الاحتلال اذ يمزق دفتر القدس العتيق ! / نواف الزرو

نواف الزرو ( الأربعاء ) 28/3/2018 م …




في المشهد المقدسي يمضي الاحتلال ايضا في اعقاب اعلان اعتراف ترامبب”القدس عاصمة ابدية لاسرائيل”،  بتنفيذ مخططاته ومشاريعه التهويدية غير آبه بكل الاصوات والاحتجاجات المنددة، او بالقرارات والمواثيق الاممية، وغير آ به على وجه التحديد بردود الفعل الفلسطينية والعربية، بل انه يقوم بتمزيقما يمكن ان يطلق عليه”دفتر القدس العتيق”، وبدأ بتمزيق أوراقه ورقة ورقة، وهو كما موثق:”دفتر مجيد وعريق يروي حكايات المدينة، عروس المدائن، عبق التاريخ، وروح الأمة وقبلتها الأولى وبين دفتيه، قصص الأنبياء والرسل والقديسين، والشوارع والأزقة العتيقة التي تحمل آثار أقدامهم، وغبار سنابك خيل الفرسان العرب الذين حرروها من يد الصليبيين، ويضم المقدسات الإسلامية والمسيحية التي يتوجها المسجد الأقصى وكنيسة،  القيامة،  وعندما تقلب صفحاته تسمع أذان المساجد وترانيم الكنائس وأجراسها، وعلى حواشيها ترتسم الأسوار كالصدر الذي يحمي القلب، والموشاة بأشجار الزيتون التي تحولت أغصانها إلى رمز للسلام، كما كانت مدينتها”، لقد فتح الاحتلال كل هذه الصفحات المضمخة بعبق التاريخ والإيمان وبدأ يمزقها، ويستبدلها بصفحات مزورة تحكي تاريخاً يهودياً أسطورياً، لا وجود له على وجه الأرض ولا في أعماقها”.

وفي هذا السياق التزييفي للتاريخ المقدسي،اقتحم عشرات المستوطنين صباح الأحد: 25/03/2018  المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة، تزامنًا مع استعدادات ضخمة وواسعة لتقديم “قرابين الفصح العبري” بتخوم المسجد الأقصى وساحة البراق، بينما انطلقت مساء الاثنين 26 /3/ 2018 فعاليات المهرجان المركزي السنوي “تدريب قرابين الفصح”، الذي تنظمه جماعات الهيكل المزعوم في منطقة القصور الأموية عند أسوار المسجد الأقصى الجنوبية، وحضر الفعاليات حاخامات الهيكل، وعدد من “الحاخامات” وغلاة القيادات اليهودية المتطرفة أبرزهم عرّاب اقتحامات الاقصى عضو الكنيست “يهودا غليك”، وعدد من المطربين والفرق الموسيقية، بحراسات مشددة من قوات الاحتلال، وقد حصلت جماعات الهيكل على جميع الموافقات الأمنية، وهي المرة الأولى التي يسمح لهذه الجماعات بإقامة نشاط تهويدي كبير جدا كهذا في منطقة وقفٍ اسلامي ملاصقة بالمسجد الأقصى، بموافقة شرطة الاحتلال، علما أنها كانت تنظم مثل هذا النشاط السنوي على سفوح جبل الزيتون في القدس، وبدأت الجماعات المتطرفة استعداداتها مبكراً بالتجهيزات اللازمة لنصب مذبح المحرقة وأدوات الطبخ والقرابين ووضعها في منطقة القصور الأموية، ويعتبر نشاط قرابين الفصح مهرجانا تهويديا كبيرا تقيمه جماعات الهيكل قبل عيد الفصح في العاشر من نيسان العبري كل عام، لتدريب اليهود على كيفية تقديم القرابين داخل الهيكل، بإشراف معهد الهيكل الثالث.

وقبل ذلك كانت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس أقرت في وقت سابق مخططاً لإقامة مبنى تهويدي جديد على مساحة ثلاثة دونمات وسط بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى باسم “بيت العين”، بتمويل من “جمعية العاد الاستيطانية”، وأوضحت مؤسسة الأقصى “أن المبنى يتضمن إقامة متحف أثري”، وبرك مائية تحت الأرض ومطاهر دينية، واعتبرت أن إقرار هذا المخطط هو الجزء المكمل لمخطط صودق عليه قبل نحو ثلاثة أشهر لإقامة مبنى تهويدي ضخم في حي وادي حلوة عند المدخل الشمالي الرئيس لسلوان قبالة الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى على بعد أمتار عن باب المغاربة على مساحة تسعة دونمات يتضمن إقامة مبنى يحمل اسم “الهيكل التوراتي”، بحسب قرار صادر عن حكومة الاحتلال، ولفتت إلى” أن هناك قرارا إسرائيليا صدر قبل عدة أيام يحمل رقم (4654)، يقضي ببناء مواقع تحمل “البعد والجذب التوراتي” في القدس ، خاصة في المواقع الأثرية التاريخية بحيث تحوي هذه المواقع بشكل مركزي التواصل التاريخي و”الفترة التوراتية-المزعومة” في القدس – بحسب ما ورد في القرار الإسرائيلي.

