه انتشار الفتن والحروب والفساد الخ ، لقد كان اول من تحدث عن أنه يتلقى الوحي من الرؤساء هو الرئيس الأمريكي الأسبق بوش ( الإبن )،

كما تحدث التكفيريون المسيحيون الأمريكان منذ عقد الثمانينات والرئيس الأمريكي الأسبق ريغان عن ضرورة تسريع مجيء السيد المسيح عليه السلام ، وذلك بخلق الحروب والأزمات  والنكبات ، وقد ورد ذلك في كتاب لمؤلف أمريكي ترجمه إلى العربية ( السماك ) والكتاب المترجم بعنوان ( يد الله ) ومن جملة ما ورد فيه ( علينا أن نأخذ بيد الرب بتدمير العالم )!؟

الخلاصة : إن مصلحة الأردن ليست في التورط بصراعات تعمل الإمبريالية العالمية على تسعيرها في المنطقة ،  خدمة لمصالحها المرحلية والإستراتيجية ، وإنما في الإنحياز لمحور المقاومة في المنطقة ، وفي التنسيق مع الجيوش الوطنية في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر ضد العصابات الإرهابية المسماة منها معتدلة وغير معتدلة ، أو على أقل تقدير اتخاذ موقفف متوازن مما يجري في المنطقة بعدم التدخل وعدم فتح الحدود ومعسكرات التدريب ضد أي طرف في المنطقة ،

ومصلحة الأمة البحث في الجوانب المشتركة ونقاط التلاقي بعامة وليس في إنعاش الإحن وخلافات واختلافات الماضي من مذهبية وإثنية وطائفية،والتدقيق في المفاهيم المغلوطة .

كما مصلحة الأمة تتمثل في تجنب خلق أعداء وهميين وتكثبر جبهة الأعداء وحصرها الآن في الكيان الصهيوني ومن يدعمه أياً كان ، باعتباره خلاف وجود .

أما خلافاتنا مع إيران فهي خلافات حدود ودور ومصالح ، وليست خلافات وجود ، وهي خلافات يأتي حلها لاحقاً بعد تصفية الخطر الرئيس المتمثل في ( إسرائيل ) مع العلم أن اجتثاث أي من العرب أو الإيرانيين غير ممكن ، فهم ونحن على هذه الأرض منذ آلاف السنين (وليست حتى كما العثمانيين يعود وجودهم الى قرون ) وبالتالي فحل الخلافات يفضل أن يكون بالحوار والتعاون والإدراك المشترك باهمية إيجاد مقاربات تخدم الجميع وتنعش المصالح المشتركة.

مع التوضيح أن إخلال ميزان القوى الإقليمي في المنطقة ؛ في غير صالح الكيان الصهيوني ، يخدم هذا الكيان، وأول ما سيضر بالدول العربية حتى المعادي منها لإيران ، مثلما كان قد أضر إسقاط التوازن الإستراتيجي بين الكتلة الإشتراكية بقيادة الإتحاد السوفيتي وبين الإمبريالية العالمية ،  العرب والعالم الإسلامي والعالم بعامة .

يذكر أن جريدة الرأي كان قد اعدت ورقة تضمنت مقترحات للجلسة تتضمن النقاط التالية : الدولة الإيرانية بأبعادها ـ مصالح إيران واهدافها وتعاملها مع القضايا العربية وقضايا المنطقة ـ التقارب الإيراني الأمريكي والملف النووي وتأثيره على استقرار المنطقة ـ كيفية التعامل اردنياً وعربياً مع المشروع الإيراني ـ السيناريوهات المستقبلية .

وقد شارك في الجلسة الحوارية إضافة للجيوسي،رئيس الديوان الملكي الأردني الهاشمي الأسبق عدنان أبو عوددة ، وأمين عام حزب البعث العربي التقدمي فؤاد دبور ـ ود. لبيب قمحاوي ـ ود. أحمد الشناق أمين عام الحزب الدستوري (الأردني الوسطي ) ود. بسام العموش الوزير والنائب الأردني الأسبق ( القيادي المنشق عن إخونيي الأردن ) وحمادة فراعنة النائب الأردني الأسبق عضو المجلس الوطني الفلسطيني ،  بالإضافة الى قيادي في حزب الوسط الإسلامي ، ونبيل العتوم الذي درس في إيران .

يذكر أن الباحث السياسي حمادة فراعنة دعا في ختام الجلسة الحوارية ، إلى إقامة علاقات أفضل مع القوميات المجاورة للوطن العربي من إيرانيين وكرد وترك وأمازيغ وأحباش، وإلى الحوار مع إيران عوضاً عن استعدائها .. مشيراً إلى أن بعض خلافاتنا مع إيران هو استجابة للخارج وليس انعكاسا لمصالح المنطقة .

قد يعجبك ايضا