أبناء القلعة: مسلسل مخيب للتوقعات / العميد المتقاعد عمر الخوري

العميد المتقاعد عمر الخوري ( الأردن ) الثلاثاء 27/3/2018 م …



نظرا لأن رواية ابناء القلعة توصف بأنها تمثل تأريخا لنشأة مدينة عمان، حرصت على متابعة حلقات المسلسل الذي قُدّم مؤخرا على شاشة التلفزيون الأردني. توقعت ان اشاهد نسخة اردنية لمسلسلات مثل ليالي الحلمية او الحارة الشامية والتي تقدم وجهة نظر تاريخية من خلال شخوص تمثل الوجهاء والمتعلمين، والعمال والتجار وغيرهم، لكن ابناء القلعة بدا وكأنه يركز ويبرز الجوانب السلبية فقط في المجتمع، فضلا عن انه لم يقدم كل الشرائح الاجتماعية التي نتوقع وجودها في عمان الناشئة.

ما معنى ان يكون جلّ الاهتمام والتركيز على المستبد ‘أنور’ والمرابي ‘حرّان’ والإنتهازي ‘مالك’ وفارض الاتاوات ‘محارب’؟ ما الهدف من العديد من المشاهد التي تدور حول حلقات القمار والسُكـْر، او البيت الذي حوّله رب الاسره الشاب الى كباريه وحوّل زوجته الى راقصة فيه؟ ظهر المحامي في مشاهد قليلة ولكنه غاب كأحد شخصيات الروايه الفاعلة. وكذلك غاب الطبيب وعائلته، ولم يظهر القاضي الذي كان يبت في القضايا والمحاكمات، كما غاب رجل الدولة والسياسي، فمنطقيا كانت عمان تحتوى شرائحا مختلفة ونخبا اجتماعية. هل كانت الزيجات السرية (ثلاثة في المسلسل) رائجة فعلا في عمان الناشئة؟ وللأسف، حتى قصة نجاح الميكانيكي في تطوير عمله وإنشاء شركه، كانت عُرضة للسخرية والكتابات الصحفية المنتقدة بدلا من الثناء على العصامية والحراك الاجتماعي، علما بان الميكانيكي الناجح هو شخص يتصف بالعلم والذكاء والمهارة. الشخصية التي ظهرت مستحقة للاحترام، على قلة ظهورها، كانت شيخ عمان ‘نهار’ الذي قدمه الاستاذ ياسر المصري.

ما المغزى من مهاجمة الحقبة الناصرية بدون عرض متوازن لما لها وما عليها، ولماذا مهاجمة تجربة الوحدة بين مصر وسوريا منذ بدايتها؟ لماذا قُدّم المثقفون كحزبيين تقوم علاقاتهم على الصراعات الشخصية والكيدية اكثر من القناعات الايديولوجية؟ ولماذا كان دور الحزبي الاستاذ منصور مقتصرا على كونه وكيلا عن الشاب فارس، مع عبارة تكررت كثيرا ‘ليه ما ودّك تنشر ليه لفارس’.

إفتقر المسلسل لحبكة درامية او عقدة ينتظر المشاهد حلها. وكانت مشاهد المسلسل مفتعله ومكرره وخالية من المضمون، مثلا الكثير من التوديع والإستقبال بدون قيمة مضافة، فضلا عن غياب الترابط بين المشاهد والسياق الزمني للأحداث. وربما عملت إطالة المسلسل الى 60 حلقة ضده. وحتى الصراع التقليدي بين الخير والشر لم يصل الى النهاية المرجوة، فمثلا غادر ‘أنطوان’ شركته بعد ان اختلس منها الكثير على مدى سنوات دون ان يكتشف أمره!

ولا بد من الاشارة الى بعض الجوانب الايجابية في العمل. قدم الاستاذ ساري الاسعد أداء تمثيليا استثنائيا كممثل، بغض النظر عن تفاصيل الشخصية التي جسدها، كما قدم الاستاذ رشيد ملحس أداءً متميزا ايضا، وكان الشاب محمود الأطرش مقنعا وموفقا في تقديم شخصيته. من أجمل ما في المسلسل شارة المقدمة، كلمات ولحنا وغناء للاستاذ ياسر فهمي، والتي تنقل لنا صورة عمان التي نحب ان نراها ‘بأدراجها وياسمينها وحاراتها والبيوت وفيها أصالتنا اللي ما بتموت’. نقدّر حجم الجهد المبذول في عمل كبير، ولكن من المفيد تقييم التجربة.

[email protected]

قد يعجبك ايضا