 وقبل ذلك ايضا كانت آليات وجرافات الاحتلال شرعت بزيادة وتيرة العمل لإقامة وإنشاء حدائق تلمودية بين بابي العامود والساهرة (من أشهر بوابات القدس القديمة) وذلك في إطار مخططات تهويد المدينة وتغيير معالمها التاريخية والحضارية،  كما قام الاحتلال بأعمال مشابهة في المنطقة المعروفة باسم “طنطور فرعون” ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، فضلا عن زرع قبور يهودية وهمية فيها للسيطرة على الأراضي ووضع اليد نهائيا عليها وربط المنطقة بالبؤر الاستيطانية القريبة بالإضافة إلى ربطها بـ”مقبرة اليهود” بحي راس العمود، فيما تجري أعمال موازية في منطقة وادي الربابة بسلوان لإنشاء حدائق تلمودية تمتد إلى مسافة قريبة من حي البستان الذي تتهدد منازله الـ88 خطر الهدم والإزالة النهائية وتشريد سكان الحي الذين يزيد عددهم عن ألف وستمائة مواطن لصالح إنشاء حدائق تلمودية ومشاريع تهويدية تخدم خرافة وأسطورة الهيكل المزعوم.

 فالواضح وفق المعطيات والتطورات المتراكمة ان عملية تهويد مرعبة تجري في المدينة المقدسة بنصوص دينية توراتية ترمي الى اختلاق مملكة توراتية…!

وهكذا…فالدولة الصهيونية تقوم بهدم المشهد العربي في مدينة القدس بالكامل وإقامة قدس جديدة برؤية صهيونية من خلال ماأطلقت عليه قبل سنوات”مخطط القدس 2020″، وتقوم بإقامة ما اطلقوا عليه”الحوض المقدس″بحيث تكون البلدة القديمة وسورها القديم مجرد أثر في معالم كامله لحدائق توراتيه وجسور وكنس في منطقة الحوض التي تشمل البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح وواد الجوز والصوانه، فهم ‘يريدون هدم المدينة وآثارها التاريخية والحضارية ومحو الموروث الحضاري للقدس وإقامة إرث يهودي مصطنع بشكل مدينة جديده”.

وكان الدكتور حسن خاطر الامين العام السابق للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات كشف في هذا السياق النقاب عن”وجود (218) كنيس يهودي داخل مدينة القدس منها (70) كنيسا داخل البلدة القديمة وحدها”.

وذكرت “مؤسسة الأقصى للوقف والتراث”:”أن مجموعة من الحركات والمنظمات اليهودية قامت بإطلاق حملات إلكترونية ترمي إلى توسيع دائرة التهويد وعولمة ساحة البراق”، ومن بين هذه الحملات “اعتماد خدمة إلكترونية جديدة على مستوى العالم تُعرف بـ “صندوق إرث المبكى” والتي تتيح فرصة مشاهدة كل ما يجري في حائط البراق من خلال بث حي ومباشر عن طريق جهاز “آي فون”، وكذلك القيام بجولة افتراضية في “نفق البراق” ونفق الجدار الغربي للمسجد الأقصى، إضافة إلى “الخدمة البوصلية” التي تمكّن من تحديد الاتجاهات بالقدس، لغرض أداء الطقوس اليهودية تجاه “الهيكل المزعوم”، وخدمة إرسال بطاقة إلكترونية تتضمّن طلباً أو دعاء إلى حائط البراق الذي يدعّي اليهود أنه “جزء من إرثهم التاريخي في المنطقة”.

فالواضح اذن، ان لاشيء حتى الآن  يردع الاحتلال عن “التطهير العرقي” الذي تعمق وتوسع في اعقاب اعتراف ترامب على نحو هستيري،  وعن تمزيق اوراق دفتر القدس العتيق لتكتب دفترا خاصا بها بنكهة ومضامين صهيونية مزيفة، فلا الشريك الفلسطيني في المفاوضات كان قادرا على تعطيل اجتياحات بلدوزر الاحتلال، ولا “خيار السلام” العربي و”النوايا العربية الطيبة” للتطبيع الشامل، ولا حتى الامم والشرعية الدولية  تحظى باي تاثير اخلاقي على دولة الاحتلال بهذا الصدد…!

والاخطر ان كل ذلك  يتم في ظل ليس سبات عربي واسلامي غريب عجيب لا يصدق كما كنا نقول دائما، وانكما هذه المرة في ظل تواطؤ عربي واسع يجري من خلال تهافت تطبيعي صادم يرتقي الى مستوى الخيانة…!

[email protected]

قد يعجبك ايضا