عن سمير جعجع «حليف».. «داعش»! / محمد خروب

 

 

محمد خروب ( الأردن ) الإثنين 11/5/2015 م …

بعد ان تراجع دوره، لم يعد سمير جعجع، المرشح الرئاسي لفريق 14 آذار (بافتراض ان تجمعاً كهذا ما يزال قائماً، بعد ان تفرقت به السُبُل وتبددت رياحه)، قادراً على تسويق لغة التحريض التي اتّبعها لحشد المزيد من الانصار والمؤيدين، الذين رأوا ان خطاب لورد الحرب القواتي هذا… بات من الماضي، وان الرجل الذي ما تزال يداه ملطختان بدماء الابرياء من اللبنانيين، السوريين، وخصوصاً الفلسطينيين، يوشك ان يتحالف مع الشيطان الارهابي المسمى «داعش» او أي تيار اسلاموي سياسي، كما بينّت تصريحاته السابقة، عندما طمأن اللبنانيين بأن لا خطر من وصول الحركات الاسلامية الى الحكم في سوريا (هذا كان عندما كانت تعشعش الأوهام في خلايا رأسه المُشْبَعة بدماء ضحاياه).

… بعد ذلك كله يعود جعجع الذي لم يعد قادراً على تعطيل مسار الاحداث الدراماتيكية الحاصلة في لبنان بعد اندلاع معركة القلمون الحاسمة، وبخاصة في اتفاق الجميع – ولو عن كُرْهٍ او غير رغبة جادة – بأن لا مصلحة لأي طائفة او مذهب لبناني في الانزلاق الى حرب أهلية مدمرة تطيح ما تبقى من لبنان، حجراً وبشراً، يخرج (جعجع) على اللبنانيين قائلاً: ان لا داعي لـِ (القلق) من داعش..

لم يخجل ولم يشعر بأي تأنيب ضمير او وازع اخلاقي – عندما يختار ان يبرئ داعش من ارتكاباتها والخطر الكامن في وجودها، ما بالك في تهديداتها التي لا تتوقف عن المسّ بلبنان واللبنانيين، وتحديد الطوائف والمذاهب التي تستهدفها اعمالها الاجرامية باستخدام الاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والاغتيالات والصواريخ العشوائية التي لا تُفرّق بين شيعي وسُنّي او مسلم ومسيحي، بل هي تروم اخذ لبنان و»شعوبه» رهينة لمخططاتها الاجرامية واستجابة لأمر العمليات الذي تُصْدِره غرف العمليات السوداء في اكثر من عاصمة اقليمية عربية وغير عربية..

جعجع والفريق الذي ينتمي اليه، لا يَرْون في داعش خطراً، ويدعون اللبنانيين الى عدم «القلق» من تهديداتها، فيما هم لا يتوقفون عن التأشير على الخطر الذي يُشكّله شركاؤهم في الوطن من فريق 8 آذار، وعلى رأسه حزب الله، فضلاً عن الثقل الشعبي والاخلاقي الذي يمثله زعيم التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون، الذي بات يشكل ضمانة حقيقية لمسيحيي لبنان، بعد أن تمكّن وببراعة ودراية وحكمة، في تجنب الوقوع في افخاخ الفتنة او الاستجابة للدعوات المشبوهة التي طالما وجهها اليه خصومه في فريق 14 آذار لفك «تفاهمه» مع حزب الله، والانخراط في السباق المحموم الذي لا يتوقف، على كرسي الرئاسة الشاغر منذ اكثر من عام، ناهيك عن الانتظار الذي طال، لدى جعجع (والفريق الذي ينتمي اليه)، بعد ان أوهموا انفسهم او وقعوا في قبضة «وعود» العواصم الاقليمية التي ظنّت ان سقوط النظام السوري هي مسألة وقت، وأن تراجع دور حزب الله في المعادلتين اللبنانية والاقليمية بات محسوماً، وان الطريق الى قصر بعبداً لن يكون إلاّ عبر قصر المهاجرين ومطار دمشق الذي سيأتي عبره سعدالدين الحريري، كي يكون رئيساً للوزراء في ظل رئيس ماروني «قوي» عرَّكته معارك الحرب الاهلية ونجح داعموه في تعويمه من خلال التحالفات التي نسجها مع عواصم عربية اقليمية ظنت انها بتبني جعجع (صاحب التاريخ الاكثر سوءاً وسواداً في لبنان)، إنما تُؤّمّن هيمنتها على لبنان وتُحْكِم قبضتها على النظام الجديد (الذي توهموا انه سيقام في سوريا) وبالتالي التوفر على اوراق اقليمية تستطيع من خلالها ان تُطلق «حقبتها» الجديدة، التي ستضع بصمتها السياسية عليها وخصوصا معادلة التحالفات وخريطة الحلول «النهائية» لمشكلات المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي ستوضع على سكة التصفية تحت تبريرات وشعارات واستعادة أمثولات الماضي السحيق التي تبرر التصالح والهُدَنْ والتقرب من الاعداء.

الى أين من هنا؟

سقطت كل الأوهام، ولم تعد ساحات المواجهة في سوريا والعراق رهن «قرار» حلفاء جعجع، بعد ان خرجت الأمور من أيدي الأدوات والممولين والداعمين، بل غدت في يد عواصم دولية واخرى اقليمية ذات ادوار معترف بها وقادرة على «توفير» البضاعة، فيما غيرهم ينزلق الى مغامرات ويخضع لاعتبارات الثأر وتصفية الحسابات ويفتقد الرؤية والحكمة، ويرى في القوة الوسيلة المثلى والوحيدة لاستيلاد ادوار لا يستطيع القيام بها او حتى درء المخاطر عن أكلافها وتداعياتها.

لن يغفر أحد لمجرم الحرب سمير جعجع، دعوته لتعويم داعش او الحد من اخطارها واجرامها، ولن يكون لـ»غَزَلِه» السقيم والمُفْتَعل لحركات الاسلام السياسي، اي تأثير ايجابي لدى جمهوره «المسيحي»، وخصوصاً لدى الجمهور المسلم اللبناني، الذي يعرف ان جعجع انما يواصل كيده السياسي ومؤامراته على شريكه في الوطن، وخصوصاً حزب الله الذي كبح تطرفه ولجم نزواته وافشل محاولاته الرامية الى تحويل لبنان الى مأوى وملاذ للقتلة والمجرمين وفقدت نبوءاته السوداوية، عن تَفكّك النظام السوري وخسارته الأكيدة.. كل صدقية، وباتت محل تندر «الشعوب» اللبنانية.

[email protected]

قد يعجبك ايضا